الفصل الحادي والثلاثون

7.1K 366 17
                                    

رفع كفها إلى شفتيه يلثمه قائلًا : أريد توديع أوريانا بما يليق فأنا لم يتسنى لي توديعها بشكل صحيح
فغرت شفتيها بتعجب متسائلة بتوجس : ماذا تقصد؟
إقترب منها حتى أصبح لا يفصل بينهما إلا النفس مركزاً بصره على شفتيها قائلًا بخفوت حزين : أطلب منكِ ذكرى أعيش بها المتبقي من أيامي إلى أن تتلاقى أرواحنا في مكان آخر حيث لا يوجد قتل ولا قوانين ظالمة تحكم عوالمنا
إبتلعت ريقها بصعوبة عندما أدركت معنى حديثه ثم قالت برجاء : فيرات
مد يده نحو قلنسوتها يحرر خصلاتها الثائرة يجيبها بهدوء : ماذا ياحزن عمري
سألته بأعين دامعة : هل تريد وصلا غير مشروعاً ؟
رد عليها مطبقاً على جفنيه بألم : مالي وللشرعية كم أرهقتني وأذابت عظامي .. شرعيتي أنتِ والحرام للآخرين
مسحت على خصلاته العسلية اللامعة قائلة بحنان : لك ماطلبت لكن عدني أن تحرر قيدي بعدها
أزاح عبائتها ببطأ يتحسس كتفها العاري بأنامله قائلا بصوت مرتجف : لا تخافِ .. أبي دائما يقول وعد الأمراء ميثاق وأنا سأفي بميثاقي
أنهى حديثه بتنهيدة متوجعة ولم يدري بنفسه إلا وهي بين ذراعيه.. يأخذ منها رداً مسبقاً على جميل سيطوق به عنقها بعد خضوعه لرغبة روحها في التحرر .. يغص في صدره أنه لم يكن أول من نالها .. شهد وصالها سرقه رجل آخر كثمن بخس لحياتها القصيرة وبرغم لهفته ومشاعره المتأرجحة على منحنيات جسدها إلا أنه كان يبكي .. يرثي فقدها في الماضي ويتمزق لفراقها القادم .. ذكراها التي سيحتفظ بها ملونة بدموعه وستتخضب بدمائها حينما ينتهي منها .. أما هي فكانت تصله طواعية محاولة إخفاء هواها لكن شوقها إليه يفضحها لتبادله حبه المفقود بحب أكثر عذاباً .. هذا الأحمق .. حلو الشمائل .. وفيُّ الغرام لا يريد الإعترف بأن الوصل للأرواح وما أوريانا إلا جثة تقودها روح ڤيرونا لترضيه وبعد وقت طويل إستغرقاه في هذا اللقاء المحزون إبتعد عنها مستلقياً على جانبه وجذبها لتستقر داخل أحضانه قائلا بنبرة مرتعشة : سأشتاقك
أجابته وتأثير إقترابه منها مازال مسيطراً عليها : عندما تشتاق ستجدني ها هنا حضن
سألها باكياً : كيف وأنتِ تطلبين مني قتلك؟
ردت عليه بحزن : قتلي في إبقائي على قيد حياة إنتهت منذ زمن بعيد.. الموت فيه حياتي يافيرات
أدارها إليه لتتقابل عينيه الغائمة بعينيها العاشقة قائلا بوجع : سيظل جمالك عالقاً بين أهدابي وسيبقى قلبي موجهاً نحوك ماحييت وسأحتفظ بذكراكِ مع سرنا في طيات ضميري لكن أرجو منكِ ألا تتألمِ
أحاطته بذراعيها تضم رأسه إلى صدرها طابعة قبلة عميقة أعلاه ثم قالت : لا تقلق.. أعدك بأن أتحمل
أبعدها عنه وإستقام قليلاً يرفعها معه وأخرج خنجراً من جيب سترته الملقاة بجانبه وبحركة سريعة غرسه في قلبها والدموع تنهمر على وجهه وكأن الطعنة نفذت لصدره .. وفي لحظات تراخى جسدها فوق الفراش الذي تلون بحمرة الدماء القانية وتحررت روح ڤيرونا وسط أنظاره الهلعة وصرخاته المتكررة بإسمها.. ظل يهزها بقوة حتى تجيب نداءه المطعون مثلها لكن دون جدوى وعندما يأس إحتضنها غير عابئ بالدماء التي أغرقت جذعه العاري يبكي بحرقة قائلا : أوريانا لا تتركيني مجدداً .. أتوسل إليكِ إستيقظِ ياحبيبتي
ومن شعاع أًزرق يقابل الطرف الذي ترقد عليه جثة أوريانا إنبعثت فتاة فائقة الجمال.. تشبه فيرات إلى حد كبير.. تمتلك عينين صافيتين كحجري فيروز نادرين وشفتين ورديتين صغيرتين كيرقة فراشة لم تخرج من طور شرنقتها تعتلي ذقناً مثقوباً بطابع حُسن يُهلك الناظر إليه .. تحتجز خصلاتها الشقراء المائلة لمارونية شعر فيرات وراء طوقاً من الزهور كالذي يزين رأس الطفلة الموجودة بشلال سانجويس.. ترتدي نفس رداءها الأبيض لكن النوع المناسب لفتاة كبيرة .. وقفت ڤيرونا تتحسس جسدها بكفيها الصغيرين غير مصدقة أنها أخيراً تحررت وإجتمعت بنصفها الغير بشري تحدث نفسها بذهول : أنا إكتملت .. صمتت لثواني ثم ركضت نحو فيرات تهتف بسعادة : أنا إكتملت يافيرات.. لم أعد نصفين ..
إنحنت على عقبيها تمسك ذراعه قائلة بفرح : فيرات أنا تحررت.. ڤيرونا الوريثة الشرعية لعرش أجريكولاي عادت
جذب فيرات ذراعه من بين أصابعها بعنف هادراً بها : إبتعدِ عني.. لا تلمسيني مجدداً
أجفلت بشدة من رد فعله وإستقامت واقفة ثم تراجعت للوراء تطالع إحتضانه لجثة حبيبته المفقودة بأعين دامعة.. تتسائل في نفسها أي حماقة أوقعتها في حب هذا المكلوم على فراق أنثى غيرها؟.. أي عذاب ورطت قلبها به لتتلقى منه ردة فعل أحرقت فرحتها بفك أسرها؟ .. مسحت دموعها بجانب كفها وقررت إنتظاره الخارج حتى يستفيق من صدمته ويستطيع الوقوف بثبات على قدميه ليسلمها إلى عمها أنورين وهناك تحت صولجانه ستقرر داخل أي مملكة ستعيش وإلى أي عالم ستنتمي

خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن