بارت ٦

1.1K 38 4
                                    

لم اذكر متى اخر مرة فعلتها  ، بعد تلك الرحله التي تكدسنا بها كرؤوس فطر تنبت وسط حقل اخضر !

عندنا أخذنا والدي في رحله للبحر.. استعار سيارة جارنا ابي فهد..
وهو الوحيد الذي يملك سيارة واسعه تتسع لاجسادنا
المركونه بها.
كان لونها احمر ، وكنت اراها قطعه فنيه جميله انوارها الاماميه مدورة تبرق بلمعه ساحره، وكم كنت اود ان امرر اصابعي عليها لولا خوفي من اخي محمد!
حشرت نفسي لاجلس محاذاه النافذه ، الصق بها وجهي متأمله كل شي ، ولاشي غير طريق صحراوي ممتد.
السماء كانت معي ترافقني أو كنت أظن هذآ.  ومن السحاب نسجت قصه ، وتخيلت كما لو اني اميرة ، والبس فستان هيفاء الاصفر ذا الخيوط الذهبيه المتدليه ؛ لارقص على أطراف اصابعي والتف حول نفسي واغني.
احرر جدائلي التي كانت امي توبخني كلما فعلت هذا . احب لون شعري المسدل بحريه على أكتافي الصغيرة .
كنت احلم كثيرا في صحوي ، وفي حلمي هذه المرة لذيذه بحضرة السحاب .
صحوت من حلمي على صوت الذين باتو  يدافعون من فوق راسي للنزول، لم اشعر بوجع رأسي ، فلقد كان الحماس اكبر من ان افكر بأي الم أو بأي ضجر ،
وفي الواقع لا احد سيكترث لشكواي !

لقد وصلنا الى الشاطئ . مشيت ببطء نحو البحر كان شعور عظيم ينتابني لحضتها ، طفله صغيرة وثريه بالاحلام تحمل الدهشة والفرح والصراخ والصمت .

كيف لقلبي ان يتحمل كل هذه المشاعر المتناقضه ؟!
حملت حذائي على صدري لاني اخاف ضياعه ، ولم اجد مايقي قدمي حين اذهب الى المدرسه في يوم الغد .
رمال الشاطئ بارده ورطبه .
تحضن أقدامي وكأنها تدعوني للعب بها .

لعبت  ..  لعبت  ..  ضحكت عاليا حتى اني لااذكر يوما ضحكت فيه بمثل هذه الطريقه !

كنت ابني مع فهد قصرا من الطين ،
بنيت له غرفه نوم كبيرة وهو بني غرفه تتسع لكل شيء .
كنت اود ان اقول له : ان يبني لي غرفه لي وحدي لاهرب من شخير عمتي زكيه ، كنت اتأمل فهد كثيرا ،
واشعر بسعاده لانسى احيانا ما اود اقول له ،
بل واتلعثم واخجل منه .

(فهد) هو ابن جارنا الذي الح اخي محمد ان يأتي معنا يكبرني بعده اعوام فقط.
كان يملك يدين كبيرتين وبشرة حنطيه وشعرآ اجعد
وانفا دقيقا وشفتين عريضتين ، وله اذنان صغيرتان
مدفونتان بشعره.

كنت اراه جذابا ربما لانه يبني قصر الطين بطريقه جميله وربما صمته وهدوء تبسمه وصوته الذي يضيق بحنجرته وكأنه ابتلع شيئا وبقى عالقا يعطي صوته نبرة اجمل ..
ربما يخيل لك صوت غريبا .. لكن كان مميزا اقلها بالنسبه لي!
كان هادءا لاتفلت اعصابه حينما يهدم اخي محمد قصرنا باقدامه.
كان يقول لي:
سنبني غيره وحسب ، وكنت اومئ برأسي ، واروح مسرعه لامي وباكيه ؛ لاشكو لها مافعله اخي محمد بقصرنا .
كان شعري يغطيه الرمل وحواف فمي وايضا رمش عيني .

كانت تنفض العالق من الرمل في شعري وتمسح وجهي بيدها ..

هنا فقط مسحت بكامل كفيها على وجهي والان انا ممده وانتظر كفيها لتمسح جبيني.
انا لااتصنع!
انا مريضه بالفعل ياامي.
أنا بالفعل احبك!
من يخبر كفي امي بهذا.. ؟!

تاخذ اختي كفايه،وتخرج من الغرفه كنت انظر الى قدميها بعيني اللتين ستنغلقان في اي لحضه .
للمرة الاولى اعرف ان أقدام امي كبيرة، او ربما لاني كنت الصق وجهي بالارض بعد ان خارت قواي.
اسمع صوت اختي جواهر تلح بمطالبها كالعاده تدخل الغرفه وهي تمضغ علكا اكبر من حجم فمها
ولطالما كرهت رائحه النعناع فهو يحفزني على التقيؤ .
تنظر الي وتضع يدها على خاصرتها وتهز بطريقه مربكه وساخرة لتقول:
-شفيك انت قومي ما شبعتي نوم  ..
اومئ لها برأسي ب لا
ثم ابكي بدمع حار
تفاصيل عينيها ما زلت احفضها جيدا
تقترب مني حنان لتتامل وجهي وكانها تعرف أني متعبه ولتركض مسرعه تنادي امي

انا قبل كل شي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن