القنطرة2

303 38 1
                                    

وبدأ شارل يسوق حماره فسار به ركضًا، وقبل أن يضربني أرنست بكرباجه أسرعت أنا في السير بحالة أوصلتني في أقرب وقت إلى شارل وحماره فابتهج أرنست، وتضايق شارل وصار يضرب حماره ويكرر الضرب، ولكن أرنست لم يكن في حاجة إلى ضربي لأنني جريت بسرعة كأنني أسابق الرياح، وتجاوزت شارل في دقيقة واحدة. وسمعت الآخرين يضحكون ويصيحون: ما أسرع الحمار نمرة ١! إنه يجري كأنه فرس رهان.

وخامرني الزهو فتشجعت واستمررت في الركض به إلى أن وصلنا إلى قنطرة فتوقفت فجأة، لأنني رأيت لوحًا عريضًا من خشب أرض القنطرة متآكلًا منهارًا، ولم أشأ أن أسقط في الماء مع أرنست إذا سرت به على القنطرة، فقفلت راجعًا إلى الجماعة التي كانت معنا وكانوا متأخرين عنا كثيرًا.

فناداني أرنست: كلا، كلا، لا ترجع، استمر في اجتياز القنطرة، فقاومت ولم أنتقل، فضربني بعصاه، فاستمررت أمشي نحو الآخرين، فقال لي: اذهب يا عنيد وتحول إلى القنطرة. واستمررت نحو رفاقي وأدركتهم رغم المقاومة والضرب من هذا الغلام الغبي.

فلما أبصره شارل قال له: لماذا تضرب حمارك يا أرنست مع أنه حمار فارِهٌ، وقد جعلك تسبقنا وتتجاوز شارل؟

فأجاب: ضربته لأنه عاند ولم يستمر في السير على القنطرة، بل عاد أدراجه ولم يوافقني على اجتيازها.

فقال له: ذلك لأنه كان وحده، أما الآن وقد صرنا معًا فإنه سيجتازها مع سائر الحمير.

فقلت: مساكين كلهم! ووجب عليَّ أن أفكر فيما يمنع سقوطهم في الماء، ويحسن أن أدلهم على أن في الأمر خطرًا.

فأسرعت ركضًا نحو القنطرة على ارتياح تام من أرنست وصياح مستمر من رفاقه، فلما وصلت إلى القنطرة وقفت فجأة وقفة الخائف المضطرب.

فدُهِش أرنست وحثَّني على الاستمرار، فتراجعت بحالة اضطراب زادت في دهشة أرنست، ولكن هذا الغبي لم يدرك شيئًا مع أن اللوح الخشب المتآكل من القنطرة كان ظاهرًا جدًّا. واستغرب الآخرون وهم يضحكون من مجهود أرنست في حملي على المسير ومجهودي في التوقف عنه، وانتهوا بالنزول عن حميرهم وكان كل واحد منهم يدفعني ويضربني بدون شفقة ولكني لم أتحرك.

فصاح شارل: اسحبوه من ذيله، فإن الحمير أهل عناد تتراجع إذا أراد الواحد أن تتقدم.

وهموا بأن يسحبوا ذيلي فدافعت عن نفسي بالتحول عنهم فضربوني كلهم، ولكني لم أتحرك ثانيًا.

خواطر حمارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن