4

18.3K 725 117
                                    

لَم تحبَذ العودة الى المنزِل , لربَّما مِن فرطِ حزنِها , على أمر لا تعلَم سببه , ولَربما لم تعد تطيق الاماكِن التي يتواجَد بها , وأكثَر أسبابِها , بكونِها تريد اخافته , ليقلَق نعَم ليفعل , ليشعَر بالذنبِ لأجلِها ولو قليلا , كيفَ يجعَل طِفلة مثلها تخرج , بمِنتصف الليل , حيث المغتصبين , والمخمورين , ألم يخاف عليها ؟ , وخاف على معشوقتهِ ؟ , تنهَّدت وهي تجعَل حصانها يمشي ببطئ , بعدَما كانت تجعله يركَض كما لو أنه يسابِق الرياح , كانَت هنالِك أفكار كثيرة تتجمَّع في عقلها , كانَت مشتتة , حائِرة , تشعر بتمرد شديد في داخلها , هي ليسَت عبدة , ولن تكون , لا بد مِن أن تجِد حلاً لكل هذا , وبينما هي تفكِّر سمِعت الى صوت هَمسات أشخاص , وعلِمَت فورا بكونهم يفعلون أمر سيئ , فهِي الأنْ في صَحراء مهجورة , تبتعِد عن القبيلة , بِزمن النصف ساعة تقريبا , وها قَد أصابَ شكَّها حينَما استمعت الى صوت بكاء طِفلة صغيرة , تصرخ بصوت عال , لتتقدم ببطئ , وخوف , نحو المكان , متسلِلة كاللِص , لتجِد أمر يصعَب على الابدان تصوره , انهم يدفنون طِفلة ما زالت حيَّة ترزَق , وتِلك الطِفلة تبكي , وبكائها باتَ هيستيري , مع صراخ حاد , تقطَّعت روحها لأجلِ هذهِ الطِفلة , ها هم يضعون التراب على جثتها التي ما زَالت تتنفس , لتستمِع الى صوت أحدهم :

-هيَّا اهربو , قَبل أن يأتي أحد .

وفِعلا ركِبو حصانهم , فارين من جريمتهم , بينَما ساسَندرا قد هَرَعت نحو الطِفلة راكِضة , لتبعِد التراب , بسرعة شديدة , وهِي تلهث مِن فرطِ خوفِها , بأنَّ الطِفلة قد ماتت , ابتَسمت بِسعادة حينما وجَدت الطِفلة , ما زالَت على قيدِ الحياة , تنظر الى ساسَندرا بِحزن , ومِن ثم أجهَشت بالبكاء , لتضمها ساسندرا بِقوة , قائِلة بِحنان :

-اهدئِي يا صغيرتي , اهدَئي يا حبيبتي , أنتِ معي بأمان .

لِتهدأ الطِفلة بطريقة تدريجية , بينما ساسندرا , ذهبت الى حصانِها مسرعة , لتعتليه , والطِفلة تحملها بينَ ذراعِها , لقد كانَت ساسندرا تتأمل الطِفلة تارة , والطريق تارة أخرى , شعرَت بالحب اتجاه هذهِ الطِفلة , وبالأخص لكونِهم استغنو عنها , وباتَت وحيدة , بِلا قريب أو غريب , تسعِدها فِكرة أن تكون طوق النجاة لأحدِهِم , تشعرها كَم أنجَزت في هذهِ الحياة , بعيدا عن كونِها عبدة , وخادِمة , للسيد أشهَب , وها هِي قد وصلَت , ابتلعَت ريقها مِن فرطِ خوفِها , فهي تعلم جيدا , بكونَ هنالِك عِقاب ينتظِرها في ذلِك المنزل , وبالاخَص هل سيرأف قلب سيِّدها على هذهِ الطِفلة وسيسمَح لها بالبقاء , والبحث على مرضِعة لأجلِها ؟ , يا ليته يَفعل , ستموت قهرا انْ لم يفعل , ولكِنها تشعر بالخَوف , فهذا الكائِن , فؤاده خالٍ من الرَحمة , والحب , كيفَ سيشفَق على هذهِ الطِفلة ؟ , تنهَّدت بِحزن , وهي ترجو ألألِهة التي كانَت بنظرهم الاصنام حينها , أن تنجيها وتساعِدها , انْ وافَق على ذلِك , فغدا ستذهب الى عبادة الأصنام , شاكِرة إياها , ساجِدة لأجلِها , نعم تِلك الاصنام عديمة القدرة , كانَت تِلك الالهة بنظرهم حينها , التي ستخلِق المعجزات , وتحقق الامنيات !!

ساسندراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن