في منتصِق الليل , في غرفة ساسَندرا ووالديْها تحديداً , كانَت الأجواء حذِرة وقتها , فقَد حانَ وقتُ الهَرب , كانَا والديها يخطِّطان طريق المفَر , ويحسِبان ألفِ حِساب للخطَّة , خوفاً مِنْ أن يتم الامساكْ بهِم , بينَما ساسندرا , كانَت تتأمَّلهم وجملة واحِدة عالِقة في عقلِها وقتها :
" أرجوكُم , لا تتركونني وحدِي ! "
تِلكْ الجملة التي تتمَنى أن تستخرِجها مِن فمِها بالنبرة التِّي تخصها , والتِي ترجوهم بِها بِأن لا يَرحلو , فوالِداها كانَا هما الوَطن التي عاشَت هِي بداخلهِ , انْ كانَ مِنْ ناحِية الذاكِرة , أمْ الاحساس , هِي لا شيء دونَهم , لَن تمتلِك الامَانْ , والحُب , والحنَان , مِن غيرِهم , تخاف ساسندرا بَل تموت مِن الخوف لِأن تفقِد والديها يوماً , تعلَم جيِّدا بِأن فِكرة الهروب هِي فِكرة خطيرة جِدا, فهنالِك فشَل كبير مِن هذهِ الفِكرة , وخصوصا انْ تَم الامسَاك بِهِم , بالتأكيد موتهم سيكون القرَار الحاسِم بهذهِ المنطِقة , فالعَبد سيقرِر سيِّده عنه فقَط , وانْ عصَى , سينال عِقابا شديدا , لربَّما سيؤدي بهِ الَى الموت .
-ساسندرا بِمَ أنتِ شارِدة حبيبتي ؟
تقولها باراكا بينما تتأمَّل ملامِح ابنتها بِحزن , لتقول ساسندرا بِنبرة حزينة :
-بِكما , بِمَن سأكون شارِدة غيركُما .
سمِعت صوت والدها مواسِيا :
-لا تَحزني صغيرتي , أرجوكِ , لا تجعلينني أرحل وقلبِي مقبوض عليكِ .
لتنفجِر ساسندرا , قائِلة بِصوت حاوَلت أن تجعله هادِئا , كَيْ لا يدركو الأسياد خارِجا بكونَ العبيد ما زالو دونَ نوم :
-كيْف ستتركونني وحدي ؟ وسطَ الذِئاب والعذاب ! . برأيكم حتَّى لو نجحتم بِالفرار ألم تفكرو كيفَ سأنال أنا عِقابكم , أوْ حتَّى كيفَ هم سيشِدِّدونَ مِن حراستي ومراقبتي ؟
تنهَّدَ ياو , بتنهيدة تملأها الهَم :
-أخاف عليكِ حبيبتي , تخيَّلي لو لمْ ننجح بالفِرار , برأيكِ كيفَ سأتحمَّل وأنا أراهم يعذبونَ طِفلتي وصغيرتي الجميلة ؟
-لِيعذبونني , امَّ الموت أوْ الذِلَّة , وأنا أختارُ ألموت .
تكلَّمت بارَاكا بِخوف , بينما تقدَّمت نحو ساسندرا لتضمَّها :
-لا تقولي هكَذا , يكفينا بكونكِ على قيدِ الحياة , لِكي نرى الحياة جَميلة وعادِلة .
ابتَعدت ساسندرا عن أحضانِ والدتها , قائِلة :
-قبْلَ أن ترحلو , هنالِك سؤال لَطالما كانَ أسير ذهني , ولمْ أحرره , وقد أنَ الأوان مِن أجلِ أنْ أحرره .
لِيقول ياو باهتمام :
-اسألي حبيبتِي .
-لِماذا الانسان يستعبِد البشر أمثاله ؟لِماذا هنالِكَ عبودية ؟ أينَ ضميرهم حينَما يحرِمون انسانٌ معيَّن أن يتعايَش حياته الواحِدة الوحيدة ,التِّي وهبهُ الرَب ايَّاها ! لِماذا ؟
أنت تقرأ
ساسندرا
Historical Fictionلقد كانت جنينا في رحم والدتها ، مقرر عليها مصيرها بكونها عبدة ، لإبن أسياد والديها ، لم يكن هذا خيارها ، ولا رغبتها ، أن يتحكم بِها شخصا أخر ، بملابسها ، بتصفيفة شعرِها ، بأفكارها ، بمعرفتها ، لقد كانَ هو يختلِط ما بين ألطيبة ، والقسوة ، لقد كبِرت ع...