8

14.6K 595 88
                                    


اليوم كانَ يوماً مجهِدا لساسندرا , فهذا يومها الأول في العمَل كمزارِعة , لأراضي أسيادها , علَّموها العبيد الذينَ كانو معها , كيفيَّة العمل والزِراعة , أخبروها بكونها يجِب أن تحرث الأرض أولا , قبلَ وضع البذور , وباتَت طيلة يومها تحرث الأرض , والعرق يتصبب من على جبينها , كانَت متعَبة , ومرهقة , والشمس الساطِعة كانت تحرقها , بطريقة لا تطاق , والمسؤول عنهم , كانَ صارِما وقاسِيا , يشتمهم , ويصرخ عليهم بنبرتهِ القاسية , ان توقَّفو عن العَمل للاستراحة قليلا . شَعرت ساسندرا بكونهِ سيغمى عليها من فرط التَعب , وجسدها باتَ حاراً مِن أشِعة الشمس القويَّة , كانَ كل شيئ متعبا بطريقة لا تطاق ,  لِينتهي هذا اليوم أخيرا , بعدَما جاءَ المسؤول , ليقول بنبرتهِ القاسية :

-انتهَى عملكم لليوم , اذهبو الان الى منزِل العبيد .

ومِن ثمَّ نظرَ نحوَ ساسندرا , ليقول بصرامة :

-وانتِ , السيد أشهب , لم يقبَل بقائكِ مع بقية عبيدهِ بجوار الأراضي , عودي الى منزِل السيد .

ومِن ثمَّ وجَّه السوط نحو وجهها , كتهديد :

-وانْ هربتي , ولم تعودي الى المنزِل , العذاب سيكون عقابكِ بطرق أتقنتها جيدا على غيركِ .

لتبتسِم ساسندرا بسخرية , بينما الإرهاق , والتعب , كانَ باديا على ملامحها :

-هل أذهب ؟

لينظر اليها بقسوة :

-اذهبي .

لتتركه ساسندرا , عائِدة الى السيد أشهب , الذي ظنَّته سيجعلها تعيش , مع بقيَّة عبيدهِ , بحيث صنعَ لأجلهم منزلا بجوار أراضيهم , لكونهم عبيد مخصصونَ للزراعة , بينَما هِي ووالديها , فهم عبيد مخصصين لخدمتهم شخصيا .

كانَت تمشي ساسندرا بخطوات مرهقة , وبطيئة , من شِدَّةِ التعب , شعرت أنَّ ما بين المنزِل , والمسافة المتبقيَّة , أيام طويلة حتى تصِل الى هدفها , لقد كانَت تتوق كي تعانِق الفراش , وأمنيتها الشديدة كانت أن لا تراه بالمرَّة , أو حتَّى أن لا تسمع صوته , فهِي تعلم جيدا , بكونهِ سيتشمَّت بهِا , وسيسخَر ! , فبرأيهِ هذا عقاب جيِّد  , كَيْ تعاني , ولتبصِر جيدا بكونهِ كانَ رحيما , أراد هو أن يكسِر تمردها , تعلم هي ذلِك جيدا , ولكِن ليحلَم , هي لنْ تنكَسِر , ولَن تستسلِم , سيأتي اليوم الذي ستهرِب بهِ هي وعائلتها , ويا ليت هذا اليوم , يكونَ قريبا , قبل أن يزداد والديها ذبولا فوقَ ذبولهم .

وأخيرا قَد وصلت الى المنزِل , فتحت الباب الخشبي بكل تعب , لتتجه الى المطبخ , فهِي متأكِّدة بكون والدتها تقوم باعداد الغداء الان , لتجِدها فعلا تقوم بصنع الغداء , ووجهها شاحِب لا يبتسم , فقط الحزن تملأه دونَ توقف , كانَت سابِقا , ابتسامة والدتها تعالجها من جميع الهموم , فعِندما كانت تمارِس مهامها كَعبدة , تأتي الى والدتها لتنال بَسمة تصبِّر روحها , بالرغم مِن جِدالاتها مع أمها , بكونها وُلِدت حرَّة ويجِب أن تعود الى الوطن , تقدَّمت ساسندرا نحو والدتها التي كانَت تنظر نحو الطعام الذي تعدَّه , بنظرات الجمود , كما لو أنَّها جماد , وليسَت انسان , تقدَّمت ساسندرا نحوها , بوجنتان تغزوهما الحُمرة من أشعة الشمس , وجَسد متعرِّق , تفوح منه رائِحة العرق , لتقول لها متصنِّعة الابتسامة :

ساسندراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن