وبعد استيعاب أو محاولة استيعاب من "مارلين" لما حدث، جلست قليلا من بنتها ولم تكف عن النظر إليها ولم تترك يدها، ظلت ممسكة بها كأنها فى الرابعة من عمرها وتخاف عليها من العربات فى الطريق..
- كل هذا حدث معك وأنا هنا لا أدري، آسفة بنتي، أنا حتى لم..
هذا ما قالته "مارلين" بصوت متعب ومرهق قبل ان يقطع كلامها كلام "صوفيا"
- أمي، أنا من أخطأت وأنت من تعتزري!! أيعقل هذا؟؟!!
- بماذا أخطأتى "صوفيا"، الخطأ خطئي..
- الخطأ خطأك وأنا المتعافية؟! وأنا من يملك القدرة البدنية للمشي والبحث؟! أمي، لقد أهملتى صحتك بشكل غير طبيعي.
- لا "صوفيا"، "لارا" لا تبخل علي فى شيء مهما كان، لقد عذبتها معي كثيرا.
- ردت "لارا" قائلة: لا أمي، لا تقولى هذا، مقامك مثل مقام أمي تماما..
ابتسمت "مارلين" لشعورها بمحبة "لارا"، ثم دخل "لويس" إلى غرفة "مارلين"
- مرحبا جميعا، أمي ما أخبارك؟ هل صحتك جيدة أم ماذا؟
- أنا بصحة جيدة سمو الأمير..
صوت "مارلين" المرهق كشف تعبها ل "لويس"..
- أمي، ولكن صوتك يوضح لي عكس ذلك تماما..
- هنا تدخلت "لارا" قبل أن تخترع "مارلين" حجة لتعب صوتها: سمو الأمير، نعم صحتها ليست بأحسن حالة، ولكنها أفضل بكثير من قبل..
- حسنا إذا، أتيت لأخبركم أنك و"صوفيا" سوف تشرفوننا فى القصر ..
- ماذا تقصد؟ ألن نرجع لقريتنا؟
- أمي، لا يوجد قرية، لقد تدمرت بالكامل وأصبح من المستحيل العيش بها.. ولكن هل العيش هنا سيسبب لك مشكلة؟
- كنت أنتظر العودة للقرية؛ حتى أجلس مع ذكريات زوجي..
وإنهارت فى البكاء..
- أمي، أقرب مكان لتبحثي فيه عن ذكرياتك هو قلبك..
حاولت "لارا" تلطيف الجو بعد صرخة الحزن تلك قائلة بصوت طفولي...
- أمي، بعد أن علقتيني بك تريدين أن تذهبي بهذة البساطة..
وأرتسمت بسمة على وجهه "مارلين" تحاول إخفاء تمزق القلب ورائها، وضحك الجميع..*********************************
- حسنا، ولكن أليس من المفروض أن نأخذ هذا الجانب أيضا من الأرض، هذا حقنا..
قال ذلك "بيتر" وزير "أكتافيوس" وهو يشير إلى مكان ميل خط رسمه "أكتافيوس" على خريطة ليقسم الدولة...
- نعم، "بيتر" ولكن أنظر معي هنا، هذة المساحة الزائذة فى الأسفل موجودة فى دولتنا؛ لهذا كان يجب علي أن أنقصها من الخط، وهذا العدل..
- نعم، هذا صحيح، لم اتنبه إلى تلك المساحة..
- حسنا إذا لنرسل هذة الخريطة إلى الأمير "لويس"..********************************
دخل المجلس فى فخر وتواضع، ابتسامته مرتسمة بشكل رائع على صفحة وجهه، وجلس على عرشه فجلس كل من فى قاعة الإجتماعات..
- سمو الأمير "لويس"، هذة الرسالة وصلت من الأمير "أكتافيوس"..
أخذ "لويس" الرسالة من ذلك الجندي من طرف "أكتافيوس" وفتحها، فوجد أنها خريطة لدولة "أنطونيوس" مقسمة إلى نصفين ومكتوب على نصف منهما اسمه وعلى النصف الآخر اسم "أكتافيوس"، ووجد جملة مخطوطة على ورقة ملفوفة صغيرة كانت بداخل الخريطة "هل هذا يعجبك أم تريد التغير؟"...
- قل له أن ذلك التقسيم يعجبني وأنني لا يريد تغير شيء فيه..
- حسنا مولاي، يوجد أمر آخر غيره..
- ما هو؟ أخبرني..
- يدعوكم سمو الأمير "أكتافيوس" إلى حفل فى قصره بمناسبة اتساع رقعة بلاد حضرتكما..
ابتسم "لويس" لسماعه ذلك، احس أن "أكتافيوس" أصبح أكثر من مجرد أمير يقع بالقرب منه، أحس أنه أصبح جزء من حياته كأخ لم تلده أمه!!
- حسنا قل له أنه موافق أن يحضر تلك الحفلة، متى ستكون؟
- يوم الإثنين في الأسبوع القادم، مولاي، وقال لي أن أخبرك حضرتك بإحضار فتاة تدعى "صوفيا" معك إن أرادت، وإحضار أمها إن أمتلكت القوة..
- هذا جيد، سوف نتجمع.
- أستأذنك للعودة، مولاي..
بعدها عاد ذلك الجندي إلي "أكتافيوس" ليخبره بموافقة "لويس" على حضور الحفلة*********************************
- "صوفيا"، مرحبا، كيف حالك؟
كلمات ترحيب تخرج من فم "لويس" لتستقر فى أذن "صوفيا" التى كانت جالسة فى حديقة القصر شاردة فى المقعد أمامها..
- مرحبا سمو الأمير، أنا بخير...وماذا عنك؟
- أنا بخير أيضا، وجئت لأخبركي عن شيء ما..
- ما هو؟
- هناك دعوة لك ولأمك من الأمير "أكتافيوس" لحضور حفلة فى قصره..
- ولما الحفلة؟
- بسبب انتصارنا على "أنطونيوس" واتساع دولتنا..
- ذكرتني.. كنت أريد أن أتحدث معك قليلا لأسمع عما فعلتموه فى المعركة.. هل تمانع أن تعطني القليل من وقتك؟
- لا أمانع بالتأكيد....دخلنا القصر من الباب الخلفى فى مجموعات و... أتذكر تلك اللحظة أكثر من أي شيء.. عندما هجمنا على قاعة الإحتفالات وكانت نهاية "أنطونيوس" من سهم قوسي..
- أنت من قتلته!!!
- نعم، أنا من قتلته وبكل فخر، كان هذا المشهد هو حلمي طوال الوقت..
- ولكن لما هذا؟؟ أقصد أن كره "أنطونيوس" من العادي، ولكن لماذا تحلم بقتله...
- لأنه أخذ أمي يوما ما...
وضرب المكان فجأة رصاصة صمت، "صوفيا" لا تفهم شيء و"لويس" بدأت عيناه فى إخراج حزنه دموعا..
- قطعت "صوفيا" الصمت بإستفسارها: ماذا تقصد بأخذ أمك؟
- كما أخذ أباك...
- أفهم من ذلك أنه... أنه قتل أمك..
- نعم..
- إذا كنت تستطيع أن تحكي لي القصة كاملة سيكون أفضل لفهم كل شيء..
- حسنا....الموضوع يبدأ منذ زمن عندما كان أبي أميرا على أوتاشكا _ دولة لويس حاليا_ كان أبو "أنطونيوس" أميرا على بيدرا _دولة أنطونيوس_ وكان "ديڤ" والد "أنطونيوس" ليس بكل شر "أنطونيوس" ولكن لا يمكن أن أقول عليه طيب أبدا، كان كل تفكيره فى غزو البلاد وتوسيع دولته، حارب الكثير من الأمراء ووسعت دولته بشكل سريع، وألقى نظره إلى دولتنا، ومن الطبيعي أن تقوم حرب فيها منتصر ومهزوم، فكان موت "ديڤ" على يد أبي، وعندما تولى "أنطونيوس" الحكم كان قوي ومكار ولا يملك من الإحساس شيئا، عرف أن يخطف أمي فى اسبوع التخريب، ومن المؤكد أنه قتلها، وعندما علم أبي بذلك أصابه المرض، لقد ضعف قلبه كثيرا، أصبح غير قادر على أن يتولى أمور دولة بأكملها، فتوليت أنا الحكم، لأنى الأبن الوحيد له..وهذا هو السبب الذي جعلني دائم محاربة "أنطونيوس" ودائم فى إنقاذ الضحايا منه.. لأنني مررت بذلك وأعرف معني فقدان شخص غالي على قلبك..
هذة هي القصة.. أنهى "لويس" كلامه بتلك الجملة وحاولت ابتسامته وهو ينظر إلى "صوفيا" إخفاء حزنه..
- لا تحزن، لكل قسوة من الحياة درس حتما يجب أن نتعلمه.. وقصتى تشبه قصتك قليلا.. حياة هادئة ثم هدوء قبل العاصفة ثم إقتلاع لأبي من حياتى.. ولكني مررت بأصعب من ذلك.. حيث عشت مع أوقح شخص على الأرض وتحملت غياب أمي عني.. حتى إنني لم أعرف أنها مازلت حية.. كانت ميتة كأبي فى عقلي..
ثم غيرت "صوفيا" من بنرة صوتها الحزينة والهادئة إلى أخري أعلى منها قليلا ومليئة بالمزاح وهي تنظر بعيناها السماوية فى عيون "لويس" الفيروزية لتلطف الجو قليلا..
- وإذا اشتقت لها كثيرا فأقرب مكان لتبحث فيه عن ذكرياتك هو قلبك، أليس صحيح؟!
- أوه تحفظين العبارات بسرعة "صوفيا"..
وتطايرت الضحكات من "صوفيا" لتسكن هذة المرة فى قلب "لويس"، الذي شعر بإحساس غريب نحو تلك الفتاة الرائعة..
وبعد شرود من "لويس" فى جمال ضحكة "صوفيا" تذكر ما كان قادم له..
- "صوفيا" لم تخبريني عن موضوع الحفلة..
- أوه صحيح، لا أعرف إن ستستطيع أمي الذهاب..
- أهي بصحة جيدة أم ماذا؟
- نعم، تركتها منذ قليل وهي بصحة جيدة وكانت تضحك معي أنا و "لارا" وجئت هنا لأستنشق الهواء الرطب قليلا..
- إذا سنأخذها معنا..
- متى موعد الحفلة؟
- يوم الأثنين فى الأسبوع القادم..
- جيد جدا
أنت تقرأ
لعبة القدر || Cauldron's Game
Fantastikزهرة رائعة قطفت من بستانها وقذفت فى مكان لا يمكن أن تخرج رحيقها الجذاب فيه.. وكان الهواء يحملها من عذاب إلى أخر.. أدخلها مرة فى أرض مغطاه بالأشواك المدببة.. فقطعت إحدى أوراقها الجميلة.. وأخذها إلي أرض جرداء.. فجفت حتى أصبحت سهلة التكسير والتفتت...