*الفصل الثاني عشر*

14.9K 442 21
                                    


السجينة ....وأيدي العُقابُ

*الفصل الثاني عشر*

_رفعت إحدى حاجبيها بذهول وهي تتفرس بملامحه التي تغيرت فجأة عن نظراته الغاضبة ،أصبحت تحدق به ببلاهة وهي تشير بيدها حتى ينتبه لها ، أفاق سريعًا من شروده الذي أشعره بالضيق من نفسه ،حمحم بخشونة ثم وقف وقال وهو يتجه نحو الخارج دون أن ينظر لها:
-هكلم المدير عشان نفتح ملفك من تاني !.
أشار للحارس كي يغلق الزنزانة ثم توجه نحو مكتب صديقه "يوسف" وهو يوبخه نفسه على ذلك الإحساس الذي راوده فجأة ،جلس خلف المكتب وهو ينظر إلى المسجل الذي أغلقه شرد بضيق وقرر عدم فتحه الآن .

...أمسك بهاتفه واتصل ب"يوسف" وطلب منه الحضور على الفور ،وبعد دقائق قليلة أتى "يوسف" ويبدو على ملامحه الضيق الشديد ،جلس على الكرسي الجانبي وهو يهتف بنبرة غليظة:
-الزفت "عاصم" ده بردو مقالش حاجة وأنكر كل حاجة قالها "ممدوح"
-وبعدين ؟
قالها "زين" بخفوت فتابع "يوسف" دون أن ينظر له وقال:
-الاتنين اتحبسوا على ذمة التحقيق بس حطينا "عاصم" في سجن انفرادي عشان منضمنش ممكن يعمل إيه في "ممدوح" بس بطريقة دي "ممدوح" ممكن يشليها !
-"عهد" قالتلي على المكان اللي كان بيتم فيه اتفاقياتهم !
هتف بها "زين" بهدوء وهو يسند ظهره على الكرسي ،بينما ركز "يوسف" بصره على "زين" وقال بدهشة:
-بتتكلم بجد يعني افتكرته ؟
هز رأسه بخفة ثم قال:
-لازم نبعت قوة هناك تتحقق من المكان هناك لأنه مش هنا !
-أمال ؟
أكمل "زين" وقد ضيق عينه:
-في سيناء ،ده المكان اللي بقى فيه بعد ما هرب !
وتابع بشراسة وهو يكز على أسنانه:
-وقتل "فريدة" !
تنهد بصيق مسموع بينما حاول "يوسف" تغير مجرى الحديث وقال:
-هبعت قوة هناك تكشفلنا الدنيا إيه بعدين نتحرك
أومأ برأسه ثم تذكر شيئًا وقال بسرعة ملحوظة:
-وفي حاجة كمان لازم أعملها !
نظر له باستفهام فتابع "زين" بهدوء رزين:
-قضية "عهد" تتفتح من تاني ،لازم تخرج من هنا في أسرع وقت .

حدق به بأعجوبة بالغة ثم هتف قائلًا :
-ليه ؟!
أشاح بوجه عنه ثم هتف موضحًا بمنطيقة ظنها هو :
-البنت ساعدتنا وبعدين هي تعتبر بريئة لأنها كانت بتنتقم من اللي عمله "حمدي" الزفت في أهلها !
تفهم "يوسف" مجرى حديثه ثم قال وهو غير مقتنع بما يقوله:
-بس هي مقتلتش دفاع عن النفس وده صعب إنها تطلع منها وغير كده هتحتاج فلوس كتير أوي عشان تطلع وإجراءات بالهبل عشان يضمنوا عدم فعلها للجريمة دي تاني أو أي جرائم أخرى وآآ....
قاطعه "زين" بصرامة وضيق وقال :
-عارف كل ده هو أنا يعني مش فاهم الحاجات دي ؟ ،بس بردو هخرجها وهدفعلها كمان الفلوس المطلوبة !
تعجب "يوسف" بغرابة شديدة من اصراراه على الأمر فهتف متسائلًا:
-أنتَ مالك مهتم بالموضوع ده أوي كده ليه ؟
تنفس "زين" بعمق وقد شرد قليلًا وقال بنبرة خافتة:
-هقولك بس متعترضش على قراري !....
.............................................................
-يا "محمود" يلا يابني الفطار جاهز !
أتى "محمود" (المحامي اللي كان بيدافع عن "عهد" في المحكمة كان في أول فصل وهو جارها في الحارة ) ، وجلس على الكرسي وبدأ في تناول طعامه بشرود كبير ،لاحظت والدته ذلك فقالت وهي تهزه بهدوء:
-"محمود" ؟ ،مالك يابني سرحان في إيه ؟
انتبه لها "محمود" ونظر نحو صحنه وقال :
-مفيش يا أمي
تنهدت "والدته" وقد فهمت ما يفكر به فقال بنبرة حزينة:
-لسه بفتكر فيها ،يابني انساها هي متنفعكش وخلاص راح عمرها عليها هترجعلك ازاي بس !.
شعر "محمود" بألم كبير في قلبه وهو يتذكرها ويتذكر براءتها ثم قال بضيق جلي:
-لحد دلوقتي مش قادرة أشوفها ومش عارف مفكرش فيها ،ازاي تاخد الحكم ده هو محدش يعرف عيشتها دي كانت عاملة ازاي !
ربتت عليه والدته بحنان ثم قالت :
-نصيبها كده وهي غلطت برضه مكنش ينفع تقتل حد وتبقى رد سجون حتى لو في يوم طلعت مش هتنفعك هتبقى سيرتها على كل لسان وأنتَ مترضهاش لنفسك إنساها يابني وفكر في نفسك !.
تنهد بانزعاج ونفور من ذلك الوضع الذي عاش به فهو قد أحبها حقًا وأراد أن يعوضها لكن بفعلتها تلك أنهت كل شيء وعندما حاول إنقاذها فشل ، شرد يتذكر كيف كانت شاحبة في المحكة وهي ترى عمرها سيضيع من حياتها لم تذق يومًا مريحًا كانت كل حياتها شقاء ،ظل شاردًا بها حتى قاطعت ذلك والدته مرة أخرى تسأله بجدية:
-بعت البيت زي ما قالتلك !
قطب حاجبيه بضيق وقال وهو يرتشف كوب الشاي قائلًا:
-انهاردة هروح للسمسار هو قالي في حد عايز يشتريه هروح وأشوفه !
هزت برأسها بينما وقف واستعد للخروج وهو مازال يفكر بها :
-سلام ياما
...........................................

السجينة وايدي العقاب ...للكاتبة دينا عادلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن