البداية (Chapter1)

4.8K 112 2
                                    

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روايه : شيفرة بلال
للمؤلف: د.أحمد خيري العمري
______________________________

عزيزي امجد

اسمي بلال ، عمري ثلاثة عشر عاما ، اعيش في بروكلين ، نيويورك.
قرأت انك تكتب سيناريو فيلم ، يحمل اسمي ، لا استطيع تخيل كم يبدو ذلك مثيرا لي ، أن امشي في الشارع لأقرأ اسمي في لوحات الإعلانات ، أن أراه مضيئا على الشاشه كعنوان للفيلم، أن اعرف المزيد عن السبب الذي جعل والدي الذي لا أذكره ، والذي قد رحل عندما كنت صغيرا جدا ، يختار لي هذا الاسم .

للاسف ،لا اعتقد أني سأتمكن من مشاهده الفيلم عند نزوله إلى دور العرض ، لن أكون موجودا هنا على الأغلب ، ذلك أني مصاب بنوع نادر من السرطان في الدماغ ، وقد علمت من الإنترنت أن نسبه النجاة منه ، قد لا تبقيني إلى موعد نزول الفيلم .
أعرف أن طلبي ييدو غريبا ، لكني أرغب في ان ترسل لي سيناريو الفيلم ، أرغب بتخيل ما سيحدث على الشاشة ، أرغب بمعرفه المزيد عن بلال ، أفهم أن قراءة السيناريو ليست كمشاهدة الفيلم ، لكن هذا افضل من لا شيء .
أعدك أني لن أسرب السيناريو لأحد ، وأعدك أني لن أخبر أحد أيضا ، سيكون هذا سرنا المشترك .
انتظر ردك..
مع الشكر .
بلال
ملحوظة: ان حصل وتعرفت على امي بأي وسيله ، فلا تخبرها بأني أخبرتك عن نسب اانجاة ، هي لا تعرف أني أعرف .

امجد

فتحت بريدي ذلك اليوم لأرسل استقالتي من العمل على السيناريو ، فوجدت فيه هذه الرساله .
للوهلة الأولى لم أفهم من هو المرسل ، فقد كان عنوان المرسل غريبا بعض الشيء ، على الأقل ييدو غريبا عن قائمة العناوين التي ترسل إلي رسائل على هذا البريد العمل الذي وضع على الموقع الترويجي للفيلم .
في الحقيقه لم أكن أستلم راسئل كثيرة ، وأغلب الرسائل كانت تأتي من (عبدول) تستعجلني كالعاده ..
منذ ان بدأت العمل قلدبل شهرين في هذا المشروع ، وأنا لا أستلم غير رسائل الاستعجال ..
ببساطة كنت في المكان الخطأ ، وكنت اعلم منذ البداية أني في المكان الخطأ .. لكن لم يكن لدي خيار سوى أن أقبل بالعمل في الفيلم ، كنت عالقا في رسالة دكتوراه منذ خمس سنوات ، دون تقدم حقيقي ، رسالة دكتوراه عن مرحلة تاريخية من القرون الوسطى في الشرق الأوسط أيام عز له ، لا يذكرها أحد ، لن يهتم لرسالتي أحد ، وكنت مطالبا أيضا بسداد أقساط المنزل ، زكل الفواتير المرتبطة بذلك .
كنت عالقا في كا هذا ، كل حياتي ، في دكتوراه ، في اقساط الماجستير، في حلمي بأن أكون أستاذا لامعا في جامعة كولومبيا ، ومن ثم تدريسي لمادة لا يهتم لها أحد في كليه مجتمعية في شمالي نيويورك ، في علاقتي بكريستين التي أعرف تماما أنها لا تحبني كما أحبها أنا ، وربما لا تحبني على الإطلاق ، لكنها فقط تقضي وقتا ممتعا معي ، ولن يرف لها جفن يوم تقرر تركي لأنها وجدت رجلا أفضل أو عملا أفضل في ولاية أخرى .
وكنت أحبها بيأس ، بولع ، كما لو أن هذا الامر يورث في جينات الشرقيين !
لم أعش في الشرق كي آخذ منهم العواطف ، لكني غارق بلا أمل في حب ارأة تعيش معي ، ولكنها لا تحبني .
مقيدا كنت من جميع الجهات ، رسالة الدكتوراه التي لا تمضي إلى أي مكان ، البروفيسور ميللر ، الذي سعيد لي كل ما أكتب ، ونادرا ما يجد الوقت للقائي وجها لوجه ، اقساط البيت الذي انهار سعره بعد الازمة المالية ، وهذا الشرق الأوسط الذي لعنت بدراسته ولا يقودني إلى أن أكون مدرسا هزيلا ، يدرس مادة لا يكترث لها أحد ، في كليه حصلت على اعتمادها الأكاديمي بصعوبه ، وكنت ذات يوم أريد أن أكون نجما أكاديميا مثل إدوارد سعيد .
كنت اعرف أن الوضع سيتغير حتما عندما انتهي من رساله الدكتوراه ، ستكون سيرتي المهنيه مؤهلة أكثر ، لكي أقدم على العمل في جامعات أفضل ، او مراكز ابحاث مهتمة بالشرق الاوسط .
لكني حاليا كنت مقيدا ومحبطا ، ولم يكن لدي سوى أن أوافق على العرض الذي جاء إلي ، للعمل في فيلم متحرك عن بلال الحبشي .
لا أدري بالضبط كيف جاء العرض .

كانت (ساعة سعيدة )! أي فترة التي تقدم فيها المشروبات يسعر أقل ، والتي تتزامن غالبا مع انتهاء ساعات العمل ، كنت أذهب إلى الحانة غي منطقة (Woodbury) خصيصا في هذا الوقت ، رغم أن عملي كان جزئيا ، ولكن ينتهي قبل هذا الوقت غالبا ، لكني كنت أذهب في هذا الوقت لأسباب اقتصادية واضحة .
جاءني يومها عبدول ، هكذا يسمونه ، اسمه عيد العزيز أو عبد الحكيم أو شيء كهذا ، وهو عربي من مكان ما في الخليج على ما اذكر ، لكن لم يعد ذلك مهما ، لانه دائما غي نيويورك ، تخرج من أكاديمية نيويورك للأفلام ، ثم أستمر بالدراسة في شيء آخر ، كان مولعا بالسينما ، يعرف كل شيء من السينما ، منذ اول فيلم ناطق على الأقل ، وكان ذلك مسليا في البداية ، عندما تعرفت عليه لأول مرة ، ثم صار مزعجا جدا ، يمكن ببساطة أن يسألني عن سنة حصولي على البكالوريوس ، وعندما أخبره أني تخرجت في 1997 ، فإنه سينطلق فورا : أوه ، هذه هي سنة التايتانيك! من يستطيع نسيانها ؟! حاز التايتانك على 11 اوسكار في تلك السنة ، لكن برأيي كان يستحق 12 أوسكار ، او حتى 13 ، جاك نيكلسون ، لم يستحق الجائزة ، بل ليوناردو ، كان دور جاك دوسن ، فرصة عمره ، ولا حتى هيلين هنت ، في رأيي كانت كيت أحق بالجائزة ، ما رأيك أنت ؟!

غالبا كنت لا أعرف عم يتكلم ، لست متأكدا إن كنت أكملت مشاهدة التايتانك أصلا ، ولم أعرف من هي كيت أو هيلين ، حدست فقط أنه يتحدث عن ليوناردو دي كابريو ، وليس ليوناردو دي فنشي مثلا .

كان يتحدث عن أوسكارات 1997 ، كما لو كان عضوا غي لجنة التحكيم ، أو على الأقل مقدم حفل .

سألته : عبدول كم كان عمرك في هذه السنة؟ التي تقول عنها ، من يستطيع أن ينساها؟

قال بخجل : عشر سنوات ، وشاهدت الفيلم بنسخة فيديو مقرصنة ، مصورة من قاعة سينما ، تظهر حركة الجمهور كما حركة الممثلين ، ولكني بكيت عليه وبكت أمي أيضا .

-------------------------------
يتبع ...

شيفرة بلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن