(Chapter 4)

856 42 3
                                    


قلت له : ما معنى مؤذن ؟

قال : كان بلال عبدا أسود ، وكان من أوائل من آمن بالنبي محمد ، وعذّبه سيده كثيرا ، لكنه صمد ، وقام أحد المؤمنين بشرائه وإطلاقه حرا ، كان يملك صوتا جميلا ، فجعله النبي ينادي للصلاة ، يقف على مكان مرتفع ، وينادي الناس للصلاة ، فيعرفون أن وقت الصلاة قد حان ، تخيلي كم هو جميل هذا .

لم أركز فيما قاله ، ولم يخطر في بالي ان هذا البلال الذي يتحدث عنه ، سيغير حياتي وحياة ابني لاحقا . كنت احب سعيدا جدا ، بلا سبب مفهوم ، مريضة به ، لكني لم اتخيله ابدا يمكن ان يقول شيئا كهذا ، هذه الأسطر الثلاثة الذي قالها ، كانت مختلفة تماما عن كل شيء قاله في السنوات التي عرفتها فيها ، كنت احبه وهو الذي لم يكمل الثانوية العامة ، بينما كنت انا متفوقة ، واكملت الكلية ، وكان لا يزال لدي الطموح للمزيد ، لكني احببته هكذا ، تخيلت أنها نزوة اولا ، كذلك ظن كل من حولي ، لكني بقيت احبه .. عندما قال هذه الاسطر الثالثة ، واشرق وجهه بنور ساطع وهو يقولها ، شعرت ان في داخله معدنا خفيا هو الذي جعلني احبه اصلا ، هزتني قصة العبد الاسود الذي حرره الإيمان من العبودية ، تخيلت صوته حزينا ، ينادي للصلاة بصوت كصوت جيمس براون ، واحببت سعيدا وهو هكذا .

قلت له : بلال ، اذن .

ونظرت الى بلال ، لم اكن ادري اني ساشفى من ابيه ، وامرض به .

لم يدم وضع سعيد الطيب كثيرا ، اياما فقط . لم تتجاوز العشرة ، ثم اختفى النور تماما من وجهه .

تدهور وضعه خلال الاشهر التالية كثيرا ، زادت مشاكله ، وزاد سكره ، واعتقد أنه لم يعد يتعاطى فحسب ، بل صار جزءا من شبكة توزيع مخدرات .

كنت قد حسمت امري ، انتهزت فرصة اني شفيت منه، وقررت ان اطرده من حياتي وحياة بلال .

غضب ، وصرخ وشتم ، بل وضربني وحطم جهاز التلفاز الذي لم اكن قد أكملت دفع اقساطه ، لكني اصررت .

ثم خرج .. ولم يعد .

لم يعد ابدا ، ولا حتى ليرى بلالاً .

لا أزال أحبه قليلا ، رغم كل شيء ، لكن قليلا جدا فقط ،افكر انه قد جاء فقط ليمنحني بلالاً ويمضي ، وقد فعل .

********

تلك اللحظة تغيرت فيها حياتي ، يوم جاء بلال .

ولكن كانت هناك لحظة اخرى ، تغيرت فيها حيلتي ايضا الى الابد ، هذه المرة الى أبد آخر .

حدث ذلك يون عرفت بإصابة بلال بالسرطان .

حدث كل شيء بسرعة ، نزلة برد عادية ، حمى ، صداع ، دوار ، إرهاق ، حاولت أولا ان اعالج الامر كما ستفعل اي ام بالادوية المتوفرة في المتاجر من دون وصفة . لكن الامر استمر ليومين دون ان يحدث تحسن لبلال .

شيفرة بلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن