(Chapter 2)

1.6K 64 9
                                    


كان عبدول يعشق كوبولا و سكورسيزي ، ويحفظ الحوار في افلامهما ، وقد تحداه أحدهم ذات مرة فأثبت عبدول أنه يحفظ فيلم (GoodFellas) عن ظهر قلب .

وعندما كان عبدول يسكر ، في آخر الليل ، كان يقول إنه يريد أن يخرج فيلما عن عظمة الإسلام ، في كل مرة يسكر فيها كان يقول ذلك! سألته مرة وهو في سكره ، ولست متوقعا أيه إجابة : ما دمت تريد أن تخرج فيلما عن عظمة دينك ، فلماذا تسكر ؟ ودينك يحرم الخمر ؟!

أجاب فورا كما بو أن سكره قد طار : لاني أسكر أريد أن أخرج فيلما عن عظمة الإسلام ، أريد أن يغفر الله لي.

بدا لي ذلك مثيرا للشفقة .
وبلا أمل .

جاء عبدول في ذلك اليوم ، وهو يرحب بي بمبالغة غير معتادة: كنت أنتظرك يا أخي!..
شعرت بالقلق من موضوع يا أخي ، لكني تجاهلت ذلك ، لم أتعود من عبدول أن يناديني بذلك ، لم أتعود من أي أحد أن يناديني بياأخي .

طلب عبدول البيرة لي وله ، وقال إنه يريد أن يكلمني في موضوع مهم .
لمعت عيناه وهو يقول لي : لقد جاءت الفرصة .
لم أفهم عن أي شيء يتحدث ، فكرت أنه ربما حصل على فرصة للعمل في فيلم أو عرض تلفيزيوني..
كرر هو : لقد جاءت فرصتنا أخيرا .

شعرت بالقلق الآن أكثر ، أولا يا أخي ، والآن : فرصتنا؟ هذه اللهجة أميزها عند العرب خصوصا ، نادرا ما يأتي منها شيء جيد .

سألته وأنا آخذ رشفه كبيرة من البيرة: عن أي شيء تتحدث يا عبدول ؟
قال وعيناه تلمعان : عن فيلم يتحدث عن عظمة الإسلام!
أها فهمت الآن يا أخي.. وفرصتنا ..

لمجرد أني ولدت لأبوين مسلمين ، لم يكونا يطبقان الكثير من تعاليم الإسلام أصلا ، فإن عبدول يعتقد أني أريد أن أشاركه فرصته ، بتقديم صورة عظيمة عن الإسلام ، ربما كي يغفر الله لي شربي الخمر .

لم أكن ، لست متدينا ، فحسب ، كنت ملحدا صريحا أمام الناس ، وفي المرات التي يفتح فيها موضوع الأديان ، كنت اتحول من ملحد حيادي بارد لا يكترث للأمر كثيرا ، إلى ملحد معاد جدا للدين ! كانت كريستين تقول إن ذلك يعود إلى شعوري بالنقص ، لاني من أصول مسلمة ، وأني إريد أن إثبت للناس شيئا عكس الصورة النمطية الجاهزة عن العرب ، وتتحداني بأن موقفي ما كان ليبدو بهذه الحدة لولا أحداث سبتمبر ، ربما كانت محقة .

مولعة هي بتحليل كل شيء وإرجاعه إلى أسباب نفسية ، درست علم النفس في _ جامعة نيويورك الحكومية / سوني _ وتعد لدراسة الدكتوراه للحصول على رخصة مزاولة المهنة في نيويورك ، أثناء ذلك تقوم بتحليل كل شيء على نحو مزعج ، تحلل ولعي بها إلى كون الشرقيين يحبون الشقراوات بسبب لون بشرتهم الداكنة ، ولا تتوالى عن تفسير بعض الأشياء الحميمة أثناء قيامنا بها ، احيانا أشعر أني أكون فأر تجاربها الخاص ! لإعداد دراسة الدكتوراه ، ربما تفكر بدراسة نفسيات العرب أو شيء كهذا ..

لكني لم أكن عربيا حقيقه ، لم أشعر يوما أني عربي .
كنت أمريكيا تماما ، ولدت في كوينز ، ونشأت فيها ، ولأن امي وأبي أصلا لم يكونا ينتميان إلى نفس البلد ، حيث كانت أمي مغربية وكان والدي مصريا ، فإنهما أصلا لم يورثاني أي شيء تجاه بلديهما ، لم أشعر يوما إلا أني أمريكي ، صحيح أنهما دفعاني إلى تعلم العربية ، لكن ذلك كان أكاديميا تماما ، كما يدرس البعض الصينينة أو الفرنسية ، لم تكن هناك علاقة بين دراستي للعربية وانتمائي على الإطلاق ، كان والدي يطمح لدفعي باتجاه العمل الدبلوماسي ، وكان يقول : امريكا من أصل عربي ويتقن العربية ، يمكن أن تجد دائما فرصا للعمل في الشرق الأوسط مليء بالمشاكل .

تجد كريستين دائما المجال للقول إن كل هذه التفسيرات هي جزء من إنكاري للحقيقه ، تقول إني في حالة إنكار .

ربما كانت محقة أيضا ، فربما حرص والدي على تدريسي اللغة العربية كجزء من التعويض عن الشعور بالذنب ، لانفصال كل منهما عني بلده .

حاولت أن أقول لعبدول ، أن لا يتحمس كثيرا في ضمي إلى حماسه في الفيلم ، لكنه كان يتحدث عن ضخامة الإنتاج والأسماء ، التي يمكن أن تشارك بالفيلم ، ومن ثم وجدته على نحو سريع يقول لي : إنني مرشح للإسهام في إعداد سيناريو الفيلم ..

سألته : انا؟ لماذا؟
قال : أقول لك إن الفيلم عن بلال الحبشي ، مؤذن الرسول ، وقد قرأت لك مقالا رائعا عن أوضاع العبيد والعبودية في الإسلام ، وتطرقت فيه إلى قصة بلال ! أنت خير مم يشارك غي السيناريو .

كان المقال أكاديميا تماما ، موضوعيا تماما ، إشارتي إلى بلال الحبشي لم تكن عاطفية ، بحيث تجعل عبدول يفعل هكذا ، قلت إنه تحول إلى أيقونة ورمز لكل العبيد وكل السود ، وإن مكانته في الاسلام اعطت الامل للكثيرين .. هذا كل شيء .

كان عبدول بمنتهى الحماس ، لم يكن يصدق أني يمكن ان ارفض لكن ، لماذا ارفض ؟

فكرت ..

انا غي وضع مالي سيء ، والمشاركة بكتابة سيناريو فيلم قد تساهم بتحسين وضعي .

ليس هناك عاقل يمكن ان يرفض هذا العرض .

سمعت عبدول يسألني : هل انت معنا في المركب ؟
لم يكن هناك غير ان اركب معه .

احتضنني بشدة وقبلني على عادة العرب ، التي لا استطيع تحملها وهو يكرر كلمة أخي .
كان يجب ان أفهم مبكرا ما الذي وضعت نفسي فيه .

________________________

يتبع ...

-----------------

ان شاء الله رح أنزل شابتر كل يوم حسب المقدرة

(استغفر الله واتوب اليه عدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته)

شيفرة بلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن