كان عبدول يعشق كوبولا و سكورسيزي ، ويحفظ الحوار في افلامهما ، وقد تحداه أحدهم ذات مرة فأثبت عبدول أنه يحفظ فيلم (GoodFellas) عن ظهر قلب .وعندما كان عبدول يسكر ، في آخر الليل ، كان يقول إنه يريد أن يخرج فيلما عن عظمة الإسلام ، في كل مرة يسكر فيها كان يقول ذلك! سألته مرة وهو في سكره ، ولست متوقعا أيه إجابة : ما دمت تريد أن تخرج فيلما عن عظمة دينك ، فلماذا تسكر ؟ ودينك يحرم الخمر ؟!
أجاب فورا كما بو أن سكره قد طار : لاني أسكر أريد أن أخرج فيلما عن عظمة الإسلام ، أريد أن يغفر الله لي.
بدا لي ذلك مثيرا للشفقة .
وبلا أمل .جاء عبدول في ذلك اليوم ، وهو يرحب بي بمبالغة غير معتادة: كنت أنتظرك يا أخي!..
شعرت بالقلق من موضوع يا أخي ، لكني تجاهلت ذلك ، لم أتعود من عبدول أن يناديني بذلك ، لم أتعود من أي أحد أن يناديني بياأخي .طلب عبدول البيرة لي وله ، وقال إنه يريد أن يكلمني في موضوع مهم .
لمعت عيناه وهو يقول لي : لقد جاءت الفرصة .
لم أفهم عن أي شيء يتحدث ، فكرت أنه ربما حصل على فرصة للعمل في فيلم أو عرض تلفيزيوني..
كرر هو : لقد جاءت فرصتنا أخيرا .شعرت بالقلق الآن أكثر ، أولا يا أخي ، والآن : فرصتنا؟ هذه اللهجة أميزها عند العرب خصوصا ، نادرا ما يأتي منها شيء جيد .
سألته وأنا آخذ رشفه كبيرة من البيرة: عن أي شيء تتحدث يا عبدول ؟
قال وعيناه تلمعان : عن فيلم يتحدث عن عظمة الإسلام!
أها فهمت الآن يا أخي.. وفرصتنا ..لمجرد أني ولدت لأبوين مسلمين ، لم يكونا يطبقان الكثير من تعاليم الإسلام أصلا ، فإن عبدول يعتقد أني أريد أن أشاركه فرصته ، بتقديم صورة عظيمة عن الإسلام ، ربما كي يغفر الله لي شربي الخمر .
لم أكن ، لست متدينا ، فحسب ، كنت ملحدا صريحا أمام الناس ، وفي المرات التي يفتح فيها موضوع الأديان ، كنت اتحول من ملحد حيادي بارد لا يكترث للأمر كثيرا ، إلى ملحد معاد جدا للدين ! كانت كريستين تقول إن ذلك يعود إلى شعوري بالنقص ، لاني من أصول مسلمة ، وأني إريد أن إثبت للناس شيئا عكس الصورة النمطية الجاهزة عن العرب ، وتتحداني بأن موقفي ما كان ليبدو بهذه الحدة لولا أحداث سبتمبر ، ربما كانت محقة .
مولعة هي بتحليل كل شيء وإرجاعه إلى أسباب نفسية ، درست علم النفس في _ جامعة نيويورك الحكومية / سوني _ وتعد لدراسة الدكتوراه للحصول على رخصة مزاولة المهنة في نيويورك ، أثناء ذلك تقوم بتحليل كل شيء على نحو مزعج ، تحلل ولعي بها إلى كون الشرقيين يحبون الشقراوات بسبب لون بشرتهم الداكنة ، ولا تتوالى عن تفسير بعض الأشياء الحميمة أثناء قيامنا بها ، احيانا أشعر أني أكون فأر تجاربها الخاص ! لإعداد دراسة الدكتوراه ، ربما تفكر بدراسة نفسيات العرب أو شيء كهذا ..
لكني لم أكن عربيا حقيقه ، لم أشعر يوما أني عربي .
كنت أمريكيا تماما ، ولدت في كوينز ، ونشأت فيها ، ولأن امي وأبي أصلا لم يكونا ينتميان إلى نفس البلد ، حيث كانت أمي مغربية وكان والدي مصريا ، فإنهما أصلا لم يورثاني أي شيء تجاه بلديهما ، لم أشعر يوما إلا أني أمريكي ، صحيح أنهما دفعاني إلى تعلم العربية ، لكن ذلك كان أكاديميا تماما ، كما يدرس البعض الصينينة أو الفرنسية ، لم تكن هناك علاقة بين دراستي للعربية وانتمائي على الإطلاق ، كان والدي يطمح لدفعي باتجاه العمل الدبلوماسي ، وكان يقول : امريكا من أصل عربي ويتقن العربية ، يمكن أن تجد دائما فرصا للعمل في الشرق الأوسط مليء بالمشاكل .تجد كريستين دائما المجال للقول إن كل هذه التفسيرات هي جزء من إنكاري للحقيقه ، تقول إني في حالة إنكار .
ربما كانت محقة أيضا ، فربما حرص والدي على تدريسي اللغة العربية كجزء من التعويض عن الشعور بالذنب ، لانفصال كل منهما عني بلده .
حاولت أن أقول لعبدول ، أن لا يتحمس كثيرا في ضمي إلى حماسه في الفيلم ، لكنه كان يتحدث عن ضخامة الإنتاج والأسماء ، التي يمكن أن تشارك بالفيلم ، ومن ثم وجدته على نحو سريع يقول لي : إنني مرشح للإسهام في إعداد سيناريو الفيلم ..
سألته : انا؟ لماذا؟
قال : أقول لك إن الفيلم عن بلال الحبشي ، مؤذن الرسول ، وقد قرأت لك مقالا رائعا عن أوضاع العبيد والعبودية في الإسلام ، وتطرقت فيه إلى قصة بلال ! أنت خير مم يشارك غي السيناريو .كان المقال أكاديميا تماما ، موضوعيا تماما ، إشارتي إلى بلال الحبشي لم تكن عاطفية ، بحيث تجعل عبدول يفعل هكذا ، قلت إنه تحول إلى أيقونة ورمز لكل العبيد وكل السود ، وإن مكانته في الاسلام اعطت الامل للكثيرين .. هذا كل شيء .
كان عبدول بمنتهى الحماس ، لم يكن يصدق أني يمكن ان ارفض لكن ، لماذا ارفض ؟
فكرت ..
انا غي وضع مالي سيء ، والمشاركة بكتابة سيناريو فيلم قد تساهم بتحسين وضعي .
ليس هناك عاقل يمكن ان يرفض هذا العرض .
سمعت عبدول يسألني : هل انت معنا في المركب ؟
لم يكن هناك غير ان اركب معه .احتضنني بشدة وقبلني على عادة العرب ، التي لا استطيع تحملها وهو يكرر كلمة أخي .
كان يجب ان أفهم مبكرا ما الذي وضعت نفسي فيه .________________________
يتبع ...
-----------------
ان شاء الله رح أنزل شابتر كل يوم حسب المقدرة
(استغفر الله واتوب اليه عدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته)
أنت تقرأ
شيفرة بلال
Mystery / Thrillerأن تتأثر بقصة بلال بن رباح شيء . ولكن أن تتغير حياتك كلها بسبب ذلك الشيء آخر تماما... وأن يحدث ذلك في مجتمع عربي مسلم شيء، ولكن أن يحدث في نيويورك؟ رغم غرابته فهذا ما حدث .. قصه بلال بن رباح تغير مسار حياة اشخاص يعيشون في نيويورك. حياة بعيدة تماما ع...