مررت أمام المرآة، وللمرة الأولى منذ سنوات لم أشعر أني يمكن أن لا أكره هذا الفتى الذي يظهر امامي فيها.
كان هناك ثمة أمل في أن أحب نفسي، أو على الأقل أن أكف عن كراهيتها..
قضيت الليلة وأنا في فيلم ثلاثي الأبعاد من تأليفي وإخراجي وتمثيلي.
ينتقم فيه بلال من كل من آذاه، وليس من سيده فحسب.
وفي الصباح بحثت في موقع الفيلم عن بريد إلكتروني يمكن التواصل معه.
أرسلت البريد إلى الشخص اسمه أمجد حلواني، كتب عنه أنه (المستشار التاريخي للسينريو).
طلبت منه أن أطله على السيناريو الفيلم.
في نفس اليوم، كانت لدي جلسة أخرى، من جلسات العلاج الكيميائي.
لم أكن أدري، أني قد وضعت أول خطواتي، على علاجي الحقيقي.. المختلف.
***************
From: Amjadhelwani@bilalmovie.org
To: Bilal2001ny@hotmail.com
مرحبا:subject
أهلا بلال.. كيف الحال؟ أرجو أن تكون بخير.
أسعدني اهتمامك بالفيلم، وأرجو أن تتاح لك فرصة مشاهدته في دور العرض.
للأسف لا يمكنني إرسال السيناريو كما طلبت، وذلك لوجود العديد من القيود القانونية التي تمنع العاملين في الفيلم من تسريب أي شيء عنه.
بالمقابل، سأقوم بجمع كل ما يمكنني من المعلومات عن بلال الحبشي من الكتب التاريخية، وإرسالها لك، ويمكنك أن تتخيل سيناريو لفيلم مبني على هذه المعلومات بمعزل عن سيناريو الفيلم الذي يتم إنتاجه فعليا.
سيكون هذا السيناريو هو نسختنا المشتركة، أنا وأنت، من قصة بلال الحبشي.
ما رأيك؟
تحياتي
أمجد
**************
أمجد
ما الذي أفعله بالضبط؟
هل أدخل في هذه اللعبة مع صبي بمثل هذه الظروف؟
هل أدرك ماذا يحدث هنا؟
ما الذي يجب أن يقال أصلا للمقبليت على الموت؟ ماتت أمي وقبلها مات أبي، لم أعرف كيف أخفف عنهما بكلمة واحدة، أمي وجدت في الدين عزاءها، عندما مات أبي كانت تقرأ له القرآن وهي تمسك بيده، والفترة التي سبقت موتها أصبحت أكثر تدينًا.. حاولتُ وهي على فراش الموت أن أتقمص دورها مع أبي، أن أقرأ لها القرآن.. فعلت ذلك مرة أو مرتين فقط لكي تشعر هي بالراحة.. لكن ذلك لم يرحني أنا.. شعرت بالنفاق.. لم أستطع التمثيل.
لم يكن هناك ما اقوله لأمي وهي تحتضر، كانت لديها قناعتها عن الموت وكانت تؤمن بشكل ما بوجود الله والحساب وكل هذا.. لم يكن لدي شيء أقوله، ولم تكن تنتظر مني أن أقول شيئا على الإطلاق، كان لديها بعض القريبات اللواتي تكفلن بكل شيء..
لكن هل يمكن أن أفعل الشيء ذاته مع صبي ينتظر الموت، وهو في الثالثة عشرة من العمر؟
هل سأقول له: إنه لا شيء ينتظره هناك.. ستنطفئ الأضواء فجأة.
عندما تموت وتغادر، ويسكت كل شيء..
كان هذا ما أؤمن به.
لكن لا يمكن أن أقول ذلك لصبي يوشك أن يموت.
لا يمكن..
****************
كنت أؤمن دوما أن الحقيقة أفضل من الوهم.
لذا فقد أخبرت أبي بإصابته بسرطان البنكرياس فور علمي بالأمر..
كانت أمي تريد إخفاء الأمر عنه، والمضي في العلاج بالتدريج إلى أن يستنتج..
وجدت أنا أنه يجب أن يعلم فورا..الحقيقة دوما، مهما كانت مؤلمة أفضل من الكذب.
لكن، هل هذا ينطبق على طفل مقبل على الموت أيضا؟
وهل يمكن لي أن أكون متأكدا أنه لن يحدث شيء بعد الموت، وأن الأمر أشبه بسحب المكبس من مولد الكهرباء، سينطفئ كل شيء ويتهي الأمر؟
كيف لي أن أكون متأكدا مادمت لم أمت من قبل.
ما الذي ورطت نفسي فيه؟
*****************
لا مجال للتراجع.. كنت أدرِّس أشخاصا بالغين، أدرّسهم مادة التاريخ..
اليوم علي أن أقف أمام مراهق سيغادر الدنيا، لأخبره شيئا عن التاريخ، وشيئا آخر عن المستقبل.
وكنت أعرف أن علي أن أنقل له رسالة إيجابية..
على الأقل ليتقبل الموت بشجاعة..
---------------------------------------------------------
ارجوا لكم قراءة ممتعة ☺☺
أنت تقرأ
شيفرة بلال
Mystery / Thrillerأن تتأثر بقصة بلال بن رباح شيء . ولكن أن تتغير حياتك كلها بسبب ذلك الشيء آخر تماما... وأن يحدث ذلك في مجتمع عربي مسلم شيء، ولكن أن يحدث في نيويورك؟ رغم غرابته فهذا ما حدث .. قصه بلال بن رباح تغير مسار حياة اشخاص يعيشون في نيويورك. حياة بعيدة تماما ع...