(Chapter 5)

882 47 4
                                    

بلال

عكس ما يظن الجميع ، كان السرطان هو أفضل ما حدث لي في حياتي ، منذ ان ولدت .

صحيح أنه قد ينهي هذه الحياة .
لكنه يبقى افضل ما حدث ، رغم كل شيء.

أمي لم تعلم قط أيَّ شيء ، كنت اعانيه ، قبل ان ياتي السرطان ليخلصني .
حاولت ان اخفي عنها دائما ، فعلت ذلك لأجلها ، ولأجلي ، لا أعرف لم أخفيت الحقيقة . لكني لم أقل شيئا . ولا كلمة .

أمي لم تعلم قط ، ان كل ما اعانيه من علاح السرطان ، كل ذلك الغثيان والتقيؤ والصداع والخمول ، كل ذلك الأسر على سرير المرض والأنابيب التي تدخل وتخرج مني ، كل التقرحات في فمي ، وجفاف الحلق الذي لا أعرف كيف أصفه ، كل هذا ، لا يعد شيئا مقابل يوم كنت اعانيه في المدرسة ، يوم واحد عادي من أيام المدرسة .

بدأ الامر في الصف الرابع ، كل شيء كان عاديا قبلها ، في الصف الرابع ، وبعد ثلاثه اشهر من بدء الدراسة في الخريف ، حصلت أمي على وظيفة معلمة في مدرسة في بروكلين ، فقررت ان ننتقل الى بيت جديد قرب عملها ، وهكذا تركنا برونكس ، حيث كنا نسكن ، وتركت مدرستي التي كانت الامور فيها عادية ، الى مدرسه جديدة ، في بروكلين .

منذ اليوم الاول هناك ، كانت الامور سيئة ، واستمرت بالسوء ، بل بالزيادة بالسوء كل يوم ، كل يوم، ولثاث سنوات تقريبا ، الى ان تم تشخيصي بالسركان ، او على الاقل الى ان عرفوا في المدرسة ، انني مصاب بالسرطان .

بدأ اليوم الاول هكذا ، المعلمة تطلب من الحميع الترحيب بي ، لا احد يرحب تقريبا ، لا احد يريد صديقا جديدا جاء في منتصف السنة الدراسية ، ثم تطلب مني ان اجلس في مقعد فارغ في آخر القاعة تقريبا ، اخترق الجميع وسط نظرات لا مبالية ، وعندما اجلس اسمع احدهم يقول من خلفي : انت يا سمين .

تعالت الضحكات مكتومة هنا وهناك ، والتفتت المدرِّسة وهي تقول بتثاقل : كفى يا جون .

لكن جون واشنطون لم يكتف ، ما ان انتهى الدرس حتى عاود نحددا وانضم له مايك : انت يا سمين ، أنت يا بدين المؤخرة ، أنت يا كرة القرنبيط ...

قررت ان اتجاهلهما ، كما لو اني لا اسمع ما يقولان ، او كما لو اني لا اعرف أنهما يقصداني ، وكان هذا على ما يبدو خطئي الشنيع الذي لم اتمكن من إصلاحه .

لو اني لكمت جون ، او رددت عليه ، لربما كنت رجعت الى البيت مليئا بالكدمات ، لكن ربما كان الأمر قد وقف عند هذا الحد .

لكني عدت الى البيت وأنا مليئ بكدمات لاترى ، وعندما سالتني امي كيف كان يومي ؟ رددت عليها : كان جيدا .

شيفرة بلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن