ليتني قبلت قدميك من قبل

37 1 1
                                    

​لغة وأدب/ ليتني قبّلت قدميك..

معروف عبدالرحيم

قاص و روائي و له كتابات
أخرى في الفكر و السياسة
و الفقه و أصوله

أستاذ مادة الرياضيات
باحث في تاريخ الرياضيات
وعلاقة علم أصول الفقه
بالمنطق الرياضي


صرخ وهو يلوح بيده محتجا ومتأففا، وفي وجهه غضب كأنه تسونامي ضرب شواطئ نفسه المغرورة والمتعجرفة، وعيناه جاحظتان كأنهما عينا عفريت، والمسكينة تنظر إليه برفق وحب، ملتمسة له الأعذار، مشفقة عليه، خائفة أن تمسه الأخطار، مسترسلة يديها نحوه، كأنها تطلب منه اعتذارا، وألم الانتظار واضح على صفحة وجهها.. لكنه تركها بكل وقاحة واحتقار وهو يشير بأنامله إلى أنه يريد منها حفنة دراهم.. لا شيء غير الدراهم، لا يريد العشرة أو العشرين، بل هو طامع في الألف، فما فوق!

فشل في تحقيق مبتغاه بالتكرار، اتخذ القرار، ولبئس القرار:

كاد أن يلصق الباب خلف وجه أمه، وهي تهرول على أثره، بلهفة وشوق، مرددة:

- بني، سأحضر لك جزءا من المال الذي طلبته شريطة ألا تشتري به المخدرات.

أجابها بوقاحة وقلة أدب:

- أريد كل المال أو لا شيء.. أف!

ثم غاص الابن العاق في شوارع المدينة وأزقتها بدراجته النارية، وهو يراوغ السيارات بتهور وغرور، متجها نحو مستنقعات المخدرات والمسكرات، وإذا ما وصل بدأ يصرخ بصوت مقزز كأنه صوت خنزير:

- هتلر.. هتلر! (اسم مستعار لمروج المخدرات).

فخرج من بطن هيكل شاحنة متهالكة رجل قصير القامة، تملأ وجهه آثار جروح كثيرة، ربما كانت نتيجة معارك سابقة بين تجار المخدرات المنافسين.

- ماذا تريد يا نديم؟

- لم أجد المال الكافي لاقتناء البضاعة، انقذني بشيء من الحشيش.

- يا صاح، يا نديم، إذا منحتك من دون مقابل، فمن أين لي أن أدفع لرئيس مافيا البخور؟! (يقصد رئيس سوق المخدرات).

- من فضلك امنحني قطميرا أو نقيرا!

- أف عليك، ما رأيت صعلوكا مثلك!

- يرحم الله والديك، ستكون آخر مرة آتي إليك من دون نقود!

فضحك هتلر حتى أبان عن أسنان سوداء نخرة، كأنها صخور بحرية تهشمت بفعل غزوات الأمواج المتكررة:

- هل تسخر مني، متى كان الحشيش والكوكايين وكل ما حرم الله صدقة تصل إلى الأموات؟ هههه.. لأنك أضحكتني سأمنحك قطعة صغيرة، ولكن على سبيل القرض، هههههه.. وليس الصدقة، فمالنا غير جائز لها.

- موافق أخي هتلر.

أحس نديم بذل مخز، ومن أجل ماذا؟.. من أجل سم يقتل النفس والحس، وكيف لا يهان وقد أهان من جعلت الجنة تحت أقدامها.

 *قصص الاستاذ معروف عبد الرحيم* القصة رقم 1 #ليتني قبلت قدميك من قبل#حيث تعيش القصص. اكتشف الآن