الجزء التاسع

3 3 0
                                    


منال : آه يا ثناء هل كان حقاً عليكِ ان تجعليني أظهر هذا الجانب من نفسي؟ الآن تريدين معرفة الحقيقة لكن هل ستعيشين بعد معرفتها؟ عزيزتي عيناكِ تومضان بالبُني من الخوف، مسكينة جداً يا ثناء.

ثناء : منال أفيقي يا صديقتي، انا اعلم أنكِ مازلتِ الصديقة التي كانت بجانبي منذ ٥ سنوات، منال عزيزتي فكري بعقلكِ قليلاً، كيف دفنتي عقلكِ و نسيتي او تناسيتي التفكير، انظري لي يا منال و اخبريني أنكِ لم تعودي منال الطيبة التي عرفتها منذ زمن بعيد.

*كانت ثناء تصرخ بتلك الكلمات و ترى صديقتها تترنح أمامها، و فجأةً بدأت منال في البكاء و النحيب بشدة.*

منال : نسيت عقلي و دفنته و أخطأت، أحببت ياسين و قتل انسانيتي و لم أرفض، لا أعلم كيف توقفت عن التفكير، لم أكن يوماً بتلك الحالة، ثناء رجاءاً انقذيني لم أعد استطيع مساعدة نفسي، خذي المفتاح و ارحلي، ارحلي بعيداً ان اباكِ هو السبب في كل هذا، يا منال ان كرم لم يخونك و لم يخبر ابيكِ بشئ، انا مَن أخبر ابيكِ برحيلك مساءاً، كنت أخبر ياسين بكل شئ و ياسين ينقل له، لا تؤمني بأحد ولا تثقي بأي شخص.
ارحلي يا ثناء و جدي حلاً، حررينا جميعاً مما نحن فيه، و إياكِ ثم إياكِ ان تثقي بياسين فهو كاذب.

*اخذت ثناء المفتاح من منال و هربت بسرعة، ذهبت للحديقة الخلفية و جلست تلتقط أنفاسها، إذاً صديقتها كانت تراقبها لذلك عليها ان تدرس حركاتها بحيث لا يكتشف احد، ما لاحظته ان المُعالَجون لا يستطيعون العودة و المساعدة كأن شيطانهم مسلط عليهم، لكن ربما لأنهم لم يجدوا قوة الحب الحقيقي لا يستطيعوا ان يعودوا و يساعدوا.
قررت أن تكتب لكرم رسالة يجدها في الحديقة.

ثناء :
"عزيزي كرم،
      او بمعنى افضل، حبيبي كرم، اكتب لك تلك الرسالة قبل أن اتحول (فيما يسمونه بالعلاج) سوف اتحول لأننا لن نجد الشخص الذي سيساعدنا ابداً، سوف أكون أنا هذا الشخص، ما لاحظته ان الناس بعد أن يتم علاجهم ينسوا كل مشاعر المحبة و المودة و الرحمة و يتحولوا، انا سوف اتحول و عليك أن تعيدني لك يا كرم.
      نسيت ان اخبرك يا حبيبي، نعم انا من سلالة الطبيب، ورثتها عن أبي!
       اعلم ان مهمتك صعبة، فأنا ذات فكرٍ سميك صعبة الإقناع، لكن تذكر انني أحببتك لأنك كنت بجانبي و انقذت حياتي، انا لم اهرب منك يا كرم بل هربت لأحميك من ابي، نعم ابي هو مسئول الأمن بالمدرسة.
        تذكر يا حبيبي، لا تثق بمنال ولا ياسين، سوف أروي لك كل شئ لكن عليك أن تجدني اولاً و تعالجني ثانياً، حينها فقط سوف نعالج العالم كله و نجد الدواء و ننقذ الجميع.
                                                              مع كل حبي لك                                                                         ثناء "

*وضعت ثناء الورقة في تجويف المقعد الخشبي و رحلت، ذهبت لأبيها لتخبره انها موافقة على العلاج، في خلال أيام تحولت ثناء و صارت عينيها رماديتين حقاً، تتلونان بالاسود من فترة لأخرى، و للأخضر فترات أخرى، عادت للعيش مع منال بعد أن أعلن أباها انها ابنته، كانت تتذكر لحظات من الايام القليلة التي عاشتها مع كرم لكن لا تستطع ان تسيطر على نفسها لتذهب له، حتى وصلت لمرحلة انها اقتنعت انه مجرد وهم، وعدها أباها ان تصبح مكانه حين تتخرج، نسيت كل شئ و أصبحت آلة مثلهم.*

*الآن لأعد بكم إلى أول يوم بالقصة، بقعة الدماء في قميص كرم و الخط البنفسجي.
تسلل كرم إلى منزل مسئول الأمن في نفس اليوم الذي قُتِل فيه أخاه على يده، حاول قتل مسئول الأمن الذي شعر بدخوله و هجم عليه، كاد يقتله فوراً لكنه رأى في عينيه الوميض البُني، فقرر ان يكون كرم هو فأر التجارب الخاص به.
قام بتكبيل كرم في مكتبه و احضر عِقاراً ما لونه بنفسجي، حقن كرم بالعِقار في ذراعه، ثم تركه لدقيقتين و جلس على كرسيه يشاهد رد فعل كرم، ظل كرم حوالي ربع ساعة يتألم و يتشنج، نزف ذراعه القليل من الدماء التي امتصها قميصه مع القليل من العِقار البنفسجي.
بعد أن هدأ كرم و لم يبقى بالمكتب إلا صوت أنفاسه العالي، قام مسئول الأمن بفك وِثاقه و عاد للجلوس على الكرسي من جديد، اعتدل كرم في جلسته و نظر له برعب، بعينين مختلطي اللون البُني و الأزرق، عَلِم كرم انه امام إحدى وحوش اللون الاسود الذي سمع عنهم، كان يعلم أن الرجل سيقتله لا محالة.
لكن للعجب أشار له مسئول الأمن على النافذة المفتوحة في دعوة منه للهرب، اتجه كرم النافذة قبل أن يناديه المسئول.*

مسئول الأمن : انتظر، ما اسمك؟

كرم : اسمي كرم، سيدي.

مسئول الأمن : لا تنسى يا كرم قطارتك السحرية، و أيضاً خذ من هذا الدواء حين تشعر بأنك تتحول لبشري بدون انسانية، أراك بعد اسبوع يا كرم، و صدقني، سوف تأتي.

*اخذ كرم القطارة من يد الرجل و استخدمها ثم وضعها في جيبه و معها شريط الدواء(و هو نفسه الذي كان بأخذ كرم منه ليلة ذهب بثناء لمنزل الطبيب) و قفز من النافذة، هو متأكد انه لن يعود إلى هذا المكان ابداً، لكن لماذا كان الرجل يتحدث بثقة عمياء هكذا؟*

يتبع

eyes can deceiveحيث تعيش القصص. اكتشف الآن