الجزء الثامن

4 3 0
                                    


*قابلت ثناء كرم بالحديقة الخلفية، ظهرت في عينيها نظرة عتاب سريعة لم تتلون بالبُني، و كم هي صعبة نظرة العتاب باللون الرمادي الكئيب.*

ثناء : مرحباً يا كرم، اتسائل كيف اخرجوك دون أي عقاب.

كرم : ما الذي تتحدثين عنه يا ثناء؟ ألست سعيدة انني لم أسقط في ايديهم؟

ثناء : يا حسرتي عليك يا كرم! اتعلم كيف خرجت؟ لقد أخبرتهم اني إنسانة و قاموا بقتل الإنسانية بداخلي، فقط كي أحررك يا كرم، انت الذي قمت ببيعي لم أُبالي و انقذتك على حساب نفسي يا كرم، هل تسمعني؟

كرم : ماذا تقولين؟ كيف تفعلين شيئاً كهذا يا ثناء كيف؟ هل جننتي يا ثناء؟ لا استطيع ان أصدق!

ثناء : الوداع يا كرم، الوداع للأبد.

*تدير ثناء ظهرها و تترك كرم لترحل، تدمع عيناها كثيراً و تشعر بقلبها ينفطر، تغلق عينيها بشدة كي لا تبكي لكن لا تستطيع.*

كرم : سناء، انا أحبك، ارجوكي عودي يمكننا أن نجد حلاً، ليس عليكِ ان تشعري بشئ فقط ابقي بجانبي.

*تبكي ثناء بشدة لكن لا تصدر اي صوت، تفتح عينيها ليظهر منهما ذلك الوميض البُني، نعم ثناء مازالت إنسانة لم و لن يستطيعوا ان يسرقوا منها حقها في الحياة.
كان شرط اباها ليفرج عن كرم ان تبتعد هي عنه، و ها هي تنقذه للمرة الثانية و تبتعد عنه، بلا رجعة. لكن هل حقاً لن تعود؟

تبكي حظها بالحياة، أباها رجل ظالم و أمها مفقودة منذ سنين، أخواتها مُشردين في البلدان بسبب أباها، صديقتها غدرت بها، و حبيبها باعها في أول امتحان.
فالحب يا أعزائي (بكل أنواعه) للشجعان فقط، ليس لمرهفي الحِس ولا مُجيدي اللعب بالكلمات.*

*تذكرت ثناء شيئاً، عليها حل لغز الباب الموصود و إلا سوف تجد نفسها يوماً محتجزة داخل غرفتها.
اتجهت للغرفة و ظلت تبحث عن مكان يدخل منه اللص أثناء نومها، لم تجد اي مدخل حتى الشرفة لها باب توصده هي كل يوم قبل النوم، كادت تفقد الامل حتى تذكرت شيئاً مهماً، في كل مرة يوصَد الباب عليها كانت تخاف ان تعرف منال و تسألها لكن كانت تلاحظ ان منال اختفت، ولا تظهر منال إلا حين تذهب هي للبحث عن حل لفتح الباب الموصَد و إيجاد مفتاحها الضائع.
السؤال هنا أن كانت منال هي مَن يوصد الباب فكيف تعرف ان ثناء ليست خلف الباب، فكرت في البحث عن كاميرا او ما شابه لكن قوانين المدرسة تقول ان المتجسسين الإلكترونيين يُعاقبوا بالسجن، و منال لن تغامر.
إذاً لابد من وجود ثقب بالباب او الحائط، خرجت و نظرت من الخارج فلم تجد شيئاً إلا خربشات على عدسة الباب(العين السحرية) أطلقوا عليها هذا الاسم ليخفوا كلمة السحر من قاموسهم اليومي.
نظرت من الخارح للداخل عن طريق العدسة لترى بمنتهى الوضوح! منال كانت توصِد عليها الباب و تسرق مفتاحها لتعيده أثناء اليوم الدراسي و تراقبها من تلك الفتحة!
الآن عليها ان تواجه منال و تعرف السبب.
دخلت و طرقت على باب غرفة نوم منال، استيقظت منال و خرجت لها.*

منال : صباح الخير عزيزتي ثناء، ماذا بكِ؟ الوقت مازال مبكراً على الاستيقاظ.

ثناء : لماذا توصدين الباب و انا بالداخل؟

*ظهر على منال التوتر لكنها حاولت التماسُك.*

منال : عما تتحدثين؟ انا لا افهم

ثناء : انتِ تعلمين عما اتحدث، عن الباب الموصَد، عن حبسكِ لي بالغرفة، عن أنكِ كنتِ منذ ٣ سنوات إنسانة بعينين بُنيتين و فجأة صرتي مثلهم.

*صُدِمت منال و لم تستطع التماسُك اكثر، نظرت للأرض لثانيتين قبل أن ترفع رأسها و تضحك ضحكةً مريبةً.*

منال : تريدين معرفة الحقيقة؟ إذا لا تحزني حين تعرفينها.

*تومض عيني منال باللون الأخضر، تندهش ثناء و تحاول الهروب لكن تمسكها منال بسرعة و تدفعها بيدها لتسقط على الأرضية الصلبة و تشعر بدوار كبير لا تستطع القيام من مكانها بسببه، تشعر ثناء بالرعب فما اخفته ثناء عن كرم ان أباها يملك الأعين الخضراء، و هي دلالة على أن الأب من سلالة الطبيب، و يكون ذو الأعين الخضراء أقوى بكثير من ذو الأعين البُنية، السوداء او حتى الرمادية، و دائماً مَا يصبح شخصاً ذو مرتبة عالية بالدولة كأبيها.
تفيق ثناء من شرودها على اقتراب منال منها وسط صوت ضحكات منال الشريرة، تزحف ثناء ناحية غرفتها و تحاول أن توصد الباب لكن تدفعه منال لتدخل و تأخذ منها المفتاح لتوصد الباب و تنظر إليها بعينين خضراوتين مرعبتين، تتذكر ثناء حين أخذها اباها من امها، حين شردها و أخواتها، حين رأته مرة أخرى بعد ١٠ سنوات و هو مسئول الأمن بمدرستها، كم تكره الأعين الخضراء و اللون الأخضر و كل ما له علاقة بذلك.*

يتبع

eyes can deceiveحيث تعيش القصص. اكتشف الآن