٣. حجر السراب

491 19 4
                                    




سارت ميسيتا بعجلة، في الجانب الآخر من الحديقة، دون أن تخفف من سرعة خطواتها حتى اقتربت من ذلك الكرسي الحجري الذي جلس عليه شخصان متباينان في الطول والحجم.. اقتربت منهما ليجذب صوتها أنظارهما، فقالت منقلةً بصرها بينهما "لقد بكّرتِ هذا اليوم يا هالاي.. ما الذي أخرجك من الجناح دون أن تقومي بتنبيهي؟"
رفعت هالاي بصرها إليها فلاحظت ميسيتا أنها كانت أكثر انشراحاً من السابق وهي تبتسم ابتسامةً عريضةً معلقة "لقد شعرت بالملل في ذلك المكان المغلق، فأتيت للتنزه في هذه الحدائق الجميلة، وقابلت السيد كافين أثناءها.. لكن، ما بال الفزع مرتسمٌ على ملامحك يا ميسيتا؟"

لم تعلق ميسيتا وهي ترمق كافين بشيء من الشك.. جلوسه مع هالاي في هذا المكان المتطرف وحديثه معها بعيداً عن الآخرين لا يسرّها بحال.. لكنها لم تستطع أن تصرّح لهالاي بذلك، أو سؤالها عما حاول استخلاصه منها بعيداً عنها وعن حذرها.. فسمعت كافين يعلق بعجب "من الغريب أن ينشغل الحارس الشخصي بالنوم عن حراسة مرؤوسه.. لو كنتِ تعملين عندي، لطردتك دون تردد.."

قالت ميسيتا بجفاء "لحسن الحظ أنك لا تقدر على طردي.."

تجاهلها كافين على الفور وهو يلتفت لهالاي متسائلاً "هل تناولتِ أي طعامٍ هذا الصباح؟"

غمغمت هالاي بحرج "لا.. لم أعرف أين يمكنني الحصول على الطعام، وتحرجت من سؤال أي شخص.."

فقال كافين بابتسامة "سآخذك لغرفة الطعام الخاصة بالنبلاء.. لابد أنها معدّةٌ لاستقبالك منذ طلوع الشمس.."

تمنّت ميسيتا لو يمكنها أن تطلب منهم إحضار الطعام لجناح الأميرة.. فلا حاجة بهما للاختلاط بالنبلاء المتشككين بأمرها فتبقى تحت نظراتهم المتفحصة طوال الوقت.. لكنها لم تستطع قول ذلك صراحةً لئلا تستزيد من شكوك كافين بهما..

نهضت هالاي واقفة تابعةً دعوة كافين، لكنها لم تتحرك والتردد ظاهرٌ على ملامحها.. ألقت نظرةً خاطفةً على ميسيتا التي لم يزايل العبوس وجهها.. ثم استدارت لكافين الذي وقف بدوره وسألته بتردد "هل أطلب منك طلباً؟"

أجاب كافين بابتسامة "بالطبع.. يسعدني تنفيذ أي طلبٍ تطلبينه ما دام الأمر بمقدوري.."

قالت بلهفة "أريد زيارة قبر أبويّ.. قبر الملك جيسك وقبر أمي.."

صمت كافين لفترةٍ قصيرة أظهرت لميسيتا أنه أُخذ بهذا الطلب.. ميسيتا نفسها لم تتوقع هذا الأمر، لكن رد فعل كافين قد أشعل اهتمامها وهي تحدق به متفحصةً خلجاته.. تجاوز كافين الصمت قائلاً "وما الداعي لذلك الآن؟.. المقبرة الملكية تقع في الجانب الآخر من المدينة، ومع استنفار الجنود يغدو من الصعب أخذك إلى هناك.. لا نريد المخاطرة بكِ بأي شكلٍ من الأشكال.."

أرض السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن