١١. عصيان

325 15 2
                                    


انشغل ميراك بتقييد ألونشيا لجذع إحدى الأشجار في وادٍ يبعد مسافةً معقولةً عن المخيّم، بينما جلست ميسيتا على إحدى الصخور ساهمةً لا تنتبه لما يجري، ولغضب ألونشيا وثورتها التي لم تهدأ..

كل ما دار بذهنها في هذه اللحظة أنها ليست مضطرةً للاستسلام للّيشت.. ليست مضطرةً للبقاء في هذا العالم، وبهذه الهيئة.. أنها ليست بحاجةٍ للتضحية بنفسها تكفيراً عما حدث.. هالاي ستعود، وستعيدها لروسن قريباً.. عندها، يمكنها أن تنسى هذه الأرض وهذا الشعب.. هذه السماء الدامية وليل يانوت المظلم.. تنسى أمها التي لم تعرفها إلا لأمدٍ قصير.. وتنسى أباها الذي لم تره إلا بهيئةٍ وحشيةٍ لا تتمنى رؤيتها من جديد..

ستعود لأرض البشر.. وستبقى هناك حتى الممات.. ولشدّ ما يثلج قلبها هذا الأمر..

سمعت ميراك يتساءل وهو يقترب منها "ما الذي جرى؟.. تبدين مذهولةً بما يفوق المتوقع منكِ.."

لم ترغب بأن تخبره بما كانت عازمةً عليه، فلا تشك أن يغضب منها بشدة.. لذا، قالت "أنا فقط سعيدةٌ لأننا سنتمكن من استعادة هالاي، وإيدلا، وبقية الجنود.. سنتمكن أخيراً من العودة لروسن مع الجميع.."

ابتسم ميراك معلقاً "أخبريني الصدق.. أتتمنّين عودة إيدلا حقاً؟.."

هتفت بإخلاص "طبعاً.. أظننتني أكرهها وأتمنى لها البقاء بهذه الهيئة البائسة؟.. محال.. لستُ أرجو لأحدٍ هذا المصير.."

اتسعت ابتسامة ميراك أكثر، وعلق قائلاً "لا أظن أن إيدلا ستسرّ بشفقتك عليها.."

قالت بتأكيد "لستُ أشفق عليها.. لكن اهتمامي لأمرها لا يزيد على اهتمامي لأمر بقية الجنود.."

ونظرت لميراك مضيفةً بعد لحظة تردد "ربما لولا جزعك القوي عليها وحرصك على إعادتها، لما اهتممت لأمرها أكثر من المعتاد.."

فقال ميراك ضاحكاً "إذن أنتِ في الحقيقة تعبئين لما أهتم به، عكس ادعائك الرافض سابقاً.."

أدارت وجهها جانباً مغمغمة "ربما...."

أطلق ميراك ضحكةً عالية لم تجد ميسيتا معها القدرة على إخفاء ابتسامتها.. هما، بالفعل، قد أصبحا أكثر انشراحاً وسروراً بعد أن تأكد لهما أنهما لم يفقدا أعز شخصين بالنسبة لهما.. هذا الخبر قد غيّر الكثير في نفس ميسيتا، ولابد أنه فعل ذلك في نفس ميراك..

نظرت لألونشيا الغاضبة وقد عزمت بشدة على إقناعها بمساعدتهما.. وقالت لميراك "لن نستفيد شيئاً من إجبار ألونشيا على الرضوخ لنا، فهي ستجد عشرات الطرق لخداعنا.. هذه الأرض أرضها، ورفاقها لا يبعدون الكثير عنا.. علينا أن نكسبها لصفّنا ولو مؤقتاً.."

أرض السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن