٦. القَـرْمَك

349 21 10
                                    




وقف الجنود حيارى وسط البقعة التي تحيطها التشكيلات الصخرية من عدة جوانب، والتي كانت خاليةً من أي أثرٍ للّيشت وزعيمهم.. علق أحدهم وهو يدور في المكان "كانوا هنا قبل ساعةٍ أو أكثر قليلاً.. متى رحلوا؟.. ولمَ غادروا بتلك السرعة؟.."

وقف ميراك يتأمل ما حوله، ملاحظاً الآثار التي انطلقت من موقعهم واضحةً على الرمال الساكنة، وقال "يمكننا تتبّع أثرهم بسهولة.. لكن علينا أن نكون حذرين كلما توغلنا في أرض الليشت.. لا ندري متى قد يهاجمنا المزيد منهم.."

تأففت إيدلا قائلة "ألا تغيب الشمس في هذا العالم على الإطلاق؟.. أشعر بتعبٍ بالغ، وضوء الشمس القوي يزيدني تعباً وضيقاً.."

ثم أضافت بضيقٍ بالغ "وما بال هذه الأرض؟.. لا نرى حيواناً ولا شجرةً مثمرةً ولا حتى ظل ماء.. سنموت جوعاً وعطشاً قبل أن يقتلنا الليشت.."

علقت ميسيتا قلقة "لكن لا نملك وقتاً للراحة.. لا ندري ما قد يفعلونه بهالاي الآن.."

قالت إيدلا باستياء "لو لم يفعلوا بها شيئاً حتى الآن، فلن يفعلوا.. ربما يريدون المساومة بها.. لكن لا يمكننا المضيّ خلفها ومواجهة الليشت ونحن بهذا الإرهاق.."

غمغم ميراك "بالفعل، التعب قد بلغ منا مبلغه.. وهذا سيؤثر بنا في أي مواجهةٍ محتملة.."

صاحت ميسيتا باعتراض "ميراك...."

قال بحزم "الراحة ضروريةٌ فنحن في أرضٍ معادية، ولا نريد أن يباغتنا الإرهاق في وقتٍ حرج.. ثم إننا لا نرى جسدها، إذن لابد أنهم أخذوها معهم، وربما هدفهم المساومة بها فعلاً.."

بدأ بتوزيع نوبات المراقبة بين الجنود في ثلاث مجموعات دون أن يستثني إيدلا أو ميسيتا أو نفسه، وأنهى تعليماته قائلاً "كل مناوبة مدتها ساعتان، بذا يحصل كل منا على راحةٍ لمدة أربع ساعاتٍ فقط.. وأظن هذا الوقت كافٍ لنستعيد نشاطنا.."

دمدمت ميسيتا وهي تجلس مستندةً على إحدى الصخور "كيف أنام وأنا أشعر بهذا القلق؟.."

علقت إيدلا هازئةً وهي تستلقي جانباً "وهل سيفيد القلق هالاي أو ينقذها مما هي فيه؟.."

وألقت نظرةً سريعةً على ميراك الذي بدأ المناوبة الأولى مع أحد الجنود، ثم انطوت في مكانها مغمضةً عينيها وهي تغطيهما بذراعيها اتقاءً للشمس التي لم يخفت ضوؤها بعد.. لم تفُت نظرة إيدلا ميسيتا، فعلقت متبرمة "هل ستكررين هذه الجملة بالاستخفاف ذاته لو كان ميراك في موضع هالاي؟.."

غمغمت إيدلا بعدم اهتمام "لحسن الحظ أنه لم يكن.."

زفرت ميسيتا وهي ترفع بصرها عالياً تتأمل السماء الصافية بلونها الشاحب.. بالطبع، لن يعبأ لأمر هالاي إلا من كانت تهمه.. وبالنسبة لميراك وإيدلا وبقية الجنود، وجودهم في هذه الأرض هدفه إنقاذ روسن وشعبها.. وهالاي ليست ضمن حساباتهم على الإطلاق حتى لو ادّعى ميراك غير ذلك.. فما الذي ستجنيه من البقاء معهم؟.. لقد صرّح الجنود أنهم متلهفون لإنهاء الحرب بتسليمها للّيشت، فما الذي يضمن لها ألا يغدروا بها عندما يصلون إليهم؟.. عليها أن تبقى حذرة، وأن تفكر في وسيلةٍ لتأمين نفسها وهالاي، والنجاة بها قبل أن يمنعها أحد الفريقين من ذلك..

أرض السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن