صدمت ميسيتا وهي تسمع تلك المرأة تطلق على نفسها ذلك الاسم الذي لم تعرف في هذا العالم امرأةً حملته غير امرأةٍ واحدة.. بالإضافة لصدمتها لسماعها تناديها باسمها الذي أطلقه عليها الملك جيسك عند ولادتها.. سارين.. ذلك الاسم الذي لم تسمعه منذ طفولتها، ولا تعلم أن أحداً عدا نبلاء روسن وسكانها يعلمون به.. اتسعت عيناها وهي تنظر للمرأة متهاوية المشاعر.. أمها؟.. تلك الأم التي ظنت أنها ستعثر عليها في روسن سجينة القصر؟.. تلك الأم التي ظنت أنها ستجدها تعيسةً أسيرةً تنتظر من ينقذها؟.. أليست هي السبب في قدومها لروسن وكل ما جرى بعدها لها ولهالاي؟.. لقد حملت ذلك المنظر الذي تخيّلت أمها عليه في قلبها سنواتٍ طوال، وظل يراود عقلها منذ شدّت رحالها نحو روسن..لكن ما أبعد ذلك المنظر في خيالها عما تراه الآن.. ترى تلك المرأة التي لا يبدو عليها أنها تتجاوز ميراك بسنين طويلة، تقف أمامها بابتسامةٍ هادئة وملامح مرتاحة.. لا يبدو لها أن تلك المرأة تعيسةٌ كما وقر في ذهنها سابقاً، ولا كما أوحى لها توهار سنواتٍ طوال..
ومع اختلاف أفكارها عما تراه وما توقعته، لم تقدر ميسيتا على التفاعل مع هذه المرأة أمامها.. لم تشعر بأي سرورٍ لعثورها عليها، ولم تجد في نفسها إلا الصدمة وهي تتأملها بصمت.. عندها قالت ألونشيا "أتفهم الصدمة البادية على ملامحك.. لقد أخبروكِ أني قد مت؟.."
قالت ميسيتا "لمَ كذبوا على الجميع لو كنتِ حية؟.."
أجابت ألونشيا "لم يكن كذباً.. فملك روسن يظن بالفعل أن زوجته قد ماتت بعد ولادتها.. هذا ما لم يحاول الليشت تفسيره لملوك روسن سابقاً والآن.. بينما، في الحقيقة، لم يكن ما جرى لي إلا أمراً عارضاً يحدث لكل امرأةٍ من الليشت تنجب طفلها في أرض البشر.."
تساءلت ميسيتا بحيرة "وكيف حدث ذلك دون أن يفطن أحدٌ للأمر؟.."
قالت ألونشيا "التفسير بسيط.. انتقال الليشت لأرض البشر ليس آمناً تماماً، كحال انتقال البشر لأرض الليشت.. لكن وضعنا نحن أخف وطأةً مما يجري لكم.."
مشيرةً بحديثها للقرمك القريب.. وأضافت "ما أخبروني به، وهيئوني له، أنني بعد ولادتي وما سيصاب به جسدي من إرهاق، سأسقط في غيبوبةٍ لن أستيقظ منها في تلك الأرض.. ولو لم يتدارك البشر وضعي، فسأبقى في تلك الغيبوبة حتى أموت.. لذا يصرّ الليشت على ملك روسن أن يعيد جسد ابنتهم إلى موضع حجر السراب الواقع وسط روسن بعد الولادة مباشرة.. هناك، ولسببٍ لا نعلمه، يتلاشى جسد فتيات الليشت وهن في غيبوبتهن ويجدن أنفسهن يستيقظن في يانوت دون أن تفتح الثغرة.. ولهذا السبب يعتقد البشر أن فتيات الليشت قد متن وتلاشت أجسادهن.. ولهذا لم أتمكن حتى من رؤيتك ولو للحظةٍ بعد ولادتك يا سارين.."