(1)

8.3K 272 40
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

هات وخذ مصطلح كروي بحت، لكنه ليس فقط طبيعة لاعبي لعبة الجماعية، إنما يجب أن تكون طبيعة حياة...

- الأجواء حماسية لا نهاية لها، والترقب والهدوء يسودان الموقف، لكن الأجواء بدأت بالاشتعال... وها هو يدحرج الكرة ويركلها لأقصى اليمين! ثم يركلها له مجددًا؛ تبدو اللعبة هات وخذ، هات وخذ.

هكذا يصدع صوت المعلّق الرياضي لإحدى مبارايات كرة القدم، يصيح جواره شاب ثلاثيني قمحي البشرة يجلس القرفصاء فوق الأريكة، لا بل هو غير ثابت ويبدو عليه التوتر والانفعال بأجواء المبارة؛ فتارة يقف وتارة يجلس أرضًا، حينًا يصعد فوق يد الأريكة، وهاهو الآن بدأ يقضم أظافره من التوتر!

صاح بقوة: ما تشوط بأه!

فتمر من أمامه امرأة خمسينية ترتدي جلبابًا منزليًا زيتوني اللون معتدلة القوام تعقص شعرها الأسود للخلف، تطل الطيبة من ملامحها، لكنها تضرب كفًا بكف قائلة: يا بني بالراحة بهدلت الأنتريه، ما كانش ماتش ده!

- مش حكّمتي رأيك ما انزلش أشوف الماتش مع أصحابي عشان حتة دور برد! إستحمليني بأه!

- لا يا عمرو ما كانش دور برد، دي سخونية وبطنطيطك ده السخونية هتردلك تاني!

- طيب طيب، الماتش يخلص بس وأشوف موضوع السخونية ده بعدين! خشي إقعدي مع بنتك جوة...

ثم صاح فجأة: يا أخي ما تشوط بأه زهقتونا! الملعب فاضي أدامك ياخربيت كده!

- وركلة طويلة أمام المرمى، واصطدمت الكرة بشباكه، ووووووووووووو وهدف عالمي! جول! وتحقق هدف الفوز، وها هو يطلق الحكم صافرته يعلن إنهاء المبارة...

هكذا صدع صوت المعلّق بينما وقف عمرو مصفقًا، متمايلًا على ملامحه سعادة الفوز وهاهو بدأ هاتفه الجوال بالرنين...

أما الأم فقد دخلت إلى حجرة أخرى بعد أن طرقت الباب وجاء صوت أنثوي رقيق من الداخل سامحًا بالدخول: إدخل.

كانت الحجرة صغيرة نوعًا ما، تختٌ صغير لفرد واحد جواره مكتب تجلس عليه فتاة عشرينية جامعةً شعرها البني على هيئة ذيل حصان، مرتدية منامة منزلية نصف كم من اللون الوردي، هذا اللون الواضح ميلها إليه في تفاصيل حجرتها بدايةً من غطاء فراشها، بعض الأدوات المكتبية التي تستخدمها بالإضافة لملصقات على الحائط تحمل صورة للشخصية الكرتونية (هالوكيتي) ثم خزانة ملابس على الجدار المقابل لها يفصلها ممر صغير، حيث كانت الفتاة جالسة على حافة الفراش وتكتب.

- بتذاكري ولا إيه!
تساءلت الأم وهي تأخذ كوب فارغ من أمامها، لتجيب عليها وهي تعبث بطرف القلم في خصلات شعرها المتمردة على جبهتها: لا يا ماما، ده أنا بعمل برنامج العام الدراسي، حاجة للشغل.

(هات و خد)       By : Noonazad حيث تعيش القصص. اكتشف الآن