بقلم نهال عبد الواحدوبعد ذلك اليوم ببضعة أيام كانت لدى كارما في جامعتها (سكشن) في مسرح الأطفال وبالطبع كانت تجسد مع زميلاتها مسرحية ما، وكانت كارما ستلعب دورًا رجاليًا وقد صنعت شاربًا بالفعل إلا إنها قد نسيت إحضار المادة اللاصقة الخاصة به، ففتحت حقيبتها تبحث عن أي شيء تستخدمه فلم تجد معها إلا أنبوب من ( الكُلّة) (وهو مادة لاصقة كيميائية نفّاذة الرائحة تشبه الدوكو ومشتقاته تستخدم في لصق الجلود والورّق المقوى والأخشاب لكنها غير صالحة مع البلاستيك والمواد المطاطة؛ حيث تأكله) فوضعت منها على الشارب وقامت بتثبيته فوق شفتيها مكان الشارب تمام!
بالطبع لن أحكي عن ذلك الإحساس بأن جلدها يحترق ولا عن تلك الرائحة النفّاذة المصدّرة مباشرةً لداخل أنفها، وهي في الأساس تعاني من حساسية لجيوب الأنفية!
لم تتذكر كيف مرّ عليها ذلك (السكشن) ولا كيف أدت ولا تحمّلت ذلك الشارب اللعين ساعتين كاملتين حتى انتهى الوقت وأسرعت بخلع الشارب وغسل مكانه جيدًا وقد شعرت بألم شديد يغزو رأسها مع بعض الدوار، بالطبع كان مكان الشارب قد أصابه الاحمرار من أثر الالتهاب.
خرجت من كليتها متجهة إلى محطة المترو وكان ذلك اليوم خماسينيّ (أي رياح الخماسين وهي رياح مصحوبة بأتربة صفراء اللون تهب على غرب مصر قادمة من الصحراء الغربية، تهب في فصل الربيع وتستغرق خمسين يومًا).
وذلك الطقس غير مناسب تمامًا لمصابي الحساسية سواء الأنفية أو الصدرية.
وصلت كارما إلى محطة المترو وارتمت على أول مقعد وهي تشعر أنها ستفقد الوعي حالًا من شدة الدوار، وهاهو صدرها يضيق ويضيق وتكاد تشعر بالاختناق لكنها لا تزال تقاوم.
وصل المترو فركبته دون أن تنتبه أنها ركبت عربة مشتركة وليست عربة السيدات، لكنها دخلت وجلست على حافة السلم المقابل للباب حيث الباب المقابل وهو مغلق لأنه لا يطل على رصيف المحطة.
أسندت برأسها على جانب الباب وأغمضت عينيها فهي ستهبط في آخر محطة من الخط، ومن حينٍ لآخر تفتح فمها وكأن أنفها لا يسعفها في التنفس، حتى يقترب المترو من المحطة الأخيرة فتنهض واقفة قبل أن تفتح كل الأبواب بما فيها الأبواب المقابلة، لكن كانت حالتها في شدة الإعياء وبدأت تخور قواها فوقف المترو فاهتز الركاب من أثر الوقفة فكادت تسقط من الباب المفتوح المطل على قضبان المترو مباشرةً، لكن قد أمسك بها أحدهم فسقطت مغشيًا عليها بين ذراعيه، فأسندها وهبط بها من المترو وأخذ يحاول إفاقتها حتى بالفعل استردت وعيها وبدأت تفتح عينيها، لكنها تفاجأت بنفس العينين المحملقتين فيها!
إنه يشبه ذلك السائح المجنون على حد تسميتها له، بل هو نفس السائح لكنه قد حلق لحيته وشعره تمامًا، أو ربما ليس سائحًا!
![](https://img.wattpad.com/cover/208721313-288-k831789.jpg)
أنت تقرأ
(هات و خد) By : Noonazad
Romanceعبر المصادفة تعرفت عليه وطلبت منه المساعدة، فتفاجأت أن للمساعدة مقابل بل مزيد من العطاء... 👈الفائزة بأسوة 2020 من ضمن القائمة الطويلة. December 2019: February 2020