الخامس والعشرون

12.6K 502 28
                                    

باب الامل 💖💖

الخامس والعشرون
دخلت هناء للغرفة بهدوء ، ستعمل بنصيحة زبيدة مجددا ، لطالما كانت نصائحها مجدية . اقتربت من الفراش لتضع كفها فوق صدره برقة : خابرة انك صاحى .
فتح عينيه ونظر لها بحدة لتجلس بجواره : كان بدك اعمل ايه ؟ اخلع جلبك على خوك وانت لسه راچع لى وجلبى موچوع عليك !!
اشاح وجهه عنها : ماكنتيش تكدبى لما أسألك .
اعترضت برقة : انى ماكدبتش ..انى جولت اللى جالوهولى .. هو انى كنت شوفت ابو مريم ؟؟ ولا كنت جادرة امشى من اساسه !! ده لولا ام ليال كتر خيرها كانت لتسندنى لاچل أچيك .
نظر لها وقد رق قلبه لصوتها المختنق ، إنها محقة بكل تأكيد ، إنها مصابة أيضا ..زفر بضيق . كيف حملها وزر عدم إخباره بشئ لم تكن تعلمه من الأساس !!
متى أصبح قاسيا بهذا الشكل !!!
سمعت زفرته ورأت ملامحه تزداد ضيقا لتنهض مبتعدة ، أخبرتها زبيدة أن ترق فى العتاب وتتركه للعذاب .
وقد أحسنت العمل بالنصيحة فها هو يعاتب نفسه على غضبه الغير مبرر منها . ليس عليها الأن سوى انتظار نتيجة عتابه الذاتى .
بدأت تبدل ملابسها بصمت وهو يسترق لها النظر خوفا من أن يضبط متلبسا بفعلته .
انتظرت أن يتحدث لكنه لم يفعل ، حسنا عليها زيادة اللعب على ضميره الذى لم يخذلها مطلقا ، اقتربت من الفراش منكسة الرأس بخطوات بالغت فى إظهار ضعفها وعرجها لتقول : يعنى مش راضى عنى ؟؟ ماشى يا ابو خديچة انى هنام على الأرض لحد ما ترضا .
انتفض جالسا : چنيتى يا هنا !! ارض ايه اللى تنامى عليها !! من ميته كنت ندل إكده ؟
تصنعت البكاء : اعمل ايه يعنى لاچل ترضا وتسامح على حاچة معملتهاش !
نظر لها بحنان ليمد ذراعه السليم ويقول هامسا بهدوء : تعى چارى اهنه .
تبدلت ملامحها فورا وانجلت الكآبة التى برعت فى إظهارها وهى ترتقى الفراش فى لحظات وتستقر قرب صدره جاذبة ذراعه السليم محيطة نفسها به ليتساءل : رچلك لسه بتوچعك ؟؟
هزت رأسها نفيا ولم تتكلم فإن فعلت سيعلم أنها بالغت فى إظهار الألم والضعف لتحصل على تعاطفه وتمرر سوء التفاهم الذى خيم على سماء عقله منذ الأمس
______
راقب غفوتها المضطربة بعد مغادرة أخيها وحوارهما المؤلم ، كم كان بحاجة للراحة لكن حاجتها له اقوى . فصل إبرة المحلول عن ذراعها فقد أخبرته الممرضة سلفا أنها الزجاجة الأخيرة لهذا اليوم .تسطح بجوارها ليجذبها نحوه ، فتحت عينيها دون أن تستيقظ لترخى جفونها مرة أخرى ببطء وهى تدفن رأسها فى صدره .
_____
عاد لزوجة أخيه فعليهما مقابلة الطبيب كما طلب منهما ، كان كل منهما يقدم ساقا ويؤخر أخرى .
قلوب راجفة .. عيون زائغة وشجاعة زائفة
نظر لهما الطبيب ليرى الوجل المسيطر عليهما فلا يزيد عليهما ويقول : دلوقتي تقريبا مر اربع ايام على الإصابة والحمد لله مفيش مضاعفات خطيرة ممكن تأخر الحالة . ضغط الدم كويس مفيش سوائل مكان الإصابة وده لوحده كويس جدا والأهم إن المريض مستقر نفسيا بشكل فوق الممتاز .
شعرا بالراحة لتتساءل بخفوت : طيب هنعمل ايه دلوقتي يا دكتور ؟
الطبيب : طبعا لازم يفضل فى المستشفى فترة طويلة مش هنحددها دلوقتي لكن هو لازم يتعايش مع إصابته . المفروض نجرى جراحة نثبت الفقرات المتضررة لكن هنأجل الخطوة دى شوية لأنها مش هتساعده كتير غير فى تخفيف الدعامات .
ظل صامتا يستمع حوارها مع الطبيب الذى بدأ يتوسم خيرا فى نجاة أخيه من الموت ، كان لديه الكثير والكثير من الأسئلة لكنه يخشى طرحها بل هو يخشى إجاباتها .
غادرا غرفة الطبيب لتقول بهدوء : ضاحى قالى إنه طلب من أبو خديجة يجيب الولاد علشان يشوفهم وخايف انك تمنعه .
نظر لها بحيرة : ماخابرش اتصرف كيف فى الحكاية دى ؟ حجه يشوف عياله لكن خايف عليهم يشوفوه إكده .
تنهدت بحزن: فى كل الأحوال لازم هيشوفوه كده ولازم يفهموا الوضع .
صمتت لحظة لتتابع : لما يجو هتكلم معاهم قبل ما يشوفوه .
_____
فى الصباح جهزت هناء الصغار لرؤية أبيهم حسب طلبه الذى لن يتوانى راجى عن تنفيذه .
وصل ريان للمنزل حاملا زوجته التى لم تتخطى صدمتها بعد .
وضعها بغرفتها بهدوء ودون جلبة قد تؤدى لتجمع حولها هو لا يريده حاليا فحتى هذه اللحظة لم يعلم اى من النساء ما حدث سوى غالية وسما التى اسرعت واحضرت الحساء الذى سيساعدها على التعافى بدنيا
دثرها بعناية وتساءل بود : مرتاحة حبيبتى ؟
حاولت أن تبتسم : مرتاحة يا ريان ربنا يبارك لى فى عمرك ويجازيك عنى خير .
ترقرقت عينيها واختتق صوتها ليجلس بطرف الفراش مقبلا جبينها : ليه بس الدموع دى ؟ بنتنا سبقتنا على الجنة .
أختنق صوته هو أيضا وهو يقول : أنا بدعى لها تكون في كفالة سيدنا ابراهيم وربنا يجعلها زخر لينا .
ابتلع ريقه بصعوبة ليتابع : قولى حبيبتي إنا لله و إنا إليه راجعون .
رددت بضعف ليجذبها جزعها نحوه بألم ينخر بين ضلوعهما معا وهو يقول بخشوع لا يقطعه سوى الدموع : أسأل الله العظيم أن تحط رحالها فى الجنة وأن تسبقنا إلى نعيمها المقيم ، وأسأله تعالى أن تكون لنا يوم القيامة شافعة وعن النار حاجبة وأسأله تعالى أن تلقانا على أبواب الجنة الثمانية تأخذ بأيدينا إلى الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين .
اعتصرت بدنه بين ذراعيها لتقول بألم : اللهم امين ، وأسأل الله ذلك .
طرقات خفيفة على باب الغرفة ليعيدها للفراش ويكفف دموعه مسرعا قائلا بإختناق واضح : اتفضل .
مد كفيه يمسح وجهها وبسمته المنكسرة ترتسم ببطء لتبادله مثلها ، دخلت سما تحمل صينية الطعام وتبتسم بود : الف سلامة يا قمر العيلة .
نظرت لها ليال لتتابع : عاوزاكى تاكلى كويس علشان عمتو هتجيب ماما زبيدة بعد شوية ولازم تشوفك كويسة .
وضعت الصينية فوق الفراش لتجلس وتربت على كفها بحنان : الصابرين على خير يا ام تاج .. ده ربنا قال " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"
اومأت بضعف لتنظر سما ل ريان : جرى ايه يا بن عمتى ؟ يلا مد ايدك وكل مع ام تاج علشان تفتح نفسها .
ابتسم ريان لحنان سما ورقتها ليقول : حاضر . تسلم ايدك يا ام ليال .
عادت تربت على كفها وتقول بمرح : أنا هروح اغلى حلة قرفة بقا علشان الجيش اللى هيجى يقعد معاكى بعد شوية
ابتسم كل منهما لتغادر بهدوء اعتاده منها الجميع ، نظر لها بحنان ليقرب الطعام مبتسما : أنا واقع من الجوع علفكرة . وهاكل نص الفرخة دى .
ابتسمت وهى تعلم أنه لن يفعل فها هو يشرع في إطعامها .
_____
دخلت غالية حيث تجلس النساء يجتمعن بوجهها البشوش ، نظرت لها رنوة بلهفة لتبتسم وتجلس بجوارها : ربنا يكمل لك على خير يا حبيبتي .
امنت رنوة ثم تساءلت : ليال عاملة ايه دلوقتي يا طنط ؟
ابتسمت غالية : الحمدلله بخير شوية كدة وندخل لها كلنا بس سما لسه مدخل الاكل .
نظرت أرضا : يا طنط لو مش عاوزانى ادخل مش هزعل والله انا حاسة بيها وإن نفسيتها تعبانة .
اتسعت ابتسامة غالية : اصلك ما تعرفيش ليال كويس تراهنى أنها اول ما هتشوفك هتدعى لك !!
نظرت لها رنوة بتعجب لتقاطع زبيدة تهامسهما : انتو بتجولوا ايه يا ام الغالى ؟
نظرت لها غالية : بنقول هنروح نقعد مع ليال شوية فى اوضتها
تساءلت بلهفة : هى چت . ما كانلوش عازة بياتها فى المشتشفى هى وچوزها .
ها قد جاءت الفرصة ل غالية لتخبر زبيدة حقيقة الأمر بهدوء فليس منهم من يعترض على قضاء الله لكنها صدمة مواجهة القضاء هى ما يؤلمهم .
غابت البسمة عن وجهها وهى تقول : اسمعينى يا زبيدة وبلاش انفعال ولا زعل مش هيجيب غير التعب . كلنا لازم نراعى حالة ليال ونصبرها مش نضعفها اكتر ما هى ضعيفة .
زاغت أعين النساء فمجرد هذه التقديمة تؤلم قلوبهن مع استشفاف لما سيقال نظرا لحالة ليال السابقة .
_____
دخلت ليليان إلى المنزل بوجه متجهم فقد هاتفت أخيها الذى أخبرها بما نزل بهم ، وجدت روان جالسة تداعب إياد الذى يضحك وعينيه متعلقة ب روان . تعجبت روان حالها : مالك يا لى لى ؟
جلست ليليان : هو مهران ماكلمكيش ؟
روان وقد زادت مخاوفها : أنا رنيت عليه ماردش خوفت يكون مشغول مارنتش تانى .
أخبرتها ليليان ما حدث ل ليال لتتألم وتفكر بطريقة اختلفت عن الجميع : هنقول ل تاج ازاى ؟ ده يا حبيبي لسه قايل لى امبارح أنا عاوز ماما تجيب نونة بنت علشان تعملى لها قطاقيط زى بتوع نسمة وبسمة .
تنهدت ليليان بحزن : هى كانت بنت فعلا . ربنا يصبرهم .
نظرت لصغيرها الذى يبدل نظراته بينهما متعجبا تعابير وجهيهما لتبتسم بحنان : قلب ماما عمل ايه وانا مش هنا ؟؟
ابتسمت روان وهى تنظر له أيضا لتتسع ابتسامته ويصفق بيده ورغم أن كفيه لم يتلامسا فعليا إلا أن روان صفقت أيضا : بنعمل كده هههه
ليفعل الصغير مثلها تماما لتقفز ليليان من مكانها تنهال عليه تقبيلا .
لحظات ودق الجرس لتدخل الفتاتين بصمت مريب فتتساءل ليليان : مالكم !؟؟
تبادلا النظرات وقالتا معا : مفيش يا ماما
تساءلت بسمة فورا : عمتو خالد جه ؟
روان : لا زمانه جاى . تاج جوة بيعمل الهوم ورك
أمسكت نسمة كف اختها وتقدمت للأمام : هندخل بقا على ما خالد يجى نعمل الهوم ورك مع تاج .
نظرت روان ل ليليان : شكل بسمة مش عاجبنى ابدا يا لى لى.
زفرت ليليان بضيق : البنت دى مش زى اختها خالص ، معرفش شخصيتها ضعيفة وسلبية كده ليه !!
روان : يمكن حاجة مأثرة عليها . نتكلم معاها ونشوف .
ليليان : لا ابدا ، أنا بحس إنها بتغير من اختها علشان اشطر منها في كل حاجة .
استنكرت روان فورا : مفيش حد شاطر في كل حاجة يا لى لى واكيد بسمة فى حاجة بتميزها حتى لو لسه مااكتشفتهاش .
تنهدت ليليان بصمت وعادت لملاعبة إياد متجاهلة حديث روان بشكل كامل وبشكل اسفت له روان جدا.
____
دخلت ريتاچ يتبعها أبنائها لغرفة ضاحى بعد أن تحدثت مع ثلاثتهم أن الله اختص أبيهم بإختبار صعب وعليهم جميعا مساعدته على إجتيازه ، أجابت كل اسئلتهم البريئة بصبر جميل .
مريم : يعنى بابا مش هيحضنى تانى ؟
ريتاچ : لو مقدرش يحضنك بدرعاته قلبه بيحضنك يا حبيبتى بلاش تحسسيه إن دى مشكلة هو قلبه احسن ولا اديه ؟
ظهر الاقتناع على وجه مريم بينما تساءل مصطفى : يعنى بابا اتشل زى ما دياب ابن عمى حجاج قال ؟
تجهم وجه ريتاچ وقالت بحدة : ده ولد قليل الأدب ، إذا قالك كده تانى قوله إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .
ابتسم مصطفى : يعنى ربنا بيحب بابا ؟
ربتت فوق رأسه بحنان : ربنا بيحبنا كلنا .
ابتسمت مريم : خلاص يا ماما أنا هحضن بابا بإديا وهو يحضنى بقلبه.
نظر لها مهدى وتساءل بعفوية : بابا مش هيركب معايا حصان ؟
ضمته بحب فهو الأكثر تأثرا بهذا الحادث : عادى عمو هيبة يركب معاك زى ما بابا كان بيركب مع لبيب .
أفاقت من شرودها بحديثها وأبنائها على صرخة مهدى : وحشتنى يا بابا أنا كنت خايف علشان انت وقعت بس انا لما كنت بقع كانت تيتة تقولى الشاطر بس بيقع ويقوم . وانا عارف انك شاطر وهتقوم علشان أنا شبهك .
ابتسم ضاحى ، لم يكن يعلم أن رؤيتهم ستكون مؤلمة بهذا الشكل بينما كان ولديه الأكبر اقدر على تحمل هذه الهيئة فأسرعت مريم نحو الفراش لتنحنى وتقبل وجنتيه : وحشتنى اوى يا بابا أنا هاجى كل يوم اقعد معاك لحد ما ترجع معايا البيت .
ازاحها مصطفى بعند طفولى : وسعى إكده !!
وابتسم لأبيه قائلا : ماتزعلش يا بوى . إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .
نظرا له بدهشة هى لم تصدق قناعته الفورية وهو لا يصدق أن من يحدثه هذا صغيره .
كانت اسرع منها تقبلا لهذا التقدم ومنحته فرصة للتجاوب : إيه اللى عملته ده يا مصطفى ؟ هو ده تعليم بابا ليك ؟؟ فى راجل يزق أخته كده !!
نكس الصغير رأسه خجلا لينهره ضاحى : ارفع راسك يا ولد . الراچل مايطاطيش ابدا . وأما يغلط يبجى جادر يعتذر . الاعتذار مش ضعف يخچلك من حالك . الاعتذار جوة مايفهمهاش غير الرچالة .
رفع الصغير رأسه وأسرع يقبل أخته معتذرا : حجك على يا مريم . كنت بعاكسك والله ماجصديش ازعلك .
نظرت له الفتاة وتخصرت كحال امها دائما حين تشاكس ابيها لتتسع عينى ضاحى وهو يرى النسخة المصغرة عن زوجته تقول : هو انت مع ماما تتكلم مصراوى ومع بابا تتكلم صعيدى ليه ؟ أنا عاوزاك تتكلم زى بابا وانا اتكلم زى ماما .
مد مصطفى كفه بقوة لا تليق بعمره : اتفجنا
صافحته مريم ليضع مهدى كفه فوق كفيهما ويقول : وانا اتفقت معاكم
نظرا له ليتساءل والده : وانت اتفجت على ايه بجا ؟
نظر له الصغير ببراءة : اللى يخلف وعده اقول للتانى عليه .
ضحكت ريتاج بقوة ضحكة غابت عنها طويلا واشتاقها قلبه لينظر لها مبتسما بحب لتقول : طب يلا يا غلباوى انت وهو أنا مدخلاكم هنا سرقة لو شافنا الدكتور هيطردنى قبليكم .
خرج الصغار بعد موجة من الاعتراض لفراق أبيهم ، تغيرت مشاعره وزال الألم عن صدره ليحل محله سكينة . دق قلبه بقوة وعزيمة ، إن كان هناك حرب عليه أن يخوضها مع الحياة فسيفعل ليكن قويا دائما كما يحب صغاره أن يروه ، ليكن مقوما دائما كما يحب صغاره أن يكون ، ليكون حنونا دائما كما يحب صغاره أن يجدوه . سيكون دائما ما يحتاجون إليه وإن كان مقعدا فوق كرسى متحرك يكفى أنه معهم حين يحتاجون إليه .
_____
دخل خالد للغرفة ليجد السكون يخيم على ثلاثتهم فيتساءل بمسئولية يشعر بها تجاههم : فى ايه حد زعلكم ؟
نظروا له جميعا وتساءل تاج : خالد يعنى ايه عورة ؟؟
هز كتفيه : عورة يعنى حاجة ماينفعش حد يشوفها . ماما قالت لي كده
نكست بسمة رأسها لترفعه نسمة : أنا مش مصدقة الكلام ده
جلس خالد أمامهم بعد أن وضع حقيبته أرضا : مش مصدقة ايه ؟ مالك يا بسمة ؟
أجابته بدمعة اسرع يكففها وهو يقول بحزم : قلت لك الف مرة ماتعيطيش وانا موجود أنا اخوكى الكبير اللى هيجيب لك حقك من اى حد.
نظرت الصغيرة لهم لتقول نسمة مشجعة : قولى يا بسمة ماتخافيش محدش فينا هيقول لحد . وريهم يلا .
تنفست الصغيرة بعمق وأغمضت عينيها لتنشد بصوت شجى
يااارب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرچوك إلا محسن
فبمن يلوووذ !! فبمن يلوووذ ويستچير المچرم ؟؟
أدعوك ربى كما أمرت تضرعا .
فإن لم تستچب لى !! فمن ذا يرحم !!
مالى إليك وسيلة إلا الرچااا
و چميل عفوك ثم أنى مسلم .
فتحت عينيها لترى السعادة في عيون ثلاثتهم وخالد يقول : الله يا بسمة !!! صوتك حلو اوي . اراهنك اى حد يسمعك بتنشدى كده هيعيط .
نكست رأسها بحزن : بس انا سألت مس التربية الإسلامية قالت لى صوت المرأة عورة .
تاج معترضا : يعنى ايه بقا ؟؟
نظر له خالد وقال : فين التاب بتاعك ؟
اسرع تاج محضرا جهازه ومقدمه له ليبحث على شبكة الإنترنت ويبتسم وهو يقول : المقولة ليست ب آية قرآنية ولا حديث شريف ليعتد بها ..ربما تكون مقولة لبعض الفقهاء المتشددين رددها الناس حتى رسخت فى عقول البسطاء .
اخد الفتى يقرأ لهم الفتاوى الخاصة بأمر هذه المقولة حتى ازدادت بسمته ونطقت قسماته بالسعادة وهو يقول :  الضوابط الشرعية للحديث هى ما جاء فى قوله تعالى لمخاطبة نساء النبى " فلا تخصعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا "
وإن كان صوتها عورة لكان مطلق قولها منكرا ، وكن النساء يأتين النبى صلى الله عليه وسلم ويخاطبنه بحضور الرجال ولم ينهاهن عن ذلك
( مجمع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين_ المجلد الثاني عشر _باب ستر العورة )
نظر لهم بحماس شديد وتابع : والإمام بن الباز بيقول نفس الكلام .استنوا اسمعوا كدة .. قال تعالى " قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما "
إن كان صوت المرأة عورة لأشار الله سبحانه وتعالى بذلك في الآيات القرآنية بل أشار إلى جدال المرأة للنبى صلى الله عليه وسلم دون أن ينكر عليها ذلك .
اغلق الجهاز وهو ينظر لها بسعادة متراقصة بعينيه واعينهم جميعا وهو يقول بثقة : صوت المرأة مش عورة واللى قالت لك كده غلطانة .
ضيق عينيه بخبث : قولى لى بقا كم ناشد المختار ربه .ده انا هخليكى تنشدى ليل نهار .
ضحك الصغار لتقول الفتاة برجاء : بس انا عاوزة اعمل مفاجأة لبابا لما يجى ماتقولوش لحد أنا كنت بحفظ الاناشيد من زمان وعاوزاه يفرح بيا .
قرب تاج رأسه وهو يفتح ذراعيه لتتقارب الرؤس قائلا ببراءة : طب قولى بصوت واطى .
عادت الصغيرة لتتساءل بعدم ثقة : انت متأكد يا خالد !! يعنى الاناشيد الدينية مش حرام ؟؟
ربت على خدها بحنان : متأكد يا بسمة المهم ماتدلعيش فى الكلام بشكل يلفت النظر ليكى .
رفع إصبعه بتحذير : اصلا مش هسمح لك تعملى كده هو انا مش راجل ولا ايه !!
ابتسمت له بسمة بفخر بينما قالت نسمة معترضة : خالد احنا مش بنتدلع ..ده كلامنا كده ..عاجبك ولا مش عاجبك !؟
دفع جبهتها بإصبعيه : عارف ياختى ما انتو شبه عمتو ليليان فى كل حاجة .
زفر تاج بضيق : وبعدين بقا بطلوا كلام علشان نسمع بسمة
عادت الرؤس تتقارب ليترنم صوت الصغيرة وتتحرك معه القلوب

الشرف الجزء الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن