الثالث عشر

13.8K 515 10
                                    

الثالث عشر
عرض محمد علي رفيع قضاء يومين بالقاهرة لمنح بعض الهدوء النسبى للانفس المتوترة من ناحية وحضور عيد ميلاد تاج ليزداد تعارف الصغار من ناحية أخرى ، لم ير رفيع بأس فى ذلك لكنه يشتاقها حد الجنون ، تهفو روحه للسكينة التى تمنحها له روحها ، يصبو عقله للوعى الذى يجده في عقلها ،يشتاق قلبه للدفء الذى يبثه إليه قلبها . لكن نهارا يأخذها منه ذويها وليلا يأخذها منه ولده سويلم الذى يصر بشكل مثير للجنون أن ينام بين ذراعيها.
________
تحركت غالية بخطوات مثقلة نحو غرفتها ، أطال تاج صلاة الضحى هذا اليوم وعليهما التوجه لشراء هدية تاج الصغير ، رغم شعورها ببعض الألم الذى يثقل حركتها .
دخلت الغرفة بهدوء لتجده جاثيا يناجى ربه ، يبدو أنه فرغ من صلاته لتوقفها كلماته وتزيد وجيب قلبها صخبا مع كل حرف يخرج من قلبه لا من بين شفتيه : يااااارب اللهم اجمع بيني وبين زوجتي في خير ..
وألف بين قلوبنا وارزقنا الرضا وراحة البال ..
اللهم احفظنا من الهم والكسل والحزن .. واجعلني لها عوضا عن حنان الاب الذي فقدت وبديلا عن عضد الاخ الذي غابت عنه ..
اللهم احفظها بعينك التي لا تنام ..  واشرح صدرها للايمان .. واصلح ذات بيننا واخرج الشيطان من بيننا ..
اللهم إن هذا البيت بني علي طاعتك .. فاحفظه من كل سوء واسعدني بقربها وارزقنى وإياها حسن الخاتمة .
اللهم اجعل زوجتي رفيقتي في الفردوس الأعلى من الجنة .. مع النبين والصدقين والصالحين ..
وحسُن اولئك رفيقا ..
يا من جعلتها رفيقة الدنيا بنعمتك اجعلها  رفيقتي في الجنة برضاك ورحمتك يا ارحم الراحمين
وصل اللهم وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه اجمعين
نهض تاج ليجدها تقف خلفه بقلب رق لدعائه وعين غامت من سعادتها . اقترب منها ليقف أمامها فاتحا ذراعيه فتستقر بينهما دون تفكير . شد ذراعيه حولها ليسمع زفرة ارتياح خرجت من صدرها لتريح صدره .
غالبت قلبها لتتساءل : يعنى راضى عنى يا تاج ؟
أبعدها برفق ليتطلع لوجهها : راضى يا قلب تاج . انت راضية ؟
عادت تستقر بين ذراعيه : ربنا يشهد ماعرفتش الرضا غير لما عرفتك .
نظر لها متعجبا : انت لابسة ورايحة فين ؟
غالية : مش قلت هننزل نشترى هدية تاج ؟
قطب جبينه متسائلا بمرح : تاج مين ؟ هو الواد ده هياكل منى الجو ولا ايه !
ابتسمت غالية : يقدر !!!
همس بلهفة : طب ورينى إنه مايقدرش
اتسعت ابتسامتها ليتتاولها بروية ويحفظها بصدره الذى احتفظ لها به بكل بسمة محبة انفرجت عنها شفتيها منذ أعوام حتى فشلت معلوماته الحسابية فى إحصائها .
______
خرج مهران من الغرفة حاملا صندوقا كبيرا يبدو ثقله من حجمه وخلفه روان بخطوات مهرولة  : حبيبى نزله وانا هجيب اخر شنطة .
ليزمجر مهران : انى جولت ايييه ؟
توقفت مرغمة تعقد ذراعيها حتى عاد إليها بعد دقائق لتقول بحدة : ماهو حرام عليك نفسك كدة ! وانا مش هخس لو شلت شنطة ؟
حمل مهران الحقيبة وهو ينظر لها بطرف عينه بغيظ لتتبعه نحو الباب ، وقفت تتطلع للشقة مرة أخيرة ، فهنا وجدت سعادتها معه ، هذه الجدران تحتفظ بأجمل ذكريات لهما معا ، استغرقت دقائق دون أن تشعر لتجده يقف خلفها مرة أخرى : مالك يا روان ؟
هزت رأسها : ماليش أنا كويسة .
دفعها للداخل واغلق الباب فى لحظة . تسابقت الأعين فى لهفة يطوى كل منهما ملامح الآخر . هو يفهم ما تشعر به . وهى تعلم أنه يشعر بها .
ارخت جسدها على الباب بإستسلام لتتساءل : فاكر يا مهران ؟
امسك كفها يقبله باطنه برقة ثم يضعه فوق صدره : هنا يا جلب مهران .
نظرت لعينيه ليتابع : هنا كل لحظة عشتيها من عمرك ..محفورة جوايا . مش بين الجدران .. بين ضلوعى .
اقتربت بلا إرادة ترتوى من نبع صدقه الذى طالما أحياها ...
حين خرجت من الباب بعد دقائق لم تحصيها لم تنظر للخلف مرة أخرى بل عانقت كفه الذى يضم كفها وسارت للأمام .معه يمكنها دائما السير للأمام.
________
وصل مهران للمنزل الجديد ليجد طايع بإنتظاره : اتأخرت ليه يا مهران ؟
فتح مهران باب السيارة موليا ظهره للعاملين ليهمس بحدة : ادخلى شجة طايع مااشوفش طرفك .
وضعت كفها فوق فمها توارى بسمتها وهى تهرول للداخل حيث تنتظر ليليان والأطفال .
فتح خالد الباب لتدخل أمه متسائلة : خالتو ليليان فين؟
خالد وهو يهرول عائدا للفتاتين : فى المطبخ .
توجهت للداخل بوجه مكفهر : بتعملى ايه حضرتك ؟
نظرت لها ليليان بوجه شاحب : بساعدك يا روان مش معقول تعملى كل حاجة . بقا لكم اسبوع انت ومهران بتنقلوا معانا وبعدين لنفسكم .
جذبت روان كفها لتجلسها وهى مستسلمة تماما : تسمحى تقعدى هنا .
جلست ليليان لتتابع روان بمحبة : محدش اشتكى لك انت كل اللى عليكى ترتاحى علشان ربنا يكمل لك على خير .خلاص هانت يا ليليان لما تولدى هسمح لك تطبخى .
توجهت نحو الموقد لتتابع الطعام وليليان تنظر لها بحب ، مسد كفها بطنها المنتفخ لتربت عليه بحنان حين شعرت بركلة جنينها ، لقد ساعدتها روان مساعدة كاملة منذ علمت بحملها ، لم تدخر جهدا لمنحها الراحة النفسية والجسدية التى تحتاج .
فى الحقيقة الكل يفعل بداية من والديها قدر الإستطاعة وريان وليال ، ومهران وروان ، خالها الغالى ، وحدها زوجة خالها وحماتها التى ترفض تقبل هذا الصغير .
تنهدت بحزن لكم تمنت أن تفتح الدنيا ذراعيها مستقبلة صغيرها بحب الجميع ، لكن حقا ما كل ما يتمناه المرء يدركه .
نظرت لها روان : مالك يا لى لى ؟
ليليان : ابدا حبيبتي .
ابتسمت روان : انت فاكرانى مش حاسة بيكى ؟
نظرت لها ليليان لتتابع : والله مرات عمى دى اطيب قلب فى الدنيا وبكرة تشوفى هتحب ابنك ازاى . اديها بس شوية وقت .
ابتسمت ليليان  بشحوب لتغير مجرى الحديث : هو احنا مش هناكل العمال اللى بيشيلوا العفش ؟
ضحكت روان : لا هنأكلهم بس لما يأمر سى مهران ولا عاوزاه ياكلنى ؟
ضحكت ليليان : اوف غيرتهم مش طبيعية !! إيه يعنى لو كنا سعدناهم
روان : ههههه  طب قومى جربى علشان طايع يتعشى بيكى .
شاركتها الضحك فلا بأس من بعض المرح الذى يجلى الحزن عن القلوب.
______

الشرف الجزء الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن