الفصل السابع

718 19 1
                                    

الفصل السابع
___________
" كلّ ما في الأرض من فلسفةٍ ، لا يُعزّي فاقِدًا عمّنْ فقدْ "
_إيليا أبو ماضي

مجتمع ذكوري بحت من ينظر للمرأة أنها إناء
للأطفال ، قطعة أثاث للزينة ، خادمة هادئة تقوم بعملها علي أكمل وجه دون أن يحق لها الرفض ..!
ولكن هذا لم يكن يومًا من معالم الرجولة أن تستخدم قوتك عليها ، أن تتجبّر عليها ، أن تتركها ذليلة لما تريده أنت ، عذرًا ولكن يبدو أن صفة الرجولة إنقرضت مع آخر الرجال المحترمين ..!

القدرة علي الإنجاب من عدمه تخص المرأة
أن يتزوج عليها زوجها بسبب المرأة
أن ينظر لغيرها بسبب المرأة
أن تتدمر أحوال البلاد بسبب المرأة
أظن أنه سيتهمونها بثقب طبقة الأوزون
وسيقولون أن السبب إمرأة
حتي خروج مصر من كأس العالم بسبب إمرأة
المشكلة ليست في هوية المسبب الرئيسي لكل ما نمر به من أحداث ، المشكلة في بقائنا صامتين
نسمع إتهاماتنا ونري نظرات النقص فننكسُ برؤوسنا ونبكي ...!
أكره البكاء ، فهو يزيدني شفقة علي حواء الضعيفة من اختارت ثوب الشاه لتتخفي من الذئب لكنه كان منتظرًا إياها بترقب ، يراها تتواري عن الأنظار وتبتعد قليلاً عن القطيع ظنًا منها بالأمان لينقض عليها وحيدة ويُنهي الأمر
فتسقط صريعة لهواه ..هو

هل هي نهاية العالم ألا تلد أنثي ، هل هي القيامة ، هل هي فقط المُلامة ..؟
حواء لم تكن يوماً ضعيفة ، لكن كل الشكر لمن ساهم في كسرها بل كل العذاب لمن خدش روحها ..
ثائرة هي تنظر لها بغضب وصوتها يعلو أكثر بينما عيناها تروي قصصًا عن الوحش الغاضب داخلها
ينظر لها الجميع بصدمة بينما هي نظرها معلق بتلك الباكية بصمت من بعيد لتصرخ في تلك السيدة : انتي ست مجنونة عشان تفكيرك الغبي دا
وقفت فاطمة من مكانها بغضب ترفع يدها عاليًا وكادت أن تصفعها علي وجها فأمسكت يولاندا يدها بغضب تناظرها بنيران مشتعلة ، عيناها تقدح شرارًا ، بركان علي وشك الإنفجار ، اقتربت منها صفية سريعًا تخلص أيديهم من بعضهم البعض لتقف يولاندا بشموخ فهتفت بها فاطمة بغضب : انتي واحدة قليلة الأدب ومش متربية هستني ايه من واحدة أجنبية أكيد ملهاش أهل ولا تلاقيها جاية من غلطة أصلا ومحدش عارف لها أصل من فصل
شهقت بسمة وياقوت وصفا بصوت عالِ بينما فاتنة اتسعت عيناها من الصدمة فهي تعلم مدي حساسية هذا الأمر بداخل صديقتها لتقترب منها سريعاً تمسك يدها ولكن قبل أن تلمسها رفعت لها يولاندا يدها بالرفض ، عيناها الجامدة لا تبشر بالخير لتفاجأ بردها علي تلك السيدة ببرود : أنا مش هحاسبك علي كلامك دا بس اللي عايزة أقوله انك انتي بردو ست حطي نفسك مكان اللي انتي عايزة تجوزي جوزها دي عشان تجيب عيال وشوفي هتحسي ب إيه ، بنتك اللي هتتجوز قريب دي لو هي مكان صفا كنتي هتفرحي لما جوزها يتجوز عليها أحب أقولك انك مريضة ، واحدة مش طبيعية حقيقي مبقتش مستغربة ليه بيتقال ع العرب متخلفين طول ما فيه ناس لسه تفكيرها كدة هيفضل الغرب أقوي حاجة أخيرة عايزة أقولهالك وهي داين تدان ، يلا يا فاتن خلينا نمشي من هنا
تحركت بعصبية تتبعها صديقتها وخلفهم صفية تحاول إبقائها ولكن دون جدوي خرجت أمام الرجال تتحرك بسرعة وإندفاع ليقترب منها شهاب سريعًا وهو يردف بقلق : مالك
لم ترد عليه وواصلت تحركها لينظر إلي فاتنة المسرعة خلفها بتساؤل فأشارت إليه بأن يرحلوا ، خرجوا جميعهم من المنزل وعادوا بنفس السيارة التي أحضرتهم منذ قليل إلي الفندق مرة أخري وسط دهشة الرجال وغضب وحزن من النساء
________
هتف الشيخ صادق بزوجته : ايه اللي حصل يا حاجة صفية
ابتلعت ريقها بتوتر : أصل....
قاطعها بغضب: حصل ايه عشان الضيفة تمشي
بالشكل دا
تحدثت بسمة بإندفاع : أنا هقولك يا بابا
قامت بقص كل ما حدث بين عمتها ويولاندا لينظر رحيم نحو زوجته الدامعة بحزن علي حالها
وعزيز يتوعد تلك الضيفة التي أهانت عمته بينما الشيخ صادق ينظر تجاه أخته بعتاب ليردف : من امتي يا فاطمة بنهين ناس غرب في بيوتنا وكمان نرفع ايدينا عليهم
نظرت له بإستنكار : هي اللي بنت مش متربية بتقولي يا مجنونة
تحدث رحيم إلي عمته بغضب مكتوم : بتجيبي في سيرة مراتي ليه يا عمتي ، أنا مشتكتش ومش هشتكي ، مطلبتش من حد يجيب سيرتنا ولا يقدم
نصيحة هتجرحنا ، لآخر مرة هقول محدش ليه دعوة بمراتي جواز وأنا واحد متجوز وعندي بيتي ومش محتاج أزيد من كدة أرجوكي محدش يفتح كلام في الموضوع دا تاني لآخر مرة هقولها كلام تاني مش عايز
ارتفعت نبرة صوته في آخر حديثه ثم تحرك من أمامهم بغضب يمسك يد زوجته ويصعدا لغرفتهما وما أن أغلق الباب خلفهما حتي علا صوتها بالبكاء فجذبها إلي أحضانه يربت علي كتفيها بهدوء وحنان وشفتيه تتمتم بأن اصبري فرج الله قادم
في الأسفل كانت فاطمة تغلي من الغضب لأول مرة يحادثها رحيم هكذا فنظرت لأخيها : عاجبك كلام ابنك معايا
لم ينظر نحوها وهو يردف بثبات : ابني مغلطش وكمان الضيفة مغلطتش هي عندها حق في كل كلمة قالتها وليها عندنا حق للمرة التانية
اتسعت عيناها من الصدمة : يعني إيه الكلام دا الحق عليا إني عاملة علي ابنك وعايزة يكون ليه ولد من صلبه ويسنده لما يكبر
أكمل حديثه بهدوء : حياته وهو حر فيها ملناش دعوة بأي حاجة تخصه والضيفة دي هنعتذرلها علي اللي حصل
رفضت تمامًا حديث أخيها : أبدًا مش هيحصل أنا إستحالة أعتذر للبنت دي
ابتسم لها بسخرية وهو يردف بثقة ناقضت نظرته تجاهها : أنا اللي هروحلها وأعتذرلها بنفسي كمان
خرج عزيز عن صمته أخيرًا وهو يردف بغضب : يعني إيه تعتذرلها يا حاج مين هي عشان تقلل من مقامك عشانها
النظرة الساخرة كانت من نصيب ابنه هذه المرة : الإعتذار عمره ما قلل من حد خصوصًا إن الغلط من عندنا احنا البنت مقالتش حاجة غلط عمتك اللي غلطت من البداية لما جرحت صفا بكلامها ولما رفعت ايدها وغلطت في البنت
أردفت فاطمة بغضب : يعني أنا اللي غلطانة
رد عليها بثبات : أيوة
أمسكت يد ابنتها وهي تسحبها وتتحرك بها : يلا يا ياقوت خلينا نمشي كفاية قلة قيمة لحد كدة
خرجت من المنزل بغضب تتبعها ابنتها الصامتة منذ البداية لينظر الشيخ تجاه ابنه ثم يقول : جهز العربية يا عزيز في مشوار مهم لازم أروحه
عادوا إلي الفندق بصمت وقلق وفضول لمعرفة ما حدث ، ما أن توقفت السيارة أمام الفندق حتي نزلت منها سريعًا دون أن تُعير نداءات فاتنة القلقة اهتمام ليلحق بها شهاب والقلق يتآكله لمعرفة ما بها ، اقترب من فاتنة سريعًا قبل أن تصعد غرفتها هي الأخري يمسكها من معصمها وهو يستوقفها لتنظر له بدهشة ثم تنظر ليده الممسكة بها ليلاحظ هو فيبتعد ثم يضع يده في خصلات شعره وهو يحمحم ثم يردف بإحراج : آسف مكنش قصدي
ابتسمت بخجل وهي تردف : ولا يهمك
نظر لها بتساؤل: ممكن أعرف ايه اللي حصل
ابتسمت له تطمئنه وهي تخبره : أطمن علي يولاندا الأول وهحكيلك
أذعن لها ووقف ينتظرها : طيب
ذهبا إلى غرفتها لتطرق فاتنة الباب لتسمع صوت يولاندا من الداخل تتسائل عن هوية الطارق : مين
أردفت بقلق : أنا ...ممكن تفتحي
ردت عليها بثبات : أنا كويسة بس عايزة أنام لما أصحي أكلمك ما تخافيش عليا أنا تمام
ردت عليها بإذعان : طيب زي ما تحبي
عادت معه مرة أخري للردهة يتركونها وما أن جلسا حتي عاجلها بسؤاله : ها ايه اللي حصل
نظرت له بمرح : انت فضولي أوي
شهاب : معلش بس فعلا عايز أطمن
قامت بقص كل ما حدث في هذا المنزل ليشعر بالغضب ليصطك أسنانه بغيظ ، انتهت من حديثها : دا كل اللي حصل واديك شايف يولاندا حالتها عاملة إزاي من ساعة ما خرجنا
أردف بغضب : الست دي اتجننت هي ازاي تقولها كدة ويولاندا سكتت ليه عالإهانة دي
رفعت كتفيها للأعلي بقلة حيلة : معرفش أنا حتي استغربت هدوئها دا يولاندا حساسة جدا في أي حاجة تخص أهلها
شرد قليلًا في كلمة "أهلها" ليُحدث نفسه : أتمني لو أقدر أخدك في حضني وأقولك متخافيش...
أفاق من شروده علي صوت فاتنة تناديه : شهاب ......شهاب
انتبه لها أخيرًا : ها ..بتقولي حاجة
أردفت بمرح : انت مش معايا خالص ، كنت سرحان في إيه
نظر أمامه بشرود :ولا حاجة ، خلينا نطلع نطمن عليها
رفضت فاتنة مطلبه وهي تخبره : مش هتفتح لنا الباب مهما حصل هي بس تقعد مع نفسها وتهدي هتخرج يولاندا اللي نعرفها متقلقش
أومأ لها برأسه إيجابًا وبداخله يحترق يود الإطمئنان عليها لكنه لا يستطيع ..!
_______________
تجلس في غرفتها صامتة وكلمات تلك المرأة تدور في عقلها تجعلها تود الصراخ ، البكاء ، لكنها لا تبكي هي قوية لـ نفسها لن تسمح لأحد أن يؤذيها مرة أخري رفعت رأسها للأعلي حتي تقتل أي فرصة قد تخونها فيها عيناها لتذرف الدموع هي بلا عائلة ، أهل ...!
فهي احتسبت نفسها يتيمة الأبوين بعد وفاة والدتها وإبتعاد أبيها ، اعتادت الوحدة أو الوحدة من اعتادت عليها ، شعور الإشتياق لـ عائلة دفنته منذ زمن داخلها أعدّت لـ نفسها تلك الصومعة وقامت ببنيان أسوار عالية لنفسها جعلت مساحتها الخاصة مليئة بالكتب وحسب ، أخرجها من دوامتها تلك صوت الهاتف لتمسكه بشرود وجدته آدم لتبتسم ثم تفتح الخط
ليصلها صوته القلق :
Yolanda .. Are you okay?
_يولاندا ..هل أنتي بخير ؟
ردت عليه بخفوت :
yes I'm fine
_ نعم ..أنا بخير
صوتها لم يزده سوي قلقًا أكثر ليقول :
You are a bad liar .. Since when you lie to me and I keep you like the palm of my hand
_أنتي كاذبة سيئة .. منذ متي تكذبين علي وأنا أحفظك كراحة يدي

ضلع أعوج حيث تعيش القصص. اكتشف الآن