الفصل السادس

696 19 0
                                    

الفصل السادس
_______________
لنبحث عن سر الأنثى في عنفوانها وقوتها ثم نبحث عن نقاط ضعفها ..!
حينها ستهزمها...؟
وهل حقًا تريدها ضعيفة ..!
دعني أخبرك عنها ..
هي ليست كائن أسطوري صُنع من الجليد ولا من
بتلات الزهور ، لا تطفو علي السطح، ولا تُكسر كالصلب ، هي مزيج ما بين القوة والضعف ، البرودة والنيران ، الهشاشة والتماسك هي فقط أنثي ..!
آدم يعطي لـ نفسه الأحقية ويكره المبررات ثم يأمر
وينتظر الطاعة وهي ترفض ..!
معادلة فطرية منذ قديم الأزل حيث يكون الندم
ثم الناتج قلوب محطمة ومشاعر مبعثرة وعقول
مشتتة بين صفحات الألم ..
هل علمت الآن سر الخلطة ..؟
الهزيمة في الحرب مباحة وفي الحب مباحة ولكل حرب نتائجها وهي لم تكن حرب هي فقط إحدي بقاياها ..!
مستهلكة ، أصابتها عدوي الضعف أو لم تُصب بها
فالضعف داخلها وبين جوانبها
_________________
" خجلتُ من نَفسي عِندما أدركتُ، أنّ الحياة حفلةٌ تنكَرية، وأنا حضرتُها بوجهي الحقيقي . "
- فرانس كافكا
هل جربت سابقًا أن تبتسم في وجه الجميع ولا تقوي عليها أمام مرآتك ..؟
تلك هي حياتي ، أنثي معطوبة ، أرض بور ، منقوصة كلمات سمعتها وأسمعها لليوم وما ذنبي أنا
هل أُنهي حياتي لتصمت الألسنة عني ، لتبتعد تلك النظرات عني أم أكمل في صمتي ..!
تجلس في غرفتها آخر اليوم بإنتظار زوجها الذي خرج مدعيًا بعض الأعمال العاجلة وهي تبتسم بسخرية علي نفسها فهي ما زالت تنتظره وقلبها يقسم أنه سينتظره لآخر يوم في عمرها ، حتي يتوقف النبض داخل صدرها وتُزهق أنفاسها ستظل بإنتظار كلمة حب منه ، دقت الساعة العاشرة ولم يعد بعد ليس من عادته التأخر لكنه اليوم فعلها
لا تدري إلي متي سيطول صبره عليها وهي تري أمنيته للحصول علي طفل ظاهرة في عينيه ، تقرأها علي صفحة وجهه ، تشعر بها داخله ، اقتربت من شرفة غرفتها لـ يضرب الهواء البارد وجهها فـ أغمضت عيناها تستقبله بإبتسامة هادئة ، لحظات شعرت بـ قلبها ينبض بقوة فـ أدركت وجوده لـ تتنفس ببطء كـ من يستنشق عبير زهور برية نادرة ، أفرجت عن عينيها أخيرًا لتراه أمامها يدخل المنزل ، أغلقت النافذة وذهبت ناحية الخزانة تخرج له ثيابه وتضعها علي الفراش ، دخل الغرفة فوجدها تنتظره وهي ترتب ثيابه ليبتسم لها بتحية هادئة دون أن ينطق بـ حرف ، اكتفي بتلك الإبتسامة وهي لم تعترض ، اقترب منها ليأخذ الثياب وتحرك صوب المرحاض دون أن يتفوه بكلمة بينما هي تحترق داخلها لـ صمته تشعر وكأن العاصفة اقتربت أخيرًا لـ تُبيد الأخضر واليابس حيث لا مجال للهرب إما المواجهة والحفاظ علي حقها أو التخاذل وترك حياتها تهوي مع الموج للقاع ..!
تحركت بآلية نحو الفراش تفرد جسدها عليه تغمض عيناها حتي لا تقابله ويخونها الدمع ، بعد فترة قصيرة سمعت صوت أقدامه يتحرك إلي جهته لينام جوارها بصمت ظهورهم متقابلة ، هي تبكي هو يفكر ، هي تتألم هو يصمت ، الصمت عدو المرأة الأول ، حواء تكره أن يتخذ آدم وضع الصمت
حينها ستزورها الوساوس بل ستتآكلها الشكوك عن وجود أخري بـ حياته لذا لا لوم عليها في أي تصرف يصدر منها ..!
أطلق عليها لقب الجنون ثم ابحث عن السبب
وستجده "ذكر"
أطلق عليه لقب الجنون ولن تكمل الجملة لتجد المئات يهتفون بـ "أنثي"
جنون قيس كان سببه أنثي
موت روميو كان سببه أنثي
قصص العشاق البائسة تلك التي تنتهي بالموت ستجد السبب فيها أنثي
وكأنها خُلقت لتُلصق بها أي تهمة
هي الذريعة ، هي المعضلة ، بينما هو ...!
هو كل شئ حدث لـلأنثي ..
أغلق جفنيه يبحث عن النوم لتأتيه جِنية أحلامه الخاصة تبتسم وتخبره بـ كلمات الغزل ، لتنفرج أساريره ويذهب معها في عالمهما الخاص
عالم وردي صنعته مخيلته يجمعه بمعشوقته
بعيدًا عن أي شئ قد يعكر صفوه ...!
_____________
الصدمة إحساس منفرد يجمع بين الألم والفراغ
التناقض بحد ذاته وهي لم تكن سوي " مصدومة "
الهاتف بين أصابعها لكنها لا تقوي علي الرد
صوته يخترقها ، يناديها ، بينما هي جامدة
كـ تمثال ..!
انتبه لها شهاب بعد أن كان مبتعدًا عنها خطوتين فعاد إليها بتساؤل لتنظر إليه بملامح باهتة ، كرر سؤاله إن كانت بخير مرة أخري ثم ناداها بهدوء لتخرج من صدمتها تغلق الهاتف وتضعه في حقيبتها
ثم التفتت إليه بملامح متوترة تجاهد نفسها لتبتسم ليكرر سؤاله للمرة الثالثة : انتي كويسة
أجابته بـ بعض من التوتر لم يختفي منها : أنا كويسة
نظر إليها بتساؤل : مين كان بيكلمك
تهربت من الإجابة وهي تتحجج بصديقتها : مفيش خلينا نرجع ، أكيد يولاندا زهقت من القعدة لوحدها
تفهم موقفها ليردف بمزاح : لسه بدري خلينا شوية وبعدين هي يولاندا دي بتزهق ، خلينا نتمشي شوية كمان وبعدين نرجع
ردت عليه بإبتسامة هادئة : طيب
تحركا سويًا وأخذا يجوبان بعض الأماكن السياحية
كـ البازارات لـ رؤية التحف ويستمعان لـ حكايات العاملين عن تحف أثرية فرعونية مزورة يقصّون عنها قصصًا وخيالات لـ يجذبوا السائحين لـ شرائها ،
يتحادثان كـ أصدقاء منذ زمن يحكي لها عن طفولته وأنه كان مشاغبًا للغاية ثم أخبرها عن دراسته اللغات وعشقه للتصوير وأن والده يملك شركات إنشاء لكنه لم يجد نفسه في العمل المكتبي لذا بمساعدة صديق له افتتحا مكتبًا للسياحة شريكه يختص بالأعمال المكتبية بينما هو يرافق الوافدين ويتجول بهم في أي مكان ، ليكون حرًا كما يشاء بينما هي أخبرته عن أسرتها وعن طفولتها لكنها لم تجرؤ علي إخباره عن زواجها أو طلاقها فتفاجأت به يسألها : اتعرفتي علي يولاندا ازاي أنا ملاحظ انكم مختلفين عن بعض تمامًا
توترت من سؤاله : عادي صدفة
أهداها إبتسامة مطمئنة : اهدي وبراحتك ، أنا حاسس ان في حاجة مضيقاكي مش عايزة تقوليها عمومًا لو حبيتي تتكلمي في أي وقت أنا موجود هسمعك للآخر يمكن أقدر أساعدك
ابتسمت له ثم أكملت سيرها وتجولها ليلفت نظرها سوارًا بإحدي المحلات الصغيرة كان علي شكل عدة فراشات صغيرة متراصة بجانب بعضها من الفضة وفي المنتصف فراشة كبيرة مزينة بأحجار ملونة خضراء وزرقاء ، تركت شهاب يتحرك ودخلت هي المحل طلبت من البائع السوار لتفتح حقيبتها لتفاجأ بأنها نسيت حافظة نقودها ، لعنت غبائها ثم نظرت للبائع بأسف واعتذرت منه ، تخرج من المكان وهي حزينة ، وجدت شهاب أمامها ينظر لها لتخبره أنها بحثت عن شئ يعجبها فلم تجده ليرحلا بينما هو لم تفته نظرتها الحزينة تجاه المحل ، أعادها إلي الفندق ثم اعتذر منها وذهب لعمل طارئ ، فابتسمت له ثم صعدت إلى غرفة يولاندا
______________
الجدير بالذكر أن بلادًا كتلك البعيدة القريبة ليست سوي مطمع لـ غزاة التاريخ ، هنا حيث سكنها الروم
والفرس وقبلهم الهكسوس ومن قبلهم جميعًا العدو الأول وهو  الإنسان نفسه ، أكبر أعدائها  حيث الطمع ، الجشع ، حب المال والأملاك ، هذا لديه أرضًا أكبر مني وماله أكثر مني وزوجة وأولاد أكثر مني ، فيما يزيد عني هو ؟!
أحاديث النفس يا سادة وما أكثرها من أحاديث لن تنتهي ولن تصمت ، بل ستزداد بمرور الوقت وحينها سيقتات كلٍ علي نفسه ،لا أري سببًا يدفع الجميع للتزاحم عليها ، أليست أرضًا كالبقية ، ما الذي يميزها ..!
سأبحث في كتابي عن كل معاني الأرض ، عن حب الوطن ، عن تلك الروابط الغريبة ربما أدري وقتها السر في إنجذاب الجميع إليها ، كإنجذاب الفراش إلي اللهب .
____________
ظلت الباقي من يومها تقرأ عن التاريخ وتكتب ، تشعر
بالإنتشاء مع كل حرف تقرأه ويزداد الفضول أكثر ، تكاد تلتهم قصص التاريخ التي تجري عليها عيناها والسطور تتبدل والأعوام تنقضي أمامها وما زال الشغف في بحثها مستمر لم تشعر بنفسها حتي داهمها الوقت ونسيت طعامها أخرجها من حالتها تلك صوت الباب لترفع رأسها من أمام حاسوبها فشعرت بالتعب وصداع يكاد يقسم رأسها نصفين ،  أغلقت عيناها وفتحتهما عدة مرات حتي إستعادت ثباتها لتتحرك ناحية الباب تفتحه ، وجدت فاتنة تنظر لها بإبتسامة ثم أردفت بمرح : عملتي ايه يا يويو إنهاردة
ضحكت يولاندا علي لقب صديقتها لها : يويو ، شكلك عاملة مصيبة ، عمومًا ياستي قاعدة من الصبح بقرأ وأكتب
نظرت لها بتفكير : ااه مادام قعدتي قعدتك دي يبقي مكلتيش حاجة طول اليوم صح
رفعت كتفيها للأعلي بـ قلة حيلة : مفتكرتش
امتعض وجهها وهي تجيبها : امممم طيب ياختي ، أنا جعانة وعايزة أكل
ابتسمت لها بلطف : طب يلا ننزل المطعم تحت وناكل
ردت عليها بحماس: يلا
نزلت كلتاهما للمطعم وطلبا الطعام لتردف يولاندا بتساؤل : امال الكائن اللي اسمه شهاب دا فين
نظرت لها بمكر : بتسألي عليه ليه مش كنتي عايزة تخلصي منه
لم تهتم بما تفوهت به صديقتها وهي تكمل طعامها ثم ردت عليها ببرود : عادي ولا يهمني أصلا مجرد سؤال متعمليش منه فيلم
قهقهت علي ردة فعلها : بهزر معاكي علي فكرة عمومًا هو وصلني وبعدين استأذن ومشي راح مشوار
أرادت تغيير الحديث : طيب احكيلي عملتي ايه انهاردة
قصت عليها تجولهم : اتمشينا شوية ونزلنا السوق اتفرجت علي حاجات كتير حلوة بس نسيت محفظتي ومكنش معايا فلوس فمعرفتش اشتري حاجة
ابتسمت لها بود : ولا يهمك نبقي ننزل تاني ونشتري اللي انتي عايزاه
أردفت بحماس : ننزل بكرة
إعترضت يولاندا : بكرة مش هينفع ...
سألتها فاتنة : ليه
أخبرتها يولاندا عن دعوة الشيخ صادق إلي منزله : الشيخ صادق عزمنا بكرة عنده والعربية هتيجي تاخدنا الصبح
هزت رأسها موافقة : أوكي ..ننزل يوم تاني
نظرت في طبقها وهي تردف : ابقي عرفي شهاب بقي
أردفت فاتنة بخبث : طب ما تعرفيه انتي
نظرت لها بغضب لتضحك فاتنة عليها بصوت عالِ
ثم ما لبثت أن ضحكت هي الأخري
____________________
عاد مرة أخري للسوق ثم إلي ذاك المحل الذي توقفت هي أمامه يسأل البائع : كان في انسه هنا انهاردة عايزة تشتري حاجة بس خرجت ومشترتش ممكن تقولي كانت عايز إيه
رد عليه البائع بنفي : حضرتك احنا بيدخلنا في اليوم ناس كتير وفي منهم مش بيشتري فأكيد مش هفتكر كل الناس يعني
أخبره أكثر عنها ليُذكره بها : لا افتكر معايا كدة هي بنت حلوة وكانت لابسة فستان أزرق هادي مصرية مش أجنبية
تذكرها البائع : ممكن يكون قصدك علي الآنسة اللي كانت عايزة الإسورة دي
نظر له بتساؤل : طب هي مشترتهاش ليه
أخبره البائع بما حدث صباحًا : نسيت فلوسها عشان كدة مشترتش حاجة
أدرك شهاب السبب : طب أنا عايز الإسورة دي هاتهالي
نظر له البائع بإبتسامة واسعة : انت تأمر يا باشا
أحضرها له البائع ليمسكه بين أصابعه ينظر له بإبتسامة وهو يهمس " يالرقته مثلها "
أعطاه مرة أخري للبائع وهو يخبره : حطهولي في علبة شيك كدة
ابتسم له الرجل ابتسامة أدرك هو مغزاها عندما غمزه الرجل بطرف عينه وهو يردف : من عنيا
جال ببصره في المكان حتي ينتهي البائع ،جذب أنظاره سلسال معلق علي هيئة أجنحة طائر تحيط بقلب كعنقاء تغلق أجنحتها علي قلبها لتحميه فضي اللون لامع بفعل تلك الأحجار الصغيرة من نفس اللون يتوسطه حجر صغير بنفسجي يتوهج كخصلاتها البنفسجية الغريبة اقترب منه يمسكه بينما ثغره يبتسم ، أخذه وطلب من البائع وضعه في علبة أخري بشرط أن يكون لونها بنفسجي ...!
بعد فترة عاد مرة أخري للفندق ليذهب إلي غرفة فاتنة يدق بابها ثم ترك العلبة بالسوار وأسرع ناحية غرفته يراقبها بحذر وهي تفتح الباب ثم تلتقط العلبة وتنظر لها بتعجب ثم تدخل وتغلق الباب ، تنهد براحة ودخل غرفته يلقي بجسده علي الفراش يخرج السلسال يتفحصه بين يديه وهو يبتسم ...!
___________________
المهنة طبيب ، يداوي كل الجروح وعند قلبه يتركه ينزف ...!
والفكرة تكمن في أن الطبيب تائه ، حيث لا مجال للعودة ، واقع بين خطورة أفكاره وتصارعها مع واقع حياته ثم العودة لمرحلة الندم ،زيجة سابقة مجبرًا ، زوجة وبيت والتحضير لطفل ثم في لحظة غضب متهورة ضاع الجميع ليبقي مكانه وحيدًا يصارع تبعات تصرفه ، يجلس شاردًا عند تلك الساقية في أرض والده حيث اعتاد كثيرًا الجلوس هناك واللعب مع صديقه المقرب "خالد" والذي يُعتبر مرآة لروحه ، مجرد نظرة بينهما تعطي للآخر جولة في عقل رفيقه تطلعه علي كل ما يريد ..!
بالرغم من سفر خالد الدائم وإبتعاده عن الواحة لظروف عمله إلا أن العلاقة بينهما لم تتأثر ، جلس بجوار صديقه لينظر له الآخر مبتسمًا ثم أردف بحنان وهدوء : عارف انك كنت لسه في بالي دلوقتي
ابتسم له : عشان أنا طيب بس
ضحك عزيز مستنكرًا : اه فعلا انت هتقولي علي طيبتك دي
لحظات وكان كلاهما ينفجر ضحكًا بوجه الآخر
توقفا بعد فترة شعر فيها كلاهما أنه بحاجة للآخر
ليكون خالد أول من بدأ في التعبير عن إشتياقه لرفيقه قائلًا : وحشتني القعدة دي اوي يا صاحبي
ليُكمل الآخر : كنت محتاجك أوي جمبي
ضيق خالد حاجبيه من هيئة صديقه وهو يسأله : خير مالك
أطلق تنهيدة طويلة : عمتي عايزة تتمم الجواز بأسرع وقت شايفة اننا اتأخرنا أوي والموضوع طول
هز كتفيه لأعلي مستنكرًا حالة صديقه : طيب فين المشكلة
صوته الغاضب ونبرته المتألمة تحكي الكثير مما يدور داخله : يعني انت مش عارف اللي حصل يا خالد
نفي خالد تلك الوساوس داخل صديقه : أنا مش شايف ان في مشكلة اللي حصل دا كان من زمن خلص خلاص وانت اتعلمت الدرس مش هنعيدو تاني كفاية تعذيب في نفسك لحد كدة دا في الأول وفي الآخر نصيب وربنا كاتب لكل واحد نصيبه يا صاحبي
تغيرت نبرة صوته لأخري حزينة : خايف ...خايف يتكرر تاني يا خالد وقتها محدش هيسامحني
أراد بث الطمأنينة في نفس صديقه فأردف بثقة : بس أنا واثق انك مش هتكرر نفس الغلط ثم متنساش انك مكنتش في وعيك يومها ..متقساش علي نفسك جامد يا صحبي
اكتفي عزيز من الحديث فغيّر الدفة نحو الآخر : قولي بقي انت اخبارك ايه
نظر له بشرود : ولا حاجة
هو يعلم جيدًا فيما يفكر صديقه وقد حاول معه مرارًا أن يخرج تلك الأفكار من رأسه لكنه يابس العقل : مش ناوي تطلع الأفكار السودة دي من دماغك
وتتجوز بسمة بقي أنا زهقت منكم
برر له رفض الزواج : مش دلوقتي ...مش عايز اشغلها عن مذاكرتها في السنة الباقية دي خليها علي راحتها
لم يبدو عليه التصديق : أنا وأنت عارفين كويس ان دا مش السبب
إبتسامة باهتة متألمة : عارف بس بقنع نفسي بيه
وضع يده علي كتفه وهو يخبره : ربنا يريح قلبك يا صاحبي
رد له الابتسامة : ويطمن بالك يا صاحبي
إبتسم كلًا منهما للآخر وبداخل كليهما بركانًا من الحزن إن اشتعل وقتها لن يُخمد أبدًا ، يتغذي علي بأرواحهم الملكومة بـ جراح مر عليها الزمن لكن آثارها مازالت موجودة بل وتحيا معهما كـ أنفاسهم
لم تندمل ولن تفعل إلا مع الوقت المناسب والعلاج المناسب وهو " النسيان "
_______________
في الصباح لنا عودة ، حيث الضياء يملأ الأرض وينتشر والحرارة تدفئ القلوب الباردة
عسي أن ينتهي الشتاء ..!
اجتمع ثلاثتهم في ردهة الفندق بعد أن أرسلت إليه فاتنة رسالة تخبره بذهابهم وعليه النزول ، أسرع في اللحاق بكلتاهما وبإقتضاب أخبرته يولاندا عن وجهتهم ليتجهم وجهه لكن الأمر غير قابل للرفض
وصلت السيارة التي ستقلهم لبيت الشيخ
طوال الطريق والصمت سيدهم كأن علي رؤوسهم الطير نظرات فاتنة مبهمة بهما لمحة من الحزن
بينما الأخري قوية جريئة تخترق من أمامها كالسهام وهو تائه بينهما وقلبه يصدر ضجيجًا يعلو أكثر وأكثر في قربهما ، وصلوا أخيرًا تتقدمهم يولاندا بينما خلفها فاتنة وشهاب الذي نظر لها بمرح في محاولة منه لفهم ما يدور بخلدها ليردف : صباح العنبر ممكن النمبر ، دا لو مش هيضايقك يعني
نظرت له بجدية في محاولة منها لإخفاء إبتسامتها علي جملته تلك لكنها لم تستطع وقبل أن تهرب منها إبتسامة عبثت في محتويات حقيبتها تخرج له علبة زرقاء اللون عرفها فور رؤيتها لكنه تظاهر بالجهل
وهي تمد يدها بالعلبة إليه ليردف بمزاح : ايه دا هتخطبيني ولا ايه
رفعت إحدي حاجبيها مستنكرة حديثه : لا والله
تصنع جهله بها أكثر : لا بجد ايه دا
نظرت له بجدية : يعني انت متعرفش
رفع كفيه لأعلي وهو يردف بطريقة مسرحية : أول مرة أشوفها
ألقت له الغلبة ليلتقطها سريعًا قبل أن تسقط أرضًا : طب امسك دي علبتك أنا واثقة انك انت اللي جبتها
اتسعت إبتسامته المرحة وهو يردف : طب اهدي بس أيوة أنا اللي جبتها بس ممكن تقبليها مني هدية
أردفت بغضب : مش باخد هدايا من حد أنا
حاول تهدأتها وهو يرد عليها بلطف : اعتبريها هدية تعارف عشان نبدأ صفحة جديدة مع بعض عربون صداقة زي ما بيقولو
إعترضت علي حديثه : شهاب لو سمحت ....
قاطعها قائلًا : أنا شفتك امبارح كان عاجبك جدا
الإنسيال دا فأرجوكي اقبليه
استمرت في اعتراضها : أيوة بس
لم يُمهلها الفرصة وهو يخرجه من العلبة ويضعه حول رسغها : من غير بس يلا بقي البسيه أنا واثق انه هيبقي حلو عليكي
صمتت وهي تنظر له بينما هو مازحها : ايه دا لبستهولك انا ....أنا اسف
احمرت وجنتاها خجلًا وهو تردف : شكرا
غمزها بعينه وهو يرد : العفو احنا في الخدمة يا قمر
ضحكت علي جملته ليشاركها الضحك قليلًا ثم
يكملان سيرهما داخل المنزل بينما البنفسجية أكملت طريقها حتي وصلت لباب المنزل دقته ثلاثًا ليُفتح بعد لحظات وكان هو أول من طلّ عليها الطبيب المجنون كما لقبته نظرت له ببرود فبادلها نفس النظرة يتأملها بغرور وهو يرفع حاجبه بهيمنة بينما هي السخرية كانت مرسومة بإتقان علي ملامحها قطع حرب النظرات تلك صوت أخيه يرحب بها وبأصدقائها لتدخل المنزل بكل كبرياء وهو خلفها يكاد يفتك بها من الغضب بعد كلمتها الإنجيليزية التي همست بها له وهي تخطو جواره " so idiot"
وفي صحن الدار رحب بهم الشيخ وزوجته ليطلب منها بكل أدب أن تدخل مجلس النساء هي ورفيقتها بينما يبقي شهاب معه وأبنائه لتوافقه وتتحرك مع السيدة صفية ، جلس شهاب معهم وعزيز ينظر له بغضب بينما هو يبادله ببرود متقن بينا في الداخل عند النساء كان الوضع مختلف فـ فاتنة اندمجت سريعًا مع الفتيات بينما يولاندا ما تزال محافظة علي شخصيتها لكنها تبتسم علي نكات بسمة ومشاغباتها مع ياقوت ، لفت انتباهها هدوء صفا بالرغم من إبتسامتها اللطيفة إلا أنها استطاعت أن تري الحزن في عينيها ، سمعت بالصدفة حديث فاطمة مع صفية
بالخطأ وهي تهمس لها : ابنك هيفضل مستني كدة لحد امتي ، أنا من رأيي يتجوز ويشوف حياته بدل مراته البور دي بقالهم عشر سنين ومش بتخلف عايز منها ايه تاني كفاية عليها لحد كدة
علمت الآن سبب حزن تلك الـ صفا ، غضبت من حديث تلك السيدة فأردفت بعصبية وصوت عالِ : انتي مجنونة يا ست انتي
انتبه لها الجميع ينظرون لها بصدمة من حديثها
__________

نهاية الفصل

ضلع أعوج حيث تعيش القصص. اكتشف الآن