الفصل الأول

1K 31 6
                                    


تحت ستار الظلام ترددت انفاسه العاليه وسط السكون

أخذ ينظر خلفه وهومستمر فى الجري حتى وصل الى مبنى من عده طوابق يحيط به سور ضخم...

نظر الى الرضيعه بين يديه وقال فى ندم

_"سامحينى..مش هقدر أخدك معايا ولا هقدر أحميكى منهم..ده احسن مكان ليكى هنا هتكونى فى أمان"

قبلها فى حنان ثم وضعها أمام الباب وبجوارها رساله وأسرع فى المغادره

....................................

فى أحد أحياء القاهره بدأت حركه الشارع فى الهدوء بعد انتهاء السهره التى امتدت لمنتصف الليل

أخذ الاستاذ "احمد" فى ترتيب المكتبه استعدادا لاغلاقها بعد يوم طويل من بيع الادوات المدرسيه للطلبه والطالبات

ثم انصرف عائدا الى منزله المجاور للمكتبه..استقبلته زوجته بترحاب قائله

_ حمداعلى السلامه يا "احمد"..اتاخرت أووى النهارده

= معلش يا "فاطمه "انتى عارفه ان ده وقت دخول المدرسه يعنى اكتر شهر المكتبه بتشتغل فيه مقدرش اقفل بابى فى وش الرزق اللى ربنا بعتهولنا

_ عارفه بس انا زهقت من القعده لوحدى لاأنيس ولا جليس

=وأنا روحت فين بس ياست "فاطمه"..تعالى يلا نتعشى واحكيلى عملتى ايه طول اليوم؟

-ولا حاجه زى كل يوم مفيش جديد

=انا كده هزعل منك يا"فاطمه" المفروض تقولى الحمد لله

-الحمدلله

نظر اليها "احمد "فى حزن لحالها ..رأها تلوك الطعام فى فمها بلا شهيه وعينها تلمع بدموعها الحبيسه..

يشعر بالعجز وهو يراها على هذه الحال يعرف انها تشتاق الى طفل يروى ظمأها للامومه ..

هو ايضا يشاركها هذه الرغبه بل ربما تكون رغبته اشد منها فهو تربى وحيدا لم يكن له سوى امه

والتى فارقته وهو فى الخامسه عشر من عمره وعاش بعدها وحيدا يتيما لم يجد من يحنو عليه

او يسانده سوى فاطمه جارته التى كانت تحبه منذ صغرها..تخلى عن طموحه واحلامه ان يصبح مهندسا

واكتفى بكليه التجاره و التى كان يعمل وهو يدرس بها حتى يوفر مصاريف دراسته ومعيشته

"تعب كثيرا حتى وقف على قدميه واستطاع شراء المكتبه ثم الشقه التى تزوج بها حبيبته "فاطمه..

خمسه عشر عام مرت دون ان يرزقهم الله بأطفال ليس لعيب فى احدهم بل هى مشيئه الله التى تعلو كل شيئ

فاق احمد من ذكرياته وجد زوجته انهت طعامها وحملت الاطباق الى المطبخ

=فاطمه" تعالى عايزك"

-حاضر جايه

عادت "فاطمه " وهى تحمل كوبين من الشاى وجلست بجانبه قائله

-انا جيت اهو خير

=بكره الجمعه اجازه ومفيش مكتبه..ايه رأيك نخرج

-هنروح فين

=خليها مفاجأه..هنروح مكان هيعجبك اوووى

قالت فى فرحه

-ياريت يا "أحمد "بقالنا كتير مخرجناش مع بعض

=بس كده وانا عندى كام بطه.. يلا تعالى نصلى قيام الليل وندعى ربنا يكرمنا وبكره ان شاء الله هيبقى يوم مش هتنسيه ابدا

...............................

بداخل احد اقسام الشرطه

-البقاء لله يا افندم..احنا مقدرناش ننقذ الاستاذ "فتحى"واتوفى بعد اصابته بطلق نارى فى الصدر

=طب وبنتى..فين بنتى اللى كانت معاه ..حصلها ايه؟؟

-مفيش حد كان موجود فى المكان اللى اتقتل فيه غير افراد العصابه اللى ماتوا لكن مكنش فيه اى اطفال هناك

= يعنى ايه..؟؟ بنتى خلاص راحت منى..ضيعها معاه..يعنى مش كفايه خسرنى أبويا وفلوسى ...كمان بنتى ضاعت

-مش فاهم حضرتك تقصدى ايه..اللى اعرفه ان الاستاذ "فتحى" كان رايح يدفع الفديه للعصابه

اللى خطفوا بنتك يبقى هو السبب ازاى..؟؟

مدام "ألفت."....يامدام ؟!

خرجت" ألفت" وهى لاتسمع حرف واحد مما قاله الضابط..عادت الى منزلها منهاره بعد ان فقدت كل شيئ ..

فقدت أباها وسندها..فقدت زوجها الذى عشقته..فقدت ثروتها ومالها الذى جاهد والدها وتعب حتى جمعه..

واخيرا الفقد الاكبر ..صغيرتها التى لم تكمل عامها الاول ...طفلتها التى لم تسمع منها كلما ماما التى طالما حلمت بها

احتضنت ملابس طفلتها وهى تشم بقايا رائحتها

كل حاجه راحت ..خلاص ملهاش لازمه الحياه-

وفى لحظه تملك منها الحزن واليأس وفقدت فيها ايمانها وصبرها على ما اصابها..

امسكت بشفره حاده وقررت وضع نهايه لحياتها...

يتبع.............



لعنة الماضي بقلم /مي محمد (مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن