الفصل الرابع

355 20 1
                                    

انتهى" يوسف " من مقابله المهندسين الذين تقدموا لشغل الوظائف فى شركته واحس بالارهاق الشديد  فهو يعمل منذ عده ايام بدون راحه
تأمله" عمر "وهو يفرك عينيه فى تعب واضح وقال له
-تحب نأجل باقى المقابلات لبكره شكلك تعبان أووى .
-هو باقى اد ايه  ؟
-باقى  المجموعه اللى تحت التدريب ...حوالى عشرين .
-لا انا مش قادر خلاص ..دماغى هتنفجر بقالى يومين منمتش انا همشى وأنت قابلهم ..ولو طلعوا كويسين امضى قرار تعينهم على طول مش عايزين تاخير .. سلام
خرج" يوسف" من مكتبه وهو لا يكاد يرى امامه مش شده تعبه واتجه ناحيه المصعد فى نفس الوقت الذى خرجت فيه فتاه من المصعد مندفعه وهى تنظر فى ساعتها فاصطدمت به فى قوه
قال فى عصبيه
-مش تحاسبى يا انسه !!
قالت فى خجل
-آسفه اووى مشوفتش حضرتك
-وانا أعمل ايه بأسفك ده  ..بعد كده تبصى قدامك وإنتى ماشيه يا إما متخرجيش من بيتك اصلا.
-ماقولتلك آسفه.. أعملك إيه تانى ..إيه قله الذوق دى..!!
تحركت "هنا "من امامه فى سرعه وتركته مذهول وهو يردد
- اناا ..قله ذوق .
بحث عنها حوله لكنها اختفت  فدخل الى المصعد وضغط زر الهبوط فى عصبيه
سأل عنها فى استقبال الشركه لكنهم لم يعرفوا من يقصد  احس بالحنق الشديد  لكنه استسلم لارهاقه وتعبه فعاد الى منزله واستغرق فى نوم عميق .

.............

أنهت "هنا" مقابلتها فى الشركه وأعجب "عمر " بتفوقها وحبها لعملها ورغبتها فى إثبات نفسها ورحب بإنضمامها لفريق  العمل  لديهم .
عادت إلى منزلها وهى سعيده  ..واخبرت والديها بقبولها فى الوظيفه ..وانها ستبدأ العمل من الغد .
احتضنتها والدتها فى حب  وهى تبارك لها ..أما والدها فقال لها
-وهم يطولوا مهندسه شاطره زيك تشتغل معاهم  إنتى مكسب ليهم  يا بنتى .
- ربنا يخليك ليا يا بابا دايما  بترفع معنوياتى بكلامك ده
تصاعد رنين هاتفها فقالت
-  ياخبر دى" نور " انا نسيتها خالص  كلمتنى كتير وانا فى الشركه ومعرفتش ارد عليها  هدخل جوه اكلمها ..بعد اذنكم
ردت على صديقتها وبشرتها بقبولها فى الوظيفه .
قال" نور "فى مرح
-كده يبقى ليا عندك عزومه من أولل مرتب  ولا أقولك ادينى إنتى بس المرتب وأنا هتصرف .
-عارفه أحلى حاجه فيكى إيه يا "نور" ..إنك قنوعه أووى
- طبعا يا بنتى أنا كلى مميزات  .
ضحكا معا فى مرح  وأنهت مكالمتها   وأخذت تستعد  ليوم غد .
..................
فى الصباح إستيقظت" هنا "مبكرا   وتوضئت وصلت فرضها ..دعت الله أن يوفقها فى عملها الجديد ويلهمها الصواب دايما  .

خرجت من غرفتها لتودع والديها وتغادر سريعا...
-صباح الخير ...أنا نازله
-مش هتفطرى  يا" هنا"
- لاياماما مش عايزه أتاخر أول يوم..هاكل أى حاجه فى الطريق .
-استنى يا "هنا "عايز أقولك كلمتين
-خير يا باباا   ؟!!
-شوفى يا "هنا "أنا ربيتك بالحلال يا بنتى وعمرى ماقصرت معاكى فى حاجه لا ماديه ولا معنويه يعنى مش عايزك تحسى إنك اقل من أى حد من اللى بيشتغلوا معاكى أو حتى اصحاب الشركه...انتى يابنتى غنيه بأخلاقك وتعليمك وفوق ده كله ضميرك اللى لازم تحكميه قبل ماتعملى أى حاجه  ولازم تعرفى يا بنتى ان محدش هيخاف عليكى اكتر مننا .. يلا يا بنتى علشان متتأخريش على شغلك.. ربنا يوفقك
شعرت هنا بالتأثر من كلام والدها فحضنته فى حب  وقالت -ربنا يديمك عليا نعمه يا باباا  ..أنا هنزل بقى أدعولى .
خرجت "هنا "من شقتها لتقابل "ياسر" جارها وهو خارج أيضا من شقتهم .
-صباح الخير يا "ياسر"  ازى طنط ونور ؟
-صباح النور يا "هنا" ...كويسين ...هوانتى نازله أول يوم شغل النهارده .
- أيوه ..
قال فى حب
-ربنا يوفقك .
-أنا اتاخرت اووى .. بعد اذنك  .
ونزلت سريعا لتلحق بعملها الجديد
.............
-إيه ده يا" عمر".. ايه البنات دى ؟
-مالهم بس  يا "يوسف"
-انت بتستعبط ولا ايه ..أنا مش قولت مش عايز اى بنت معانا فى الشركه .
-ازاى بس ..أمال السكرتاريه والعلاقات العامه اللى أنت وافقت عليهم قبل كده دوول ايه ؟!
-أنت قولتها سكرتاريه يعنى بتنفذ اللى يتقالها...مش عايزنى أشغل واحده وأحط تحت ايديها مشروع بملايين أنت عايز تقفلنا الشركه ونفلس ..دوول مبيجيبوش غير الخراب .
-اهدى بس يا" يوسف"...اولا دوول هيبقوا تحت التدريب يعنى عمرهم ماهيمسكوا مشروع بملايين زى ما بتقول... ثانيا هيبقى معاهم  مهندسين كبار تحت اشرافهم مش هيشتغلوا لوحدهم... ثالثا انت لو شوفت شغلهم اللى عملوه قبل كده هيعجبك زى ماعجبنى...
رابعا بقى وده الاهم مينفعش تدخل حياتك الشخصيه وكرهك للستات فى شغلنا يا "يوسف"
-قصدك ايه
-انت فاهم قصدى كويس...وبعدين احنا هنجربهم ثلاث شهور الاول لو اشتغلوا كويس يبقى استفادنا مهندسين كفاءه.. اما بقى لو طلعوا اى كلام يبقى مخسرناش حاجه  .
اجتمع" يوسف" مع كل موظفين شركته واخبرهم بضروره العمل بجد لرفع اسم الشركه ودفعها للامام وانه لن يقبل اى تقصير من جهتهم
كانت غرفه الاجتماعات مزدحمه جدا ولم تجد" هنا "مكانا لتجلس فوقفت فى زوايه المكان ..أعجبت بكلام مديرها فهو مثلها يريد اثبات نفسه وتحقيق احلامه ..أمالت راسها لتستطيع رؤيته فى نفس الوقت الذى قال فيه" يوسف"
-اعتبروا المشروعات دى هى شهاده التخرج الحقيقيه ليكم ..الناس اللى هتدرب معانا دى فرصه عمركم ياريت تستغلوها كويس لان اللى هيغلط.....
لمح" هنا" فجأه وهى تحاول رؤيته وتعرفها  فهى من أهانته بالأمس وهو لا ينسى إهانته أبدا  فأكمل كلامه بخبث وهو ينظر اليها  قائلا
-لأن اللى هيغلط هبقى قليل الذوق اووى معاه...اتفضلوا الاجتماع انتهى
غادر الجميع الغرفه فى هدوء
.............
عند هنا
كانت تتشارك الغرفه مع ثلاثه من المتدربين ...فتاتين وشاب..أخذوا يتبادلون الحديث عن المهندس" يوسف" وكيف انه قاسى جدا ولا يقبل الخطأ وأن العمل معه سيكون صعبا جدا ولكن عليهم التمسك بفرصتهم ...لم تسمع هنا حرفا واحدا  مما يقولونه وشردت فى الموقف السخيف الذى حدث معها بالامس لم تكن تعطيه اهميه لكن يبدو ان هذا المدعو "يوسف" لم ينساه
-انتى ايه رايك ياهنا؟؟ ...هنا
-ايوه يا "ايه".. آسفه مسمعتش كنتى بتقولى إيه ؟
-كنا بنتكلم عن صاحب الشركه إنتى إيه رايك فيه؟
مش عارفه لسه متعاملتش معاه بس باين عليه جد وعايز يكون ليه اسم كبير ياريت بقى نبدأ.....
قطع حديثها دخول" يوسف " وهو ينظر اليها فى حنق
احست بجفاف حلقها وسكتت تماما فى حين قال" يوسف "
-سكتى ليه ماتكملى ....الظاهر انتى فاكره  انك جايه نادى مش شركه محترمه ..احنا هنا بنشتغل وبس مش فاضيين للرغى   .
حاولت" هنا " الاعتراض فقاطعها بصوت عالى
-مش عايز كلام كتير ...اتفضلوا شوفوا شغلكوا
ونظر اليها بسخريه وخرج فى هدوء
اندفعت "هنا "ورائه ولحقت به وهى غاضبه مما قاله لها بالداخل
-استنى لو سمحت 
قال فى سخريه
-ولو مسمحتش ..هتعملى ايه ؟!
-هتكلم برده..حضرتك أهانتنى جوه ومشيت قبل ماتسمع ردى ..أنا مش جايه هنا علشان أرغى .انا هنا علشان اشتغل وحضرتك اللى محتاجنى و محتاج موهبتى ..ومش هسمحلك تهينى أو تقلل منى.. وياريت تنسى الموقف الشخصى السخيف اللى حصل زى ما انا نسيته ونركز فى شغلنا احسن ....كلامى مفهوم
شعر "يوسف "بغضب شديد مماقالته فكيف تتجرأ  على ذلك وهى من تعمل عنده  وليس العكس
وللمره الثانيه تتركه مذهول منها وتنصرف فى براءه كأنها لم تفعل اى شيئ خطأ
.........
  بعد مرور اسبوع ...
قام عمر باستدعاء جميع المهندسين لتقسيم المشروعات بينهم   وكانت "هنا "من الفريق التابع له مع زميلها "اسلام"  اما  الفتاتين "آيه" و "مريم" كانتا من نصيب فريق "يوسف" الذى اعترض على هذا فسخر منه "عمر قائلا
-مش هتعرف تشغلهم ولا ايه
-انا مش عايز اتعامل معاهم اصلا يا عمر ..مش حكايه اشغلهم  ثم اكمل فى تساؤل غريب
وبعدين اشمعنى "هنا "اللى اخترتها تشتغل معاك
-السبب المباشر أنها شاطره وموهوبه وانا محتاجها فى  شغل القريه السياحيه.. والسبب الغير مباشر بقى انها طلبت منى ده ....هو فيه حاجه حصلت بينكم ؟!
تجاهل "يوسف سؤاله الاخير كأنه لم يسمعه ورد قائلا
-يعنى هتسافر معاك كمان
رد فى استنكار
-ايوه طبعا امال هتنفذ شغلها ازاى ..بالبلوتوث
ثم نظر ايه فى دهشه قائلا
-انت مردتش على سؤالى... هو فيه حاجه انا معرفهاش   ؟!
قال وهو يخرج من الغرفه فى  سرعه
-لا..هيكون فى ايه يعنى ..انا نازل الموقع
وترك "عمر"وهو متعجب من أسئلته .
يتبع

لعنة الماضي بقلم /مي محمد (مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن