بالقرب من أحد موانئ هولندا في منطقة حيث يتم إصلاح سفن الصيد ، كانت هناك امرأة شابة ، كان الجو بارداً جداً و كان صغيرها يبكي بشدة كانت تحاول تدفئته و إلهائه بتلك التهويدة التي تغنيها له بصوتها العذب الجميل لينام
رغم قسوة كلمات الأغنية إلا أن صوت الأم كان ليجعلها أفضل تهويدة على الاطلاق .. لا أتذكر وجهها أو أي ملامح لها ..
لكنني أتذكر تلك التهويدة جيداً رغم أنني كنتُ صغيراً جداً حينها ، وكأن هذه الأم الهولندية ألقت تعويذة في داخلي .. أسمعها في أحلامي كل ليلة
وأرى تلك المرأة الهولندية من كانت ، ما هويتها .. هل كانت عاهرة قررت أن تتوقف و تنجب طفلاً و ترعاه أم كانت فتاة نبيلة
لكنها كانت فقيرة ولا تملك حتى غطاء .. ماتت من شدة البرد و هي تحتضن ذلك الطفل الصغير .. وجده صياد ، رعاه حتى اشتد قليلاً لكن الصياد مات و زوجة الصياد كانت سيئة فطردت الصبي ، كان يبحث كن مكان يأوي إليه فعاد للمكان الذي ماتت فيه أمه .. وجد سفينة فرنسية ، ذهب إليهم و جعلوه يعمل لديهم .. ينظف السفينة ، كان الفرنسيون على تلك السفينة ينادونه بالهولندي
كان قبطان السفينة رجلاً فظاً قبيحاً و سميناً .. كان دائماً ما يعنف الصبي
لكن الهولندي علم أين يخفي القبطان كنزه الخاص داخل السفينة
هاجم السفينة القراصنة و عقد الهولندي صفقة مع قائدهم و أخبرهم عن كنز القبطان الفرنسي
انضم الهولندي للقراصنة و مرت الأيام و صار هو القبطان .. و أسمى السفينة الهولندي الطائر .. الأساطير ملأت البحر عن تلك السفينة ، أن من على متنها هم وحوش بحرية وليسوا بشراً عاديين
عندما إزدحم العالم قابل الهولندي الأتراك العثمانيين .. عقد معهم صفقة ، حارب إلى جانبهم .. أصبح أدميرالاً بحرياً و صارت الهولندي الطائر جزء من الأسطول التركي
عرف الاسلام و أسلم و تزوج أميرة تركية ، كانت أيبك .. كانت جميلة ، أنجبتُ فتاة غاية الجمال .. أسميتها أماليا .. أردتُ أن أترك البحر و أن أعيش تلك الحياة الهادئة التقليدية التي يعيشها الجميع .. حققت الحلم لبعض الوقت
طلبني السلطان العثماني ذات ليلة و أخبرني أنه يحتاج إليّ ، وعدني أنها ستكون آخر مهمة لي و للهولندي الطائر .. حرب أخيرة لاسترداد اليونان
كانت تلك آخر مرة تغادر فيها الهولندي الطائر الميناء .. تدمرت السفينة بفعل المدافع اليونانية .. خسرنا المعركة ، لكنني تمكنت من النجاة
رجعت إلى تركيا بعد شهور .. وجدت أن أماليا كانت قد مرضت مرضاً شديداً و ماتت بينما كنت بعيداً عنها .. لم أرها ، ماتت و دُفِنت تحت التراب ولم أستطع
أن أضع على جبينها قبلة أخيرة
كانت تلك نهايتي .. لم نعد أنا و أيبك كما كنا من قبل ، تطلقنا .. تركت تركيا ، ركبت على متن سفينة إلى الجزائر .. و هناك تمكنت من العمل على سفينة تنقل النبيذ بطريقة غير شرعية من و إلى أفريقيا ..
كنتُ في ما يشبه السقوط الحر ، حتى وصلتُ إلى الحضيض
حتى صِرتُ على ساحل مونروفيا فقيراً و مديوناً مثقلاً بالديون ولا أملك حتى مجرد الأمل لأعود من جديد .. كنتُ فقط أنتظر موتاً رحيماًسألت فيونا " كيف سينقذنا الحريق يا فان هارلم ؟ "
فان هارلم " منطقة المثلث ليست نقطة في الأطلسي ، إنها منطقة .. و إذا رأيت السفينة الأمريكية بالمنظار فقد رأونا أيضاً .. سيتبعوننا قليلاً ثم سيشعرون بالخداع و يعودون إلى أمريكا "
فيونا " ماذا قلت ، أنا لا أفهم "
فان هارلم " سترى الحريق السفينة الأمريكية و ستقترب من الجزيرة "
فيونا " سفينة القراصنة ! " كانت في حالة من الزهول و الصدمة ، هي لا تعلم لماذا أنتظر مساعدة القراصنة و لماذا أذكر السفينة الأمريكية و ليس سفينة القراصنةفان هارلم " فيونا أريدك أن تركزي جيداً معي ، تلك السفينة التي رأيها بالمنظار و أخبرت الجميع علي أيسون أنها سفينة قراصنة و أن هؤلاء القراصنة قد نهبوا السفينة الأمريكية و يضعون العلم الأمريكي للإيقاع بنا .. كل هذا كان كذباً ، خداعاً "
فيونا " لماذا فعلت هذا .. أنا لا أفهم لا أستطيع أن أستوعب ، هل أنت مجنون "
فان هارلم " لدي خطة .."
فيونا " أنا لم أعد أستطيع التفكير ، أنت شخص غريب بحق ، أخبرني شيئاً واحداً .. هل أنت متأكد من نجاح خطتك التي تديرها في دماغك اللعين "
فان هارلم " متأكد بنسبة عشرين في المائة ، أحتاج بعض الحظ فقط "
فيونا " أنت فعلاً شخص مجنون و مختل " كانت علامات الزهول و الصدمة تفيض من ملامحها .. كان غاضبة مني و في حالة صدمة من الأمر ، لم تستطع استيعاب الأمر .. جلست على رمال الشاطئ منهارة و أخذت تبكي
كانت تنعتني بالمجنون
أنت تقرأ
الأحجار العائمة
Mystery / Thrillerتدور أحداث الرواية في القرن الثامن عشر سفينة تركية تحمل أحجار كريمة من البرازيل إلى تركيا و لكن قبطان السفينة يقرر عقد صفقة أخرى لنقل مجموعة من العبيد من أفريقيا إلى أمريكا و يحتاجون القرصان و الأدميرال السابق فان هارم الهولندي ليبحر بهم عبر الأطلن...