الفصل التاسع

44 7 0
                                    

نجحت خطتي و رأيت سفينة بعيدة تقترب من الجزيرة .. إنطلقت و قفزت إلى المياه و أخذتُ أصيح و أصرخ و ألوح بيديّ لألفت إنتباههم .. كانت الفرحة تغمر فيونا ، لم تكن تتوقع أن ينجح الأمر مطلقاً ..
كانت هي السفينة الأمريكية التي اتفق معهم القبطان عبد المجيد
عندما أصعدونا على متن السفينة أنا و فيونا .. اقتربت منها و أخبرتها ألا تقص ما حدث و تترك الأمر لي .. لأن الخطة التي حِكتُها لم تنتهي بعد ..
أخبرتها أن تتذكر أننا نسير على خطتي
سألتُ عن الكابتن عبد المجيد ، بالتأكيد كان على متن السفينة .. حياً يرزق
كان رجلاً كبيراً قصيرا يبدوا في العقد الخامس ، كانت لحيته تكاد تغطي وجهه ، كانت بيضاء شديدة البياض
فان هالم " أيها القبطان عبد المجيد .. بالتأكيد يمكنك التعرف على الأوراق التعريفية الخاصة بالكابتن إيهاب " و أخرجت تلك الأوراق التي احتفظت بها معي .. كانت دليلاً قاطعاً على أنني أحمل سر عن شيء حدث في أيسون
تعرف الكابتن عبد المجيد على فيونا أيضاً و كان مستعداً لتصديقي في كل ما سأخبره تالياً
فان هارلم " أيها القبطان ، لحد حدثت الكثير من المشاكل على سفينتك وذلك بفعل الخطأ الذي اقترفته ، نقل مجموعة من العبيد عبر الأطنسي إلى منطقة المثلث كعمل خاص لا يعلم عن مالك السفينة السيد بينسيرلي ..
لقد تعرضت السفينة لعاصفة شديدة .. تلف أحد الصواري و ألقينا بنصف الفحم الذي نستخدمه كوقود للمحرك البخاري .. فقدنا رجلاً أحد البحارة ، و فقدنا الكابتن إيهاب .. و قصتنا أنا و فيونا أيضاً .. ما أضمنه لك أن الكابتن بيراك سيخبرك بكل التفاصيل "
القبطان عبد المجيد " لقد رأيت سفينتي تبتعد عن ناظري في البحر و أنا لست عليها ، إذا كان ما ترويه حقيقة لماذا ابتعدتم و أين ذهب بيراك بسفينتي "
فان هارلم " لقد تضررت السفينة ، جرفتنا الأمواج الشديدة .. إنهم ينتظرون على جزيرة بربادوس .. وهي أقرب جزيرة من مكاننا هذا "
عبد المجيد " أتريدني أن أخبر الأمريكان بالأمر بأن يكملوا إبحارهم إلي جزيرة بربادوس .. لقد خسرنا الصفقة إذاً "
فان هارلم " دع أمر أقناع الأمريكان لي أيها القبطان عبد المجيد "

وغادرت .. قبل أن أخرج أخبرني أنه يريد الإعتذار من الآنسة فيونا عن تلك المخاطر و المتاعب التي تعرضت له
فان هارلم " أيها القبطان ، بالتأكيد الآنسة فيونا ستقدر إعتذارك لكن لا تسألها أو تخبرها عن شيء الآن لأنها في حالة من الصدمة " ثم غادرت
ذهبت إلي القبطان الأمريكي و استطعتُ إخبارهم و إقناعهم بأن الصفقة لازالت مستمرة لكن السفينة فقط تضررت و أنهم على جزيرة بربادوس

وعدتُ إلي فيونا ، كانت قد ارتدت ملابس جافة و كانت تجفف شعرها ، كانت ترتدي ملابس بحارة رجالية في غرفة خاصة و كأنها غرفة مخصصة للضيوف الرسميين .. عندما دخلت في الحال قامت بتغطية شعرها
فان هارلم " الأمريكان ، يهتمون بتلك التفاصيل الصغيرة الجميلة ، و كأنها غرفة في أحد الفنادق .. بالمناسبة تناسبك الملابس " كنتُ أبتسم و كانت فيونا تضحك خجلاً و تحاول إخفاء ضحكتها الجميلة تلك
فيونا " لا توجد سوى الملابس الرجالية "
فان هارلم " إنها جميلة .. يبدو أنكِ هدأتي أخيراً "
فيونا " هل قابلت القبطان عبد المجيد .. كل كان حياً "
ابتسمت و أجبتُ " كان حياً جداً "
فيونا " لازلت تمزح ، لابد أن تخبره عما فعله بحارة أيسون خاصته معنا ، عن بيراك هذا .. كيف يلقون بنا هكذا .. يجب أن تخبره بكل هذا ، يجب أن ينالوا عقابهم "
فان هارلم " نعم بالطبع .. لكن لا تحاولي إخبار القبطان عبد المجيد بأي من هذا ، دعي كل تلك التفاصيل لي "
فيونا " حسناً .. رغم أنني لازلت أراك شخصاً مجنوناً و مختلاً لكني سأتبعك حتى أصل لتركيا " سكتت لبرهة ثم أكملت " هل كل البحارة مجانين أم هو أمر خاص بالقراصنة "
فان هارلم " إنها موهبة شخصية " و ابتسمت و ضحكت هي أيضاً
فيونا " الآن أين ستبحر تلك السفينة ، هل ستأخذنا إلى أمريكا ؟ ! "
فان هارلم " ستأخذنا إلى جزيرة ، جزيرة بربادوس وهي  أقرب سفينة من موقعنا هذا "
فيونا " ماذا ؟! كيف هذا ؟ لماذا ؟ "
فان هارلم " لأنني أخبرتهم بأن بيراك سيبحر بالأيسون إلى تلك الجزيرة "
فيونا " و كيف تعرف هذا ؟! إنهم يتجهون إلى البرازيل "
فان هارلم " السفينة متضررة و لن تصمد في رحلتها إلى البرازيل .. أنا أعلم أنهم سيبحرون إلى بربادوس .. حسناً إذا كانوا أذكياء "
فيونا " أنت لا تمزح صحيح .. أنت شخص مجنون ، لقد ألقونا في المياه لأنك كنت تريد العودة بالسفينة إلى أفريقيا و الآن تخبرني أنها لن تتحمل الإبحار إلى البرازيل و التي من المفترض أن تكون أقرب من ساحل مونروفيا
هل أردت حدوث ذلك كله .. لماذا لم تقترح أن نتوجه بالأيسون  إلى بربادوس
أنا لا أفهم كيف تفكر بعقل المجنون هذا "
فان هارلم " ثقي في يا فيونا .. لديّ خطة و أنا واثق منها "
فيونا " أنا لم أعد أريد مناقشتك في خطتك ، لا أستطيع فهمك .. لكن سؤال فقط يدور داخل عقلي الصغير .. هل أنت متأكد أن أيسون ستبحر إلي بربادوس "

فان هارلم " متأكد بنسبة أربعين بالمائة .. لدي رجل على هذه السفينة يعلم بخطتي "
فيونا " أربعون بالمائة ! " كان الزهول على وجهها و المفاجأة يفجران مضخات الضحك داخلي ، لكنني كنتُ فقط أبتسم أمامها حتى غادرت .. و انفجرت أضحك على تلك الملامح الجميلة .. كنت أجد صعوبة في التوقف عن الضحك و أنا أسمعها تثور في تلك الغرفة ، لقد دفعتها إلى حافة الجنون ..
كانت لديّ خطة ، خططتُ لهذا .. قد تكون الخطة مجنونة و غير مضمونة النجاح لكن كما يقول الفلاسفة إن الفارق بين العبقرية و الجنون هي شعرة بسيطة جداً

الأحجار العائمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن