الساعة الـ11:00pm أمام قصر داوود أوغلو...
أوقف السيارة عند الباب بعد أن وصفت له الطريق فهو لا يعلم سوى بالقصص التي كانت ترويها له في كل فرصة،ولم يسبق له أن التقى بأحد من عائلتها سوى معرفته بشكل بألب بعد أن راقبهم ذات يوم من بعيد لينطق بانبهار:
-(عمر)منزلكم جميل جداً من الخارج،يبدو كقصور ألف ليلة وليلة.
-(دفنة)إنه إرث بين الأحفاد من جدنا الأول حتى وصلت مفاتيحه إلى أبي.
-(عمر)عتيقٌ،أنيق وواضح انه هرم ومرت على جدرانه آلاف الحكايا.
-(دفنة)هذا ما كانت تظنه آسيا المجنونة حين رأته اول مرة؛فكانت تقول هل من الممكن ان تكون الأميرة وزوجة أبيها الشريرة قد عاشتا فيه.
-(عمر)ربما تعيش فيه الآن،لا عجب فأميرته تجلس بجانبي.
خجلت من مدحه لتتحول ملامحها إلى الجدية فجأة لتردف بقلق من ردة فعله:
-(دفنة)ترى من ستقوم بدور زوجة الأب وتقوم بتعذيبي لحبك؟
-(عمر)لم أفهم حبيبتي،ماذا تقصدين؟
-(دفنة)عمر!اريد أن أطلب منك شيء،لكن ارجوك لا تغضب او تظن بي سوءاً.
-(عمر)نطق متعجباً وملامح القلق تظهر على وجهه:ما هذه المقدمة الغريبة؟ماذا حدث الآن؟
-(دفنة)أريد أن نخفي علاقتنا لفترة.
نظر إليها باهتمام متسائلاً بانكسار:
-(عمر)ألا تثقين بي؟
وضعت يدها على فمه لتمنعه من نطق المزيد من التراهات لتقول:
-(دفنة)لا تقل هذا ارجوك.
-(عمر)الذي تطلبينه يدل على ذلك، ما تقولينه ليس بالكلام المنطقي، انا لا أفهمكِ.
-(دفنة)عمر! أنا أحتاج لبعض الوقت، بل كلانا يحتاج؛ فأنا لا أريد اشهار علاقتنا أمام الأصدقاء بين ليلة وضحاها، فليس من المنطق أن تتشاجر اليوم معي ومحمد وغداً نظهر أمامهم كحبيبين سيظننون أننا لعبنا عليهم، ويقولون أنني كنت سبب فتنة بين الأصدقاء وأنك ومحمد تشاجرتما لأجلي.كان يتحاشى النظر إلى وجهها كي لا يلين قلبه أمام مقلتيها حتى احاطت وجهه بكفيها لتوجهه نحوها فتفصلهما مسافة لا تكاد تُقَدر لتكمل تبريراتها لكسب قلبه وعاطفته:
-(دفنة)كما أنني أريد أن أُعلم بهار هذا الخبر بنفسي ولا تسمعه من الآخرين فقد تغضب مني لأنني أخفيت عنها شيئاً كهذا وهي صديقتي الصدوقة.يبدو أنه اقتنع بوجهة نظرها لكنه ما زال صامتاً مكابر لتردف بنبرة مهتزة باكية والدمع يسبح في مقلتيها:
-(دفنة)ألن تقول لي شيء؟
-(عمر)تصبحين على خير.
نزلت من السيارة دون أن ترد عليه لتنزل معها دموعها التي لم يراها ليتحرك بالسيارة من أمامها حتى نظر يودعها عبر المرآة الجانيبة ليلمح لآلئ تلمع في عينيها بانعكاسات أنوار الشارع عليها وقد زينت وجنتها مع التفاتها للرحيل ليوقفها صوت مكابح السيارة التي عبرت عن غضبه واحتراق قلبه لما سبب لها من حزن وانكسار التفتت مجدداً لتجده ينزل من السيارة مسرعاً باتجاهها محتضنها دون سابق إنذار فاعتصرها بين ذراعيه العريضين بصمت يعبر عن ندمه حتى كاد أن يكسر أضلعها.
-(عمر)أنا آسف.شدت بقبضتها على قميصه من الخلف مع ضحكات مهتزة اطربته ليعلم انها قد قبلت اعتذاره، ثم ابعدها عنه ليمسح ماءً مالاحاً زين خديها وهي تبتسم لمعاملته الرقيقة وقلبه اللين الذي لم يفرط بها بضع أمتار قليلة ليتركها حزينة الليل كله.اخرج من جيبه مفتاح تسائلت عنه ليقول:
-(عمر)ألم تأخذيني إلى معبد العشاق! حين تركتك في الفندق ونزلت اتمشى اشتريت قفلاً ووضعته على الباب حتى لا يعبث أحدٌ بزخرفة حبيبتي وليكون للعشاق فقط؛ امسك يدها ووضع بها خمس مفاتيح وهو يعد أصحابها:
هذا لألب،وآخر لأصلي،وهذين الإثنين لآسيا الصغيرة تعطيه لمن يستحق امتلاك قلبها، وخامسهن لَكِ، ثم أخرج من جيبه الأخرى مفتاح شبيه الخمسة مشبوك بحمالة للمفاتيح محفور عليها حروف إسمها ليقول:
أما حبيبك فقد اخذ نصيبه من المفاتيح ونصيبه من امتلاك قلبك. عادت الدموع تتلألأ في عينيها لكن هذه المرة من فرط السعادة التي تسمعها وتراها أمامها "لا يمكن أن يكون بشراً، أحمد الله الذي جعل لي مكاناً في قلبك". اقترب منها ليطبع قبلة لطيفة على حافة ثغرها المتورد ونعومة بشرتها ليقول بالقرب من شفاهها:
-(عمر)تصبحين على خير يا أميرتي.
ارسلت قبلتها بنفس المكان الذي اختاره لكن هذه المرة على خشونة ذقنه المحيطة بفمه الصغير لتقول:
-(دفنة)أنا محظوظة بك،تصبح على خير.
عاد للسيارة مغادراً وهي تلوح له وقلبها من الفرحة كاد يخرج من فمها اتجهت عبر الحديقة المظلمة نحو باب المنزل لتسمع نداء ارعش كيانها.
"دفنة!"
...
...
"هل رأونا؟"هذا كان أول ما سألت به نفسها قلقاً.
التفتت بابتسامة متوترة لتقول:
-(دفنة)بسم الله الرحمن الرحيم، ماذا تفعلون هنا حتى هذا الوقت؟
-(ألب)بل أنتِ ماذا تفعلين في الخارج حتى هذا الوقت؟
اقتربت لتجالسهم وهي تفكر بما ستجيب على سؤاله.
-(دفنة)كنت مع أصدقائي وسرقنا الوقت فلم انتبه للساعة؛هزت رأسها لتكمل:يعني ليس بالامر المهم. لكن انتم امركم غريب! ما سر اجتماعكم هذا هنا؟هل حصل شيءٌ سيء؟
-(أصلي)لا أبداً، جالسين نتسامر كأيام مضت.
-(آسيا)وهي تنظر لدفنة بطرف عينها:لكن كان ينقصنا أحدهم، يبدوا أنه قد نسينا بمجالسته أصدقاء الخفاء الذين لا نعرفهم.
-(دفنة)كفي عن قول السخافات،احتضنتها لتكمل:لقد اشتقت لكم كثيراً؛أبعدت آسيا عنها لتردف بحماس وهي تفتش في حقيبتها:انظروا ماذا سأريكم!
اخرجت المفاتيح الخمسة من حقيبتها ووضعتها على الطاولة وابتسامة بلهاء تعلو ثغرها أمام ثلاثة ينظرون إلى المفاتيح بتعجب ليسأل أحدهم سؤالاً مشترك يجوب في عقولهم جميعاً:
-(ألب)ما كومة الحديد هذه يا صغيرة؟!
اشارت برأسها لهم كعنصر للتشويق لينحنوا كمن سيسمع سراً خطير لتقول لهم بهمس:
-(دفنة)بما أنكم تستعيدون ذكريات جميلة فلا بد من أنكم تذكرون معبد العشاق. واتبعت جملتها بغمزة وهي تعدل جلستها.
-(أصلي)وهل يمكن نسيانه؟ لقد كان بيتنا السري عن أعين أبي.
-(ألب)لم أفهم ما علاقته بهذه المفاتيح؟
-(دفنة)حين ذهبت إلى انطاكيا آخر مرة زرته وكان على حاله، فوضع عليه قفلاً خوفاً من أن يعبث به أحدهم؛وهذه حصصكم.
-(ألب)من الذي وضع القفل؟
-(دفنة)تعثلمت لتقول بتوتر:أأ..أنا وضعته ومن يكون غيري!
-(أصلي)أنا وألب، واثنان لآسيا، وواحدٌ فقط معك!
-(آسيا)وأين مفتاحك الآخر؟
زاد توترها لتنهض وهي تغير الموضوع دون رد فهي تعلم أنه سيتم كشفها إذا حاولت الكذب لتقول وهي متجهة نحو الباب مسرعة:
-(دفنة) سأصحو باكراً فلدي غداً محاضرات طويلة،تصبحون على خير يا قوم.
نظر ثلاثتهم لبعضهم مثبتين شكوكهم حولها:
...
استيقظت على رنين الهاتف المزعج لتلمح الإسم والساعة بطرف عينها لتضغط زر الإجابة مغمضة العينين وتقول بتململ:
-(بهار)الساعة الآن السادسة صباحاً وعقل بهار لا يعمل إلا بعد العاشرة الرجاء الإتصال لاحقاً او ترك رسالة صوتية بعد سماع الصافرة.
-(دفنة)كفي عن هذه الحماقات، اريد ان اخبرك شيئاً مهماً.
-(بهار)هل رأيتني في أحلامك؟ فلا يمكن حدوث شيءٍ مهم من السادسة صباحاً.
-(دفنة)بجدية وصرامة ايقظت بهار بأوامرها:توقفي عن الفلسفة وتجهزي لنتناول الفطور في الخارج واخبركي ماذا حصل في الأمس يا غبية.
-(بهار)اووووف، حسناً أراك في مكاننا.
_________________
خرج الشاي من انفها قبل فمها بعد الصدمة.
-(بهار)ماذا؟
تضحك الأخرى على منظرها لتمدها المنديل وهي تتظاهر بعدم الفهم والمبالاة لترفع كتفها وحاجبيها وتقول:
-(دفنة)ماذا، ماذا؟!
-(بهار)بعد ان مسحت وجهها ومضغت ما بقي في فاهها عدلت جلستها لتسأل ثانيةً:ماذا قلت قبل قليل؟ ماذا حصل بالأمس؟ اريد تفاصيلاً لا موجز سريع.
-(دفنة)لقد اعترف لي بحبه و...
احمر وجهها لتغطيه بكفيها بعفوية أثناء سرد ما حدث لبهار المنصتة لحكاية حب أسرع من الخيال واغرب من القصص.
-(بهار)آآآآآه،كم الحب شيءٌ جميل،تليقان ببعضكما كثيراً،إنه أجمل خبر سمعته في حياتي، ضربت خديها بعفوية دلالة على الحسرة لتكمل:العقبى لي ولفارس أحلامي الذي لا أجده.
-(دفنة)وهي تضحك على تصرفاتها:ستجدينه ستجدينه،هيا اكملي فطورك لنذهب إلى الجامعة.
-(بهار)إلى الجامعة ام إلى عمر، اتبعت جملتها بغمزة تلون بها وجه دفنة خجلاً.
-(دفنة)إياكي وأن تخبري أحداً عن هذا الموضوع.
-(بهار) لِمَ؟ اهاااا فهمت؛ من اجل شجار عمر ومحمد بالأمس، حتى يهدأ الوسط.
-(دفنة)تماماً، ولا تقولي شيئاً أمام آسيا،لأن لسانها طويل ولا تحفظ سراً.
-(بهار)حسناً حسناً، إن انتهيتي من تلقيني أوامركِ المزعجة لنذهب قبل ان نتأخر.
...
ما أن دخلتا بوابة الجامعة حتى بدأت بمسح شامل على جميع الطلاب تبحث بعينيها عنه أما هو فكان وراء إحدى الشجيرات يراقب حركاتها الطفولية وكأنها تائهة تبحث عن أمها قطعت تركيزها بهار بجملة خيبت آمالها:
-(بهار)يؤسفني أن اقول لكي أنه ليس موجود.
-(دفنة)قوست شفتيها لتسأل:كيف عرفتي ذلك؟
-(بهار)انظري حولك لا يوجد تجمعات للفتيات يتهامسن بشكله وملابسه وسمرته وقميصه المكوي بإتقان.
-(دفنة)من الجيد أنه ليس هنا، فإن رأيت او سمعت احداهن تتكلم عنه او تغازله سأقتلها وأقتله.
اقترب نفسٌ من أُذنها اربكها وأشعل حرارة تحرق دواخلها ليهمس:
-(عمر)وهل تفرطين بي؟
التفتت بسرعة لمن اشتاقت لتكحيل عينيها برؤيته ليباغتها بعناق سريع استنشق فيه رذاذ عطرها ليقبل عنقها قبلة سريعة دون ان يلحظها أحد، ثم افلتها ليقبل وجنتيها قُبَلٌ أعمق لتقول بتوتر:
-(دفنة)ماذا تفعل أيها المجنون الجميع ينظر إلينا.
اقترب من بهار محتضنها لتبادله العناق ففهمت مغزاه ليقول بمكر وهو يغمز لها.
-(عمر)ما المشكلة في أن ابادل العناق الصباحي مع صديقاتي؟
-( بهار ) والله انا لا أرى أي مشكلة عانق وقَبل كما تريد يا صديق ، اتبعت جملتها بضحكة عالية لتقول:
- (دفنة) : والله انكما مجنونان .
- ( بهار ) والله عمر كان عاقلاً ولكن انت من افقده اياه .
- ( عمر ) انظري أن صديقتك قد شهدت معي أنتِ قد اصبتني بالجنون يجب أن تعاقبي ، ثم سحبها بحماس متفاجئة هي تقول
- ( دفنة ) عمر ! إلى اين تأخدني لم تنتهي دروسي ، ولم أخبرهم في المنزل أنني سأتأخر بعد الظهر .
- ( بهار ) اذهبي مع مجنونك ، وعمي ادهم عندي ، إن اتصل سأخبره أنك معي . سحبها من يدها مبتعداً وهو يلوح لبهار :
- ( عمر ) لن انساها لك يا عزيزتي . . . .
فتح لها باب السيارة لتركب ويصعد هو الآخر بجانبها لتقول :
- ( دفنة ) اييييه ، سيد عمر إلى أين سنذهب ؟
- ( عمر ) لنرى !لكن بالبداية أتستمتعين باضطراب الادرينالين؟
-(دفنة)راحت تصفق بحماس:لعبتي المفضلة.
-(عمر)هيا إذاً قبل ان يختفي ذلك الحماس.
أنت تقرأ
فتاتي النرجسية 🌼
Romanceكيف لزهرة رقيقة ان يرافقها ذلك الوصف القاسي "النرجسية"؟ وقد رافقت تلك الصفة فتاتنا النرجسية كما نعتها به عاشقها المجون الذي التقى بها بعد سنوات تحمل بين ذراعيها طفلاً لا يعرف أنه من صُلبه!