وقف ليلتفت نحوها وما زال أدهم متكئ على كتفه بأمان وكأنه وجد سنده الذي سيكون درعه من كل شيء،انتفضت خوفاً ما أن أبصرته وابنه بين يديه؛
"بهذه السرعة!"
هذا ما قالته في نفسها ليقطع تواصل العينين الذي دام دقائق بصمت بالغ:
-(كريم)ماذا حدث لكما؟
حمحم محاولاً السيطرة على نفسه،ومد يده لها مصافحاً ببرود لا يعكس ما بداخله أبداً :
-(عمر) مرحباً دفنة.
-(دفنة) ببرود معاند يفوق عناده:مرحباً،كيف حالك!
-(عمر)بتوتر:بخير،بخير…
بنفسه:
"لا لست؛او لم أكن ولكن الآن أصبحت بخير بعد أن لمحتك حتى لو لم أشبع منكِ بعد لكن يكفي أنني رأيتك"
-(عمر) ثم أكمل:وانتِ؟
-(دفنة)جيدة جداً…
بنفسها:
"لا لست جيدة من دونك،ليتك تكشف كذبتي كما كنت تفعل سابقاً…أما عدت تعرفني! أم أنني أصبحت أجيد الكذب!"-(آسيا)باستغراب:هل تعرفان بعضكما؟
-(دفنة وعمر)معاً:نعم…كنا...أي…يعني…
-(كريم)على مهل! لم نفهم شيء.
-(دفنة)كنا ندرس في نفس الجامعة.
-(عمر)نعرف بعضنا من الحزب.
-(آسيا)يعني لكما نفس الأفكار المجنونة.
-(دفنة)ليس تماماً،فكانت دائماً آرائنا مختلفة.
-(عمر)كنا نتشاجر طوال الوقت على طاولة الحزب.ذكرها في تلك اللحظة بغيرته من محمد وشجارهم حتى اعترف لها بحبه كالمجنون…
"حوار باطني:"
-نحفت كثيراً،،،كل الحالات تليق بك،،،لكنك بصحتك أجمل؛ألا تهتم هي بك!
-شحب وجهكِ كثيراً،أَمِن لقائي!أم من فراقي؟لكنك لا تزالين جميلة.
-اشتقت لكل شيء فيك لم أكن أتوقع أنني سأكون ضعيفة أمامك هكذا بعد هذه السنين،بعد المر الذي عشته بدونك وبسببك.
-بحثت عنكِ كثيراً بعد أن اوصلت بهار أمانتكِ حاولت جاهداً على معرفة مكانك حتى وصلتني الأخبار بأنكِ في ميونيخ،،،زرتها كل شهر طيلة العامين على أمل اللقاء بك ولو صدفة،،،اشتقت لأراكِ ولو كان خلسةً من بعيد،،،لكنني الآن وجدتك وضعفي زاد فلا أستطيع عتابك على هجري دون أسباب أو ربما الأسباب تخفيها عني، لا فائدة من العتاب وقد أسستِ حياة بهذه السرعة وأنا لست فيها
-ليتك تحملني بيدك الفارغة مع أدهم وتحمينا مما قاسينا وتذهب بنا إلى البعيد،،،لكن هذا المعدن حول اصبعك يمنعني من عناقك واخبارك كم اشتقت لرائحتك.
-ليتني اداعب طفلنا الآن،كائناً من كان الذي سرق قلبك بهذه السرعة احسده لأنه استطاع تكوين أسرة لم ولن استطع أنا من تكوينها معك. جيدٌ أنكِ تركتيني قبل أن تعلمي مصابي؛فالأمومة تليق بكِ.عادت لوعيها حين رأت كريم يضع في فم أدهم الممنوع فصرخت دون وعي:
-(دفنة)لااا،أخرجها من فمه بسرعة.
نهضت من كرسيها كالمجنونة لتأخذ أدهم من حجر عمر وإخراج مكعب الطماطم من فمه أمام دهشة الجميع.
جلست تشرب الماء بعد أن هدأت قليلاً أمام أنظار من ينتظر مبرراً لفعلها:
-(دفنة)بتوتر:أعتذر على اندفاعي هذا،لكن…أدهم لديه مشاكل مع الطماطم لا يستطيع تناولها.
-(كريم)ألديه حساسية يعني؟
ازدردت ريقها وهي تهز رأسها بإيجاب،نظر إليها باستغراب وتوتر وتزاحم أفكار نفضها من رأسه بسرعة مبتسماً باستسلام قبل أن يتعلق بآمال كاذبة بالنسبة له؛لمحت تلك الإبتسامة التي اخافتها وسلبت عقلها بنفس الوقت فما تزال جذابة لكل من يلمحها استأذنت هاربة:
-(دفنة)يجب أن أذهب فلدي الكثير من الأمور يجب أن انهيها
-(آسيا)إلى أين ستذهبين أولاً؟
-(دفنة)أولاً إلى المشفى،ثم إلى الحي.
-(عمر)لم يستطع كبح خوفه الذي اسعدها:مشفى!لماذا؟هل أنتِ بخير؟
-(دفنة)بابتسام لتثلج قلبه:بخير لا تقلق.
-(آسيا)ستقابل طبيب أمي لتحديد موعد العملية.
ثم نظرت توجه الكلام لدفنة:خذي السيارة على الأقل؛عملك كثير ولا تستطيعين التحرك بالمواصلات العامة مع أدهم
-(دفنة)سنتمشى على الساحل قليلاً،أليس كذلك يا صغير! ثم تأتي بهار لتأخذنا لا تقلقي،لكن لا تتأخري على أمي.
-(آسيا) حسناً سأعود قبل الظهر.
-(دفنة) مدت يدها تصافح كريم مودعة اياه:تشرفت بمعرفتك كثيراً.
-(كريم) وأنا أيضاً اختي. إلى اللقاء.
-(دفنة) إلى اللقاء.
ثم التفتت نحوه بسرعة متجنبة النظر إليه لتقول على عجلة:
-(دفنة)وداعاً.
لم تتلقى رداً منه فهو ما زال يفكر في المشهد الذي حدث منذ لحظات أمامه.
أما هي فما أن أدارت ظهرها حتى انهمرت دموعها كالشلال،جيدٌ أنها خرجت فلم تكن تستطيع السيطرة على مشاعرها أكثر كان من المحتمل أن تخونها عيناها أمامه لكنها لم تفعل…
جيدٌ أم سيء لم تعرف ولم نعرف فكانت تلك الدموع ستختصر عتاباً طويل لكن كانت ستخسر بها نرجسيتها.
أنت تقرأ
فتاتي النرجسية 🌼
Romanceكيف لزهرة رقيقة ان يرافقها ذلك الوصف القاسي "النرجسية"؟ وقد رافقت تلك الصفة فتاتنا النرجسية كما نعتها به عاشقها المجون الذي التقى بها بعد سنوات تحمل بين ذراعيها طفلاً لا يعرف أنه من صُلبه!