الفصْلُ الثَّاني- الطَّبيبُ

578 28 4
                                    

..... ثم اختفى الشاب مجددًا ...

ركبت شينزو السيارة ... و رمقها السائق بنظرات غريبة لكنه بقي صامتًا ..
عادت لمنزلها و هي لا تزال تفكر بذلك الشاب ...
و كما من عادتها دائمًا عندما لا تكسر الأطباق فهي تسجل أحداث يومها ... شيئًا شبيهًا بالمذكرات لكن الهدف منه هو تذكر ما تفعله .. ففي بعض الأحيان تستيقظ  دون أن تتذكر شيئًا مما حصل الليلة السابقة ...

*في منزل الطبيب الوكايد*
ليلة ماطرة و عاصفة .. الظلام حالك.. هدوء و اضواء خافتة في الشقة ...
الوكايد : "تبًّا لمَ أفكر بهذه الفتاة كثيرًا ؟!.. أعني أليست مريضة كأيِّ مريضةٍ أخرى أعالجها ؟! سحقًا ألوكايد ركِّز و ابقَ بعيدًا عن ترَّهات المشاعر... لكن ماذا لو ...؟.."

*في منزل شينزو *

* صوت قرع باب *
تستيقظ شينزو على صوت قرع الباب .. الوقت الآن قرابة الساعة العاشرة .. بدأت شينزو بالتسائل من الذي قد يزورها ؟!.. لم يزرها أحد منذ .... منذ زمن لا تستطيع حتى تذكره ..

فتحت الباب لتجد الطبيب الوكايد ... واقفًا ببنيته المثالية و شعره المبتل ..و ابتسامته الخفيفة التي تبرز دقة عظام فكيه، ماذا تتوقع من شاب في منتصف العشرينيات من عمره بأن يبدو ؟ هه.. حسنًا ، على الأقل ليس أن يبدو كشخصية من الخيال .
(الوكايد يفكر بنفسه : مالذي افكر به ؟.. مالذي أحضرني الى هنا ؟ )
-"س .. سيد ألوكايد ؟".
-"هه.. نعم ، ممم ..هل أزعجتك في هذا الوقت من الليل ؟ أعتذر بشدة..".
-"لا.. لا بأس.. تفضل بالدخول .."

بدأ الوكايد يتصفح أرجاء المكان المظلم بنظراته .. ضوء القمر الخافت يتسلل من بين أجزاء زجاج النافذة المكشوفة .. الفوضى تعم زوايا الغرفة ..

-"اذًا سيد بلاك .. هل من مشكلة ؟".
-"أظننا تخطينا تلك المرحلة .. يمكنك مناداتي باسمي، و اعتقد أنني يمكنني أيضًا أن أناديك باسمك كذلك ..؟"
قال بنبرة مطالبة لطيفة ..
-"ح.. حسنًا الوكايد ..".
-"بالمناسبة ، هل سبق و ذكرت لك كم أحب عشوائية شعرك ؟ لكنها المرَّة الأولى التي أراه في الظلام، تبًّا يبدو أجمل مما ظننت.."
قال بتردد و احدى يداه تلاعب شعره ... ثم بدأ يقترب منها شيئًا فشيئًا ..

تلك كانت نبرة لم تعتد عليها شينزو من طبيبها ... مختلفة تمامًا عما تسمعه في العيادة ... كانت كلمات دافئة يلفها صوته العميق ..
لا زالت آثار النوم تثقل شفتيها ، لكنها استطاعت أن تخرج عدة أحرف تشكره فيها على ما قاله ..
-"ههههه ، إن كان ما تقوله صحيحًا فلا بد أن أقول شكرًا لك ..".
بابتسامة لطيفة و عيون ناعسة...

و قد كانت تحدق لعينيه المليئتان باللهفة ... لو كانت مركزة لعلمت أن هذه اللهفة موجودة من ٣ أعوام .. منذ لقائهما الأول ..

و في خضم هذا لم يبق بين أجسادهم الا بضعة سنتيمترات ...استطاع كلاهما أن يشعرا بأنفاسهما التي تتثاقل أكثر فأكثر..
صمتٌ يعمُّ المكان لكن الهواء ينقل ذلك التوتر بينهما ..
استطاعت همسة أن تحارب أنفاس ألوكايد الثقيلة ...
-"شينزو....".

60 days in the darkness - ستّون يومًا في الظَّلام (completed)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن