١١. خذ بيدي

1.5K 93 20
                                    

منظور الراوي
نادين التي حاولت الفرار في يوم عرسها المفروض عليها ،تم الامساك بها بسرعة من قبل الغول محمد الذي كمن كان يعلم بأنها ستحاول الفرار اخذ يلاحقها بينما جرت بفستانها الذي اجبرتها رضوى على ارتدائه وكان عائقها الذي سبب في الامساك بها .فبرغم انها كانت عداءة ممتازة فإن فستانها ابطئها بما يكفي ليتمكن من الامساك بها مابدى لها وقتها كعزرائيل.
قاومته دون جدوى ،وعندما ظنت انه لا زال امامها فرصة امام المأذون عند سؤالها عن رأيها جاءت خيبة املها. حيث المأذون لم يكترث بما قالت وتابع الاجراءات كما لو انها قالت بانها موافقة ،صرخت فجأة به وشتمته بأنه لا يطبق احكام الدين . فنظر لها باستحقار واخبرها ان وجودها على هذه الحياة اساسا مخالف لشرائع الدين .
وهكذا تم شرعنة اختطافها وما سيلي من اغتصاب محمد لها على انه زواج موثق!
شعرت نادين فجأة بأن العالم كله بدأ يتداعى .. كل البؤس والظلم الذي مرت به منذ عرفت نفسها هجم منهارا عليها ودفنها .دفنها بحيث لم تعد على قيد الحياة واصبحت هيكل لشخص مات في الداخل وتلاشى .
بعجز ومن خلف ستار فصلها عن الواقع شاهدت من بعيد كل الفظائع التي فعلها محمد بجسدها الجامد ،كاغتصاب جثة كان مايقوم به مقزز ومقرف ولا انسانية فيه .
استسلمت عن المقاومة وعن محاولة الفرار وهي تفكر ما الجدوى فعلى الارجح ان وحش اخر سيتلقفها ما ان تبدأ بالظن انها تملك حياتها ...مات الامل مع وضعها الجديد.
توقفت كليا نادين الاكتراث وعن الكلام والحركة وقررت انه يكفيها حياة .
لم تكن لتدرك كم من الوقت مضى ولم تأبه .. ولم تدعُ الله او ترجو .
ومع ذلك اتى  . باران كملاك يحمل الشمس والقمر بيديه لكنه كان قد  تأخر كثيرا في انقاذ قلبها الذي كان قد ازهق بالفعل.
_____________________________________________
منظور باران
(نادين ..العالم يعذبني بكِ. لماذا عليكِ ان تمري بكل هذا وانتِ بلا احد؟ يا الله اعدك انني لن اسمح بمخلوق ايذائها ،فقط اقنعها ان تمكث هنا .)
احترق قلبي وانا ادعو الله . واصبحت رمادا من قلقي عليها.
رغم انني كنت قد اخذتها الى بيتي حيث كان بامكانها ان تشعر بالامان . الا ان الايام مضت وهي تذوي امام عينيّ كوردة موتها محتم.
لم تكن تستجب لاي احد بمن فيهم انا . لم تكن تتكلم او تأكل او تتحرك . كدمية بشرية رافضة ان تعود للحياة .
احضرت طبيب العائلة الذي فحصها وحقنها بمغذيات وريدية .
ونصحني بأن ااخذها الى طبيب نفسي في اسرع وقت .
لكني كنت خائفا من حتى تحريكها من على سريرها ، لم ارد ان اجعلها تستاء من اي عمل اقوم به . ولم اردها فوق ذلك ان تخاف فقد كانت في تلك المرحلة كما لو انها مصنوعة من زجاج هش وستنكسر ان دفعتها لعمل اي شيء لم ترد هي شخصيا عمله.
لكن لم اتمكن من تحمل رؤيتها وهي في تلك الصورة . واستسلمت اخيرا لطلب بيرات التافه الذي كان خائفا من موتها في منزلي وان اكون متهما بقتلها. فأحضرت احد اشهر الاطباء النفسانيين في المدينة وشرحت له الوضع كاملا . ثم ذهبت الى جوار دميتي الحزينة وطلبت اذنها في ان يراها الطبيب . كنت اعلم انها لن تستجيب لكني حاولت ، ثم وقفت وذهبت الى المكان الذي كانت تحدق فيه امامها . ثم قلت " اعدكِ اننا سنجتاز هذا معاً..ثقي بي نادين"
وصف الاخصائي ادوية لنادين وناقش معي حالتها . ونصحني كيف اتعامل معها وكيف يمكنني ان اساعد في جعلها مستقرة اكثر نفسياً.
اخبرني ان احتمالية انتحارها في هذه المرحلة ممكن مما جعلني اترك كل شيء كنت اقوم به واتفرغ لاعتني بها على مدار الساعة .
كنت لا استطيع تحمل فكرة ان اخسرها للموت مما دفعني للبقاء في غرفتها معظم اليوم ، واحضرت ممرضة لتساعدني في الاعتناء بالاشياء التي لا يمكن لرجل القيام بها.
كانت فترة صعبة وحرجة واستمرت لمايقارب الشهرين . قبل ان تبدأ الادوية المضادة للاكتئاب في العمل .
بعدها بدأت نادين تنظر اليّ وكم كانت سعادتي غامرة عندما بدأت نادين تعود للحياة شيئا فشيئا امام ناظري.
لم تتكلم مع احد لكنها بدأت تنهض وتجلس امام المدفأة او تقف امام النافذة . في تلك المرحلة بدأت اقرأ لها بعض  الروايات كما نصحني معالجها النفسي.واصبحت مع الوقت هوايتي المحببة . لاحظت ان نادين ايضا احبت الامر و شعرت بأنها كما لو كانت تنتظرني كل مساء لاقرأ لها فقمت بشراء مجموعة كتب كبيرة ورصصتها في غرفتها وفورا بدأت نادين تنشغل في القراءة معظم النهار.
كانت تتقدم بخطوات صغيرة ولكن واثقة وقد راقبت بتشوق كل تقدم حققته .
لم اجعلها تعلم مالذي كان يحدث في الخارج خوفا من ان تنهار حول نفسها مجددا.
بينما كنت اخوض حربا شرسة مع محمدالذي بلغ الشرطة عني لاني اختطفت زوجته . كان الامر ان وصل للقضاء محسوما بنقض عقد الزواج فور تصريح نادين بانها ارغمت عليه . لكني لم ارد ان اجرها الى المحكمة وهي لا تزال بتلك الهشاشة. لذلك سويت معه الامر بمبلغ مالي ضخم لم يكن يستحقه اخرسه تماما كان مقابله تطليقه لها .

اتى الربيع بسرعة ولم ارد للشتاء ان ينتهي. حيث قضيت مع نادين لحظات ممتعة في قراءة الكتب وفي استكشاف هوايات كثيرة كالتصوير والرسم والنحت والموسيقى . اردتها ان تجد اشياء تحبها في الحياة لتتمسك بها كلما فكرت في الاستسلام .
نصحنا الطبيب بان نخرج في نزهات في الطبيعة ولانني كنت قد انشأت لتوي مكتبا للمحاماة فقد كنت اكثر انشغالا من ان افعل معها ذلك فعينت حارسة شخصية لنادين حتى تشعرها بالامان . ما لم اتوقعه هو ان تبدي نادين اهتمامها البالغ في ان تتعلم فنون القتال . ادركت ذلك عندما اخذت تحاول دفع الحارسة للتعارك معها ،كم كان ذلك لطيفا كطفل يحاول مصارعة محترف. لكني اخذت رغبتها على محمل الجدية واقترحت عليها تسجيلها في نادي لتعليم الدفاع عن النفس فردت بايماءة من رأسها وابتسامة خجولة احببتها.
اخذت الامر نادين بجدية بالغة وماانفكأت تتدرب ليلا نهارا ومع زيادة مستوى نشاطها ازدادت شهيتها للطعام واكتسبت بعض الوزن واخذ جسمها يأخذ شكلا رياضياً منسقاً بشكل جميل .ازدادت رغبتها في  التفاعل رغم انها طوال ذلك الوقت لم تنبت ببنس شفة ، حتى بعد فترة اخذ بيرات يمزح معها بأن تريه بعض الحركات التي تعلمتها فهجمت عليه بحماس وفي وقت قياسي كان بيرات يصرخ مستسلما . ضحكت واخذت اصفق فخورا بها .
فتكلمت كلمتها الاولى منذ اشهر طويلة وهي تنظر الي بتحدي
" انه دورك" واخذت تؤشر لي باصبعها بتحدي وكيف لي ان ارفض وقد تكلمت اولى كلماتها لتبرحني ضربا ! بالطبع سأدعها تفعل !

اخذت اتأمل عن قرب شعرها الزيتوني ملفوفا باريحية الى الاعلى ونظراتها المشاغبة تنبض حياة مما اراح قلبي. اتجهت نحوها اهاجم فأمسكت بكتفها وشعرت بتيار صغير يدغدغ اصابعي فابتسمت لكن ذلك لم يدم لثانية حيث انقضت عليّ نادين بحركات مدروسة وبغاية الدقة وبسرعة لم تمكنني من فهم شيء كنت قد اصبحت في الارض .وهي تقف فوق ظهري فقررت ان لا اتساهل معها .
بسرعة نهضت ودافعت عن نفسي ضد تلك الشرسة الصغيرة وعندما حاصرتها مثبتا اياها بين الجدار وبيني باحكام كي لا تقوم بأي حركة اخرى وتستسلم، نظرت لوجهها الذهبي السحر وقد اعتلته نظرة خوف شديدة ، ندمت لاني اخذت الامر بجدية كوني لم ارد اصابتها بالهلع او تذكيرها بامور سيئة ،لم ادر ما العمل حتى فاجأتني بدفع ساعدي وبسرعة ركلت ساقي ثم بدون تردد ركلة اخرى في منطقتي الخاصة وجرت هاربة الى البيت بينما بيرات كان يعلق بألم . اما انا فكنت اشعر بأني لن اتمكن من الحصول على اطفال في المستقبل ومع ذلك كنت فخورا بالقوة والخبرة التي اكتسبتها ومنحتها تلك الثقة .
الا انه منذ ذلك اليوم قررت ان لا اواجهها في اي تحد مجددا .

ذلك المساء ذهبت اليها وحاولت ان ادفعها للكلام لكنها لم تفعل. لكني لم اضغط عليها .
كعادتي اخذت الكتاب الذي كانت قد اختارته لي لاقرأه عليها . وجلست على الاريكة بينما هي استلقت على سريرها بارتياح شاردة في مكان ما.
بعد نصف ساعة وقد ارتأيت ان نادين لم تكن تصغي الي حتى . توقفت عن القراءة وعندما نظرت نحوي بتساؤل تكلمت " نادين .. الا تظنين ان الوقت حان لانتقامكِ؟"

نظرت نحوي وكأنها ولاول مرة تفكر في الامر . وكأن احدهم اخبرها بأغرب شيء سمعته في حياتها .
انا " دعينا ننتقم من كل من اذاكِ جميعهم، الا تريدين فعل ذلك؟"

©ManarMohammed2020

دُمْيَة▪.▪( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن