١٥. نهاية القضية

1.3K 88 6
                                    

منظور الراوي

تم ادخال باران فورا الى غرفة العمليات حيث عانى من نزيف داخلي من شدة الضرب ومن ارتجاج في الرأس وطلق ناري في رجله ناهيك عن الرضوض و الجروح الكثيرة في جسده .
بعد ان تمكنوا من ايقاف النزيف تم وضعه في قسم العناية المركزة بينما انتظر اهله وبيرات ونادين في الخارج وقد استهلكهم القلق.
ما ان خرج الطبيب وشرح لهم سوء حالة باران حتى انهارت نادين تبكي بصمت على احد المقاعد. كان والد باران متمالكاً وكذلك اخوه اما اخته فقد تقدمت نحو نادين وقالت بغضب " كل هذا حدث بسببكِ ! ماذا ستفعلين الان ؟"
جاءت نادين لتنطق بآسفة لكن اخته اخرستها بصفعة حارقة على خدها. اخذ الاخ اخته بعيدا وهو يخبرها " انها ليست العدو الحقيقي هنا ، فلنذهب الان"
بقي والد باران حتى سمح له برؤية ابنه ثم عادت اخته ومعها زوجها حيث بقيا بينما غادر الاب العجوز بعد اصرار ابناءه ان ياخذ قسطا من الراحة.
جميعهم علموا من فعل هذا بباران ، ولم تكن عائلة باران لتلتزم الصمت بعدما حدث.

**********
مرت ايام بلياليها ونادين تشعر بأنها في كابوس لا ينتهي . ارادت ان يعود باران بخير وكما كان حتى وان كلفها الامر حياتها. بين الدموع والدعاء انقضت تلك الايام العصيبة و خرج باران من حالة الخطر واختار والده اخذه الى منزله مع طاقم من الاطباء والممرضات للعناية به على مدار الساعة في منزل والده . كان ذلك يعني ان نادين لن تتمكن من رؤية باران حين يستيقظ وذلك جعلها بائسة وتشعر بانعدام الحيلة. لكنه على الاقل كان قد تجاوز مرحلة الخطر وذلك كان المهم بالنسبة لها.
كان بيرات وعدها ان يبلغها بتفاصيل كل مستجد يحدث لباران حيث علم انه بذلك سيخفف عنها احساسها بالذنب والالم.

مر يومين اثنين قبل ان يتصل بيرات بنادين ويخبرها ان تعد ملابسها للبقاء في منزل عائلة باران. لم تصدق نادين ماسمعته لكنها لم تسأل اكثر .انطلقت تجمع ثيابها وانتظرت بفارغ الصبر بيرات وهي لا تفكر بشيء سوى انها اخيرا ستكون بالقرب من باران.

************
منظور باران

كانت تلك الطريقة التي نادت فيها باسمي وهي تبكي ما علق في ذهني وجملتها ( لن اسامح نفسي ابداً، باران) هو ماتردد في مسامعي طوال الوقت الذي كنت فيه غائبا عن الوعي.
لاجل نادين وجدت القوة لانهض فلم ارد لها ان تشعر بالذنب وهي لا ذنب لها . وما ان استعدت وعيي ووجدت الجميع حولي سواها ،خفت من ان عائلتي ربما كانت قد اساءت اليها رغم انه لم يكن خطأها " نادين. اين هي نادين؟"
اجابت اختي باستهجان " انظروا اليه يسأل عنها ما ان فتح عينيه!"
نهرها اخي وطلب من احد العاملين استدعائها، وسعدت لاعلم انها كانت في المنزل.
بعد ان اطمأنوا الى حالي غادر اخواي الغرفة وقد اعلماني ان ابي سيراني في المساء حين عودته من الشركة. ثم جاءت نادين بعينين باكيتين كما لو انها لم تتوقف عن البكاء منذ الليلة التي وجدتني فيها مضرجا بدمائي.
ركعت امام وجهي على ركبتيها واخفضت رأسها وهي تحمد الله .
اخبرتها مطمئناً "هيا نادين. لا تبالغي. الاترين اني بخير امامكِ؟ ارفعي رأسكِ وانظري إليّ"
قابلت عينيها الدامعتين ووجها الحزين وقالت " انا اسفة باران. كل هذا حدث بسببي-"
قاطعتها " ماهذا الهراء. لا علاقة لكِ بما حدث .اياكِ والشعور بالذنب!"
هي " لكن انا من -"
قاطعتها مجددا "لستِ انتِ بل عمرو طارق. هو من ارسل رجاله لتهديدي كي اتراجع. لكنه لا يدر انه بذلك حفر قبره بيديه"
نادين خائفة وقد امسكت يدي وشدتها " اتوسل اليك باران .يكفي ما حدث بالفعل .فلنتوقف عند هذا الحد انا لا احتمل فكرة ان يصيبك مكروه مجددا وبسببي. ارجوك"
عندها جاء الطبيب وقاطع حوارنا ليقوم بفحصي وتغيير ضماداتي التي غطت معظم جسدي. وطلب من نادين المغادرة. اخبرتها ان تثق بي وان لا تقلق لكن وجهها ظل خائفا.

في اليوم التالي جاء سام لرؤيتي استعجبت كيف ان اهلي سمحوا له بذلك واهله كانوا السبب فيما حدث لي. لكن عجبي زال ما ان اخبرني بما يجري.
اتضح ان عمرو طارق كان يتجسس عليّ طوال الوقت، وانه حينما علم بتحالف ابنه معنا هدد سام بأن ما حدث لي هو البداية فقط وانه سيقوم بايذاء نادين ان وافق على الوقوف في المحكمة ضد ابيه.
لحسن الحظ بأن سام كان ذكيا وعلم الطريقة الصحيحة لردع والده حيث ذهب الى والدي واخبره بكل شيء وانه مستعد للتعاون معه لاخذ حق ابنه المعتدى عليه اذ وافق على حماية نادين خلال هذه الفترة. وبالفعل كان ان تم الامر.
استفز اعتداء عمروطارق ابي وقرر دعمي ، تم تكليف محامي بديل عني ومضينا قدما في المحاكمة . بين توترات واخذ ورد واتهام ودفاع . حسم سام يما قدمه للمحكمة من ادلاءات وشهادات معظم الامر.
واخيرا بعد عناء وطول انتظار، تم الحكم بالسجن لرجل الاعمال وكذلك من تواطئوا معه في اخفاء عملية التبرع وتم اقرار تعويض مادي لنادين. ومباشرة بعدها سلم سام نفسه للشرطة واوفى بوعده عندما اعترف بجريمته ، وتبعا لذلك اخذ الحكم المناسب .وحلت العدالة في النهاية.
كنت لا ازال امشي بعكازي وجبيرتي حتى بعد شهرين من صدور الحكم. نادين لا تزال تعمل كحارستي الشخصية عندما سألتها ماذا كانت ستفعل بالمال الذي حصلت عليه كتعويض فأخبرتني انها تعتزم فتح مكان لليتيمات حيث يتم اعدادهن وتأهيلهن بعد ان يخرجن من الميتم ليواجهن العالم ويتمكنّ من المنافسة في سوق العمل وبنفس الوقت يتعلمن طرق الدفاع عن النفس.
كان هدفها جميلا ونبيلا كقلبها وتمنيت لها الافضل عارضا مساعدتي في اي وقت احتاجتني فيه.
بعد فترة استقالت صغيرتي وبدأت بالعمل على مشروعها.
افتقدتها معظم الوقت كوني كنت قد اعتدت على وجودها الى جواري ليل نهار ، بالرغم من انني كنت اذهب لرؤيتها لوهلة بشكل شبه يومي.
في احدى المرات وانا في طريقي الى منزلها رأيتها تتحدث مع احداهن على الطريق امام المنزل سمعت نادين تقول بحزم " في البداية ظننت انه لم يكن عدلاً ان تنفذي بجلدكِ وقد كنتِ شريكة لهما. لكن بسماعي ما قلته للتو شعرت بالراحة يبدو ان عقابكِ هو ان تشاهدي كلا من زوجكِ وابنكِ في السجن وتحاولي مراجعة حياتك " المرأة الكبيرة بالعمر وقد تعرفت عليها انها زوجة عمرو طارق صرخت " كيف تجرؤين !" ومدت يدها لتصفعها لكن نادين امسكت بيدها واوقفتها. ثم دفعت يدها بعيدا . المرأة تكلمت بغضب " لاتظني انني سأترككِ وشأنكِ سأحرص على تدميرك مهما كلف الامر" مشت مبتعدة ونادين تكلمت بكل تحدي "تفضلي ونفذي تهديدكِ ولعلمكِ كل شيء قلتيه مسجل في هاتفي ،معي الدليل الذي بامكانه زجكِ في السجن اذا انتِ مصرة"
توقفت في منتصف الطريق ونظرت بحقد لنادين ثم رحلت.
ذهبت الى نادين مندهشا بقوتها، وقلت "انتِ مذهلة! حتى انكِ سجلتي حواركما! حركة ذكية"
هي " لم افعل ، لقد كذبت بشأن التسجيل" وابتسمت بخجل
انا ضاحكا " يبدو ان كذبتكِ ستبقي الساحرة الشريرة بعيدا ، لقد قمت بعمل جيد، صغيرتي"
تلاقت اعيننا للحظات طويلة واخذ قلبي ينبض بطريقة غريبة مما اثار قلقي. يا ترى ماهذا الاحساس الجديد؟!

©ManarMohammed2020

دُمْيَة▪.▪( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن