١٤. اغتيال

1.4K 95 2
                                    

منظور باران

مرت ايام تتلوها اخرى وكل طريق شققته للوصول الى اثبات لجريمة طارق عمرو كان ينتهي بنفس النتيجة وهو الطريق المسدود. بحثت عن ادلة دون كلل ولاحقت الافراد الذين عملوا في المشفى تلك الفترة فردا فردا . ولم يجدي الرجاء ولا الاغراء بالمال نفعا.حاولت استشارة من هم اكثر خبرة مني في المجال وكان الجميع ينصحني بان انسحب وان لا امل في ان اربح القضية وانا املك ادلة ضعيفة لايمكنها اثبات شيء. شعرت بالاحباط ولم اعرف كيف اواجه نادين وقد كنت واثقا جدا عندما اقنعتها بأننا سنربح القضية . وكيف سأتمكن من اخلاف وعدي عندما عاهدتها ان ننتقم من كل من ظلمها.
لم انم تلك الليلة ، لم انم لبضعة ليالي حتى غدوت كالفاقد لصوابه . طوال الوقت لم افكر الا بشيء واحد لاسواه : مالسبيل الى حل لايخذل نادين.

حاولت نادين اقناعي بالنوم دون كلل ، كانت ذكية لتدرك ما كنت اخوضه دون ان انبس بكلمة. جاءت إليّ ومعها حليب بالعسل وهي تخبرني انه سيساعدني على النوم.رفضت كعادتي مؤخرا كل مقترح لنومي.
تقدمت نحو مكتبي وقفزت لتجلس على المكتب غير مبالية بكل الوثائق . نجحت في اجباري في النظر اليها ،هل كان لاني تحت تأثير قلة النوم ام لانها فعلا كبرت واصبحت صغيرتي نادين امرأة بامكانها جعل قلبي ينبض.
سحبتني من حالة هيامي باللحظة عندما قالت بحنان "ارجوك باران توقف عن استنزاف نفسك بهذه الطريقة. اخبرتك مسبقا وسأقولها مجددا انا لم افكر مطلقا في ان انتقم من عائلتي المتبناة . تحت اصرار منك وافقت لكن في الحقيقة انا في سلام مع ماضييّ لا اندم انني اعطيت سام كليتي ،حتى بعد كل ما حدث بيني وبينه. انا اكلمك بمنتهى الصراحة واخبرك بأنه لا بأس بسحب القضية والتوقف عند هذا الحد. انا اعلم واقّدر لك ما فعلته لاجل انجاح الامر. لكن الحياة لا تجري دائما كما نريد . لذلك انا اخبرك فلنتوقف هنا ، لننس كل ماانقضى ونعيش الحاضر . هلاّ فعلت ذلك لاجلي؟"
كانت نبرتها كلحن خافت يتحكم في روحي وكلماتها لها وقع مهدأ كالمخدر على مسامعي. لست متأكداً انني فهمت كل شيء قالته في وضعي ذاك لكني اومأت برأسي موافقا. سحبت يدي ووققت معها نمشي الى حيث انتظرنا بيرات بالسيارة وغفوت لفترة ثم استيقظت لامشي الى فراش نومي ثم غصت في نوم عميق بينما كانت لا تزال نادين تضع الغطاء عليّ. كانت تلك الليلة ملاكي الحارس.

*********
استيقظت ووجدتها قد غفت جالسة  على الاريكة الى جواري . فور ان نهضت استيقظت مذعورة واقفة على قدميها . لم اقصد جعلها تخاف لكن نومها كان خفيفا وهي على مايبدو كانت في حالة توتر. اعتذرت لها و كانت هي قد استوعبت ان لا خطر حولها، فهدأت ثم ارتبكت خجلة من انفعالها ومن سخافة الموقف. كانت الساعة الثالثة عصرا . تناولنا غداءنا معاً ثم اخبرتها انني سأبقى في المنزل طوال اليوم وانها يجب ان تذهب الى بيتها لاخذ قسط من الراحة هي ايضاً. تركت بيرات يقوم بايصالها بينما توجهت نحو مكان اقامة سام .
لم اعرف متى خطرت ببالي الفكرة لكن على الارجح وانا نائم . كان سام فرصتي الوحيدة وقد كنت عازما على ربحه الى صفي. هو وحده من كان بامكانه الاعتراف بكل ماقام به اهله.
**********
مالم اتوقعه هو ان اجد سام على اهبة الاستعداد لمساعدتي في كل مايستطيع. الا انه كصبي مريض لم يخبره احد ولم يقابل نادين وقتها او يعلم انها من كانت ستعطيه كليتها. مع ذلك، فقد صرح انه واجه والديه عندما علم بالامر من نادين وقد اعترفا بالامر له وشرحا له مبررين انهما ارادا انقاذه مهما كلف الامر.
كان ذلك افضل من لا شيء بل كان الشيء الذي احتاجه بالضبط .
خضت المزيد من النقاش مع سام واكتشفت الهوة التي نشأت بينه وبين والديه بمعرفته كل ماحدث لنادين على يدهما. اخبرني ايضا انه يعتزم فور الانتهاء من الادلاء بشهادته ان يسلم نفسه للشرطة ويعترف بامر اغتصابه لنادين.
ازداد احترامي لسام فهو كان سيسلم اهله للقضاء بل ونفسه كي يكفر عن خطايا تلك العائلة، ذلك لم يكن شيئاً بامكان اي كان عمله.
***********
رتبت مرافعتي للجلسة القادمة وحددت اهدافي ، كان قد انقضت ثلاثة ايام على لقائي بسام وكنت ذاهبا للقاءه للمرة الاخيرة لاشرح له اشياء تخص القضية. اخبرت بيرات ان ياخذ نادين الى منزلها لاني لم ارد لها ان ترافقني لرؤية سام . وفي طريقي لاخذ سيارة اجرة توقفت سيارة سوداء تماما امامي وانفتح الباب ثم في اللحظة التالية احدهم ضربني على رأسي و وجدت نفسي قد تم زجي بداخل السيارة واغلق الباب . اغمي علي فقط ليتم ايقاظي لاحقاً بمزيد من الضرب . لم اكن قد عشت ذلك المقدار الجسدي من الالم قبلها قط . تم ركلي وضربي بقضبان من الفولاذ دون توقف او رحمة كنت متأكد انهم بغض النظر عن من هم كانوا عازمين على قتلي . ضرات متتالية حتى تخدر جسمي وبدأت اشعر كما لو انني في كابوس عندما نطق احدهم "يكفي لانريد قتله هذه المرة القوا به في الشارع الفرعي لمكتبه."
ثم اتى نحوي وانا مستلق على الارض احاول البقاء دون ان افقد وعيي واحاول ان اراه دون جدوى لضربات كانت قد اصابت عينيّ وشوشت الرؤية سحبني من شعري ثم قال "يجب ان تتوقف هنا ان كنت لا تزال تريد ان تعيش "
ثم وقف ولم اكن املك الطاقة لرفع بصري اليه وقد تهالكت كل قواي. عندها سمعت اطلاق عيار ناري وكل شيء تحول الى السواد بعدها.
*************
منظور الراوي

وكأن قلبها احس بأن شيئاً ما حدث. اخذت نادين تتصل بلا توقف بباران لكن جهازه كان مغلقا وهو شيء لم يفعله باران من قبل ولو لمرة. تسلل الخوف اليها عندما اتصلت ببيرات فأخبرها انه قبل ايصالها للمنزل طلب منه ان ينتظر خارج احد محلات القهوة الشهيرة. لكنه انتظر لثلاث ساعات واتصل به ولم يجب  ثم دخل ليتأكد فلم يجد باران هناك. حتى بيرات كان متوجساً فلم تكن من عادات سيده الاختفاء بتلك الطريقة. طلبت منه ان يبلغ اهل باران بما يحدث وانه قد يكون في خطر. وانهت المحادثة.
ارتدت نادين حذاءها وانطلقت خارجة من منزلها. لم تكن تعلم اين تذهب او كيف تبحث عنه .
بلغت الشرطة بأمر اختفاءه واخذت تبحث بنفسها في كل المشافي مفترضة الاسوأ. كانت خائفة ومذعورة انها تركته وهي حارسه الشخصي ليتعرض للاذى.
ثم عندما لم تعرف ماذا تفعل ذهبت الى مكتب المحاماة علها تجد خيطا يوصلها إلى باران . اتجهت مباشرة الى غرفة كاميرات المراقبة والامن. واخبرتهم بأنها تريد رؤية متى غادر السيد باران مكتبه.
واصابها الذعر عندما رأت جماعة تختطفه في اقل من نصف دقيقة وتلوذ بالفرار.اتصلت على الفور ببيرات واخبرته بما علمته وبينما تكلمت اليه لاحظت شيئا مريبا في احدى الشاشات.
" هناك!.." اشرت بيدها الى احدى الشاشات لاحد رجال الامن "الا ترون شخصا ممدا على الارض؟هل تحققتم منه؟" كان المكان ليس مضاء بما يكفي لكاميرا المراقبة كي تقتبس التفاصيل بشكل واضح لكنه كان ادميا بلا شك.
قال احدهم بلا مبالاة " يا انسة هل تعلمين كم من السكارى يتخذون من زقاق المبنى الخلفي مكانا لاستراحتهم كل ليلة؟مالجدوى من التحقق سيستيقظ بعد قليل ويواصل مسيره!"
وافقه الاخرون ولكن نادين اصابها التوتر وانفجرت في وجههم " ماذا تفعلون كرجال امن للمبنى؟ الا تعرفون كيف تؤدون عملكم بشكل لائق؟.. انسوا الامر .فقط اين هو هذا المكان بالضبط؟"
رافقها حارسي امن بكشافات الضوء وذهبوا الى الطريق الخلفي للمبنى الضخم وهرعت نادين تركض نحو الجسد المستلق على الرصيف وقد تعرفت على صاحبه الغارق بالدماء وهي تصرخ اتصلوا بالاسعاف حالاً.
فتح باران عينيه بصعوبة وهمس "لقد وجدتني  يا ملاكي الصغير " كانت نادين تبكي بشكل هستيري وهي تعتذر بينما احتضنت وجهه المليء بالرضوض والدماء " ارجوك تماسك من اجلي."
ثم ادركت مقدار الجروح والدماء وتساءلت ان كان سينجو فجن جنونها واخذت تصرخ وتبكي وهي تخاطبه "يا الهي! !باران ..باران.. لن اسامح نفسي ابدا باران! ارجوك!!"

©ManarMohammed2020

دُمْيَة▪.▪( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن