منظور الراوي
خافت نادين من غضب باران وظنت ان ماوجده عندما بحث في امر عائلتها هو امر تبرعها باحد اعضاءها لهم. لكنها كانت تشعر نوعا ما بالمديونية لهم . فهم في الاخير من انتشلوها من ذلك الميتم واعطوها حياة جديدة في بلاد جديدة ورغم اسائتهم لها الا انها كبرت في امان تحت رعايتهم لذلك لم ترد مقاضاتها وارادت ان تعتقد ان كليتها كانت ثمناً لما قدموه لها من رعاية. ومن هذا المنطلق اخبرت باران مترجية انها لا تعتزم خلق مشاكل لعائلتها.
الصدمة التي وجدتها على وجه الرجل-باران- اخافها كثيراً حتى انه لم يعلم انها اعطت كليتها لابن السيد عمرو حيث اجابته وهي في حالة من التشوش فهو كان قد اخبرها ان يعلم الامر بالفعل ثم اتضح انه لا يعلم .
اعتذر باران وقد هدأ نفسه واحتضنها ولاول مرة رأت فيها باران يبكي . جعلها تشعر بانعدام الحيلة حيث كانت تلك المرة الاولى التي يبكي فيها احد حزنا على حالها. ارادت ان تتخلص من حضنه الذي جيش احاسيسها بالحزن والقهر لكنها حين فعلت ونظرت الى عينيه المليئتين بالدموع اخذت تصرخ وتبكي بالوقت ذاته وهي تضرب بقبضتها على صدره " لماذا تبكي؟ لماذا انت مصمم على جعلي اعيش تعاسة الماضي من جديد؟ انت لا تملك الحق لتبكي، بل انا من يجب عليه البكاء"
امسك بقبضتها وهو يمسح دموعه ويعتذر ثم جلسا على الارض يستندان الجدار حتى هدأت نادين تماما.
ثم اخبرها " لا اهتم لماذا لا تريدين اخذ حالتك مع عائلة عمرو طارق للقضاء لانني سأفعل ذلك على اية حال-"
قاطعته نادين " باران ارجوك افهمني-"
قاطعها هو وقد نهض " لا استطيع نادين ! حتى وان كان هذا اخر شيء اقوم به سآخذ بحقكِ منهم جميعاً بمن فيهم سام ومافعله بكِ!"
غادر باران مكتبه وهو يشعر بالاسى والغضب من كل شيء ومن الجميع فهو لم يستطع تبرير تصرفات نادين ان كانت تمتنع عن اخذ انتقامها من تلك العائلة خوفا منهم ام لانها لا تعتقد بانها يمكن ان تربح ضدهم. هو نفسه علم ان الامر لن يكون سهلا ،فحتى عندما ارسل شخصا مختصا للبحث عن العائلة لم يتوصل الى اي معلومة تفيد بعملية زرع اعضاء. كان خصمه السيد عمرو طارق نافذا في المجتمع بما يكفي ليطمس كل اثر لفعلته . لكن باران اامن انه بطريقة ما سيمسك بطرف من خيط قد يجعل مملكة التاجر باكملها تنهار.في ذلك الوقت كانت نادين لا تزال على الارض متجمدة خائفة ومتوترة. لم تعرف كيف توصل باران لمعرفة ماحدث لها مع سام وشعرت بالخزي والعار لاول مرة لانها بسذاجة اعتقدت ان ماحدث تلك الليلة المشؤومة كانت تتحمل شيء من مسؤوليته لانها لم تردع سام ومشاعره بشكل صارم منذ البداية.
**********
منظور باران
كنت اعلم ان عليّ التحرك بدهاء في البداية لجمع مااستطيعه من الادلة قبل ان يعرف عمرو طارق بالامر . كلفت متحرٍ ذو خبرة وسمعة في وسطه علّه يصل الى شيء يفيدني. وخلال اسبوعين كنت قد كونت خطة امامي اولية للهجوم.
كان رهاني ان يواجه المتهم التهمة بالانكار لاني كنت قد تمكنت من الوصول الى ملف طبي يثبت عمل نادين لفحص طبي شامل وكانت لدي نسخته ربما كان الغرض من ذلك الفحص التأكد من صحتها قبل اجراء فحص التطابق الذي وكغيره من بقية الاجراءت الخاصة بالعملية كان قد اختفى من الارشيف.
كانت نادين قد اقتنعت وقتها بان تقاضي عائلتها المتبناة بعد ان اقنعتها بصعوبة ان مافعلوه بها كان خاطئاً ولم يكن ينبغي لهم تحت اي مبرر جعل طفلة تحت السن القانوني وتحت وصايتهم تقوم بعملية التبرع وانه كان فعلا اجراميا فلو انها تبرعت له وهي راشدة لكان الامر لا عيب فيه.
كانت الجلسة الابتدائية تمشي حسب مخططي ورافع عن المتهم المحامي المشهور في تركيا سامح محمد منكرا كافة ما تم الادعاء به ضد موكلة وان الفتاة - اي نادين - كانت بكلية واحدة منذ ان قاموا بتبنيها. هناك ألقيت القنبلة وهي الوثيقة الطبية التي اكدت سلامة كلا كليتي نادين وقتها . واهتز لذلك الحدث كل من كان في قاعة المحكمة واكفهر وجه المدعى عليه عمرو طارق . كانت القضية تمضي في صالحنا وتم تحديد موعد الجلسة التالية . خلالها كنت سالاحق خيوطا قد تقودني للدليل القاطع او شاهد متوفر.
كنت مملوءا بالامل وبالرغم من ان والدي بنفسه جاء ليحذرني ان اتوقف عن هذه القضية كون عمرو طارق كان رجلا نافذا وخطيرا الا انني اخبرته ان ذلك لن يحدث وانني لن اتراجع ، كانت تلك المرة الاولى التي ارى فيها والدي يبدي قلقه عليّ ورغم انني لم احب ان اراه خائفا او قلقا الا انني كنت قد اخترت طريقي ولم اكن لاتراجع عنه مهما كلفني الامر.
لم اكن اريد لنادين ان ترى كل ذلك ولكن كحارستي الشخصية لم يكن ذلك قابلا للتفادي .
صرخ في وجهي "عد لوعيك ! هل تريد ان تفقد حياتك من اجل امرأة لقيطة؟!"
اجبته بنبرة تحدي "اياك ان تدعوها بذلك مرة اخرى! حتى وان كنت والدي لا اعدك انني لن افعل بك شيئا! ولعلمك انا اقف مع الحق والعدل شيء رجل اعمال مثلك لا يمكن ان يفهمه" صفعني بعدها والدي بقوة جعلتني اشعر بالدوار وغادر وهو يصرح بأنه لم يعد يكترث بما قد يحدث لي.
ركضت نادين نحوي وعينيها مليئة بالدموع وامسكت برقة يدي التي وضعتها على خدي المتألم وهي تعتذر وتخبرني مترجية ومتوسلة انها لا تريد الاستمرار بهذه القضية بعد الان . لكن هيهات ان اترك معركة كانت قد بدأت بالفعل.**********
منظور الراوي
كانت في تلك الفترة التي رفع فيها باران قضية نادين للمحكمة، وبالتحديد بعد انتهاء الجلسة الاولى من المحاكمة عندما وجد سام طريقة الى نادين . كانت في طريقها الى المنزل بعد انتهاء دوامها عندما ناداها احدهم. ألتفتت لترى سام ورائها وشعرت بدماءها تبرد في عروقها. لكنها عزمت على المواجهة.
سام "ارجوكِ نادين دعينا نتكلم ولو للحظة"
نادين "لا يوجد شيء لديّ لاقوله لك، لا اريد ان اراك مجددا ابدا "
بدأت في المشي وهو يلحق بها " ارجوكِ..." لم ينه كلامه لان يده امتدت لتمسك بكتف نادين. بالكاد لمسها حتى كانت قد ألتفت حوله وبحركة واحدة طرحته ارضا وذراعه ملوية وراء ظهره وهو يتأوه.
هي " لا تجرؤ على الاقتراب مني مجددا فانا لم اعد ضعيفة كالسابق"
ابتلع ألمه سام وقال " جئت لاسألكِ المغفرة ، سأفعل اي شيء لتسامحينني حتى وان طلبتي مني الموت سأفعل!"
عم الصمت للحظات قبل ان يتابع " لا استطيع ان اتحمل العيش اكثر مع مافعلته بكِ. لقد اذنبت، بل اجرمت بحقكِ وسأرضى بأي شيء تحكمين به عقاب لي طالما ستسامحينني"
كانت لا تزال وراءه ممسكة بذراعه الى ظهره ورغم انه ولابد كان يتألم فقد بدى مستميتا لينال المغفرة فقد احست نادين بذلك في كل كلمة كان ينطق بها .
انهالت دمعة اخفاها ظلام المساء وقالت بصوت متحشرج "لماذا فعلت ذلك بي؟!"
سام بصوت يكابد البكاء "لا استطيع ان اعيش وانا اضع اللوم على والدتي التي دست دواء افقدني صوابي في شرابي، لقد كنت انا من سبب لكِ الاذى .. انا من لا يستحق العيش دون عقابك لي. مهما يكن كان يجب ان احميكِ لا ان اكون اول من يجرحكِ. انا اكره نفسي واحتقرها . لم اعد استطيع تحمل احساسي بالذنب اكثر فقط اقتليني وسامحيني صغيرتي ارجوكِ!"
قاومت دموعها وامرته بصوت هادئ " لا اعلم ان كنت استطيع! ان كنت تعني ماتقول فاعترف بجرمك وادفع ثمنه في السجن اولا ثم اسألني المغفرة سام" قالت اسمه وارتجف قلبها ثم دفعته ارضا واسرعت الى منزلها واقفلت ورائها الباب .
كان لقاءً هزها وارعبها لكنها اخيرا احست بأنها قوية فعلا وان بامكانها تجاوز كل صعب منذ تلك اللحظة ومابعدها.©ManarMohammed2020
أنت تقرأ
دُمْيَة▪.▪( مكتملة)
General Fictionكم من الاسى يتحمله قلب يتيمة قبل أن يقرر الانتقام ؟ .. عندما لا يوجد أحد ليحميك يدوس الجميع عليك سهوا وعمدا.. بطلة القصة فتاة اضطهدها الجميع حتى رمى القدر في طريقها شخص ولأول مرة بها يهتم. ولن يكون هدفها في حياتها الجديدة سوى الانتقام.. فهل ستجد الس...