_ الفصل السادس عشر _

1.7K 113 1
                                    

ولكن انقلبت الموازين وأصبحت الرياح عكسهم عندما سمعوا صوت إطلاق نيران عنيف من خلفهم  ، أخرج أنس سلاحه من جيبه بفزع وأخرج رأسه من زجاج السيارة ينظر إلى السيارة التي تلاحقهم ويطلقون النيران هدفهم إصابة إطارات السيارة ، عاد للداخل مجددًا وتطلع إلى تميم الذي يقود ويخطف النظرات إلى الخلف لمعرفة من الذي يلاحقهم ، فأجاب أنس وهو يجهز زناده للإطلاق مغمغمًا بخشونة :
_ خليك بتسوق وأنا هتولى الموضوع ده

_ مين دول ؟

قالها في تعجب وغضب فيجيبه وهو يخرج من الزجاج ليبدأ في أطلاق النيران مصوبًا هو الآخر هدفه على إطارات السيارة :
_ مش عارف ياتميم مش وقته مين دول دلوقتي

ضعط على مكابح السيارة أكثر لتزداد السرعة بقوة ويقود بمهارة ينحرف بالسيارة يمينًا ويسارًا محاولًا الهروب من طلقاتهم حتى لا تصيبهم ، حيث كانوا على طريق شبه صحراوي يذهبون لشيء ما يخص عملهم وكان لا يوجد في الطريق سواهم ، استمرت المطاردة بينهم للحظات طويلة حتى أرتعد أنس عندما رأى أحدهم يخرج سلاح فتاك إن أطلقه فيصبحون مع الأموات ، أدخل رأسه وصاح بتميم في فزع :
_ نط ياتميم بسرعة دول معاهم سلاح ( أر بي جي )

رمقه بصدمة وقد احتقن وجهه بالدماء ليترك القيادة فورًا ملتقطًا سلاحه ، فيتولى أنس القيادة بصعوبة وهو ليس في المقعد المخصص له ، بينما الآخر أخرج شبه نصف جسده وثبت نظره على الهدف فأطلق النيران على الرجل الذي كان على وشك إطلاق هذا السلاح الفتاك وبالفعل أصابه ثم في ثانية أخرى كان يوجه الهدف على الإطار فأطلق ولم يصبه في المرة الأولى وكذلك المرة الثانية ولكن في الثالثة أصابه بقوة لتنقلب السيارة رأسها على عقب بكل من بها ، وكان غير مباليًا لإصابته في ذراعه بأحد اسلحتهم  ، فكانت الإصابة بالنسبة له أفضل من الموت بهذه الطريقة ، مازال لم يفي بوعده في أن ينال من ذلك الوغد  ... بينما أنس تنهد بارتياح لتمكنهم منهم قبل أن يصبحا في عداد الأموات ، ثم أوقف السيارة ونزل كلاهم يسيرون نحو السيارة وتميم يمسك بذراعه المصاب بألم ، اقترب أنس من السيارة وانحنى للأسفل ليرى الوجوه الذي بها وهل هناك ناجون أم كلهم أمواتًا ، فوجد لا أحد منهم يصدر صوتًا أو يتحرك ، فعاد بنظره إلى تميم وغمغم بيأس :
_ هتصل بالقسم على سامي باشا وأقوله على اللي حصل

أماء له في موافقة مجاهدًا عدم إظهار ألمه ليكمل أنس بقلق :
_ تعالى هنروح المستشفى مينفعش تقعد كدا وهما هياجوا وبعدين نبقى ناجيلهم احنا

لم يعارضه وعادوا لسيارتهم ويتولى أنس هو القيادة هذه المرة ، ويقودها مسرعًا في طريقه للمستشفى الخاصة بالشرطة ........

                                 ***
كانت تجلس أمام نافذتها كالعادة تنظر إلى الحديقة وتنتظر قدومه ككل يوم ، تارة تنظر إلى الساعة التي تخطت الثانية بعد منتصف الليل ثم تعود إلى الحديقة مجددًا وتثبت نظرها على الباب الرئيسي في انتظار دلوف سيارته ولكن كان انتظارها بدون فائدة ، فتنهدت بيأس وهبت واقفة لتغادر الغُرفة مقررة اكتشاف ذلك المنزل ومحاولة إلهاء نفسها في أي شيء ، ظلت تتفحص كل أنش بالمنزل ، وتدخل كل غرفة تتفحصها ، كان بالأسفل يوجد غرفة وعندما دخلتها أتضحت أنه غرفة مكتبه الخاصة حيث يوجد على الطاولة المتوسطة التي في آخر الغرفة موضوعة في النصف ويوجد عليها حاسوبه النقال وبعض الأوراق والأشياء الخاصة به ، وعلى الجانب أريكة صغيرة ذو لون بني مشابه للون المكتب ، فاقتربت من المكتب تتفحص المحتويات التي موجودة على سطحه ، ثم حاولت فتح الأدراج ففشلت ، لتعلم أنه يحرص على غلقهم بشدة وبتأكيد لاحتوائهم على أشياء مهمة بالنسبة له أو لعمله ، وأخيرًا بعد دقائق من تفحص مكتبه غاردت لتتفحص شيء آخر وكان هدفها الثاني هو غرفة نومه ، حيث قادت خطواتها نحوها وفتحت الباب وتدخل بحذر متفحصة اول شيء شكل الغرفة الخارجي حيث كانت ألوان جدرانها هادئة والأرضية مفروشة بمفروشات أنيقة وجميلة ، الفراش مرتب ومنظم ، ملابسه يعلقها بتنظيم على شيء خاص بها ، وكذلك حذائه يوجد بركن ما بجانب الفراش ، ويوجد حمام صغير ملحق بالغرفة ، كانت الغرفة ذو مظهر جميل ومنظم فعرفت فورًا وتوقعت أنه من نوعية الرجال المنظمين الذين لا يحبون الفوضى في مضجعهم بالأخص وغرفهم  ، ومن ثم تتعمق في الغرفة أكثر لتدخل وتفتح خزانته فترى الملابس حالها لا يختلف عن حال الغرفة ! ، بل كانت أفضل حيث يضع كل نوع من الملابس مع بعضه بانتظام ، وكذلك الألوان المشابهة ترتص فوق بعضها ومطوية بطريقة جميلة ، لتتسع ابتسامتها الساحرة حتى تكاد تصل لأذنها على ذلك الرجل الذي يبدو أنه لديه مرض يدعى هوس النظافة والتنظيم في كل شيء ، فهي المرأة ولن تمتلك الصبر لوضع الملابس بهذه الطريقة الأنيقة ، وكأنها خزانة عروس في بداية أيام زواجها وليس رجل عاذب يعيش بمفرده في المنزل !! .. ولكن لفت نظرها الصورة الموضوعة على المنضدة الصغيرة بجانب الفراش وكانت تجمعه هو وشقيقته ، منذ سنوات ليس بكثيرة ، اقتربت من المنضدة والتقطتها وتحملق به بعبوس ، حيث كانت صورة لهم على الشاطئ ويحملها هو على ذراعيه والأخرى متشبتة برقبته بكلتا ذراعيها وتنظر للكاميرا ضاحكة مُخرجة جزءًا من لسانها وكذلك هو يبادلها الضحك مبرزًا عن ثغرتيه في وجنتيه الأثنين ، فأول شيء أتي بعقليتها أنها زوجته أو أي شيء من هذا ، ولم تتوقع قط أنها شقيقته ، لتصدر تنهيدة حارى ثم تضع الصورة مكانها وتلقي نظرة أخيرة على الغرفة وتغادر ولتقضي المزيد من الوقت بانتظاره وهي تفكر في أمر الصورة وتتساءل في عقلها كالأتي " هل هي زوجته ، أما عشقيته ، أم أنه كان في علاقة سابقة وانفصل " فتعود وتجيب على أسالتها بنفي " إن كانت زوجته فلماذا ليست معه هنا !! اعتقد أنها ليس كذلك ، وإن كان في علاقة سابقة لما سيحتفظ بصورتهم معًا ! ، ترى هل هي عشيقته بالفعل !!!! " ظلت تتساءل هكذا لوقت طويل والوقت يسرقها حتى سمعت صوت أذان الفجر وهو مازال لم يأتي بعد ، وقد بدأ القلق يتمكن منها ، فمنذ قدومها معه لهُنا لم يتأخر هكذا ، ترردت كثيرًا في أن تجري اتصال به وتطمئن عليه ، وتخبر قلبها بأنه سيأتي ربما طرأ له عمل مفاجئ ، فتترك وسواسها وتهم متجهة نحو الحمام لكي تتوضأ وتصلي فرضها مصبرة نفسها بأنه سيأتي وإن انتهت من صلاتها ولم يأتي بعد فستتصل به بدون تردد ، ومرت دقائق أخرى وهي انتهت من صلاتها والوضع كما هو عليه ؛ ففقدت هي آخر ذرة صبر لديها حيث امسكت بهاتفها وأجرت اتصال به .
كان هو بالمستشفى يجلس مع أنس بعد أن أخرجت ( الرصاصة ) من ذراعه وتم تضميده له وتحسن وضعه ، وكانوا يتبادلون الأحاديث المهمة حول ما حدث ويخبره أنس بما حدث عندما أتت الشرطة بعد ذهابهم وماذا فعلوا مع من كانوا في السيارة ، ليقطع حديثهم صوت رنين هاتف تميم المتكرر فيلتقطته ويحدق بالاسم ، فلام نفسه بشدة كيف نسى أمرها هكذا ولم يطمئن عليها حتى ، وكان يجيب فورًا بدون تردد :
_ أيوة يازهرة

رواية .. تيروريسموس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن