_ الفصل الثاني والعشرون والأخير _

3K 141 11
                                    

ولكن حالها كان أعسر منه فور  وقوع نظرها عليه !! ، وارتجفت أعضائها لتجعلها متصنمة بأرضها ، تتطلع إليه بذهول فكانت آخر ظرف تتوقع أن تقابله فيه بعد كل هذه الشهور هو مع أخيها ، وبعد أن انتصرت على علقها .. رؤيتها له الآن أعادت ما أقامته للصفر مجددًا وكأنها لم تفعل شيء ، وهذه المقابلة لم تكن بالحسبان جاءت بدون إنذار ولم تستعد لها ، فجعلت من قلبها يطرق كالمطرقة وعجزت عن تميز هل يدق لسعادته أم خجله أم الأثنين ، وكان قد تغير قليلًا ، مازال بنفس بنيته القوية وقامته الطويلة ولكن نموت لحيته وشاربه قليلًا فجعلوا منه أكثر جاذبية وساحرية .
أما هو فقد أخذ ترياقه لمرضه طوال السنة ونصف الماضية برؤيته لزرقاء حوريته من جديد ، كانت نفسه تطوق لمحادثتها وإخبارها بأنه أشتاق لها وأصبحت حياته فارغة بدونها ولكن لا يستطيع ، وسيتصرف بجفاء وكأنه لم يراها حتى لا يفسد تعبه على بناء الثقة في قلب أخيها وأبيها طوال المدة الماضية ، وبالفعل فعل حيث أجفل نظره عنها ومر من جانبها بدون أن ينطق ببنت شفة مغادرًا الغرفة وكأنها نكرة ، فاندهشت هي من تصرفه ونظرت إلى أخيها بعدم استيعاب لما يحدث ثم اقتربت منه وجلست بجواره هاتفة بقلق :
_ عمرو إنت كويس حصل إزاي الحادث ده

_ كويس يازهرة الحمدلله متقلقيش ، هو حادث صغير يعني وزي ما إنتي شايفة مفياش حاجة خطر ، بابا فين أمال ؟

_ جاي ورايا

صمتت لثوانٍ قبل تقول بترقب واهتمام :
_ تميم كان بيعمل إيه هنا ؟!!

تنهد بعمق وغمغم في صوت رجولي قوي :
_ هو اللي جابني المستشفى ، كان في الخارجة هنا في فرح وشاف عربيتي بالصدفة

التزمت الصمت ولم تجيبه وفقط حدقت بالأرض في شرود وحزن ، فكانت تود سماع صوته بعد كل هذه الشهور والبعد .. وتساءلت تُرى هل تزوج فلهذا لم يعيرني اهتمام وتصرف معي بعدم مبالة ؟! ، فيالها من ظروف قاسية جمعتهم في جفاء وفرقتهم في قسوة وتأبي اجتماعهم في لطف وحب ، وتذكرت عندما قالت له صارخة بغضب هادر وكيف كان رده الذي علق بعقلها حتى الآن  "
_ تقصد متقصدش مليش فيه !! ، كل اللي أعرفه إنك اتكشفت على حقيقتك ياحضرة الظابط ، وحبستني وبتقول إنك مستخدمني طعم مش أكتر ، وطبعًا أكيد الطعم ده مش هيطلع من بُق السمكة سليم زي ما كان

غمغم بأعين هي اعتقلتها وليس هو من سجنها بمنزله ، وفي نبرة ونظرة لمست جزئها اليسار :
_ مستحيل أسمح بإن ده يحصل أبدًا "
فقالت لنفسها إذًا لماذا سمحت الآن بأن تتركني في ألمي وشجوني من جديد ؟ ، لما تناسيت كل شيء وتجاهلتني ؟ ، كنت أود أن تقاتل من أجلي كما تقاتل في حروبك ولكنك فضلت الهروب والاستسلام من أول محاولة فشل لك ! .
انتشلها من شرودها صوت عمرو المنزعج قليلًا :
_ زهرة تميم خلاص نسيكي ومش هيفكر انه يقربلك تاني واثبتلي ده باللي عمله دلوقتي ، وعدني ووفى بوعده المرة دي !

رواية .. تيروريسموس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن