(9)
الخميس12/3/2020
مرت خمسة أيام على حادثة تأخر الهبوط، في يوم الخميس ذاك استيقظ بمزاجٍ معكرٍ للغاية دون سابق إنذار، حالما نهض من سريره واستحم صنع لنفسه فنجاناً كبيراً من القهوة وقف بجانب النافذة ينظر للمدينة بحاجبين معقودين، ولم يستطع هو نفسه أن يفهم سر هذا الشعور السيء الذي يراوده.
رغم أن ذلك لم يكن عادته، ولكنه توقف عن النظر في النافذة ودخل إلى غرفتها، سحب كرسي المكتب وجلس واضعاً الفنجان الذي تفوح منه رائحة القهوة الساخنة على المكتب، ألقى نظرةً على المفكرات الاثنتي عشر الموضوعة على الطاولة، ثم التقط صورتها بيده، يحدق بها بنظرةٍ طويلةٍ وشاردة غير عالمٍ ما الشعور الذي يجتاحه بلا مقدمات!
لم استيقظ فقط ورغبةٌ عارمة بالشعور بها قريبةً منه راودته؟ الشعور بجسدها الناعم يستلقي بجانبه، يخطف منها قبلة الصباح، ثم ينهض لتعد له إفطاره، يوصلها لعملها في طريقه، ثم يذهب بعد أن يروي نفسه بعناقٍ طويلٍ منها، هي غائبةٌ منذ زمنٍ طويل، لكن الشعور هاجمه فجأة، وكان بارداً ومحزناً للغاية!
مرر أصابعه على الصورة ثم أمسك فنجان القهوة ليشرب منها رشفةً طويلة، أعاده على الطاولة وعينيه مازالت مركزةً مع التفاصيل الموضوعة هناك، أطلق تنهيدةً طويلة وهو يعيد وضعها على المكتب ثم وضع رأسه فوقها بإرهاق وهو يهمس مخاطباً نفسه متجاهلاً أنه لوحده تماماً ولو رآه أحدهم لظنه مجنونٌ تماماً.
"أنتَ تعلم يا الله أني لا أستطيع أن أمسك بيدها، تعلم أني لا أستطيع أن أحتضنها، ولا أستطيع أن أجعلها تمرر أصابعها في خصلات شعري لأرتاح، أنتَ تعلم أني لا أستطيع المشي معها في ضوء القمر، أو الركض تحت المطر، أنتَ تعلم كل ذلك يا الله، فلم تراودني هذه الرغبات بلا توقف؟ وماذا أفعل لأطفئها؟"
أغمض عينيه بألم حين شعر بهما تحرقانه منذرةً بالبكاء، تمالك نفسه ومسح بيده على وجهه حتى لا يبكي، لم يكن يريد أن يفقد قوته بعد مقاومته كل هذا الوقت، لم يكن يريد أن يخسر صبره بعد كل هذه السنوات، هو يعلم أنه سيضطر ليصبر أكثر، ومازال مؤمناً أن كل شيء في الحياة يدور حول قدرته على التحمل!!
نهض من مكانه وبدل ملابسه ثم خرج من منزله متوجهاً لجامعته، رغم محاولته أن ينسى أو حتى يتناسى، ولكنه لم يكن ينكر أن مزاجه كان معكراً جداً، دخل فصله ليجد هناك ميرال وري نا، استقبلته الأخيرة بابتسامةٍ صغيرة في حين لوح له ميرال، أومأ لهما ثم جلس على بعد مقعدين منهما، وللسبب نفسه غرق في الصمت الكئيب مرةً أخرى.
"هل أنتَ بخير؟" قالتها ري نا ليرفع نظره ويجدها جالسةً بجانبه، أومأ لها لتبتسم وتسأل متابعة "كنتُ أقوم ببعض الأوراق في المطار في الليلة الفائتة وسمعتُ أنكَ قمتَ بهبوطٍ رائع في العاصفة."
![](https://img.wattpad.com/cover/216480468-288-k924585.jpg)
أنت تقرأ
Two stars in the galaxy | نجمتان في المجرة
Romanceكان يؤمن أنَّ كل شيءٍ في هذه الحياة يدور حول قدرته على التحمل! "أحبكِ حتى نهاية الزمان والمكان، إن كان ثمة شيءٌ بعد ذلك فسأظل أحبكِ بكل ذرة شعورٍ أملكها.." نجمتان في المجرة "ملهم القادري" R.M