نقارش (2) الأطفال الستة

334 9 5
                                    


" يا حليبي خب خب انز لهن في الركب...يا حليبي خب خب انزل لهن في الركب"

فسقطت البنت العويرة ونادت البقية ليساعدنها" يا اخواتي يا خواتي تعالن ساعدنني" فأجبنها بصوت واحد" لقد أخبرناك ألا تأكلي انت مسؤول عن نفسك الآن" وذهبن راكضات لألّا تلحقهن الغولة, في تلك اللحظة قبضت الغولة على البنت العورة وقالت لها" امتصك مصو أم أقصك قص؟" فترك له الخيار بأي طريقة تحب الموت فهي على ما يبدو غولة كريمة ولازالت تحتفظ ببعض الأخلاق, فأجابتها " قصيني قص!" علها تكون موتة أهون.

وصلت نقارش ومن معاها أخيرا إلى النجع ولكن هنا كانت الكارثة فكان المكان لأول مرة يسوده مثل هذا الصمت الفظيع والبيوت محطمة وهناك آثار دم على التراب. وبعد رؤية هذا المنظر هرعت كل فتاة إلى المكان الذي تتواجد به أطلال بيتها فلم يجدن إلا جثث أهلهن الهامدة فيبدو أنه كان لقطاع الطرق جولة ههنا, من صدمة إلى أخرى كل فتاة من الستة كان تعبيرها عن الصدمة يختلف عن الأخرى فمنهن من بكت وأخرى من أغم عليها ومنهن من هول الصدمة لم تستطع ان تتكلم وكان هناك من بدأت الضحك فيبدو أن الشخص الوحيد الذي استطاع أن يتمالك أعصابه هي نقارش فبدأت بتهدئة الكل حتى هدأن ثم أخبرتهن أن يقمن بشق بطون أمهاتهن عسى أن يكون الأطفال بخير, فبدأن بشق البطون وأخرجت الأولى فتاة حية وهكذا الثانية فالثالثة فالرابعة فالخامسة ثم أتى دور نقارش وقامت بشق بطن أمها فكان فتى وهكذا خمسة فتيات وفتى بقوا على قيد الحياة بعد هذا الهجوم المريع, بعدها دهنت كل فتاة اختها بالزيت وقامت بتقميطها وقامت نقارش بنفس الشيئ مع أخيها.

***

ومرت الأيام ونفذ مخزون الفتيات من الطعام وبدأ الجوع يغير طريقة تفكيرهن فاقترحت إحداهن ان يقمن بطبخ طفل كل يوم وأن يتقاسمنه إلى أن يجدن حل لبقية الأيام, وعند سماع ذلك خافت نقارش على أخيها بعد موافقة باقي الفتيات فخطرت ببالها فكرة وقالت" ما رأيكن أن نبدأ بالفتيات الأول لأن الولد هو الوحيد المختلف وتركه للأخير أفضل!" فاقتنعت بقية الفتيات ووافقن على اقتراحها.

وفي صباح اليوم التالي قمن بذبح الطفلة الأولى وطبخها وتقسيم الحصة بينهن وهكذا مضت الأيام كل يوم طفلة وتقوم نقارش بتخبأة حصتها ولا تأكلها بعكس البقية, ثم أتى صباح اليوم السادس واليوم هو دور أخ نقارش وقالت احداهن " وأخيرا اليوم دور الولد فلتحضريه يا نقارش!" كانت نقارش مستعدة لهذا اليوم " نعم نعم سأقم بتجهيزه لكن كما تعلمن فلحم الولد صعب الاستواء وليس لدينا حطب كافي لجعله يستوي فلتذهبن جميعكن لتحضرن الحطب وفي خلال هذا الوقت سأقوم بتجهزه!" وعندما اختفت الفتيات عن ناظريها قامت بحفر حفرة قريبة من النار ووضعت فيها اخيها وقامت بتغطيتها جيدا مع ترك أماكن تسمح بدخول الهواء له ثم وضعت فوقه الحصير وقامت بالجلوس فوقها, وأخرجت لحمها من الايام الفائته ووضعته بالقدر حتى يخيل للبقية انه لحم أخيها.... جاءت الفتيات يركضن ويقلن" لقد احضرنا الحطب لقد احضرنا الحطب" فردت عليهن نقارش" لقد أخذ منكن الكثير من الوقت لذا قمت بطهيه بالحطب الذي لدي ولقد استوى" وأعطت لكل واحد قطعة لحم في لحظتها الطفل بدأ بالبكاء بصوت خافت "وااءء..وااء" ..."بسم الله ما هذا؟ّ" قالت إحداهن ردت نقارش" يبدو انه فقط صوت الريح. ونظرت فتاة اخره اليها وقالت باستغراب "هذه خمس قطع أين السادسة؟" قالت نقارش" لقد اخذتن وقت طويل فقررت أن آخذ حصتي" .

كما نعرف من الاساطير أن من يأكل لحم إنسان مرة سيتحول هو أيضا إلى غول فكل الفتيات استغولن ولم تبقى إلا نقارش المحافظة على عقلها, ففكرت بينها وبين نفسها بما أن جميع الأطفال لم يتبقى منهم أحد سيقمن بالتجمع ضدي واكلي أنا الأخرى لذا يجب علي الهروب مع أخي بأسرع وقت, وعندما حل الليل ونامت جميع الفتيات أخذت نقارش أخيها وهربت بصمت ووضعت كيس كبير به قمح فوق ظهرها وجعلت به ثقب فكلما تمشي يسقط القمح من الكيس وهكذا إلى أن وجددت راعٍ بجانب بئر وقالت له" إذا أتنك فتيات يسألن عني فقل لهن(غرّبت وشرّقت وطاحت في هذا البئر تكسرت)" ثم أخذت عصى ورمتها في البئر ووضعت فوقها الكاب الخاص بها حتى يخيل للناظر للبئر أنها هي.

وفي تلك الليلة استيقظت إحداهن ولم تجد نقارش فأيقظت البقية واخبرتهن وعند تجمعهن للحاق بها الْتَهَن بالقمح الذي على الأرض وقمن بأكله وهذا أعطى لنقارش المزيد من الوقت للهرب, وعند وصلولهن بجانب البئر وجدن الراعي وقمن بسؤاله "أرأيت فتاة مرت من هنا؟" فأخبرهن " غرب وشرقت وطاحت في هذا البئر تكسرت" فنظرن بسرعة للبئر فوجدنها " يبدوا أنها وجدت طعام في الداخل لهذا قامت بالقفز فيه" فقمن بالقفز واحدة تلو الأخرى وماتت جميع الفتيات.

وفي خلال هذا الوقت قطعت نقارش مشوارا طويلا برفقة أخيها الصغير وأخيرا وجدت نجع يقطنه مجموعة من الناس فتوجهت تلقاء بيت شيخ النجع وقامت بالتسليم عليه فسألها " إنسية ولا جنية؟" فأجابته "إنسية نوحد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم" فأخبرها أن تتفضل بالدخول فدخلت نقارش وأخبرته أنها فتاة مسكينة تقوم بالعناية بأخيه وتبحث عن عمل يكفيها قوت يومها, فأخبرتها اخت اشيخ انها تستطيع ان تساعدها بحلب ومخض اللبن عندها ستعطيها بيت قديم قد كان لها وأيضا القليل من الحليب يوميا فواقت نقارش على هذا العرض وبدأت نقارش بالمساعدة يوميا ووضعت إناء لها بحفرة وأصبحت تسكب فيه الحليب الذي تتلقاه يوميا لتستطيع هي واخيها استخدامه, فأصبحت تطعم أخيها الحليب الزبد إلى أن كبر قليلا وبدأ بالمشي, وبدأت المشاكل فعندما ترجع من عند السيدة تجد أن الحليب لم يعد بالإناء ولم يكن يوجد إلا أخيها معها في هذا البيت فقامت بضربه لكلا يعيدها ونهرته عن فعل ذلك" ألم أخبرك ألا تشرب منه! لماذا فعلت ذلك" فأخبرها أخيها وهو يبكي" لست أنا أنا لم أفعل هذا" وكلما يخبرها بهذا كانت ترد عليه نفس الرد "إذا من؟ لا يوجد سوانا هنا" ولكن استمر الوضع هكذا ثم في يوم من الأيام قررت أن تغير المكان وتضعه بعيدا عن أخيها وعندما رفعت الإناء وجدت تحته......


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يا ترى ما الذي كان تحت الإناء هل هو سبب شرب الحليب؟! أم أنه فعلا كان أخ نقارش هو الذي يشربه؟

خرافات جدة ليبيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن