الفصل الأول

5.6K 153 16
                                    


في مجتمعنا يعيش الناس داخل آلة ضخمة المتاريس.. يدورون بها وتدور بهم.. يركضون خلف (لقمة العيش) وتطحنهم هي بدورها من أجل منحهم إياها.. لكنها غير منصفة.. تهب من تشاء .. وتحرم من تشاء.. هكذا خلقنا الله طبقات.. واحدة تعلو أخرى في ترتيب لا يعلم حكمته إلا هو.. لكن الوضع في مجتمع المتزوجين يختلف تماماً حيث لا فرق بين غني وفقير..(كلنا بائسون ياعزيزي ولا نستثني أحد).. وعلى سبيل المثال قد تجد الزوج الوسيم .. ذو البطن المستدير الذي يحتاج مهندس مساحة من الحي ليقيس قطر استدارته.. جالساً أمام التلفاز يرتدي (فانيلة بيضاء حمالة واحدة) من باب التغيير.. تزينها ثقوباً كثيرة منتشرة أسفلها وأعلاها كنوع من إظهار موهبته في تصميم الملابس ليحقق حلمه العالمي بمنافسة (إيلي صعب أو كوكو شانيل).. رافعاً ساقيه فوق منضدة (الأنتريه) غير مبالياً بما يدور حوله.. يصب جام تركيزه على تلك المطربة الحسناء أو هذه الممثلة البلهاء التي تشقق وجهها من كثرة عمليات التجميل لكنها في نظره (بطل من أبطال حرب أكتوبر) ويقارنها بزوجته المصونة .. الواقع على عاتقها جميع المسئوليات من تنظيف المنزل وطهي الطعام واستذكار الدروس للأولاد .. والركض من حوض الجليّ إلى ماكينة غسل الملابس.. ثم تحضير المائدة لـ (سبع الليل) كي يملأ ميدان هليوبوليس القابع بمعدته وبعد كل هذا العناء والشقاء و (الهم الأزرق) يأتيها مؤخرا ليطالب بحقوقه الزوجية وإن فكرت مجرد تفكير في التذمر أو التعلل بتعبها طوال اليوم يهددها بالتعدد وعندما تسأله .. هل صليت فروضك كاملة؟.. أو أعطيت الفقراء حقهم في زكاة أموالك؟.. أم أنك أقمت سنة من سنن رسول الله المهجورة؟.. يرد بعنجهية وصفاقة ومزايدة على الدين وتحويره ليناسب أهواءه الشخصية _التعدد رخصة وحق غير مشروط منحه الله للرجال_ (عشان هم سخنين وبسمسم).. ولا يكف عن هذا الهراء ويتشدق به في كل مكان ويتحدث عن جهل ويردد كالببغاء إرضاءً لغريزته الرجولية المتعفنة .. هذا التيس وأمثاله تنطبق عليهم دعوة جميلة يستحقها عن جدارة ألا وهي (ياخي عددوا عليك ساعة وانفضوا ياعرة الرجالة) .. ننتقل لنوع آخر من الأزواج.. لئيم.. خبيث.. غامض.. صامت.. قامت.. هذا (السهون الأونون) .. لا يريد التعدد يقيناً منه بأنه (لا يقع في فخ الزواج مرتين إلا مختلاً عقلياً )..وللأسف هو محق فمن يتزوج مرة ويبحث عن تكرار التجربة يعد من أصحاب الإعاقات الذهنية.. لكنه يسير على خطى الفنان محمد منير في أغنيته الشهيرة (قلبي مساكن شعبية).. هاتفه مليئ بأرقام نسائية لا حصر لها.. الواتساب والماسنچر عبارة عن سوق للملابس الداخلية وقمصان النوم والمحادثات الليلية.. المصيبة الكبرى أن هذه الفصيلة النادرة من جراء البحر الذين يعيشون معنا على اليابسة صعب إقناعهم بأن مايفعلونه (خيانة).. الحقيقة أن مجتمع المتزوجين حافل بالمغامرات والحكايات.. عالم يتوازى فيه النساء والرجال على حد سواء.. لكل من الفصيلتين عيوبها ومميزاتها والأذكى من يستطيع تفادي (خوازيق الحياة).. لا تتعجبوا فكلمة (خوازيق) عربية فصحى سليمة مائة بالمائة.. كناية عن الدروس التي تلقنها لنا الأيام.. ومن المحزن أن جميعنا أصبحنا في حاجة ملحة لمن يعيد تأهيل خلايا أدمغتنا لاستعادة القدرة على الاستمرار في مواجهة الأزمات.. ومن هنا ظهرت وظيفة الـ (Life coach).. أو مدرب التنمية البشرية.. بالطبع من سيسمع تلك المصطلحات سينبهر ويقتنع بتلك الحيلة لتحريف مُسمى (الطبيب النفسي).. فمع الأسف نحن نتهم رواد الأطباء النفسيين بالجنون لذلك قمنا بإعادة تدوير للكلمة وتحولت المهنة السامية لـ (سبوبة) وأصبحت عمل من لا عمل له ظناً من البعض أن قراءة مقالات دكتور ابراهيم الفقي رحمة الله عليه كافية لممارستها .. وستتعجبون كثيراً عندما تكتشفون أن من يكتب تلك الكلمات (Life coach).. أو طبيبة نفسية فقيرة إلى الله وجدت أن عيادتها الخاصة لا تؤتي ثمارها فإضطرت لعمل (update) بسيط لتتحول من عيادة (دكتورة زمردة الدمنهوري).. إلى (كوكب زمردة)..

كوكب زمردة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن