ذكرى ٢٢ نوفمبر/٢٠١٩

596 81 14
                                    

صباح الخير يا مذكراتي التي استطاعت احتواء تُخمة شعوري، اكتب لكِ الآن بعدما فاض بي الشعور كالعادة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

صباح الخير يا مذكراتي التي استطاعت احتواء تُخمة شعوري، اكتب لكِ الآن بعدما فاض بي الشعور كالعادة.. انها الساعة السادسة صباحاً، كنت انوي ان أكتب فصلاً من روايتي ولكنني لم استطع .. لأنني لم استطع ابتلاع شعور الحزن الذي ركع فوق صدري، بعدما رأيت مقطع فيديو لامرأةٍ تصوّر أحداث سعيدة مع قطتها ولكن في كل مشهدٍ تتغير فيه تعابير القطة من الحيوية الى التعب والذبول حتى فارقت الحياة بين ذراعي صاحبتها بعد نضال شديد مع المرض..

حين انقبض قلبي من شدة الألم طرأ في عقلي طبيعة مهنتي .. وتذكرت صديقي راشد ..  واستشعرت آخر لمسة ليده الدافئة .. فاض بي الحزن لأن اكثر ما يجعلني اغرق بالحزن بعد رحيل شخص غالي على قلبي هو لأني التقط اخر ذكرى لي معه.. حتى آخر عناق مفاجئ غمرتني به خالتي الراحلة لم استطع نسيانه.. حين عانقتني فجأةً وهي تضحك.. كان حضنها دافئاً جداً .. وفي كل مرةٍ يطويني الحزن استشعر طيفها الذي يعانقني بقوة .. ويمدني بالقوة بنفس قوة الحزن الذي ينتابني،ورجوت الله ان يربط على قلبي في جميع تحديات الموت التي سأشهدها مع المرضى .. وتذكرت جملة دكتورة سهام حين قالت ..

" لا تتعلقوا بمرضاكِم فأنتم ستتأذون كثيراً عندما تأتيهم المنية "

لم استطع إخراج كلماتها من رأسي، فنحن لن نشهد فقط تعب الدراسة .. بل تعب العمل وخسارة الأرواح العديدة، كما انني من النوع الذي ينغمس مع المرضى نفسياً ويقحم مشاعره بالعمل .. لكن كما قال طبيب ذات مرة

" لن تتبلّد قلوبكم من شدة خسارتكم لمرضاكم، لكنكم ستعتادون على الألم.. هذا لن يعني انكم لن تعانوا ولن تذرفوا الدموع ولكنكم ستتقبلون الوجع وستنهضون وتمسحون عن اعينكم الدموع لتشهدوا ولادةً جديدة وتنقذوا روحاً توشك على الممات .."

هذا ما يعني أن تكون ممرض، ستضحك وتبكي ستتأذى وتسقط.. لكنك في النهاية ستقف على قدميك مجدداً وتهرع للخائفين والموجوعين ..

في الحقيقة لم يكن التمريض خياري الأولوي ولكن لطالما أردت ان اكون في القطاع الصحي.. لكن لم يكن التمريض ضمن رغباتي الأولى .. كنت ارغب ان اصبح طبيبة اطفال .... وعلمت حين تخصصت التمريض و تعمّقت بفنه انني خُلِقت له .. جميع الصعاب التي مررت بها .. والجامعات التي رُفضت للدخول بها .. ظننت انها ابواباً اوصدت في وجهي لتمنعني من الوصول الى حلمي .. لكن الله كان يضع خطةً لأجلي .. وخطتي كانت التمريض .. وحين تعمقت فيه ارتسمت ابتسامة على وجهي وتوهّجت روحي .. لقد كان المكان الذي يلائمني .. ولقد كان التمريض يَصِفُني .. روحي التي تتوق لإحداث تغيير ايجابي ومؤثر في الكون .. كياني الذي رفض الخضوع للحياة الروتينية .. شخصيتي التي تكره العيش بدون هدف .. كان التمريض اجابتي التي كنت ابحث عنها في أوج مراهقتي ..

مذكِّرات طالبة تمريض ☤     حيث تعيش القصص. اكتشف الآن