-"إن لم تأت قريبا لإصلاح الأمر .. سأذهب لوالدتك و أخوتك بما لدي و أخبرهم بكل شئ"
لم تقو ريهام على محادثة آسر فإكتفت بإرسال تلك الرسالة و ظلت تنتظر .. بعد عدة ساعات وردها إتصال منه .. تجاهلته مرتين ثم قررت خوض المواجهة .. قامت بالرد عليه ليصلها صوته المتعب
-"ريهام!.. حبيبتي .. لقد إشتقت إليك .. القلق كاد يفتك بي .. لماذا لم تردي على إتصالاتي "
كانت تحاول منع نفسها من البكاء .. إستعادت تماسكها وقالت بهدوء زائف..
-"لقد إنتهى وقت الكلام آسر .. يجب أن تصلح الوضع .. و إلا.."
لم تكمل حيث قاطعها بحدة ..
-"يا غبية .. لقد حاولت مرارا الإتصال بك قبل أن تقدمي على فعلتك الغبية تلك..لقد إقترضت مبلغا من صديق لي و أنا أحاول العودة منذ ذلك الوقت ولكن أصبت بحادث فلم أستطع المجئ "
تنهد قليلا ثم قال بهدوء..
-"إشتقت إليك ريهام .. هل تعتقدي أنه هين علي أن تخبريني بما فعلت .. أن أكون السبب في قتل طفلي قبل أن يرى النور .. فقط أسبوعين و سأحضر إليكي ..و إن لم يوافق أخيك سأخذك معي رغما عن الجميع فأنا لم أعد أحتمل"
كانت ريهام تبكي بصمت وهي تستمع له و لم تستطيع الرد عليه .. فقال لها بإشتياق..
-"أقسم لك حبيبتي .. سأعوضك عما فعلت .. أنا لم ولن أتخلى عنك ريهام .. فقط إنتظريني"
..........................................
وصل لعاصم إستدعاء من النيابة فقام بإبلاغ محاميه وذهب ..عندما علم بالقضية و بما حدث لديما .. طلب مهلة لإثبات الأمر .. وبالفعل بعد يومين قام عاصم بتنسيق مع المحامي إثبات عدم صحة الصور و ما ينسب إليه هو وديما .. طلب عاصم رؤيتها .. وبعد إلحاح من المحامي وافق المحقق على مضض ..سامحا لعاصم بعشر دقائق.. جلس ينتظرها و هو يتحرق شوقا لرؤيتها .. كم حاول في الفترة الماضية نسيانها .. كم حاول محو صورتها من مخيلته ولكن لابد أن للقدر خطط أخرى.. حيث بمجرد عودته من الخارج تصله تلك الأخبار عما تعرضت له ديما من إفتراءات كان هو السبب ببعضها ..بعد فترة دخلت ديما الغرفة ..تفحصها عاصم بعباءتها السوداء ووشاح على رأسها يا الله كم تغيرت أصبحت شبح إمرأة .. الهالات تحيط بعيونها المحتقنة..وجهها يبدو بلا دماء ..كم أصبحت هزيلة وضعيفة نهض واقفا ثم مد يده إليها و لم يبعد نظراته عن عينيها..
-"مرحبا ديما !.. كيف حالك .. البقاء لله"
نظرت ليده الممتدة قليلا ثم مدت يدها وقالت بهدوء ..
-"مرحبا سيد عاصم .. شكرا لك "
فقط شكرا!..لا مزيد .. يبدو أنها تعرضت للكثير ..نظر لها قليلا ثم قال بهدوء وهو يشير للمقعد ..
-"تفضلي ديما .. إجلسي قليلا .. أريد التحدث معك "
تحركت بآلية .. ثم جلست بهدوء وظلت تنظر له صامتة .. تعجب كثيرا من حالها .. فأين هي ديما المتذمرة دوما ..لما هي خاضعة و مستسلمة بهذا الشكل.. أجلى صوته ثم قال ..
-"ديما .. أنا أعرف أنك مررت بظروف عصيبة .. لكن لا تقلقي لقد تحدثت مع محام كبير سيتولى القضية .. فقط قومي بتوكيله .. سأكون معك ديما لن أتركك و سأ.."
قاطعته ديما و هي تضحك بتهكم .. فتوقف عن الكلام وعقد حاجبيه ثم قال ..
-"ماذا ديما ؟ .. ما المضحك بكلامي ؟"
توقفت عن الضحك ثم أمالت رأسها قليلا وقالت له ..
-"ستكون معي .. و توكل لي محام خاص .. هل تعلم ..طوال الفترة الماضية كنت أفكر .. من لديه مصلحة من مقتل باسل .. من يمكنه تلفيق تهمة كهذه لي .. لم يبدو أمامي سوى إسم واحد .. عاصم رضوان"
رفع حاجبيه مصدوما وقال لها بدهشة..
-"ديما .. ماذا تعنين بهذا الكلام .. هل تلوميني على ما يحدث معك"
إعتدلت ديما في جلستها و رفعت إصبعها متصنعة التفكير ثم قالت و هي تعد على أصابعها ..
-"ممممم.. لنرى .. أولا تلفق صورا من شأنها أن تجعل علاقتي بباسل متوترة .. فيتخلى عني ..ولكن باسل لم ينخدع و أصر على معرفة حقيقتها .. لذا لم يكن أمامك سوى قتله ..و تلفيق التهمة لي .. ثم محاولة مساعدتي .. لتصبح أنت البطل كي ألجأ إليك .. وعندها تحقق ما تمنيته عاصم .. لقد كان باسل على حق.. لقد سمعته يوم الحفل و هو يتحدث مع عمار مخبرا إياه بأنه يعرف نظراتك جيدا "
صمتت قليلا وهي تمسح دمعة فرت على وجهها لتذكرها باسل .. ثم قالت مرة أخرى..
-"قال أنها نظرات رجل عاشق .. لم ينل ما أراد..و ما أراده كان زوجتي.. لم أصدق يومها ..كيف وصلت غيرة باسل كي يتخيل أمرا كهذا .. ولكنه كان يعلم .. لقد كان يعلم .. و أنت .. أنت قاتل.. أنت من كان يجب أن يموت .. لا هو "
قالت كلماتها الأخيرة بصراخ ثم بكت بشدة وكأن دموعها لم تنضب بعد .. فإعتدل عاصم و قال ببرود لا يعكس ما يجيش بصدره ..
-"و أنت حللت الوضع و ربطت كل الأحداث و إستنتجت أيضا .. رائع ديما .. ولكنك مخطئة.. في كل ما قلته مخطئة.. ماعدا شئ واحد .. و هو أنني أحبك ديما .. لقد أحببتك منذ فترة ولم أبوح لك بمشاعري ظنا مني أنها مشاعر مؤقتة .. أحبتتك و لم أخبرك حتى أصبحتي ملكا لآخر وقتها قررت الإنسحاب ديما .. أنت مخطئة في إتهامك لي .. وبراءتك و براءتي .. أصبحا هم شاغلي و مسؤليتي أنا منذ الآن ..سواء شئت أم أبيت ديما سأظل بجانبك و سأساعدك حتى تتخطي الأمر وقتها فقط يمكنك معرفة الحقيقة بمفردك "
قال كلماته ثم إنسحب من الغرفة بهدوء تاركا إياها متخبطة بسبب كلماته .. فهو يبدو واثقا جدا .. إذا من يمكنه أن يفعل بها هذا..
......................................
تم تجديد حبس ديما .. حتى ظهر خيط جديد يوصل للقاتل .. أحد الشهود جلس أمام المحقق يتصبب عرقا .. فهو على وشك خوض معركة مع من لا يرحم .. نظر له المحقق قليلا ثم بدأ بأسئلة روتينية قبل أن يسأله..
-"أخبرني يا محمود .. ماذا تعرف عن مقتل المدعو باسل رؤوف و من فضلك محمود أخبرني كافة التفاصيل ولا تغفل عن واحدة"
تلعثم محمود وقال و هو خائف ..
-"أنا أعمل في مقهى النجوم المذكور عنوانه لديكم سيدي .. و يتردد على هذا المكان شخص يدعى ربيع الأسود .. وهذا لقبه حيث أنه خرج من السجن منذ فترة ..كان دائما ما يتحدث في الهاتف عن إتفاقاته المشبوهة .. وفي أحد المرات لفت إنتباهي كلامه عن صفقة العمر فعلمت أنه يخطط لشئ ما .. إسترقت السمع فعلمت أنه سيقابل أحدهم "
صمت قليلا وإرتشف من كوب الماء الموضوع أمامه .. ثم جفف عرقه بملابسه و أكمل كلامه ..
-"لم أعلم متى سيقابله بالضبط لذا ظللت أتتبعه في ذلك اليوم و قد كانت تصرفاته غريبة .. فكان يتلفت حوله عدة مرات ..ثم دخل لشارع جانبي .. وهناك إستقل سيارة سوداء ..وكان بها رجلا يرتدي نظارات شمسية .. لم أستطع الإقتراب كثيرا لسماع ما يحدث لذا .. قمت بتصوير ما يحدث ..كما هو موجود في الفيديو الذي قدمته قام الرجل بإعطائه ظرف .. بعدما قربت الصورة علمت أن به أموال كثيرة ..بعدها ترجل ربيع من السيارة .. فهرولت أنا مسرعا قبل أن يراني"
قال المحقق بهدوء..
-"ولكن يا محمود .. ما علاقة كل هذا بالقضية ..كما أن الفيديو الذي قدمته و يتم فحصه الآن ولكن لن يفيدنا كثيرا "
كان محمود متوترا .. لأنه يعلم أن ربيع لو علم بما يحدث يمكنه قتله بسهولة و لكن ضميره و كلام والدته هما من جعلاه يقدم على تلك الخطوة فقال..
-"بعد عدة أيام مما حدث أتى ربيع للمقهى و هو يتلفت حوله و كان صعب المزاج في هذا اليوم و يبدو متوترا كثيرا .. ولأن الجميع يهابة يتهربون من خدمته و يجعلوني أنا لأني أصغرهم من يتولى تلك المهمة .. لذا في هذا اليوم وبعدما قدمت له طلبه .. وقفت قليلا محاولا إيجاد شبكة إتصال قوية لأطمئن على والدتي التى مرضت في هذا اليوم .. ولكني لمحت رسالة على هاتفه .. هو من أرسلها و يقول فيها .. سأنفذ العملية اليوم .. وكان يطالب ببقية أمواله"
قال المحقق مجددا ..
-"حسنا هذا أيضا لا يثبت أن ربيع قتل باسل .. هل رأيت شيئا أخر؟"
أومأ محمود قائلا بتوتر..
-"أجل ..لقد تتبعته في هذا اليوم و رأيته "
أومأ المحقق ثم قال له ..
-"لماذا تتبعته ؟ .. و ماذا رأيت؟"
قال محمود ..
-"لقد تتبعته كي أشبع فضولي و كي أستطيع إثبات أي شئ يدينه أنه دائما كان يؤذيني .. والذي رأيته.."
أغمض عينيه وجفف عرقه مرة أخرى ثم سحب قدرا من الهواء قبل أن يخرجه وهو يقول ..
-"لقد إستعرت دراجة صديقي النارية و تتبعته .. وجدته يستقل سيارة أجرة و ذهب إلى مكان ما .. تبينت أنه مصرف .. وقف قليلا يراقب المكان ثم تحرك عندما خرج هذا الرجل باسل .. عندما إستقل الأخير سيارته و بعدما تحرك .. ألقى ربيع بجسده على السيارة .. فتوقف الرجل و ترجل من السيارة "
إرتشف محمود القليل من الماء ثم أكمل بصوت مهزوز من شدة الرهبة..
-"عندما تجمع الناس إقتربت لأعرف ماذا سيفعل .. سمعت الرجل يعرض عليه الذهاب للمشفى .. ولكن ربيع رفض الأمر و طلب مدعيا أن قدمه فقط تؤلمه ويود لو يقله الرجل لمنزله..حينها وافق الرجل ..وصعد معه ربيع .. تتبعتهم وجدت الرجل يتخذ طرقا ملتوية ثم توقف بشارع جانبي شبه مهجور .. حينها ترجل الرجل ليساعد ربيع على النزول .. وعندما وقف ربيع على قدميه .. أخرج مديته وطعن الجل عدة طعنات في عنقه و صدره "
قال كلماته الأخيرة ثم بكى ..فرغم أنه مر وقت على الحادثة إلا أن هول الموقف يجعله يبكي كلما تذكره..
قال المحقق بهدوء وهو يناوله محرمة..
-"إهدأ يا محمود .. تناول القليل من الماء "
بعدما هدأ بكاءه قليلا .. قال له المحقق..
-"لماذا لم تشهد بما حدث من قبل يا محمود؟"
قال الفتى و أثار البكاء مازالت بصوته..
-"كل ما إستطعت فعله هو الإبلاغ عن جريمة القتل من أحد البقالات بعدما إبتعدت مسرعا..و خفت أن أظهر .. لأن ربيع قد يقتل والدتي إذا علم "
تفهم المحقق ..و بعد عدة أسئلة ..أخبر محمود بأن يوقع على ما قاله و أن يبقى في البلدة .. حيث يمكن إستدعاءه مرة أخرى..
................................
جلس حسام واضعا يده خلف رأسه ..مغمضا عينيه و مستندا بظهره على المقعد .. فوضعت رقية القهوة على الطاولة و إقتربت منه ثم وضعت يدها على رأسه و بدأت بتدليكها بحركات دائرية .. ثم قالت بهدوء..
-"أمازالت رأسك تؤلمك ؟"
فتح عينيه و أمسك بيدها ..ثم جذبها لتجلس على قدمه .. ظل ينظر لها و يتأملها قليلا .. تلك القصيرة ذات الشعر القصير و ملامحها الطفولية ..التي تبدو كطفلة في أحضان أبيها .. إبتسم ثم قال لها ..
-"لقد وضعت طبيبتي يدها على موضع الألم فإختفى"
ضحكت قليل ثم صمتت و هي تنظر له بشفقة و سألته ..
-"ما الذي يشغلك لتلك الدرجة .. هل هي قضية ديما مجددا؟"
تنهد و أرجع رأسه للخلف مجددا ثم قال ..
-"خائف عليها .. لقد تخلى عنها الجميع .. ووالدتي تلح علي بتركها و لكني أشعر أنها بريئة ..لكني أيضا أشعر وكأنني مقيد و عاجز.. و من ناحية أخرى خالي توقف عن السؤال عنها و زوجته كذلك ..هل تعلمي لقد أكملا حياتهما بشكل طبيعي و كأنها ليست إبنتهم .. بل يتصلون بحلا كي يطمأنوا عليها يوميا "
وعلى ذكر حلا إمتعضت ملامح رقية ..فوقفت ثم إبتعدت عنه وجلست على مقعد مقابل له ثم أخذت ترتشف قهوتها بدون رد .. لاحظ حسام فعلتها فضحك قائلا ..
-"هل تلك غيرة ؟"
نظرت له بتحذير ثم قالت ..
-"أخبرتك ألا تذكر إسمها أمامي.. ألا يكفي ما تسببت به ..لقد فرقتنا عن بعضنا "
أومأ حسام بحزن ونظر أمامه بشرود ثم قال ..
-"أتعلمي .. لقد كنت معجبا بديما كثيرا في صغرنا .. توقع الجميع أننا سنتزوج يوما ما .. وهي أيضا كانت متعلقة بي .. وأنا كنت أحب حيويتها و طموحها ..حتى سافرت للخارج .. وقتها أصبح كلامي مع ديما قليل و أصبحت لا أفكر بها كثيرا"
صمت قليلا فنظرت له رقية بحسرة ..تنهد قائلا ..
-"حتى وردني إتصال من حلا في يوم ما .. تعجبت كثيرا لأن كلامنا معا كان قليلا جدا .. ولكنها أخبرتني في هذا اليوم أنها تعرضت للتحرش في الجامعة ولم تستطيع البوح لخالي بهذا الأمر.. منذ ذلك اليوم أصبحت أتحدث معها يوميا كي أطمئن عليها .. و أصبحت علاقتنا أفضل حتى تعلقت بها "
تنهد قليلا ثم نظر لرقية وقال بحسرة..
-"لقد أقنعتني بأنه تتعرض للظلم في بيت خالي .. و أنها تتوق للهرب من هذا المنزل .. لقد أوهمتني بأنها شخص آخر ..ظللت أحب شخصا غير موجود ..لقد خدعتني .. و أنا أدفع ثمن خديعتها لي الآن"
ظلت تنظر إليه بأعين دامعة ولم تعقب فنهض من مكانه و ذهب حيث تجلس .. ثم جلس عند قدميها ووضع رأسه على رجلها و أغمض عينيه وهي تربت على شعره..
.......................................................
وقفت السيدة عنايات في السوق مع أم سمير الجارة الأخرى وجدا السيدة أحلام تقف عند أحد الباعة تشتري منه الفاكهة .. فنظرت السيدة أم سمير وقالت ..
-"أليست تلك أم ديما .. إنظري ماذا تفعل .. يا لها من إمرأة غليظة القلب.. إبنتها ملقاة بالسجن ولا تعرف بأي تهمة .. وهي تقف هنا تبتاع الفاكهة"
مصمصت السيدة عنايات شفتيها وقالت لها ..
-"أتعلمي أنا مشفقة عليها .. إبنتها تلك شيطانة .. هل تعلمي أنها قد قبض عليها بتهمة قتل زوجها"
شهقت الجارة بحدة وقالت بذهول ..
-"لااا.. غير ممكن .. تلك الفتاة هل وصل جحودها لتلك الدرجة؟ ولكن لماذا؟.. لقد تزوجت بشاب ليس له مثيل"
قالت السيدة عنايات ..
-"لقد سمعت شيئا ولكن لا أعرف مدى صدقه"
و كالعادة أثارت فضول الجارة لتحثها على قول المزيد فقالت لها ..
-"لقد سمعت السيد سليمان و هو يهتف بصوت مرتفع .. أنه إبنته قتلت زوجها بعدما إكتشف خيانتها له .. حيث وجدوا صورا ومقاطع كثيرة تثبت أنها على علاقة برجل غني "
صمتت قليلا ثم أضافت بعض الكلمات من مخيلتها حتى تضفي بعض الإثارة..
-"تلك الفتاة دائما طامعة ..لا ترضى بما لديها أبدا .. ولم ترضى بما قدمه لها زوجها .. لقد كان الفتى يعمل بمصرف ..بينما من خانته معه مدير شركات كثيرة .. لقد بحثت عن المال و إنظري لنهايتها"
أثناء حديثهما مرت السيدة أحلام من جوارهم .. فقامت الجارة بمناداتها ثم إحتضنتها وهي تقول ..
-"كيف حالك حبيبتي .. لقد علمت ما حدث لديما .. كان الله في عونك .. إذا أردت شيئا لا تترددي في طلبه .. نحن إخوة"
هزت السيدة أحلام رأسها بتوتر فجذبتها السيدة عنايات من يدها وهي تقبلها عدة قبلات وجنتيها ..ثم قالت ..
-"لقد كنا نتحدث الآن عنك .. و إسألي أم سمير .. لقد أخبرتها الآن أن ديما فتاة طيبة ولا تستحق ما حدث لها .. ليردها الله لك سالمة"
أومأت السيدة أحلام ثم قالت بفتور ..
-"شكرا لكم .. إذا إحتجت لشئ سأخبركم ..يجب أن أذهب لقد تأخرت"
قالت كلمتها وهي تتحرك ثم ذهبت .. فنظرت المرأتان في إثرها ثم رفعت أم سمير حاجبيها .. بينما مصمصت السيدة عنايات شفتيها و قالت ..
-"علام التكبر ؟ .. إنظري لها تحدثنا من أنفها بتعالي و كأن إبنتها مسافرة في إجازة و ليست محتجزة على ذمة قضية قتل"
مضت السيدتين في طريقهما .. وأكملا مسيرتهما بالتحدث عن كل شخص يمر بهما من أهل الحي..
.....................................
-"إخلاء سبيل؟!"
رددت ديما الكلمة بذهول وهي تقف أمام المحامي في غرفة المحقق فقال لها المحامي بإبتسامة ..
-"أجل سيدة ديما .. لقد إعترف ربيع بأنه لم يتعامل معك من قبل ولا يعرفك .. ولذلك تم إخلاء سبيلك لعدم كفاية الأدلة مع دفع كفالة "
قالت ديما بتعجب..
-"ربيع!..من هذا؟!"
قال المحامي بتردد..
-"إنه..القاتل"
شعرت ديما بنصل حاد يخترق قلبها..هل تمت تبرئتها ..بسبب قاتل زوجها.. قالت بحدة
-"أريد رؤيته"
قال المحامي بعملية ..
-"لن نستطيع الآن .. يمكنك رؤيته في المحكمة"
قبل أن تتفوه بشئ أخر .. قال لها المحامي ..
-"لقد أنهيت إجراءات خروجك .. يمكنك الذهاب معي الآن .. السيدة حلا تنتظرك بالأسفل"
خرجت معه ديما مستسلمة .. وجدت حلا تنتظرها في سيارة خاصة قد طلبتها .. ترجلت حلا ما أن رأتها تخرج ثم ذهبت إليها و إحتضنتها بشدة وهي تقول..
-"حمدا لله على سلامتك ديما.. لقد إشتقت إليكي"
لم تكن ديما قد إستوعبت خروجها بعد لذا لم تبادلها السلام الحار .. وقالت بهدوء..
-"أين حسام؟ .. وأين أبي؟"
نظرت لها حلا ثم قالت بتردد..
-"حسام خارج المدينة ..هو من أخبرني بموعد خروجك .. أما عمي فهو لم .. لم يستطع المجئ"
هزت ديما رأسها بفتور ثم ركبت السيارة بهدوء دون كلمه أخرى..
.......................................
وصلت السيارة أمام البناية التي تقطن بها عائلة ديما .. فترجلت الفتاتان من السيارة وظلت ديما تنظر للبناية بفتور حتى وصلت لها حلا و أمسكتها من ذراعها تحثها على التقدم..وقفتا أمام الباب طرقت حلا الباب وهي مبتسمة .. بينما ديما تقف بجوارها جامدة ووجهها بلا تعبير ..بعد قليل فتح والدها الباب و نظر لحلا مبتسما وقبل أن يرحب بها .. وقعت عينه على ديما .. فتحولت إبتسامته لنيران مشتعلة بعينيه و قال بذهول..
-"أنت؟!"
أنت تقرأ
اليتيمة
Randomممزقة بين الألم و العجز عن البوح.. قيود من دماء هي ما يجمعها بهم.. هل ستحافظ عليها... أم ستكسر تلك الروابط و تتخطى كل من يقف بوجهها