خرجت ديما مبكرا لتذهب مع ملك لشراء فساتين لحفل اليوم وأيضا فستان لخطوبة ملك التي ستنعقد في نهاية الأسبوع .. لم تتركها والدتها تخرج بمفردها و أصرت أن تصطحب حلا معها لشراء فستان لها ..إعترضت ديما لأن المال بحوزتها قد أخذته من المبلغ الذي تجمعه من أجل دراستها بعد إلحاح ملك .. ففوجئت بوالدتها تعطيها مبلغ من المال قائلة أنه من أجل حلا .. تغاضت ديما عن الشعور الذي إنتابها و ركزت في مصيبتها الأكبر .. فحلا حتما ستجعل يومها هو الأسوأ .. و قد فكرت بالإعتذار عن حضور الحفل فعلى كل حل لن يشعر أحد بغياب المصممة غريبة الأطوار ذات الضفيرة كما سمعت الموظفون يطلقون عليها ولكن ملك أصرت عليها لأنها تخجل من البقاء مع عمار بمفردهما وتود رؤيته في نفس الوقت ..إلتقت ديما بملك في أحد المجمعات التجارية لبدأ مرحلة التسوق ولكن ملك عقدت حاجبيها و هي تمعن النظر في حلا ثم همست لديما بغيظ :
-"حقا ديما ! .. تحضريها معك لتفسد اليوم منذ الصباح ألا يكفي حفل المساء"
لكزتها ديما في كتفها كي تصمت فمدت ملك يدها على مضض وهي تقول ببرود مفتعلة إبتسامة:
- "مرحبا حلا كيف حالك"
سلمت عليها حلا وقالت ببرود مماثل
- "بخير ملك .. و أنت كيف حالك ؟ لقد ازداد وزنك قليلا "
رفعت ملك حاجبيها وهمت بالرد فسحبتها ديما من ذراعها قائلة:
- "هيا بنا سنتأخر أمامنا يوم طويل و شاق "
إنقضى النهار و إنتقت حلا فستان قصير باللون الأحمر الداكن وحذاء أسود بكعب رفيع عالي ومدبب أصرت على إقتناءه رغم نصح ديما وملك لها أن كعبه المدبب غير عملي و سيتعبها كثيرا ولكنها لم تهتم .. بينما إشترت ديما ثوب عادي باللون الكريمي لا يزينه أي شئ سوى حزام من نفس اللون يمر من تحت الصدر و حذاء باللون الذهبي لا يتماشى مع لون الفستان .. ضحكت حلا بداخلها فديما بهذا الفستان ستبدو كالبلهاء و لكنها أخبرتها أنه رائع ذهبن إلى المنزل ليحضروا أنفسهن للحفل .. حضر حسام في الساعة السادسة ليقلهم للحفل فخرجت له حلا بفستانها الأحمر الذي يصل بالكاد لركبتيها و تركت شعرها منساب على ظهرها بينما وضعت أحمر شفاة بنفس لون الفستان .. إنبهر حسام لمرآها مما زادها غرور ولكنه قال لها وهو يتأملها :
"الم يكن هناك ما هو أطول من هذا "
قالت بدلال وهي تجلس بجواره:
-"لقد أعجبني حسام .. الجميع سيرتدي مثل ذلك إنه رداء الطبقات العليا "
ضحك حسام ثم همس لها
-"سأتركك اليوم فقط ولكن أعدك أن تكون المرة الأخيرة التي ترتديه فيها ..خارج المنزل "
ثم غمز لها بينما أبتسمت هي بثقة .. دخلت خالتها بالعصير فهتفت ما أن رأتها :
-"بسم الله ما شاء الله .. ما هذا الجمال يا ابنتي .. و أين ديما ؟"
ابتسمت حلا بغرور على إطراء خالتها و قالت:
-"إنها بالداخل ستتاخر بإرتداء فستانها ".. همست بداخلها .." أو بالأصح جلبابها "
بعد قليل دخلت ديما غرفة الجلوس وقالت بحماس:
"أنا جاهزة .. هيا بنا "
نظر لها حسام ثم وقف من مكانه وهو يطلق صافرة إعجاب قائلا
"يا إلهي ديما .. هل تنوي إصابة الشباب بأزمة قلبية .. ما هذا الجمال "
لم تكن حلا قد إنتبهت لديما حيث كانت تتصفح هاتفها و لكن عندما سمعت حسام رفعت رأسها لتصدم من مرأى ديما حيث كانت ترتدي فستان باللون الأخضر الداكن يصل إلى كاحليها و بأكمام من الشيفون تصل للمرفقين .. ضيق من الأعلى وينساب على جسدها باتساع و مرصع من الصدر بخيوط ذهبية... تركت شعرها منساب بأمواجه المصففة وكانت تضع زينة وجه هادئة و حددت عينيها بكحل أسود أظهر جمال عينيها خاصة و لون الفستان ينعكس عليها لتبدو رائعة الجمال .. نسيت حلا فمها مفتوح من الدهشة و لكنها أفاقت على صوت خالتها و هي تقول بسعادة:
- "حفظك الله من العين يا إبنتي .. اليوم ستعودي بعشرة عرسان على الأقل .. ها أنا أخبرك "
ضحكت ديما برقة و هي تقول:
- "لا تبالغي أمي ليس إلى تلك الدرجة "
سألتها حلا بهدوء بينما هي تتميز من الغيظ:
- "هذا ليس الفستان الذي قمتي بشرائه اليوم ديما "
لتبتسم ديما وتقول باستفزاز :
-"آآآآه هل تقصدين الفستان الكريمي اللون .. لا هذا لم يكن من أجل الحفل عزيزتي إنه من أجل خطوبة ملك .. هيا بنا كي لا نتأخر"
قالت كلماتها الاخيرة وهي تنظر لحسام الذي لم يرفع نظره من عليها ثم مد يده لها بحركة مسرحية وهو يقول :
-"من بعدك سيدتي الجميلة "
كانت حلا وراءهم تنفث دخانا من أذنيها لأن حسام لم ينتبه لها وخرج بعد ديما وهما يتضاحكان .. فإتبعتهم بعصبية حتى السيارة وجدت حسام يفتح باب السيارة الأمامي لديما فأسرعت لتجلس هي قائلة ببرود :
-"عفوا ديما فأنا أود الجلوس بجوار خطيبي"
وضغطت على كلمتها الأخيرة .. فإبتسمت ديما لها قائلة ببرود:
-" لا بأس عزيزتي فأنا سأجلس بالخلف مع ملك "
ثم وجهت كلامها لحسام ..
-"عذرا حسام هل يمكننا المرور على ملك في طريقنا فوالدها يرفض ذهابها مع عمار قبل عقد القران وأخيها لديه عمل طارئ"
أومأ حسام بإبتسامة قائلا ...
- "أنت اليوم تأمرين أنسة ديما "
تحرك حسام بالسيارة ليقل ملك التي كانت ترتدي فستان باللون الوردي الداكن الذي انعكس لو نه على بشرتها القمحية و شعرها الأسود مرفوع في تسريحة أنيقة خلف عنقها .. وصلوا إلى الحفل فنزلت الفتيات بينما قال حسام:
- "سأحضر إليكن في العاشرة "
ثم تركهم ورحل .. كانت ملك تتحدث في الهاتف مع عمار ليقابلهم عند بوابة منزل السيد عاصم ليدخل معهم وهو يتأمل ملك بإعجاب كان الحفل هادئ .. المدعوين من رجال الأعمال و الصحافين و أيضا موظفي شركة السيد عاصم والسيد نبيل أيضا .. كان الحفل مقام في حديقة منزله حول مسبح كبير مزين بالأنوار الهادئة و يصدح من أحد الأركان موسيقى هادئة للغاية .. كانت ملك تقف مع عمار بينما ديما وحلا يتأملان المكان بإنبهار .. خاصة حلا التي لم تترك ركن في الحديقة لم تتأمله .. بعد قليل كانت ديما ترد على والدها لتخبره أنهم وصلوا فتركتها حلا و ذهبت لتتجول في المنزل وتراه عن قرب .. بعد فترة وقفت ديما بمفردها تتأمل المكان حولها وقد بدأت تشعر بالملل والجوع فالحفل هادئ للغاية وهي لا تعرف أحد .. بحثت عن ملك فوجدتها تقف مع عمار على إحدى الطاولات ذهبت إليهم وهتفت بتذمر:
-"أنا جائعة"
قال لها عمار:
-" لقد بدأ الطعام منذ قليل لما لم تأكلي "
هتفت بحنق وهي تشيح بيدها ..
-"أي طعام عمار أنا لم أتعرف على أي شئ موجود على الطاولات الشئ الوحيد الذي عرفته كان الخيار .. وصدقني أكلت كمية كفيلة بجعلي أكرهه ما تبقى من حياتي .. حيث سأقضي المتبقي منها في المرحاض"
ضحكت ملك وهي تقول له ..
-"أنت لا تعلم عمار ديما لا تشبع إلا بشطائر الفول "
قالت ديما بإبتسامة بلهاء وقد سال لعابها عند تذكر الشطائر ..
-"شطائر! .. ألا يوجد أحد بالقرب من هنا يبيع شطائر ؟"
هنا ضحك عمار قائلا :
-"صدقيني ديما أقرب مطعم يقع على بعد أميال من هنا والطعام به هو من عينة الطعام الذي لم تتعرفي عليه "
هتفت ديما بغضب طفولي ..
- "ليتني إستمعت لأمي وتناولت غدائي لقد صنعت لنا اليوم دجاج شهي مع البطاطا.. ولكني تركته حتى لا أتأخر على هذا الحفل الممل ثم أخبرني من الغبي الذي قام ببناء هذا الحي كي يبعد كل تلك المسافة عن أماكن الطعام الحقيقي وليس هذه الأشياء مجهولة الهوية "
نظرت لهما فوجدتهم متجمدين و ينظروا لنقطة ما خلفها .. عقدت حاجبيها و همست ..
- "هو ورائي مجددا أليس كذلك؟"
أومأ عمار بهدوء وهو يحاول كتم ضحكته هو وملك .. بينما رسمت ديما إبتسامة مرتعشه وهي تلتف لتواجه السيد عاصم الذي كان ينظر لها عاقدا حاجبيه .. إلتفتت ديما ترفع يدها بما يشبه التلويح و قالت:
- "مرحبا سيد عاصم .. حفل رائع "
قال لها عاصم بابتسامة ساخرة:
- "أيعني هذا أنه ليس مملا ؟ "
زفرت ديما أنفاسا خجلة وسألته ..
- "منذ متى و أنت تقف هنا ؟"
ليجيبها بتهكم ..
- "منذ أن تركت الدجاج في المنزل "
ثم نظر لعمار وقال بعملية ..
-"حسنا سيد عمار وأنسة ديما لقد عملتم بجد وأثبتم بجدارة إستحقاقكم للعرض الذي سأعرضه عليكما "
صمت قليلا ثم قال :
-"يسعدنا أن تنضموا لفريقنا في قسم التسويق .. هذا بالإتفاق مع السيد نبيل مسبقا .. و بموافقتكم سيتم توقيع العقود في يومكم الأول للعمل"
إبتسمت ديما و هي تنظر لملك و عمار ثم قالت بسعادة:
- "أنا موافقة بالطبع "
أومأ لها عاصم و بعد موافقة عمار أيضا تركهم وذهب ليقف مع أحد الضيوف .. بينما حضرت حلا لتقف معهم و هي تقول بإنبهار:
-"يا إلهي المنزل رائع حقا يشبه القصر من الداخل "
نظرت لها ديما ثم قالت بحدة:
-"أين كنت حلا .. بحثت عنك و لم أجدك "
قالت لها بلا إهتمام وهي ترتشف من العصير بيدها :
-"كنت أتجول قليلا لن يتسنى لنا رؤية تلك البيوت مجددا"
قبل أن تتكلم ديما قال لها عمار بهدوء ..
-"ديما أعتقد أنك يجب أن تعتذري من السيد عاصم "
عقدت ديما حاجبيها و سألته بإستفهام ..
-"لماذا ؟ هو تقبل كلامي عن الطعام و لم يبدي إستياءه"
قال لها عمار:
- "لقد نعتيه بالغبي ديما"
لم تفهمه بينما أكمل هو بتوضيح ..
"هو من قام ببناء هذا الحي .. لقد كان مشروع تخرجه ديما "
هتفت ديما بذعر ..
- "يا إلهي أنت محق يجب أن أعتذر "
كانت حلا تتابع الموقف بملل و هي تتأمل الحفل ثم جلست على أحد المقاعد بعيدا عن ملك وعمار لتراقب الجميع .. تابعت ديما بلا إهتمام حتى وجدتها تتوقف لتتحدث مع شخص ما يعطي لها ظهره فلم تبدو لها ملامحه واضحة .. ولكن عندما أدار وجهه لها شهقت حلا بإنبهار .. هل هذا السيد عاصم .. لقد ظنت أنه شخص كبير في السن و ليس شاب وسيم .. إنه يبدو رائع وأثار فضولها رؤيته عن قرب .. ظلت حلا تتابع الموقف من بعيد و يعلو وجهها إبتسامة غامضة ..
وقفت ديما خلف السيد عاصم الذي كان يتحدث مع أحد رجال الأعمال ثم هتفت بإسمه بصوت ضعيف ولكنه سمعها فإعتذر من محدثه و إلتفت يسألها بتعجب ..
- "هل هناك شئ أنسة ديما"
أغمضت عينيها قليلا ثم رفعت رأسها و هي تقول بوجه محمر من الخجل ..
-"أسفة سيد عاصم .. لم أكن أعرف حقا أنك من قام ببناء هذا الحي فأنا عندما أجوع لا أستطيع السيطرة على لساني .. آسفة حقا"
ابتسم عاصم ولكنه قال لها بتهكم:
-"إذا عرفتي من الغبي الذي قام ببناءه؟ للتوضيح أنسة ديما أنا قمت ببناء مطاعم كثيرة .. ولكن لا يمكنني فرض رأيي على ما تقدمه فهذا ليس من شأني"
تأوهت ديما بشدة قبل أن ترد عليه فسألها بقلق :
-"ماذا حدث ؟ هل أنت بخير؟"
أومأت برأسها بينما إحتقن وجهها بشدة .. أسندها عاصم فوجدها تسير بعرج قليلا مما جعله يقلق أجلسها على أحد الكراسي البعيدة نسبيا عن الحضور .. ومال عليها ليسألها مجددا ..
-"ما بك .. هل أتصل بالطبيب"
هزت رأسها وهي تعض على شفتيها وقالت بخجل ...
- "سأخبرك سيد عاصم و لكن رجاءا لا تضحك"
تعجب عاصم من كلامها و لم يعقب .. فهمست بصوت مسموع كمن يخبره بسر ..
-"إنه الحذاء"
صمت عاصم قليلا لا يفهم .. فأكلمت تشرح له ..
-"إنه الحذاء الجديد يؤلمني فهو ذو كعب عال أيضا وأنا لست معتادة عليه"..
ضحك عاصم بشدة فنظرت له بتذمر وهتفت ..
-"سيد عاصم الأمر ليس مضحكا .. أنا أتألم هنا"
صمت قليلا يلتقط أنفاسه ثم قال :
-"أعتذر .. ولكن لم أتخيل أن حذاء قد يتسبب في كل هذا الألم"
هتفت مرة أخرى وهي تضم شفتيها كالأطفال ..
-"بلى .. ويفعل أكثر من ذلك .. هل تعلم لقد ألحت علي ملك كي أبتاعه و أنا رفضت إن ثمنه يتخطى نصف راتبي ولكنها أخبرتني أنه رائع فهو ماركة مشهورة .. تبا لتلك الماركات لقد تورمت قدماي ولن أستطيع السير مجددا لقد خسرت مالي و قدمي"
هتفت بذعر و كأنها تحدث نفسها ..
-"يا إلهي هل يمكن أن أكون قد أصبت بالشلل لأنني سخرت من حذاء حلا .. إنه عقاب لي أنا أعرف"
كان عاصم يتابعها بصمت و يتأملها بنظرة خاصة .. فهو لم يسبق له أن تعامل مع فتاة تتذمر من كعب حذاءها فموظفات الشركة يرتدينه بشكل يومي و يبدو أعلى مما ترتديه ديما .. وأعجب بتلقائيتها وعدم تكلفها في الحديث كي تلفت نظره كما إعتاد أن تفعل باقي الفتيات .. أفاق من شروده و تأمله عندما سمع صوت حلا تهتف بذعر ..
- "ديما؟.. هل حدث شئ لقد بحثت عنك كثيرا"
ثم وجهت نظرها لعاصم .. وقالت بابتسامة:
-"مرحبا أنا حلا إبنة عم ديما"
أومأ لها عاصم بابتسامة ثم قال لديما :
-"هل أنت بخير الآن ؟"
أومأت بخجل وهي تحاول إخفاء قدميها فهي قد خلعت الحذاء منذ فترة و أخفت قدميها تحت الفستان .. إستاذن السيد عاصم ولكن قبل أن يذهب قال لديما:
- "يمكنك المكوث في المنزل غدا حتى ترتاح قدميك فأنا لا أريد أول يوم عمل لك تأتي للشركة و أنت تسيري كالبطريق"
ثم تركهم و ذهب وهي تنظر وراءه بغضب من وصفه لها بالبطريق بينما حلا توقفت عند كلمته وفكرت .. هل ديما ستعمل في شركة السيد عاصم والذي يقول عنه حسام أنه أسطورة في عالم الإنشاءات .. نظرت لديما التي أخذت تدلك قدميها و هي تفكر بحقد كيف لها هي أن تتخرج من كلية الهندسة ولا تحظى بتلك الفرصة بينما ديما دخلت إلى الشركة من طريق أخر .. هل يتحالف الحظ معها دوما .. تنهدت بضيق ثم قالت لها بقلق مصطنع:
- "ماذا ديما ما بها قدمك ؟"
أجابت ديما دون أن تنظر لها وهي تستمر في تدليك قدميها ..
-"الحذاء الجديد ذو كعب عالى آلمني جدا أنا تعودت على الأحذية الأرضية"
.رفعت رأسها و هي تقول:
- "هاتفي حسام ليأتي لقد تعبت "
أومأت حلا و إبتعدت عنها حتى تتصل بحسام بينما ديما هاتفت ملك كي تذهب معهم .. لتخبرها أن باسل سيأتي ليقلها ..
كان عاصم في طريقه لديما وقد أوصى بإحضار بعض الثلج لها ولكنه لم يجدها عندما لمح ملك وعمار .. فسألهم عنها ليخبروه أنها قد ذهبت.
........................................
في طريق العودة جلست ديما في المقعد الخلفي و هي ترفع قدميها ومالت برأسها على زجاج النافذة تشعر بصداع من الجوع .. بينما أخذت حلا تصف كل شئ لحسام بإنبهار وتضحك معه .. وصلوا للمنزل فودعهم حسام وذهب .. دخلت ديما المنزل ألقت حذاءها وهي تصيح :
- "أمي أين الطعام أنا جائعة"
دخلت المطبخ ثم خرجت .. وجدت والديها في غرفة الجلوس .. فنهرتها والدتها ..
-"أخفضي صوتك يا فتاة ألا تعلمي كم الساعة .. ثم طعام ماذا ألم تأكلي في الحفل"
كانت ديما تمسك بجزرة في يدها وهي تقضمها ثم قالت بحسرة :
-"أي طعام أمي لقد كان أمامي كافة أنواع الطعام مجهول الهوية ولم أتناول سوى الخيار "
قالت حلا بتهكم:
- "لا تستمعي لها خالتي لقد كان الطعام رائع .. هي فقط ليست معتادة على تلك النوعية من الطعام الفاخر"
هتفت ديما بغيظ وهي تمضغ الجزرة ..
"هذا على أساس أنك كل يوم تأكلين بيض السمك "
قالت حلا بتعجرف...
-"إسمه كافيار "
صاح والدها بحزم ..
-"كفى يا فتيات هيا الوقت قد تأخر إذهبن للنوم"
كانت ديما قد صنعت لها طبقا و أخذته للغرفة كي تتناول طعامها وتنام .. بينما والديها جلسا في غرفة الجلوس قليلا مع حلا والتي قالت لهم بحماس :
-"لقد كان الحفل رائعا والمنزل .. لا بل القصر .. يا إلهي إنه كما نرى في التلفاز "
ثم أخرجت هاتفها و فتحت الصور لتعطيها لخالتها التي هتفت بإنبهار ..
-"حقا إنه رائع الجمال .. يشبه القصور فعلا"
وبينما تقلب خالتها في الصور توقفت عند صورة و جمدت ملامحها ..فقلبت الصور بعدها لتتحول ملامحها من الجمود للغضب .. لاحظت حلا تغيرت خالتها فسألتها بلطف ..
- "ما بك خالتي هل أنت بخير؟ "
إنتبه عمها الذي كان يقلب في التلفاز بلا هدف حتى يستطيع النوم فقام من مكانه و ذهب إليها ..
- "ما بك أحلام ؟.. ماذا حدث"
رفعت له الهاتف دون أن تتحدث .. فأخذه منها و نظر للصور وملامحه تتحول للغضب هو أيضا .. نادى بصوت غاضب ..
- "ديماااا"
كانت ديما في طريقها للخارج، تمسك طبق الطعام الفارغ تنوي وضعه في المطبخ لكن أوقفها صوت والدها فذهبت له و بيدها الطبق .. نظرت لملامحهم التي يكسوها الغضب وقبل أن تتسأل صفعها والدها بشدة فسقط الطبق من يدها وكسر وهي تعود للخلف خطت على إحدى قطعه فجرحت قدمها .. هتفت بجزع ..
-"ماذا حدث أبي "
رفع والدها الهاتف أمامها وهو يقول بحدة:
-"بل أنت من سيخبرني ماذا يحدث"
نظرت للهاتف فوجدت صورتها وعاصم يسندها قلبت الهاتف وجدت صورة أخرى لعاصم وهو يميل عليها وأخرى وهو يضحك معها نظرت لحلا بغضب ثم قالت لوالدها بتبرير ..
-"السيد عاصم كان يسندني كي أجلس فالحذاء جعل قدماي متورمة لم أستطع الوقوف و.."
لم تكمل فقد قاطعتها والدتها وهي تلكزها في كتفها بعنف قائلة..
"و هل كل مرة تمرضين فيها تسقطي في أحضان الرجال .. إن كنا قد صدقنا مرة هذا لا يعني أن تستغلي الأمر يا منعدمة الحياء"
لم تشعر ديما بقدمها التي تنزف ولم يعد الصداع يؤلمها كل ما شعرت به ديما هو وخزة في قلبها جعلتها تنظر لحلا بعتاب وسألتها بدموع ..
-"لماذا حلا؟ أنت كنت واقفة معنا وتعرفي جيدا ماذا حدث ؟"
هتفت حلا بذعر ..
-"لم يسألني أحد ديما أنا حتى الآن لا أعرف عن أي صور تتحدثون"
ثم إقتربت منها وأخذت الهاتف تنظرإليه ثم وضعت يدها عند فمها قائلة:
-"يا إلهي أنا أسفة ديما "
ثم إلتفتت لعمها و قالت له بتوضيح ..
-"عمي الأمر ليس كما يبدو .. أنا كنت أريد تصويرالمسبح من تلك الزاوية و وجدت ديما هناك .. لقد كانت متعبة و السيد عاصم هو من أسندها "
تعجبت ديما من كلام حلا فهي ظنت أنها ستزيد الوضع سوءا ولكن هتف والدها بحزم ..
- "إنتبهي على تصرفاتك ديما ذلك أخر تحذير لك لو تكرر الأمر لن تخرجي من المنزل مجددا"
ثم تركها وذهب و تبعته والدتها وهي تنظر لها بغضب .. بينما إقتربت منها حلا وهي تهتف بجزع ..
-"ديما قدمك تنزف"
أمسكت ذراعها وأجلستها ثم أحضرت بعض القطن والمطهر وبدأت في تنظيف قدمها و ربطتها لها ثم أسندتها لتدخل الغرفة بينما ديما متعجبة من تصرفاتها .. قالت حلا بلطف:
-"سأبدل ملابسي وأخرج لأنظف الفوضى بالخارج "
سألتها ديما بجمود..
-"لما فعلتي هذا حلا"
قالت حلا بأسف :
-"صدقيني ديما أنا لم أقصد لقد صورت المنزل بأكلمه ولم ألاحظك حتى "
قالت ديما بنفس الجمود ..
- "وماذا عن ما تفعليه الآن .. لا تخبريني أنك أشفقتي علي فجأة"
تنهدت حلا بحزن قائلة:
-"ديما لقد سئمت .. كل ما كنت أفعله قديما كان فقط لجذب إنتباهك إلي .. كنت أريدك صديقة لي فقط، أنا ليس لدي أصدقاء ،لا يحبني أحد ،بينما أنت كان لديك العديد من الأصدقاء و لديك أيضا ملك ،كنت أغار منها لأنك تحبيها أكثر مني "
صمتت قليلا ثم تنهدت قائلة :
-"لكن اليوم عندما ضربك عمي شعرت بغصة لأنك مظلومة .. أعدك ديما منذ اليوم لا مقالب ،لا عداوة ،فقط كوني صديقتي "
تنهدت ديما و هي تشعر أن هناك شئ مريب ولكن نبرة حلا الصادقة جعلتها تبتسم بتحفظ وتقول:
-"أنت أختي حلا أي أكثر من صديقة "
إبتسمت حلا بسعادة وهي تقول:
-"حسنا الآن سأخرج لتنظيف الفوضى قبل أن تقتلنا خالتي فدمائك بقعت سجادتها الغالية المتوارثة منذ أجيال حتى طمست ملامحها"
إبتسمت ديما و هي تشعر أن تغير حلا ليس طبيعيا ولكنها قررت الإستفادة من تلك الهدنة.
..............................................
أنت تقرأ
اليتيمة
Diversosممزقة بين الألم و العجز عن البوح.. قيود من دماء هي ما يجمعها بهم.. هل ستحافظ عليها... أم ستكسر تلك الروابط و تتخطى كل من يقف بوجهها