كان يتلفت حوله يمينا و يسارا أثناء سيره خشية أن يراه أحد .. ثم دخل لشارع جانبي وجد سيارة سوداء تنتظره .. ركب السيارة بجوار السائق ثم هتف بصوت متحشرج من كثرة التدخين ..
-"هل أتيت لتحضر لي المال؟"
أخرج الشخص رزمة من المال ثم أعطاها له فسال لعاب ربيع و هو ينظر للمال و بدأ في عده ثم هتف بضيق ..
-"ليس هذا ما إتفقنا عليه لقد قلت .."
أشار له الشخص أن يصمت ثم أخبره أنه سيحصل على الباقي قريبا..فصمت ربيع ثم خرج من السيارة متأففا حتى رحلت السيارة من أمامه و ظل هو ينظر في إثرها بسعادة حيث عقد للتو صفقة العمر .. و لم ينتبه ربيع للأعين التي كانت تراقبه منذ فترة .
...........................................
جلست ديما على المقعد تشرب العصير البارد بإستمتاع ..حيث تشعر بالحر الشديد و الدوار أيضا .. كانت تراسل ملك عبر الهاتف ثم فجأة بدأت تشعر بالدوار أمسكت رأسها بيديها و أسندت ظهرها على المقعد ثم مالت برأسها قليلا علها تهدأ الدوار .. ولكنها راحت في سبات عميق .. بعد قليل أتت الخادمة لتأخذ الكوب وجدتها نائمة هزتها الخادمة سعاد و هي تقول :
-"سيدتي .. سيدتي هل أنت بخير؟"
لم تجب ديما و لم تحرك ساكن ..فإعتدلت الخادمة في وقفتها ثم ذهبت للمطبخ و خرجت منه معها رجلين أحدها ضخم البنية والأخر جسده ضعيف قليلا .. أشارت برأسها حيث تجلس ديما فحملها الرجل ضخم البنية و صعد بها للأعلى بينما يراقب الرجل الأخر باب المنزل .. وصعدت سعاد مع الرجل لتدله على مكان غرفة عاصم بعد قليل نزل كلاهما لتراقب هي الطريق بينما ذهب الرجل الأخر معه لغرفة مكتب عاصم و حملاه معا حتى غرفته و شرعا في خلع ملابسهما و قام الرجل ضخم البنية بتولي ذلك الأمر بينما الأخر كان يخبره بالأوضاع المناسبة للتصوير .. بعد إنتهائهم أعادو عاصم لغرفة المكتب و ديما للمقعد حيث كانت تجلس .. ثم خرجا مسرعين من المنزل بينما قامت سعاد بتعديل غرفة عاصم كما كانت ثم نزلت حيث تجلس ديما فحاولت إعادتها لوضع قريب مما كانت عليه ..
..........................................
إنتهت سعاد من سرد الأحداث وهي تبكي أمام عاصم الذي واجهها بمشاهد الكاميرات ..ولم تكد تنهي كلامها حتى وجدته يصفعها بشدة ثم أمسك شعرها و هو يهتف بعنف ..
-"أيتها القذرة .. من هم هؤلاء الرجال ..إنطقي"
قال كلمته الأخيرة بصراخ جعلها تنتفض و هي تبكي فقالت بتلعثم:
-"أحدهما هو..هو .. زوجي .. و ..والأخر صديق له .. لم أراه قبل ذلك اليوم "
ترك شعرها بقوة جعلتها تتأوه بعدما إرتطم رأسها بالمقعد.. ثم إستدعى الحارسين الذين وقفا على باب غرفة الحرس الخارجية في إنتظار إشارة منه ..فأمسك بتلابيب أحدهما ثم صاح بحدة :
-"تلك القذرة أدخلت رجلين للمنزل يوم سفري أين كنتما ؟"
قال أحدهم :
-"سيدي نحن نعرف زوج السيدة فهو غالبا ما يأتي إلى هنا ولكن تلك المرة أخبرتنا السيدة سعاد أنك طلبت بعض الأغراض و سيحضرها زوجها ..و عندما رفضنا دخول الرجل الأخر أخبرنا أنك أرسلت في طلبه لإصلاح شئ ما في الداخل ..فإتصلنا بالمنزل لنتأكد ولكن لم يكن هناك أحد غير السيدة سعاد و هي أخبرتنا أن كلامه صحيح فقمنا بتفتيشه و أدخلناه"
كان عاصم يستمع للرجل و دمائه تغلي .. لقد خططوا لكل شئ ماذا لو كانت إبنته في المنزل ماذا كانوا سيفعلوا بها .. عند هذا الخاطر إستدار عاصم ليمسك بسعاد من ملابسها وهو يهتف بحدة ..
-"ستدفعين الثمن غاليا أنت و من معك .. والآن إتصلي بالحقيرين الآخرين ليحضرا الآن وحذار أن تخبريهم ما يحدث و قبل أي شئ ستخبريني من ورائك"
أومأت برأسها عدة مرات و هي تخبره بمن حرضها على فعل ذلك ثم أخرجت هاتفها و أعطته لعاصم ليرى المكالمات التي سجلتها لمحدثها و هي تخبره أنها أرادت تأمين نفسها ..
إستمع عاصم للتسجيلات بذهول و ملامحه تزداد جمودا مع كل كلمة يسمعها ..
......................................
إستيقظ باسل من نومه وجد ديما بجواره ملامحها هادئة مستكينة وشعرها مشعث كالأطفال ..إبتسم باسل ثم مسح خدها بيديه قبل أن يميل عليها ليقبلها بهدوء ..ولكن ديما كانت ما بين النوم واليقظة فشعرت بقبلته على خدها مما جعلها تفتح عينيها و تنظر إليه بإبتسامة رائعة لم تدم طويلا حيث تذكرت ديما أحداث اليوم الماضي مما جعل ملامحها تتغضن ..لاحظ هو تغير ملامحها فربت على خدها و همس لها ..
-"أنا جائع"
رمشت بعينيها عدة مرات فقال لها :
-"هل تعلمي يبدو أن الوقت تأخر لذا لن تستطيعي تحضير الطعام سأطلب من الخارج "
كانت تنظر له بصمت ثم إمتلأت عيناها بالدموع فهمس بإسمها لتشرع هي في البكاء و كأن بكاءها ليلة أمس لم يكفي.. إعتدل في جلسته ثم جذبها لتجلس بين أحضانه و هو يمسح على شعرها و يهدهدها كالأطفال حتى خفتت شهقاتها قليلا فقال لها ..
-"لما البكاء حبيبتي .. لقد إنتهى كل شئ"
سألته بأعين محمرة من كثرة البكاء ..
-"ماذا تعني بأن كل شئ إنتهى .. هل ستتركني باسل؟"
نظر لها ثم قال بإبتسامة..
-"ملك كانت تقول دائما أنك محدودة الذكاء ..يبدو أنها محقة "
لم تستوعب ديما مزاحه معها فقالت بتوسل..
-"أرجوك باسل أخبرني ماذا يحدث .. أقسم لك أنا لم أفع .."
وضع إصبعه على شفتيها لتصمت وقال بحزن :
-"أعلم حبيبتي ..لقد عرفت كل شئ و أعدك أن من فعل بك هذا سيحاسب أشد حساب على فعلته الحقيرة"
قالت ديما بتوجس:
-"هل عرفت من فعل ذلك ؟..هل هو السيد عاصم؟"
إبتسم بتهكم وقال :
-"يبدو أن السيد عاصم وقع ضحية هو الأخر ..رغم أنني مازلت غير مصدق لهذا الأمر"
قالت ديما بنفاذ صبر..
-"باسل أرجوك أخبرني ما حدث أنا أحترق هنا"
تجمدت ملامحه وهو يقص عليها ما حدث ..بينما كانت دموعها تجري على خديها دون وعي منها و هي تتخيل كيف إستباحوا جسدها و إعتدوا على حرمتها .. نظرت له من خلف دموعها و لم تستطيع الكلام ..مما جعله يأخذها في أحضانه و يربت على ظهرها و هو يردد إعتذاره لها .. بعدما هدأت أبعدها قليلا لتواجهه ثم قبل جبينها وهو يقول:
-"إعذريني يا صغيرتي .. لقد قسوت عليك ولكن أنا لم أحتمل رؤيتك بين أحضان رجل أخر ..ولك كل الحق فيما ستقولي ..و حتى لو قررت الرحيل .. ولكن سامحيني "
مسحت ديما وجهها ثم وقفت على الأرض وقالت بنبرة حازمة ..
-"لن تطلب طعام ..بل ستعد لي معكرونة والدتك كي أسامحك على ما إقترفته في حقي"
نظر لها بذعر مصطنع وقال..
-"لا تمزحي ديما أنا لا أعرف كيفية صنع كوب الشاي تريدين مني الطهي ..أنا جائع لا تكوني قاسية"
لم ترد عليه بل نظرت لوجهها في المرآة فهالها ما رأت .. لقد كانت مشعثة و عينيها حمراء ومتورمة..وملابسها مجعدة ..خجلت من نفسها وهي تفكر هل كان باسل ينظر لها بتلك الهيئة طوال الوقت لا بل ويطلب منها مسامحته ..هو من يجب أن يسامحها على بشاعة المنظر .. أخذت ملابسها من الخزانة وهي تردد ..
-"أنا جائعة يمكنك البدء في إعداد الطعام ريثما أنتهي من الإغتسال"
نظر باسل لها وهو يبتسم حتى خرجت من الغرفة .. لتتغير ملامحه للجمود مرة أخرى ..فأخرج هاتفه ثم إتصل بعاصم ليعرف منه تفاصيل ما حدث..
.......................................
دخل حسام المنزل بعد منتصف الليل فوجد حلا تجلس أمام التلفاز تشاهد فيلم ما فألقى بجسده على الأريكة و جلس بإسترخاء دون أن ينطق.. نظرت له حلا بتعجب و قالت:
-"هل أصبحت غير مرئية اليوم ؟"
تنهد بتعب و قال لها ..
-"ماذا حدث اليوم لريهام .. لقد رأيتها في الصباح قبل الذهاب للعمل و كانت بخير .. الآن أخبرتني أمي أنها مريضة و منذ عادت من الخارج وهي تغلق على نفسها باب الغرفة "
عاودت النظر للتلفاز ثم قالت بفتور..
-"لم يحدث شئ ..لقد شعرنا بالجوع و تناولنا شطائر في الطريق و شعرت بألم في معدتها لذلك ذهبنا لديما و جلسنا معها قليلا قبل مجيئنا لهنا حتى لا تقلق عمتي ولكن يبدو أن قرون إستشعارها قوية للغاية"
نهرها حسام فرفعت كفيها و قالت بإستسلام ..
-"أعتذر لم أقصد أي إهانة ولكن حقا لقد ضخمت الأمر كثيرا .. إنها مجرد وعكة بسيطة لا داعي لكل هذا"
تنهد حسام بتعب ثم تركها وذهب للغرفة كي ينام وهي تنظر لظهره بحسرة.
.............................
أنت تقرأ
اليتيمة
Randomممزقة بين الألم و العجز عن البوح.. قيود من دماء هي ما يجمعها بهم.. هل ستحافظ عليها... أم ستكسر تلك الروابط و تتخطى كل من يقف بوجهها