تجمعت العائلة حول مائدة الإفطار .. فاليوم الجمعة والسيدة أحلام أصرت على إستيقاظ الجميع مبكرا في ذلك اليوم ..
-"يا فتيات عمتكم قادمة اليوم .. لقد إتصل حسام ليخبرنا أنهم قادمون لتحديد موعد الزفاف .. لذا ستساعدني ديما في تنظيف المنزل و إعداد الطعام .. وأنت يا سليمان بعد صلاة الجمعة تمر على محل الحلويات لتحضر ما سأكتبه لك ... "
قالت السيدة أحلام كلماتها بحزم كقائد عسكري وجب إطاعة أوامره .. بينما هتفت ديما بحنق ..
-"أنا متعبة أمي اليوم هو أجازتي التي أرتاح بها من عناء العمل .. ثم لما سننظف البيت بأكمله بينما هم سيجلسون في غرفة الجلوس فقط .. ولما سنحضر مأدبة فعمتي تعرف أنك تجيدين الطهي لذا لا داعي لكل هذا .. وأيضا لما لا تساعدنا حلا ؟! "
قالت حلا بهدوء ..
-"بالطبع سأساعدكم ديما"
قالت والدتها بعصبية ..
-"أنا لا أريد تذمر اليوم .. ستنفذي ما قلت ديما .. أنتي هنا في بيتي وهنا تسري قوانيني أنا..عندما أقول ننظف البيت بأكمله تفعلينها عندما تتزوجين إفعلي ما شئت حتى لو تركت منزلك كالبيت المهجور لا شأن لي .. أما بالنسبة لحلا .."
نظرت لحلا بإبتسامة حانية وقالت لها ..
-"أنت اليوم لك الحق بأن تدللي نفسك قليلا .. فأنت العروس .. إذهبي لمصفف الشعر و إهتمي بنفسك اليوم لا تشغلي بالك سيكون كل شئ كما تتمني حبيبتي .. يا إلهي لقد أصبحت عروس جميلة وكانت أمك لتفخر بك "
قالت كلماتها الأخيرة بأعين دامعة فتدخل الأب..
-"لا بكاء يا أحلام هذا ليس فأل جيد .. ولا تجعلي الفتاة تحزن اليوم لا نريد لعريسها أن يراها بأعين متورمة فيغير رأيه"
شهقت أحلام و قالت بحنق ..
-"لا تقل هذا الكلام.. و هل يجروء أحد على ترك تلك الجميلة !!"
كانت حلا تبتسم بسعادة وهي تتبادل المزاح مع خالتها وعمها بينما ديما تتأملهم بحزن و نيران الغيرة تشتعل في صدرها .. شعرت في تلك اللحظة أن لا مكان لها بينهم فهم قد وجدوا بديلا عنها لذا قررت الذهاب لتنهي ما طلبته والدتها بصمت .. فنهضت دون أن تكمل طعامها و لم ينتبه لها أحد ..
...........................
-"أبي .. أبي .. هيا إنهض .. أبي .. أريد الذهاب لمدينة الألعاب .. هيا أبي.."
كانت تالين تجلس على ظهر أبيها .. بينما هو يغط في نوم عميق وعندما شعر بها تصنع النوم .. حتى نزلت من على ظهره و إقتربت من وجهه وهي تضربه برفق عليه وتهمس ..
-"أبي ..هل أنت ميت ؟ "
ضحك عاصم فجأة بصوت مرتفع مما جعل الفتاة تفزع و تقفز من على السرير برعب .. ثم عادت لتهتف بتذمر ..
-"أنت تخدعني أبي لن أتحدث معك مجددا"
جلس عاصم على السرير و قال بإبتسامة ..
-" أميرتي الصغيرة .. لن أتحمل خصامك لي ..ماذا أفعل كي ترضي عني ؟"
إبتسمت الفتاة وهي تتصنع التفكير ثم هتفت بمرح ..
-"سنذهب لمدينة الألعاب و تشتري لي المثلجات و الحلوى و بعض الدمى أيضا"
عقد عاصم حاجبيه و قال ..
-"خاصميني تالين .. لا بأس .."
قفزت الفتاة على سريره بمرح فأخذ يدغدغها و يتضاحكا بصوت مرتفع ..دخلت جدته الغرفة حيث تركت تالين الباب مفتوحا وقالت بحنان..
-"صباح الخير يا ولدي ..هل نمت جيدا ؟ "
-"كيف أستطيع النوم و تلك العفريتة تقفز فوق رأسي منذ ساعات"
ضحكت جدته بينما زمت تالين شفتيها .. فقال لها ..
-"لا بأس يا محتالة سأخذك لمدينة الألعاب"
كانت الفتاة تصيح بمرح حينما قالت جدته بتعجب ..
-"لا يمكنكم الخروج اليوم يا بني .. السماء غائمة للغاية وكانت تمطر بشدة منذ قليل و الجو في الخارج باردا جدا .. ويبدو أن الأمطار ستهطل مجددا"
عبست الصغيرة بشدة فقال والدها ..
-"فلنقضي اليوم معا هنا و نلعب سويا ما رأيك"
-"هل ستلعب معي بالدمى؟ "
عقد حاجبيه ونظر لجدته ثم قال ..
-"سألعب ولكن أرجو ألا تخبري أحد بذلك .. ستجعليني في عمري هذا ألعب بالدمى!!"
قفزت الفتاة و هي تصيح بمرح و تجذبه من يده ليبدءا اليوم ولكن أتت الخادمة لتخبرهم أن هناك من ينتظره بالأسفل تعجب من سيأتي في الصباح ولكنه إرتدى ملابسه و خرج من غرفته ..نزل عاصم للبهو فوجد غدير تجلس على المقعد تنظر حولها بتأفف حتى وصل لها .. تفاجئ من وجودها بمثل هذا الوقت و لكنه قال ببرود ..
-"ما الذي أتى بك إلى هنا ؟"
وقفت غدير في مواجهته وقالت بتردد..
-"أريد رؤية إبنتي"
ضحك عاصم بصوت مرتفع وقال بسخرية ..
-"منذ متى تلقين النكات ..لم أكن أعرف أنك خفيفة الظل غدير ؟!"
حاولت تمالك أعصابها فهي هنا لهدف محدد .. فأخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء قبل أن تقول ..
-"عاصم من فضلك .. أنا نفذت لك كل ما طلبته مني كي لا أغضبك ولكني عندما إبتعدت شعرت بالندم وإشتقت لتالين أود ضمها إلي و أن أتقرب منها "
صمتت قليلا ثم أضافت ..
-"كما أنني لن أسمح لك بأن تتزوج من تلك الفتاة .. عشيقتك غريبة الأطوار .. ديما.. لا أريد لتلك الفتاة أن تقترب من إبنتي"
قالت آخر كلماتها بغضب مكتوم ..
إبتسم عاصم بتهكم ثم قال ببرود ..
-"كما أنك ماذا ؟.. وهل تعتقدي أنني طفل سينخدع بتلك الكلمات ؟ إنظري إلي جيدا غدير .. إن كنت تحملتك طوال السنوات الماضية فقد كان هذا من أجل إبنتي ولكنني كنت مخطأ .. فوجودك ما كان يزيدها سوى إنتكاسا تلو الآخر .. أما عن ديما فأموري الخاصة ليست من شأنك .. لذا أنت ستخرجي من هذا الباب ولن تعودي مطلقا إلى هذا المنزل .. وإذا أردت رؤيتها حقا تتصلي بي وقتها أنا أحدد متى وأين يمكنك رؤيتها "
تركها ثم نادى بصوت جهوري على إحدى الخادمات ..
-"أوصلي السيدة للخارج وإحرصي على ألا تدخل هذا المنزل مجددا"
كانت غاضبة بشدة .. فحملت حقيبتها و خرجت وهي تتوعده بأشد إنتقام ..
..............................
إنتهت ديما من الأعمال التي وكلت إليها ثم جلست في غرفتها تتابع بعض التصاميم التي تعمل عليها .. وجدت رسالة لم تقرأ منذ يومين فتحت الرسالة لتشهق بحدة ؛ ثم بدأت تبكي بحرقة وهي تضم قدميها إلى صدرها بينما الحاسوب أمامها .. دخلت حلا وهي تمسك بكوب من القهوة فوجدتها على تلك الحالة ؛هرعت إليها و جلست بجوارها ثم سألتها بتوجس ..
-"ماذا بك ديما ؟ .. لما تبكين هكذا ؟!"
كانت تربت على كتفيها بينما ديما لا تتوقف عن البكاء فظلت تهدأها إلى أن خفتت شهقاتها .. فقالت لها حلا ..
-"ألن تخبريني ما بك الآن ؟"
قالت ديما ببكاء و دموعها تسيل بلا توقف ..
-"الجامعة رفضت طلبي في الإلتحاق بالدبلومة التي قدمت عليها"
قالت كلماتها و دخلت في نوبة بكاء أخرى .. فربتت حلا على كتفها وقالت ..
-"قدمي بجامعة أخرى إذا .. حاولي مجددا لا تيأسي هكذا "
-"أنت لا تفهمي .. تلك كانت فرصتي الوحيدة .. فتلك الجامعة كانت في الخارج .. ولن تفتح التقديم مجددا إلا بعد عام ..وكل عام تضع شروطا جديدة"
صدمت حلا من كلام ديما و سألتها بتوجس ..
-"ديما هل كنت تنوين السفر خارج البلاد بمفردك .. و ماذا عن عمي هل هو موافق ؟"
رفعت ديما رأسها عندما شعرت أنها أفصحت بأكثر مما يجب ولكن لم يعد يهم شئ فحلمها الوحيد أصبح هباءا .. لذا لم ترد على حلا بل إكتفت برفع كتفيها فقط ..
........................
وصل حسام وعائلته و جلسوا جميعا على طاولة الطعام يتبادلون المزاح بينما ديما تجلس شاردة بوجه شاحب لا تشاركهم الحديث وترد بكلمات مقتضبة ثم تعللت بتعبها و دخلت غرفتها حتى إنتهت الزيارة .. إتفق حسام مع والدها أن يعقد القران بعد أسبوعين و الزفاف يكون بعد شهر من عقد القران .. في المساء رحلت عائلة حسام وجلست السيدة أحلام بتعب على الأريكة و هي تفرد قدميها بينما السيد سليمان كان يضم حلا لأحضانه و هو يقول بسعادة ..
-"مبارك لك حبيبتي من كان يظن أن الفتاة الصغيرة التي كنت أحملها على قدمي صارت عروسا بهذا الجمال .. وجعلت الرجل لا يطيق إنتظارا أيضا .."
إحمر وجهها بشدة بينما قالت السيدة أحلام بفخر ..
-"معه حق فأين سيجد فتاة مثلها !! .. مهذبه وجميلة ومطيعة "
تنهدت ثم قالت بحنق. .
-"ليست كتلك التي فضحتنا اليوم أمام عمتها وتركت الضيوف .. لتنام !!"
كانت ديما في طريقها للحمام كي تغتسل من تعب اليوم حينما سمعت والدتها .. ورأتها والدتها أيضا فنادت عليها ..
-"تعالي هنا يا فتاة .. هل يصح ما فعلتيه .. تتركي عمتك و عائلتها لتنامي ولم تتحدثي معهم .. أتعلمي أن عمتك سألتني هل تغار ديما من حلا يا أحلام لأنها أصغر منها وستتزوج قبلها ..أرأيت أين وصل الأمر بسبب غبائك ؟! .."
كانت ديما تهتف بداخلها ..
-"نعم أغار من حلا .. أغار منها لأنها أخذتكما مني .. أغار لأنني أنا إبنتكم و ليس هي ".. ولكنها قالت ببرود لا يعكس ما بداخلها ..
-"أمي ..هوني عليكي .. عمتي ستتحدث في كل الأحوال فهي لا تطيقني"
قال والدها بحزم ..
-"تهذبي و أنت تتحدثي عن عمتك ديما .. ألم يعد لديك إحترام لأي أحد"
لم ترد ديما حيث تعالى رنين هاتف والدها نظر إليه فوجده رقم غير معروف ..
-"مرحبا .. أجل أنا سليمان التاجي .. من معي ؟"
نظر لديما ثم قال لمحدثه ..
-"مرحبا سيد باسل كيف حالك .. وكيف حال والدك ؟"
إحمر وجه ديما بشدة عندما عرفت هوية المتحدث .. وحينما سمعت والدها يقول بإبتسامة ..
-"بالطبع لا مانع .. أنا أتشرف بقدومكم في أي وقت "
كانت والدتها تتابع الموقف بفضول .. ثم سألت والدها بعدما أنها الإتصال ..
-"من هذا .. وماذا يريد ؟"
قال والدها بإبتسامة ..
-"يبدو أن لدينا عروس أخرى في المنزل .. هذا السيد باسل شقيق صديقة ديما .. يود زيارتنا مع عائلته غدا "
هتفت الأم بحماس ..
-"حقا .. ديما ستتزوج يا إلهي الحمد لله لقد يأست من أن أرى لها شخصا واحدا يطلبها الحمد لله الذي أمد في عمري لأرى هذا اليوم حسنا يا سليمان .. فلتتفق معه أن يعقد القران مع حسام وحلا وأن يكون الزفاف في أقرب وقت لا داعي لإطالة الأمر .."
كانت ديما تستمع لوالدتها وهي ترفع حاجبيها ثم قالت بضيق..
-"وهل وافقت عليه حتى تحددي موعد للزفاف أمي ؟!"
صاحت والدتها بحنق ..
-"هل تريدين إصابتي بأزمة قلبية ؟! .. ولما سترفضيه هل به ما يعيبه أخبرينا منذ الآن حتى نعتذر له فلا داعي لمجيئه حينها ليحسب علينا عريسا"
قالت بتردد ..
-"لا أمي باسل لا يعيبه شئ ولكن أنت تستبقي الأحداث"
-"ليس من شأنك إستباقي للأحداث .. إبتعدي من طريقي يا عاشقة النكد وهادمة اللذات دعيني أرتاح"
قالتها والدتها وهي تمر بجوارها لتخرج من الغرفة ؛ بينما تبعتها حلا و هي تغمز لديما بإبتسامة .. فبقيت ديما مع والدها ..
-"ديما .. تعالي إجلسي بجواري .. يا إبنتي .. أنا قد رأيت الشاب و والده وأعرف أنهم عائلة جيدة وشقيقته صديقة لك منذ سنوات هل هناك ما تعرفيه عنه يمنع قبولك بطلبه ؟"
كانت ديما تشعر بالخجل من خوضها لهذا الحديث ولكنها قالت بهدوء ..
-"لا أبي .. باسل شاب مهذب و ملك دوما تخبرني كم هو أخ رائع"
قال والدها بمزاح ..
-"لا نريده كأخ هنا ديما .. بل كرجل يود الزواج من إبنتي"
إبتسمت ديما وقالت له ..
-"عندما تجلس معه أبي أنت من سيقرر وأنا موافقة على قرارك"
وافقها والدها الرأي بينما هي شعرت و كأن ثقلا أزيح من على صدرها فهي ستترك مصيرها لوالدها لأنها لم تستطع أن تقرر.
............................
في اليوم التالي عندما همت ديما بالذهاب للعمل أوقفتها والدتها وهي تصيح بحدة ..
-"إلى أين أنت ذاهبة ؟!"
-"إلى العمل أمي أين سأذهب في هذا الوقت !!"
هتفت والدتها بغضب ..
-"أقسم أنك ستصيبيني بالجنون .. يا فتاة هل نسيتي أن عائلة صديقتك ستأتي اليوم لخطبتك .. هل تذهبي للعمل في يوم كهذا ؟!"
قالت ديما بفتور ..
-"أولا هم قادمون فقط للتعرف و ربما لن أعجب والده أو والدته من يدري الأمر ليس مؤكد بعد .. ثانيا هم قادمون بعد صلاة العشاء .. وأنا سأكون هنا قبل الثالثة لذا لا تقلقي أمي .."
فقدت والدتها الأمل فيها فقالت بحنق وهي تدفعها للخارج ..
-"إذهبي ديما .. أنا أعلم قدري .. ستظلي بدون زواج بوجهك الشاحب هذا و الهالات التي تحيط عينيك و نظاراتك التي ترتديها معظم الوقت لن تجعل أحد ينظر لك إذهبي من أمامي .."
لم تحزن ديما من كلام والدتها تلك المرة بل جعلتها تضحك ..
...........................
أثناء العمل شعرت ديما بالجوع .. فأخرجت من حقيبتها صندوق طعام به بعض الشطائر و البيض المسلوق و شرائح من الخيار و الجزر .. أثناء وضعها الطعام على المكتب وقع منها بعض الأوراق على الأرض فنزلت لتحضرها وعندما وقفت وجدت أمامها فتاة آية من الجمال .. عينان زرقاوان وشعر أشقر وملامحها تبدو وكأنها رأتها من قبل .. وجدت الفتاة تنظر للمكتب وألعاب ديما البلاستيكية .. توجست ديما من الفتاة فهي لا تطيق من يلمس أشياءها وتلك الفتاة تبدو كمن يبحث عن شئ يتسلى به .. سألتها ديما بإبتسامة ..
-"مرحبا .. أنا ديما .. من أنت ؟!"
نظرت لها الفتاة ولم تجب بل جلست على المقعد أمامها ومدت يدها لتمسك أحد الألعاب .. كانت ديما تتأملها وهي تشعر بشعور غريب نحو تلك الفتاة لذا قالت لها ..
-"هل أعجبك ؟ .. أنا أطلق عليه إسم .. باباي .. إنه صديقي "
نظرت الفتاة لها منتظرة أن تكمل الحديث يبدو أن ديما قد جذبت إنتباهها فأكملت ..
-"إنظري تلك هي صديقته .. زيتونة .. أنا إشتريتهم منذ سنوات و أصبحنا أصدقاء و نتشارك الحديث سويا "
نظرت الفتاة لديما ورفعت حاجبيها ثم قالت بتعجب ..
-"هل يتحدثا معك ؟"
ضحكت ديما وقالت لها ..
-"لا في الواقع أنا أتحدث معهما ولكن إذا سمعت ردا منهم يتوجب علي زيارة طبيب نفسي .."
تغيرت ملامح الفتاة و لم ترد على ديما ثم همت بالخروج فتعجبت ديما مما فعلت ..وقفت أمامها وإنخفضت لتكون في مستواها ثم قالت..
-"هل قلت شئ ضايقك .. هل أنت بخير"
أومأت الفتاة وقالت وهي تنظر للارض ..
-"أنا لا أحب الطبيب النفسي هذا .. لا أريد الذهاب له مجددا "
في تلك اللحظة دلف عاصم المكتب و هو يهتف ..
-"تالين .. حمدا لله وجدتك"
قال كلماته ثم جلس على ركبتيه وضمها لأحضانه ثم أبعدها وهو يرفع شعرها في حركة إعتاد عليها ليتأكد من وجود سماعة أذنها ثم نظر لديما وجدها تتأملهم ؛ فتنحنح وإعتدل واقفا وأمسك بيد إبنته بينما ديما عادت لتقف وراء مكتبها وهي تقول ..
-"هل هي إبنتك سيد عاصم ؟"
أومأ عاصم وهو ينظر لإبنته بإبتسامة ..
-"أجل .. تالين أميرتي الصغيرة .. أعتذر إذا ضايقتك فهي كانت تجلس مع ماريا ثم تركتها وركضت تلهو"
-"لا أبدا إنها لطيفة للغاية و .."
لم تكمل حيث قاطعها وهو ينظر لمكتبها بتعجب وسألها بتوجس ..
-"هل هذا بيض مسلوق ؟!"
أومأت ديما ببساطة وهي ترفع كتفيها .. فأعاد سؤاله بحيرة أكبر ..
-"بيض مسلوق ؟! .. في شركتي .. وأثناء العمل .. وما كل تلك الألوان ماذا فعلت بالمكتب ؟! "
رفعت ديما حاجبيها ثم كتفت يديها و هتفت بحنق ..
-"بالنسبة للمكتب سيد عاصم فلا أعتقد أن هناك نص في العقد يمنعني من وضع لمساتي .. وأنا لا أستطيع العمل إلا في تلك الأجواء و مع أصدقائي .. بالنسبة للطعام ؛ هل هناك ما يمنع تناول البيض المسلوق ؟"
قال عاصم وهو يشير بيده ..
-"أجواء !! .. هل تسمي محل الألعاب ذلك أجواء ؟! .. لذلك دخلت الفتاة هنا لقد إنجذبت إلى الألوان كما تنجذب الفراشة للضوء "
كانت ديما تمسك في تلك الأثناء ببيضة تنوي أكلها فقال لها ..
-"هل تلك بيضة حقا .. هل ستتناولي بيضة ؟!"
همست لنفسها بحنق ..
-"ما ذلك المكان ألن أستطيع تناول طعامي أبدا ؟! .."
ثم قالت بسخرية ..
-"أجل يجب أن أتناوله .. فهو ليس بيضة .. إنه هامبتي دامتي .. الذي سرق أوزتي التي تبيض لي بيضة من ذهب و لذلك سأعاقبه على فعلته"
-"أبي أريد هامبتي دامتي أنا أيضا "
قالتها تالين بحماس .. فنظر لها بتعجب وقال لها ..
-"حقا!..هل ستأكلي بيض يا تالين ؟!"
-"لا أبي .. أريد عقاب هامبتي مثلها "
كانت ديما تتابع الموقف بتسلية فوجه عاصم كان يبدو كمن صعق بالكهرباء .. لذلك هتفت بمرح ..
-"إنظري أنا لدي إثنين أخرين .. ولقد ساعدوه في سرقة الإوزة فلنعاقبهم سويا وإنظري ماذا لدي أيضا ؛ تلك تسمى الجزرة السحرية .. نستخدمها كي نحصل على القوة لنهزم هامبتي دامتي و نستعيد الإوزة "
كانت الفتاة مندمجة مع ديما و بدءا في تناول الطعام و ديما تخترع حكاية لكل نوع أمامها بينما عاصم يتأملهم متعجبا ومتحسرا على إبنته التي لم تحصل على أم حنون قط .. وفكر في ديما فهي فتاة غريبة عن عالمه ولكنها إستطاعت جذب إبنته الإنطوائية في عدة دقائق ما لم تفعله والدتها في سنوات هم بسؤالها عن شئ حينما دخل عمار الغرفة وهو يهتف ..
-"بالله عليك عروس تأتي للعمل سيهرب منك العريس يا فتاة .."
لم يكن منتبها لوجود عاصم .. وعندما رآه حياه بهدوء وإكتفى عاصم بإيماءة من رأسه ثم أخذ تالين و خرج و هو يشعر بتخبط غريب .. هل فكر للتو في خطبتها .. إنها تبدو كإبنته ؛ نفض تلك الأفكار من رأسه و ذهب لمكتبه ................................................
أنت تقرأ
اليتيمة
De Todoممزقة بين الألم و العجز عن البوح.. قيود من دماء هي ما يجمعها بهم.. هل ستحافظ عليها... أم ستكسر تلك الروابط و تتخطى كل من يقف بوجهها