ليل - الفصل الثاني والأربعون والأخير

9.3K 260 117
                                    

ليل - الحكاية الثالثة لثلاثية قدر النساء

الفصل الثاني والأربعون والأخير - بقلمي منى سليمان 

* ليل *  

شعرت بعودة الروح إلى جسدي حينما جذبتها إلى صدري، غمرني الدفء في تلك اللحظة وتمنيت أن يعود الزمن إلى الوراء لأبدأ حياتي معها دون غيرها... يا إلهي كم هي جميلة ورقيقة وبريئة وفاتنة، كيف لم يـُلاحظ قلبي كل ذلك وكيف مرت السنوات وأنا أُعاملها كابنتي، يا لغبائي وضعف بصر قلبي...
ردد زين تلك الكلمات بذهنه وهو يتقلب في فراشه عله يحصل على قسط من الراحة ولكن دون جدوى، فاعتدل في جلسته وأخذ يتذكر عينيها وابتسامة شفتيها وهي تُشارك ليان ومصطفى اللعب، فبدت كطفلة شقية لا تتخطى العاشرة ما زادها جمال وبراءة... تنهد براحة حينما تذكر القبلة التي ودعها بها عند باب غرفتها فبادلته إياها ثم خبأت وجهها في صدره والخجل يكسو وجنتيها...
بعد دقائق من الذكريات العذبة ترك فراشه واتجه صوب الشرفة لينعم بنسمات الهواء النقية فوقعت عيناه على صغيرته تجلس بمفردها وتكتب بدفترها العزيز كما لقبته، فلم يشعر بنفسه إلا وهو يُغادر الغرفة مُتجهاً إليها... قاده قلبه تلك المرة قبل قدميه، وما إن استقر خلفها حتى بدأ يختلس النظر إلى ما كتبته لكنها سرعان ما علمت بوجوده من خلال عطره المميز فأغلقت دفترها وأدارت وجهها إليه ثم رددت بغضب

- مفيش فايدة فيك

اصطنع عدم الفهم ووجه بصره صوب السماء ثم أخذ يمرر يده بين خصلات شعره فرفعت أحد حاجبيها باستنكار وتساءلت بغيظ: أتعلمت النصب أمتى؟

- من يوم ما حبيتك

أجابها بتلقائية فنست غضبها تماماً وابتسمت، فشعر أن ابتسامتها أضاءت وجهها وحياته بذات اللحظة، لكنها سرعان ما خبأت سعادتها وقالت بدلال

- ملكش دعوة بمذكراتي لو سمحت
- طيب قوليلي كتبتي عني إيه وأوعدك مش هسرقها وأقرأ اللي فيها
- يا سلااااااام

كتم ضحكته بصعوبة وهتف بجدية مصطنعة: هو ده اللي عندي، يا تقولي كتبتي إيه يا هسرق الدفتر وأقرأ بنفسي

- كتبت أنك رخم وغلس ورخم تاني
- أنا قولت كده برضو

رمقته بنظرة اندهاش وتساءلت ببراءة: قولت إيه؟

- قولت أنك كتبتي بحبك يا زين، بحبك بحبك بحبك
- مش بقولك بقيت نصاب

قبض برفق على معصمها وجذبها بخفة لتجلس إلى جواره على الأريكة الخشبية ثم أحاط ظهرها بذراعه وقربها منه بشدة ليستنشق عبير خصلات شعرها الحريري، فابتسمت على فعلته وأسندت رأسها على كتفه ثم تنهدت براحة وأغمضت عينيها لتستمتع بنعيم قربه

- لسه زعلانة مني؟

سألها بهدوء ونبرة حنونة فأجابته برقة مغلفة بالدلال: شوية

ليل - منى سليمان (الحكاية الثالثة لثلاثية قدر النساء) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن