انبثاقُ بذرة.

512 36 25
                                    

مُذكرتي العزيزَة،

لَطالما واظبَ والدِي علَىٰ مُعانقةِ أصَابعي بمُلئ قَبضتهِ طوالَ مُدةِ مَسيرنَا معًا، سواءً خَرَجنا في نُزهةٍ للتَلِّ أو البُحيرة، أو اِقتَضت حوائجُنا أن نزُورَ متجرَ العمِّ صاحبَ الابتسامةِ الوديعةِ، أم عساهَا كانت جولةً حولَ المِنطقةِ نُعرِّجُ فيها علَىٰ المعَالمِ والحدَائقِ الغَنَّاء.

آنَذاكَ كنتُ لَا أزالُ طِفلًا صَغيرًا، مُترنِّحَ الخُطواتِ أزلُّ بهذا وذَاك، فأميلُ للسقُوطِ تارةً تلوَ الأُخرى لكنَّ خوفَ والِدي علَّي من تَلقي ضَرر الاصطِدام جعلَ من أغصانَ كَفَّيهِ تُسارعُ بالامتِدادِ نَحو ظلِّي المُنحرفِ كُلما أوشَكتُ علَى فَقدِ تَوازُني، فَيلتقِطُني بعنايةٍ ويدفنُ ضَآلةَ جسَدي في كَنفِ حُضنهِ وارفَ الدِّفء.

أرأيتِ يَا مُذكرتي؟ لا مخافةَ من السقُوطِ ما دَامَ هُناكَ من يَهمُّ لِنجدَتِكَ حالَ تعرُّضِكَ للخَطر.
بيدَ أنَّ الأمرَ باتَ مُختلِفًا الآن.

فمَاذا إن قُوبلتُ بالصَدِّ والهُجران؟
أيُفترَضُ بي أن أن أظلَّ مُتمدِّدًا علَى بَسيطةِ الانتظَار تاركًا جرُوحي تَتقرَّحُ مع نفحاتِ الزَمن بينمَا أتحرَّقُ وصُولَ فارسَ أحلاميَ الوَردِيةِ علَى صَهوةِ فَرسٍ أبيضٍ لِيُلملِمَ حشَاشتي، كدُميةٍ رَثةٍ تناثَرت أليافُها القُطنيةُ بعدمَا ألقَىٰ بها مالكُها في سَلةِ المُهملات؟

كَلا.
لَن أَقضِيَ الوقتَ عالقًا بينَ شرائطٍ سَوداءَ بيضَاءَ، تُزاولُ آلةُ العَرض المعطوبةُ بثَّ سطُور مَسرحيةٍ يَترَددُ رَجعُ صداها بينَ جُدران قاعةٍ خاويةٍ هَجرَ زُوَّارُها المقاعدَ منذُ زمنٍ بعيد،
لَن أتخذَ من أحدِ الزوايا القَصيةِ جُحرًا أُشاهدُ منهُ بصمتٍ فيضانَ رُوحي إلىٰ حُلكةِ مَا وراءَ الكَواليس،
ليسَ بعدَ الآن...

كَلا.
سأتجاوزُ خشبةَ المسرحِ وأخصِفُ لنَفسي من ستائِرها شَبكةً أُنجدُ بها أشلائِيَ التي سَأجمعُها في وقتٍ لاحقٍ بعدَ أن ألتَقِطَ أنفاسِيَ اللاهِثة،
سَأُمسِكُ بالفُرشاةِ والقَلمِ وأَخُطُّ قِصصًا منَ المُغامراتِ المُثيرةِ والمُمتِعة لأُضَمِّنها في مخطُوطاتِ العُمُر لأعودَ لذكراها بعدَ عقُودٍ تَالية،
سَأُشفَىٰ وسأنهَضُ تارةً أُخرى لأرسُمَ وأكتُبَ وأُنشِدَ وأرقُصَ وأفعلُ أيًا كانَ الذي تَرغَبُ فيهِ نَفسي،
الأهمُّ أنَّني سَأحيا.

أدرَكتُ منذ فَترةٍ قصيرةٍ، ولَا زلتُ أُحاولُ استيعابَ حقيقةَ أنَّ الحياةَ لا تَتوقفُ علَىٰ تَلقُّفِ القُبول من عَدمهِ مِمَّن حَولنا،
نحنُ بحاجةٍ لتَلمذةِ أنفُسِنا علَى مُناوَلةِ السلامِ والحُبِّ الغَير مَشرُوط لأرواحِنا المُرهقةَ من السَّعي خلفَ رضَا الآخرين ومُحاولةَ مُواكبةِ أهواءهُم بلا هوادة،
لا بُدَّ لنا في بادئ الأمر من مَحبةِ ذواتِنا علَى ما هيَ عليهِ قبلَ أن نَرجُوَ حُبَّ أحدهم.

مُذكرَتي،
أنَا مُستعدٌّ لمُواجهةِ كُلِّ عَقبةٍ تقعُ في سَبيل مُناصرةِ حُبِّي لكيم تَايهيُونق.
ولَكن لا بُدَّ لي من أن أتعَلمَ أن لَا أَبذُلَ نَفسي أثناءَ ذلِك.

لأنَّني أعلمُ أنَّ لُمعةَ نَجم الحَبيبِ ستَأفلُ عَن سمائي ذاتَ يوم، بيدَ أنَّ غيابَ نَجمٍ واحدٍ لَا يُحتِّمُ عليَّ البقاءَ في دُلجةِ الليل، أنتظرُ بُلجةَ شمسٍ قد لَا تبزغُ.
ولهذا، سأكونُ نَجمًا مُضيئًا لنَفسي وسأُنيرُ عُتمتِي بنَفسي.

[14-06-2018,12:38 AM]

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

[14-06-2018,
12:38 AM].

-صَباحُ السرُور، رُغم شعُور الإرهَاق لِقلةِ النَوم لكنَّ السعادةَ من أجل جُونغكُوك طاغِية.
لرُبما تكونُ صفحةُ مُذكرتنا لهذا اليَوم رديئةَ الجودة بعضَ الشيء، أعتذرُ عن ذَلِك.
مُقدَّم إلَى: rxcivk ،
دُمتُم بخَير.

مُذكرَة|VKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن