الفصل الثاني عشر، وراء الخلد معصية.....
.....
وراء الخلد معصية وشيطان مقيم، فعند تلك الشجرة هبط آدم وبدأت الكوارث والماسي، وعندما نفذت الخطايا بدأ الإنسان بالابتكار، فخلف كل قصة ألم وكل سعادة شقاء، وكل لون من ألوان السعادة قوس قزح من ألوان العذاب، ولعل حياتنا توجد بقيمة جملة " وراء كل معصية غفران".......
....... قال وقلبه يتحرق بعيون تقاوم القتل بصوت متألم عند النطق باسمها : رقية، بنت شارعنا وبنت عم عبدالرحمن واخت صاحبي عماد ويعقوب ربنا يرحمه، رقية أجمل بنت في ملامحها حتي لو شوفت احلي منها ملامحها شيء تاني، طول عمرها غصن في شجرة و حجر في مبني عمرنا ما سمعنا لها صوت ولا خناق، كانت جوها دائما ربيع هادي، حتي في شدته جميل محبب، موجها موج نسيم مش غضب ولا شتاء....
قطع المحقق حديثه : جميل جميل، دا وصفك ليها، انا بسألك علي سمعتها
أجاب بحدة قائلا : كل ذو لبيب بالإشارة يفهم... اقصد انها كانت كويسة وعمرنا ما سمعنا عنها حاجة مش كويسة
اكمل هو بدلا منه متسائلا : عشان كدا كنت عايز تتجوزها، اوكنت عايز تخطبها
أجاب بهدؤء : الحياة فرص، وأوقات لما تلاقي فرصة كويسة حتي في ظل تعقد الظروف بتفضل وراها
حرك المحقق خاتم زفافه قائلا : بس أظن اختيارك كان قائم انها بنت محترمة، وكويسة، وأول دوافع الجريمة سؤء سمعة المتهمة، اللي بتنتقم بسببها من المجني عليه... والكلام اللي عرفته غير كلامك خالص، والصور اللي وصلتها وخناقة موت اخوها.... وكل التفاصيل التانية
ليرفع عن نفسه الجرح قائلا : فوق كل ذو علم عليم
بيفهم المحقق، أن كان في حلقه حديث فلن يبوح به، بيقول بهدؤء وهو يأمر العسكري : يغلق المحضر في ساعته وتاريخه... أمضي على أقوالك على كمال
بعد الامضاء ومحاولة الهروب السريع قال المحقق : كمال استني ، عايزة انصحك نصيحة لأنك ابن أصول وناس بجد، اول هام رقية تسجد شكر لله لو مخدتش إعدام ودا ممكن يحصل في حالتها المرضي، لكن البراءة مستحيلة ومش هتطلع منها، تاني حاجة فكر، احنا بنختار حواء وأول حاجة فيها السمعة، وانا بنصحك كاخ انسي طريقها، انا مش قادر اتكلم اكتر عشان حاسس ان الكلام هياذيك
نظر له قائلا : الحاجة الوحيدة اللي تقدر تعملها لي حاجة واحدة
بيسر قال : اتفضل
اخفض راسه ثم اجمع قوته بطلب قائلا بصوت يكسوه الرجاء : محتاجة اشوفها وش لوش ، ودي تقرييا المرة الأخيرة
حك المحقق خلف راسه وقال : تمام، هما خمس، بس انا مستغرب أن كل الشهود شهدوا الا انت في وضع منكر، ومصمم على قول واحد...
أجاب بشيء من التيه : محتاج أصدق اولا
وقبل الوصول أشار له بالوقوف وأمر بمغادرة الحراسة المخصصة للزازنة واشار له بالاقتراب وفتح الباب، ليضايق ظلام حزنها، وتتحرك اتجاه لتجده المحقق، و تصمت ويقول : عندك زيارة ...
..... لم يتغير اي ملمح من ملامحها المتعبة وشعرها المتعب الهائج بشكل عبثي، أضاف لمسة فوضي عليها، ووجهت المتورم من ضربات أخيها وجسدها المتألم ، كل هذا لم يتغير، الا برؤيته تجمدت، ودق القلب متجمدا، اللقاء الأخير كان دائما مؤلم.... تحاول الوقوف على عكازها الطبي وتقف، وعيونها معلقة به، لتمنعها وتخفضها وتحاول إخفاء وجهها، ليخرج المحقق في صمت وهو يشير بيديه به بكف يده يذكره بموعده.... وقف أمامه مجمعا قوته ليقول وهو يرفع راسها : رقية ممكن تقوليلي الحقيقة، قولي كل دا صح ولا غلط
اردات له الحرية، اردات له الخلاص، هي منذ الآن في عداد الأموات أو أظل سبيلاً تألمت في صمت وجمعت أشلاء روحها في صوت مبحوح ومختلج بالبكاء : انا أسفة يا كمال، انا مكنتش اللي كنت شايفة
نظر له بانكسار وصدمة قائلا باهتزاز واختناق : رقية، ارجوكي قوليلي الحقيقة... مش وقت تلميح
بكاء وصمت جديد منها، وخلعت لسلسلة وعده بيد مرتعشة وتقديمها له بانكسار و انهيار ، تنفس بطئ منه وهو يحمل سلسلته، صرخ بها، راجيا منها قول الحقيقة، أو بالاحق قول شيء آخر، ولكن احتمت بنفسها، وزاد بكائها فقط، رفضت أن يري وجهها، هنا اندفع المحقق وأخرجه، لم يسأله عن صدمته وحزنه، وتركه يمشي متخطبا وهو ينظر له بصدمة وحزن، والآخر يجر قدمه قهرا، وينظر لتلك السلسلة التي في يده بعدم تصديق، وأما هي علا صوت بكائها وانينها ووضعت يدها علي قلبها قائلة بألم : يارب، يارب خليك جنبي، انت عارف كل حاجة، وأكملت بحنين : انت فين يا يعقوب، انا محتاجك، محتاجها يارب
.........
...........
وقال حاتم بلؤم : تسحملي اقولك يا جنة، أن تحملك شخص زيه كان غباء
عقبت قائلة : خوف من احساس الفشل، الأحق بالاعتراف به
_ كلنا بنغلط كلنا مذنبين، كلنا من نسل آدم...
فقالت بحزن : وكل نسل آدم. بلؤم حواء على خطأ آدم، وعلي تفاحة الشجرة
فابتسم قائلا : دا الجاهل في نسل آدم، سيدنا آدم عليه السلام، الشيطان اغواه وطعمه في الشجرة واقنعه انها خير وخلد والظاهر كان العكس، ربنا ذكر هو زوجه وذكر أن الشيطان اللي اتحدي ربنا وقال انه هيغوي البشر أجمعين، صدقني الأنبياء والمرسلين شافوا ززينا الخطأ واخطاوا... بس طبعا لأنه بشر وربنا تاب عليهم... وحتي عائلاتهم من اخوات أو غيرهم كثير منهم كانوا اثمين، المهم تعرفي ان نسل آدم كله خطاء وكلنا لنتعلم وبنتوب
قالت بتوجس وخفية : يعني في امل
عقب وقال : وبعض الوجع والصبر، وكل شيء بس المهم الإدارة
..................
فنظرت له باهتمام وهو يقول : رجله نزلت في الغويظ يا هانم
قصت الأوراق الزائدة في الزهور قائلة : عينك عليه
ليبتسم قائلا : من عيني، بس لا مؤاخذة في الكلمة سمعت كدا والحمدلله أن في ولي عهد قريب
شمت الزهرة قائلة : هنحليلك بؤقك متقلقيش
ابتسم وقال : هنلف بيه كل الأرض واقوله، دا ملكك يابن سلطان خورشيد
صححت له قائلة : نزار سلطان خورشيد
هتف قائلاً : أصيلة ياست الستات
لتلمع عيونها وتعيد العمل على زهورها قائلة : اسم نزار سلطان خورشيد، دا كل املاك نزار سلطان خورشيد من ابنه
ليتفاجئ الآخر قائلا : هتتطلقي يا هانم
لتقاطعه قائلة : هيجتمع مع الرجالة بكرا، عشان يحرقوا المحصول فتح عينك
ليصدم من حديثها ويهزا راسه ويقول : متقلقيش ياست الكل، عن ازنك....
........................ وأما هو يراقب وقوف عطوة مع سيدته التي ترعي الزهر، ويقول قي حديث نفسه، انه سوف يكون مستمتع كثيرآ بحادث غدا، ستكون لذة الانتقام أجمل مما يكون، فلترفض هنا وحتي عنان السماء، فما أخذ بلا، لا يرد الا بالقوة.....
... ويتذكر يوم الهلع الأول والأخير بينهم، بعد لقاء رومانسي على ذؤقه برعت هي فيه أن تقدم بجدراة دورا شهرزاد وكان هو شهريار، اتقنت بلغة الاغواء اللذة الخاص بهم، طافت بكل ركن في جنابات وخبايا رجل اللذة، تبعه اشعله، بينما هي سمحت لضؤء الشمس أن يدخل الغرفة، وعدلت ثيابها واحمر شفاها، عيون رسمت بالكحل، فتالقت واغوت، وشعر صفف وألقي خلف ظهرها ليعطي مطهرا انسيابا يشكل خطرا على سلامة اتزانه، فرغم قسوة الفرسة ولكن طمعها لذيذ. كغزال برئ سريع صعب الوصول لا يصله الرصاص ولا يصيبه الرمح، بل هذا يصيب قلبه، ليقول : فاضلك تكة وتكوني زوجة نموذجية
لتنظر له نظرة استفهام وهي تختار احد الأحذية الخاصة بها : لتقول كمل نوياك
بنبرة تقريرية مخبرا، وكأنه ياخذ قرار مقتربا منها، وهي يده على كتفها : انا أظن انا تحق بالإدارة وخلي دورك الإشراف
لتنظر له باستخفاف وقالت : الإشراف عليك
قهقه قائلا وهي يطفي تبغه ويستنشق عبق عطرها : لا علي ولي العهد
لتبعد خطوة وتكون تلك البداية وتنافس بهدوء قائلة وهي تلقي حذائها وهي تأخذ معطفها : طول عمري ذوقي حلو في الجزم
لينظر لها هو هذا المرة بنظرات غضب واستفهام وأما هي قالت : كدا فركش، انت لو عايز اني اصرف عليك كنت تقوهالي بلغة صريحة وكنت هفكر
غضب وجحدت عيناها، القطة لها مخالب عقرب حقآ، لتكمل : نصيب ابوك من بابا، كان مهري واتسجل باسمي يوم جوازنا في الشهر العقاري، حقك الوحيد كان البيت دا، عشان بيت العائلة ولا يورث ولا بيدخل في تركة ومن انهاردة ليك النص الشرقي
ليهتف هو : جوازنا زى ما أضاف لاملاكك، أغلبه ليا ، لأن ولادك هيكونوا من صلبي وباسمي، وانا اقدر انسفك وادمرك يا إيلاف
نظرة ذات معني لتكمل : دا كلامك
ليقول باقتضاب وصوت واضح : دا إنذار يا إيلاف
نظرة واحدة لتهتف بهدوء : انا متحرمة عليك يا نزار، وهات اخرك...
وصفع للباب خلفها، انبا بعاصفة سوف تجوب العائلة ولا بتبقي منها، الا ببقايا اللذة ولكن بسم العقرب....
........................
نظراته متغيرة وهي لا تغيره اهتمام، ليعود الي المنزل وهي تقلم اظفارها وتضيف إليها الألوان، ليقول هو باستهزاء : مزاجك رايق اوى
لتبتسم مجيبة : فوق ما تتخيل
يشتعل وهو صامت، شعوره انها تخونه يسلسله ويطوقه بطوق غليظ يخنقه، فلعبته أصبحت تجرح وتجيب ولم تعد صامتة مستكنية، حقا وراء كل معصية رجل....... ليقول : واي السبب
بثقة وابتسامة ونظرات تهكم ثم النظر بدقة وإعجاب بألوان اظفارها : عشان عندي طلب مفرحني انا شخصياً.
نظرة معناه، اكملي، لتغلق العلبة وتنفخ في اظفارها وتنظر لها باهتمام قائلة : طلقني يا تامر...
.... ألقت هي الرصاصة وهو أمر بحكم الإعدام.....
......................................
علي فراش لم ينثب بحرف لأي أحد عند سؤاله عن التحقيق، امسك السلسلة ووضعها على قلبه، وخانته عيناها بالدموع وقلبه يؤلمه وتنفس مع اختناق وسط دموعه، ورنين كلماتها وصداها يعبر كل أوصال حبه، فيهدم تلك الجنان الأحلام ويتركه خاويا، عيون تلمع بالدمع وقلب يصدع بالألم، انتفاض من جسده، وهو يقاوم تعبه ويخرج المفتاح الذي يسقط من رعشه يده ودموعه وهو يخرج صورتها من أحد أركانه السرية، ينظر لها بتحسر وتسقط من يده في قهر وهي يستند على يده باكيا، ولم يستمتع لطرقات اخته القلقة عليه، ولا نداء حسين ولا ابيه.... لحظات من الصمت عقبها يأس من الحديث معه آليوم....
...............
صوت الضحك و أصوات البط في البحيرة إلعب الأطفال يحيط بالمكان، وعيون انذرت بوجود المطر إلقاء الشتاء الأول، ورياح بشرت عن قرب اللقاء، وهتاف منها للصغار ولعب ومياه وحمل لاوز وركض خلف البط باصواته المضحك، وهروله هنا وسقوط هناك، ومياه تلقي وعيون ترقص لعبا وسعادة، جولته كانت في نفس موعد لعب الصغار، حقا دمروا المكان، ولكنه تفرد بمشاهدة المشهد الكوميدي وحده، وكان يراقب معه حسان بصمت وهدؤء يتابع قسمات وجهه التي تعبر عن الراحة والهدوء التي لم يعتادها أثناء أوقات العمل المتعب ومرضه المؤخر، لحظات حتي رفع حسان المظلة وبدأت تمطر، ليسعد الأطفال ويصرخوا بسعادة كبري، ويرفعون ايدهم في وضع موازى لبعضهم استعداد للطيران، ايدي علي استقامة واحدة وركض ووحل وحيوانات تتخبئ وعمال يلحقوا بهم، وانزلاق مفاجئ لبعضهم وامتلاء ملابسهم بالوحل ووجهك وأجزاء متفرقة من جسدها وضحكات تعلو والأمطار تزيد، أشار صهيب إحسان أن يأخذ الأطفال للمنزل خوفاً من مرضهم... مع اقتراب عبقه، تسمرت ووقفت تنظر له نظرات غضب خفية ورحلت مسرعة متجاهلة المطر، لتنزلق قدمها وتسقط فجأة صارخة من ألم قدمها وخاصة عند انزلاقها وارتطامها قرابة صرخة حادة اصابتها وملئت ثيابها دماء.... هرولة سريعة منه عند سقوطها... ومحاولة تهدئتها عند تعنتها ورغبتها في الهدؤء، ليصرخ بها قائلا وهو يرسلها أرضا بعيون تنظر شرطا مع أنفاس متلاحقة تحاول فهم ماهية الإصابة بقلق وبصوت مرتفع : اقعدي، وثبت يده على كتفها... وأرسل حسام الأطفال سريعا في العربة مع الحرس وساعد صهيب المتكئ على عصاه في مساعدتها على الوقوف وجعل حسان يقوم بانسادها ووضع عليها معطفها، قام حسان بحملها عندما أمر عندما توجعها من الإصابة.... .............. لحظات قبل يحتم الطبيب الضمادة الطبية قائلا : الحمدلله إصابة بسيطة بس لازم الراحة وعدم الحركة الكتير والدواء في مواعيده
ايماءة بسيطة منها ومساعدة من زهرة وفخرية لها لتبديل ثيابها..... وانقضاء اليوم العصيب الممطر...
..... ليكون غدا لقاء غريب الأطوار وحزين عندما وجدت الجميع يرتدي الأسود حتي فخرية وحسان، رغم خطواتها العرجاء نحو الفطور الذي لم يمس الا من الصغار، وجوه متغيرة النمط حني زهرة سكنت بدون ابتسام ومزاح..... ويطفو على عقولهم في كل عام في تلك اللحظات صوت الرصاص وهو يخترق جسده، واسراع منهم له ومحاولة إنقاذه ولكن بدون فائدة، أن أمر الله نافذ، عيون متعلقة بالسماء وذاك الإطار تم إزالة الأسود عنه وظهرت صورة الغائب المفقود، معاذ الابن الأكبر، ظلمته الحياة فرحل منهزما وبدون وداع مسبق.....
................... يتبع
أنت تقرأ
أوراق الخطيئة
Diversosنولد ونحيي ونظلم ونبرر أفعالنا باسم الأخطاء ولكنها باسم الشيطان، اذا أخطأت يوماً، فقد انتصرت شيطانك واذا ضللت الطريق فقد أصبحت تابع ، وكلانا لم يستطيع التوقف عند حد معين وكلانا من نسل ادم ولكن من اتباع الشيطان وكلانا ذاق مرارة تفاحة الجنة وسكنت فيه...